فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ

رقم الحديث 3938 [3938] ( فَخَلَاصُهُ) كُلُّهُ مِنَ الرِّقِّ ( فِي مَالِهِ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ بَاقِيهِ مِنْ مَالِهِ ( قُوِّمَ) بِضَمِّ الْقَافِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ( قِيمَةَ عَدْلٍ) بِأَنْ لَا يُزَادَ قِيمَتَهُ وَلَا يَنْقُصَ ( ثُمَّ اسْتُسْعِيَ) أَيْ أُلْزِمَ الْعَبْدُ ( لِصَاحِبِهِ) أَيْ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُعْتِقٍ لِحِصَّتِهِ ( فِي قِيمَتِهِ) الْعَبْدُ ( غَيْرَ مَشْقُوقٍ) فِي الِاكْتِسَابِ إِذَا عَجَزَ ( عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ أَيْ غَيْرَ مكلف عليه في الا كتساب بَلْ يُكَلَّفُ الْعَبْدُ بِالِاسْتِسْعَاءِ قَدْرَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِلَا تَشْدِيدٍ فَإِذَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ عَتَقَ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَخْذِ بِالِاسْتِسْعَاءِ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ معسرا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْأَخْذِ بِالِاسْتِسْعَاءِ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَآخَرُونَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْأَكْثَرُ يَعْتِقُ جَمِيعُهُ فِي الْحَالِ وَيَسْتَسْعِي الْعَبْدُ فِي تَحْصِيلِ قِيمَةِ نصيب الشريك
وزاد بن أَبِي لَيْلَى فَقَالَ ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ بِمَا أَدَّاهُ لِلشَّرِيكِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحْدَهُ يَتَخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ الِاسْتِسْعَاءِ وَبَيْنَ عِتْقِ نَصِيبِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عِنْدَهُ ابْتِدَاءً إِلَّا النَّصِيبُ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُكَاتَبِ انْتَهَى
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ شَاءَ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتِقُ نِصْفَ الْقِيمَةِ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ وَرَجَعَ بِهَا الْمُضَمَّنُ عَلَى الْعَبْدِ فَاسْتَسْعَاهُ فِيهَا وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ فَأَيُّهُمَا فَعَلَ فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
وحاصل مذهب أبي حنيفة أنه يرى بتجزيء الْعِتْقِ وَأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ السِّعَايَةَ انْتَهَى
( قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِهِمَا جَمِيعًا) أي في حديث يزيد بني زُرَيْعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ كِلَيْهِمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ذِكْرُ الِاسْتِسْعَاءِ



رقم الحديث 3939 [3939] (أَخْبَرَنَا يَحْيَى) هو بن سَعِيدٍ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ
وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي قَالَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ كُلُّهُ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غير مشقوق عليه (وبن أَبِي عَدِيٍّ فَيَزِيدُ بْنُ) زُرَيْعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بشر العبدي ويحيى بن سعيد القطان وبن أَبِي عَدِيٍّ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ سَعِيدِ بن أبي عروبة بِذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ بَلْ رَوَى بِذِكْرِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَحَدِيثُهُمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ
وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ
وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ النَّسَائِيُّ
وَرَوْحُ بْنُ عبادة وحديثه عند الطحاوي كلهم عن بن أَبِي عَرُوبَةَ
وَقَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ بِذِكْرِ السِّعَايَةِ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ (رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لَمْ يَذْكُرِ السِّعَايَةَ) هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ
وَعِنْدَ الطحاوي من رواية روح عن بن أبي عروبة بذكر السعاية وكذا ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ) وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ فِي الرَّقِيقِ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ بِلَفْظِ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هريرة عن النبي قَالَ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ السَّرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ جَمِيعًا عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ بِلَفْظِ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ غُلَامٍ وَكَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ أُعْتِقَ فِي مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ) بِالْخَاءِ وَاللَّامِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ الْعَمِّيُّ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ قَالَ الْحَافِظُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ فَوَصَلَهَا الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ظَفَرٍ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مُطَهَّرٍ عَنْهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ وَلَفْظُهُ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لَمْ يَذْكُرِ السِّعَايَةَ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ يَحْيَى بن سعيد وبن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السِّعَايَةَ
وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ فَذَكَرَ فِيهِ السِّعَايَةَ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ اضْطَرَبَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فِي السِّعَايَةِ مَرَّةً يَذْكُرُهَا وَمَرَّةً لَا يَذْكُرُهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ وَتَفْسِيرُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ هَمَّامٌ وَبَيَّنَهُ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذلك حديث بن عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ رَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السِّعَايَةَ
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أَثْبَتُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ عَلَى خِلَافِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَرِوَايَتُهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا
وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ هَمَّامًا رَوَى هذا الحديث عن قتادة فجعل الكلام الأخير قوله وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ قَوْلَ قَتَادَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَحَادِيثُ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَتَبَهَا إِمْلَاءً
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ وَهُمَا أَثْبَتُ فَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ الِاسْتِسْعَاءَ وَوَافَقَهُمَا هَمَّامٌ وَفَصَلَ الِاسْتِسْعَاءَ مِنَ الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ مِنْ رَأْيِ قَتَادَةَ
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ مَا أَحْسَنَ مَا رَوَاهُ هَمَّامٌ وَضَبَطَهُ وَفَصَلَ بَيْنَ قَوْلِ النَّبِيِّ وَبَيْنَ قَوْلِ قَتَادَةَ
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا السِّعَايَةَ أَثْبَتُ مِمَّنْ ذَكَرَهَا
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُمَا
مَنْ أَسْقَطَ السِّعَايَةَ أَوْلَى مِمَّنْ ذَكَرَهَا
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فَقَدِ اجتمع ها هنا شُعْبَةُ مَعَ فَضْلِ حِفْظِهِ وَعِلْمِهِ بِمَا سَمِعَ قَتَادَةُ وَمَا لَمْ يَسْمَعْ وَهِشَامٌ مَعَ فَضْلِ حفيظه وَهَمَّامٌ مَعَ صِحَّةِ كِتَابِهِ وَزِيَادَةِ مَعْرِفَتِهِ بِمَا ليس من الحديث على خلاف بن أَبِي عَرُوبَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي إِدْرَاجِ السِّعَايَةِ فِي الْحَدِيثِ وَفِي هَذَا مَا يُضَعِّفُ ثُبُوتَ الإستسعاء بالحديث وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْخَطِيبِ أَنَّ أَبَا عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ قَالَ رَوَاهُ هَمَّامٌ وَزَادَ فِيهِ ذِكْرَ الِاسْتِسْعَاءِ وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ وَمَيَّزَهُ مِنْ كَلَامِ النبي انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ بن الْعَرَبِيِّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِسْعَاءِ لَيْسَ من قول النبي وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ
وَنَقَلَ الْخَلَّالُ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ضَعَّفَ رِوَايَةَ سَعِيدٍ فِي الِاسْتِسْعَاءِ
وَضَعَّفَهَا أَيْضًا الْأَثْرَمُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ انْتَهَى
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مُسْنَدًا وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ على ما رواه همام
وقال بن الْمُنْذِرِ وَالْخَطَّابِيُّ هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ مِنْ فُتْيَا قَتَادَةَ لَيْسَ فِي الْمَتْنِ انْتَهَى
وَفِي عُمْدَةِ القارىء قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى خِلَافِ مَا رواه بن عُمَرَ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِيثِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ قَتَادَةَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِسْعَاءِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ المخالف لحديث بن عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَاتَّفَقَ شُعْبَةُ وَهَمَّامٌ عَلَى تَرْكِ ذِكْرِ السِّعَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْقَوْلُ .

     قَوْلُهُ مْ فِي قَتَادَةَ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِذَا خَالَفَهُمْ فِي قَتَادَةَ غَيْرُهُمْ وَأَصْحَابُ قَتَادَةَ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةٌ فِيهِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ فَإِنِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ لَمْ يُعَرَّجْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ فِي قَتَادَةَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا نُظِرَ فَإِنِ اتَّفَقَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِاثْنَيْنِ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ أَحَدَهُمَا شُعْبَةُ وَلَيْسَ أَحَدٌ بِالْجُمْلَةِ فِي قَتَادَةَ مِثْلَ شُعْبَةَ لِأَنَّهُ كَانَ يُوقِفُهُ عَلَى الْإِسْنَادِ وَالسَّمَاعِ وَقَدِ اتَّفَقَ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى سُقُوطِ ذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ فِيهِ وتابعهما همام وفي هذا تقوية لحديث بن عمر وهو حديث مدني صحيح لايقاس بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَى
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ ضَعَّفَ الشَّافِعِيُّ السِّعَايَةَ بِوُجُوهٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ النَّقْلِ مُسْنَدًا عن النبي وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ انْتَهَى
قُلْتُ كَمَا نَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ قَوْلَ أَبِي دَاوُدَ هَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَ أبو داود ورواه يحيى بن سعيد وبن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ السِّعَايَةَ
لَكِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي نَقَلَهَا الْخَطَّابِيُّ وَالْمُنْذِرِيُّ عَنِ الْمُؤَلِّفِ أَبِي دَاوُدَ لَمْ تُوجَدْ فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ نُسَخِ السُّنَنِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَالَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّ الْخَطَّابِيَّ فَهِمَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَالْمُنْذِرِيُّ قَدْ تَبِعَ الْخَطَّابِيَّ فِي هَذَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا وَهْمٌ مِنَ الْإِمَامَيْنِ الْخَطَّابِيِّ وَالْمُنْذِرِيِّ لِأَنَّ أَبَا داود روى حديث يحيى بن سعيد وبن أَبِي عَدِيٍّ جَمِيعًا عَنْ سَعِيدٍ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ بَلْ أَحَالَ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَفِيهِ ذِكْرُ الِاسْتِسْعَاءِ وَسَاقَ الطَّحَاوِيُّ لَفْظَ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ سَعِيدٍ وَفِيهِ ذِكْرُ الِاسْتِسْعَاءِ
وَأَوْرَدَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ إِسْنَادَ حَدِيثِ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ
وَإِسْنَادُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بن بشار عن يحيى بن سعيد وبن أَبِي عَدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ ثُمَّ قَالَ المزي وفي حديث أبان وبن أَبِي عَرُوبَةَ ذِكْرُ الِاسْتِسْعَاءِ انْتَهَى
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ أَبِي دَاوُدَ بِقَوْلِهِ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ يَعْنِي بِغَيْرِ ذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ فَحِينَئِذٍ الْقَوْلُ مَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُنْذِرِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَكِنْ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنَ اللَّفْظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْفَقِيرُ عَفَا عَنْهُ هَكَذَا جَزَمَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِسْعَاءِ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبَى ذَلِكَ آخَرُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ صَاحِبَا الصَّحِيحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجٍ فَصَحَّحَا كَوْنَ الْجَمِيعِ مَرْفُوعًا أَيْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لِلسِّعَايَةِ وَرَفْعَهَا وَأَخْرَجَاهُ فِي صَحِيحِهِمَا وهو الذي رجحه الطحاوي وبن حزم وبن المواق وبن دقيق العيد وبن حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ لِكَثْرَةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ وَكَثْرَةِ أَخْذِهِ عَنْهُ مِنْ هَمَّامٍ وَغَيْرِهِ وَهِشَامٌ وَشُعْبَةُ وَإِنْ كَانَا أَحْفَظَ مِنْ سَعِيدٍ لَكِنَّهُمَا لَمْ يُنَافِيَا مَا رَوَاهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضِهِ وَلَيْسَ الْمَجْلِسُ مُتَّحِدًا حَتَّى يَتَوَقَّفَ فِي زِيَادَةِ سَعِيدٍ فَإِنَّ مُلَازَمَةَ سَعِيدٍ لِقَتَادَةَ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُمَا فَسَمِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ غَيْرُهُ وَهَذَا كُلُّهُ لَوِ انْفَرَدَ وَسَعِيدٌ لَمْ يَنْفَرِدْ
وَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ هِشَامٌ وَسَعِيدٌ أَثْبَتُ فِي قَتَادَةَ مِنْ هَمَّامٍ وَمَا أُعِلَّ بِهِ حَدِيثُ سَعِيدٍ مِنْ كَوْنِهِ اخْتُلِطَ أَوْ تَفَرَّدَ بِهِ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةِ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ كَيَزِيدِ بْنِ زُرَيْعٍ وَوَافَقَ سَعِيدًا عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَهُمْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَحَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ أَحْدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ عَنْ قَتَادَةَ وَفِيهَا ذِكْرُ السِّعَايَةِ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ وَهُوَ عِنْدَ الْخَطِيبِ وَيَحْيَى بْنُ صُبَيْحٍ وَهُوَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَيَحْيَى بْنِ صُبَيْحٍ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ فَهَؤُلَاءِ سِتَّةُ أَنْفُسٍ كُلُّهُمْ تَابَعُوا سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ وَوَافَقُوهُ عَلَى رِوَايَتِهِمْ عَنْ قَتَادَةَ بِذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ مَرْفُوعًا إِلَى النبي
وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ جَمَاعَةٌ كَيَزِيدِ بْنِ زُرَيْعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القطان ومحمد بن بشر العبدي وبن أَبِي عَدِيٍّ وَعَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيِّ وَهُمْ ثِقَاتٌ حُفَّاظٌ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِيهِمْ هُوَ أَثْبَتُ الناس سماعا من بن أبي عروبة ولذا قال بن حَزْمٍ هَذَا خَبَرٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنِ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهِ وَعَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِسْعَاءِ ثَلَاثُونَ صَحَابِيًّا
انْتَهَى كَلَامُهُ
فَإِذَا سَكَتَ شُعْبَةُ عَنِ الِاسْتِسْعَاءِ وَكَذَا هِشَامٌ سَكَتَ عَنْهُ مَرَّةً وَجَعَلَهُ مَرَّةً مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ لم يَكُنْ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ حَافِظٌ قَدْ زَادَ عَلَيْهِمَا شَيْئًا فَالْقَوْلُ .

     قَوْلُهُ  كَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذلك جماعة من الحفاظ المتقين
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَمَّامٌ هُوَ الَّذِي انْفَرَدَ بِالتَّفْصِيلِ وَهُوَ الَّذِي خَالَفَ الْجَمِيعَ فِي الْقَدْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَى رَفْعِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَمَّامًا لَمْ يَضْبِطْهُ كَمَا يَنْبَغِي
وَالْعَجَبُ مِمَّنْ طَعَنَ فِي رَفْعِ الِاسْتِسْعَاءِ بِكَوْنِ هَمَّامٍ جَعَلَهَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ وَلَمْ يَطْعَنْ فِيمَا يَدُلُّ عَلَى ترك الإستسعاء وهو قوله في حديث بن عُمَرَ الْآتِي وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ بِكَوْنِ أَيُّوبَ جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ فَفَصَلَ قَوْلَ نَافِعٍ مِنَ الْحَدِيثِ وَمَيَّزَهُ كَمَا صَنَعَ هَمَّامٌ سَوَاءٌ فَلَمْ يَجْعَلُوهُ مُدْرَجًا كَمَا جَعَلُوا حَدِيثَ هَمَّامٍ مُدْرَجًا مَعَ كَوْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَافَقَ أَيُّوبَ فِي ذَلِكَ وَهَمَّامٌ لَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ
وَقَدْ جَزَمَ بِكَوْنِ حَدِيثِ نَافِعٍ مُدْرَجًا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ وَآخَرُونَ
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحَانِ مَرْفُوعَانِ وِفَاقًا لِعَمَلِ صاحبي الصحيح
وقال بن الْمَوَّاقِ وَالْإِنْصَافُ أَنْ لَا نُوهِمَ الْجَمَاعَةَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ قَتَادَةَ يُفْتِي بِهِ فَلَيْسَ بَيْنَ تَحْدِيثِهِ بِهِ مَرَّةً وَفُتْيَاهُ بِهِ أُخْرَى مُنَافَاةٌ
قَالَ الْحَافِظُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ حديثي بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ مَا جَزَمَ به الإسماعيلي
قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ حَسْبُكَ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فَإِنَّهُ أَعْلَى دَرَجَاتِ الصَّحِيحِ
وَالَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِالِاسْتِسْعَاءِ تَعَلَّلُوا فِي تَضْعِيفِهِ بِتَعْلِيلَاتٍ لَا يُمْكِنُهُمُ الْوَفَاءُ بِمِثْلِهَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ فِيهَا بِأَحَادِيثَ يَرِدُ عَلَيْهَا مِثْلُ تِلْكَ التَّعْلِيلَاتِ
وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ إِمَامَ الصَّنْعَةِ خَشِيَ مِنَ الطَّعْنِ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فَأَشَارَ إِلَى ثُبُوتِهَا بِإِشَارَاتٍ خَفِيَّةٍ كَعَادَتِهِ وَأَرَادَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَأَنَّ سَعِيدًا تَفَرَّدَ بِهِ فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ أَوَّلًا مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ وَهُوَ مِنْ أثبت الناس فيه وسمع من قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ ثُمَّ اسْتَظْهَرَ لَهُ بِرِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ بِمُتَابَعَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ لِيَنْفِيَ عَنْهُ التَّفَرُّدَ ثُمَّ ذَكَرَ ثَلَاثَةً تَابَعُوهُمَا عَلَى ذِكْرِهَا وَهُوَ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ وَأَبَانُ وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنَّ شُعْبَةَ أَحْفَظُ النَّاسِ لِحَدِيثِ قَتَادَةَ فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِسْعَاءَ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ضَعْفًا لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَغَيْرُهُ سَاقَهُ بِتَمَامِهِ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ
قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُ الِاسْتِسْعَاءِ فِي غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ من حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عذرة والله أعلم
(