فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الوَرِقِ

رقم الحديث 2963 [2963] جَمْعُ صَفِيَّةٍ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الصَّفِيُّ مَا يَأْخُذُهُ رَئِيسُ الْجَيْشِ لِنَفْسِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالصَّفِيَّةُ مِثْلُهُ وَجَمْعُهُ الصَّفَايَا
قال الطيبي الصفي مخصوص به وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ
انْتَهَى
وَفِي الْهِدَايَةِ الصَّفِيُّ شَيْءٌ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَصْطَفِيهِ لِنَفْسِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِثْلَ دِرْعٍ أَوْ سَيْفٍ أو جارية وسقط بموته لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِرِسَالَتِهِ وَلَا رَسُولَ بَعْدَهُ
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَلِهَذَا لَمْ يَأْخُذْهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدِينَ انْتَهَى
(عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ) بفتح الهمزة وسكون الواو (بن الْحَدَثَانِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (تَعَالَى النَّهَارُ) أَيِ ارْتَفَعَ (مُفْضِيًا إِلَى رِمَالِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَقَدْ تُضَمُّ وَهُوَ مَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ يَعْنِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِمَالِهِ شَيْءٌ وَالْإِفْضَاءُ إِلَى الشَّيْءِ لَا يَكُونُ بِحَائِلٍ
قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الرِّمَالِ فِرَاشٌ أَوْ غَيْرُهُ أَيْ أَنَّ عُمَرَ قَاعِدٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فِرَاشٍ (يَا مَالِ) بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ أَيْ يَا مَالِكُ عَلَى التَّرْخِيمِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ عَلَى أَنَّهُ صَارَ اسْمًا مُسْتَقِلًّا فَيُعْرَبُ إِعْرَابَ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ (إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ) قَالَ الْحَافِظُ أَيْ وَرَدَ جَمَاعَةٌ بِأَهْلِيهِمْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ يَسِيرُونَ قَلِيلًا قَلِيلًا وَالدَّفِيفُ السَّيْرُ اللَّيِّنُ وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ أَصَابَهُمْ جَدْبٌ فِي بِلَادِهِمْ فَانْتَجَبُوا الْمَدِينَةَ انْتَهَى وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَقْبَلُوا مُسْرِعِينَ وَالدَّفُّ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ (لَوْ أَمَرْتَ غَيْرِي بِذَلِكَ) أَيْ لَكَانَ خَيْرًا وَلَعَلَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَحَرُّجًا مِنْ قَبُولِ الْأَمَانَةِ (فَقَالَ خُذْهُ) لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ أَخَذَهُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِعَزْمِ عُمَرَ عَلَيْهِ (يَرْفَأُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ هَمَزَهُ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَهُوَ عَلَمُ حَاجِبِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ إِلَخْ) أَيْ هَلْ لَكَ رَغْبَةٌ فِي دُخُولِهِمْ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ (وَأَرِحْهُمَا) مِنَ الْإِرَاحَةِ (خُيِّلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (أَنَّهُمَا) أَيِ الْعَبَّاسَ وَعَلِيًّا (قَدَّمَا) مِنَ التَّقْدِيمِ (أُولَئِكَ النَّفَرَ) أَيْ عُثْمَانَ وَأَصْحَابَهُ (اتَّئِدَا) أَمْرٌ مِنَ التُّؤَدَةِ أَيِ اصْبِرَا وَأَمْهِلَا وَلَا تَعْجَلَا (أَنْشُدكُمْ بِاللَّهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الشِّينِ أَيْ أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ لَا (نُورَثُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَا يَرِثُنَا أَحَدٌ (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ مَا مَوْصُولَةٌ وَتَرَكْنَا صِلَتُهُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيِ الَّذِي تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ (فَإِنَّ الله خص رسول الله إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَعْنَى هَذَا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا تَحْلِيلُ الْغَنِيمَةِ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَالثَّانِي تَخْصِيصُهُ بِالْفَيْءِ إِمَّا كُلّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ
قَالَ وَهَذَا الثَّانِي أَظْهَرُ لِاسْتِشْهَادِ عُمَرَ عَلَى هَذَا بِالْآيَةِ انْتَهَى (مَا أَفَاءَ اللَّهُ) أَيْ رَدَّ (فَمَا أَوْجَفْتُمْ) أَيْ أَسْرَعْتُمْ أَوْجَفَ دَابَّتَهُ حَثَّهَا عَلَى السَّيْرِ (مِنْ خيل) من زَائِدَةٌ (وَلَا رِكَابٍ) أَيْ إِبِلٍ أَيْ لَمْ تُقَاسُوا فِيهِ مَشَقَّةً (مَا اسْتَأْثَرَ بِهَا) الِاسْتِئْثَارُ الأنفراد بالشيء
والمعنى أن النبي مَا فَضَّلَ نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ عَلَيْكُمْ فِي نَصِيبِهِ مِنَ الْفَيْءِ (أَوْ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً) أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي (أُسْوَةَ الْمَالِ) أَيْ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مِنْ نَفَقَةِ أَهْلِهِ مُسَاوِيًا لِلْمَالِ الْآخَرِ الَّذِي يُصْرَفُ لِوَجْهِ اللَّهِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْأُسْوَةِ وَالْمُوَاسَاةِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا الْقُدْوَةُ وَالْمُوَاسَاةُ الْمُشَارَكَةُ وَالْمُسَاهَمَةُ فِي الْمَعَاشِ وَالرِّزْقِ وَأَصْلُهُ الْهَمْزَةُ فقبلت وَاوًا تَخْفِيفًا وَمِنَ الْقَلْبِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ وَاسَوْنَا عَلَى الصُّلْحِ وَعَلَى الْأَصْلِ فِي الصَّدِيقِ آسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ انْتَهَى
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ أَيْ أَنَّهُمْ مُسَاوُونَ وَمُشَارِكُونَ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ لِلْمُفْلِسِ
وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ أَيْ يَجْعَلُهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَمَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ (فَجِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا) يَعْنِي عَلِيًّا رَضِيَ الله عنه (من بن أخيك) يعني رسول الله (مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ) أَيْ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ) أَيْ أَبَا بَكْرٍ (بَارٌّ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا) جَوَابُ إِنْ مَحْذُوفٌ أَيْ دَفَعْتُهَا (عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ إِلَخْ) أَيْ لِتَتَصَرَّفَا فِيهَا وَتَنْتَفِعَا مِنْهَا بِقَدْرِ حَقِّكُمَا كَمَا تَصَرَّفَ رسول الله لَا عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ إِذْ هِيَ صَدَقَةٌ محرمة التمليك بعده
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِنَّمَا سَأَلَاهُ أَنْ يَكُونَ يُصَيِّرُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إِلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا اسْتَشْكَلَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ أَنَّ الْعَبَّاسَ وَعَلِيًّا تردد إلى الخليفتين وطلبا الميراث مع قوله لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَتَقْرِيرُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُمَا إِنَّمَا سَأَلَاهُ أَنْ يَقْسِمَهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِيَنْفَرِدَ كُلُّ مِنْهُمَا بِنَظَرِ مَا يَتَوَلَّاهُ فَقَالَ عُمَرُ لَا أُوقِعُ عَلَيْهِ اسْمَ الْقَسْمِ أَدَعُهُ أَيْ أَتْرُكُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَرِهَ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهِ اسْمَ الْقَسْمِ لِئَلَّا يُظَنَّ لِذَلِكَ مَعَ تَطَاوُلِ الْأَزْمَانِ أَنَّهُ مِيرَاثٌ وَأَنَّهُمَا وَرِثَاهُ لَا سِيَّمَا وَقِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْعَمِّ نِصْفَانِ فَيَلْتَبِسُ ذلك ويظن أنهم تملكوا ذَلِكَ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ شَدِيدٌ وَهُوَ أَنَّ أَصْلَ الْقِصَّةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَبَّاسَ وَعَلِيًّا قَدْ عَلِمَا بِأَنَّهُ قَالَ لَا نورث فإن كانا سمعاه من النبي فَكَيْفَ يَطْلُبَانِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَإِنْ كَانَا سَمِعَاهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَوْ فِي زَمَنِهِ بِحَيْثُ أَفَادَ عِنْدَهُمَا الْعِلْمَ بِذَلِكَ فَكَيْفَ يَطْلُبَانِهِ مِنْ عُمَرَ وَالَّذِي يَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمَا اعْتَقَدَا أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ لَا نُورَثُ مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ مَا يَخْلُفُهُ دُونَ بَعْضٍ.
وَأَمَّا مُخَاصَمَةُ عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ بَعْدَ ذَلِكَ ثَانِيًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ فِي الْمِيرَاثِ إِنَّمَا تَنَازَعَا فِي وِلَايَةِ الصَّدَقَةِ وَفِي صَرْفِهَا كَيْفَ تُصْرَفُ كَذَا قَالَ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا
قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَرَادَ أَنْ لَا يُوقِعَ عَلَيْهَا اسْمَ قَسْمٍ وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ أَنَا أَكْفِيكُمَاهَا