فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ

رقم الحديث 2017 [2017] (ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ) أَيْ مَنَعَ الْفِيلَ عَنْ تَعَرُّضِهِ (وَسَلَّطَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مَكَّةَ (وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ فَتْحَ مَكَّةَ كَانَ عَنْوَةً وَقَهْرًا كَمَا هُوَ عِنْدنَا أَيْ أُحِلَّ لِي سَاعَةً أَيْ زَمَانًا قَلِيلًا إِرَاقَةُ الدَّمِ دُونَ الصَّيْدِ وَقَطْعِ الشَّجَرِ
وَفِي زَادِ الْمَعَادِ أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ إِلَّا عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ انْتَهَى (هِيَ) أَيْ مَكَّةُ (حَرَامٌ) أَيْ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ بَعْدَ تِلْكَ السَّاعَةِ (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيِ النَّفْخَةِ الْأُولَى (لَا يُعْضَدُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ (شَجَرُهَا) أَيْ وَلَوْ يَحْصُلُ التَّأَذِّي بِهِ
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُ الشَّوْكِ الْمُؤْذِي فَمُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَلِذَا جَرَى جَمْعٌ مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ عَلَى حُرْمَةِ قَطْعِهِ مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاخْتَارَهُ فِي عِدَّةِ كُتُبِهِ
وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ كُلُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إِبَاحَةِ قَطْعِ الشَّوْكِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْظُورُ مِنْهُ الشَّوْكَ الَّذِي يَرْعَاهُ الْإِبِلُ وَهُوَ مَا دَقَّ دُونَ الصُّلْبِ الَّذِي لَا تَرْعَاهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطَبِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بأهل العلم علماء المالكية
قاله القارىء (وَلَا يُنَفَّرُ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ (صَيْدُهَا) أَيْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ بِالِاصْطِيَادِ وَالْإِيحَاشِ وَالْإِيهَاجِ (لُقَطَتُهَا) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ سَاقِطَتُهَا (إِلَّا لِمُنْشِدٍ) أَيْ مُعَرِّفٍ أَيْ لَا يَلْتَقِطُهَا أَحَدٌ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ وَانْتِفَاعِهَا
قِيلَ أَيْ لَيْسَ فِي لُقَطَةِ الْحَرَمِ إِلَّا التَّعْرِيفَ فَلَا يَتَمَلَّكُهَا أَحَدٌ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقِيلَ حُكْمُهَا كَحُكْمِ غَيْرِهَا
وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهَا أَنْ لَا يُتَوَهَّمَ تَخْصِيصُ تَعْرِيفِهَا بِأَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَعَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ (إِلَّا الْإِذْخِرَ) بِالنَّصْبِ أَيْ قُلْ إِلَّا الْإِذْخِرَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَيْنَهُمَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ وَهُوَ نَبْتٌ عَرِيضُ الْأَوْرَاقِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ تُسْقَفُ بِهَا الْبُيُوتُ فَوْقَ الْخَشَبِ (فَقَامَ أَبُو شَاهٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِهَاءٍ وَتَكُونُ هَاءً فِي الْوَقْفِ وَالدَّرْجِ وَلَا يُقَالُ بِالتَّاءِ قَالُوا وَلَا يُعْرَفُ اسْمُ أَبِي شَاهٍ هَذَا وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِكُنْيَتِهِ (اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ كِتَابَةِQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه فِي حَدِيث اُكْتُبُوا لِأَبِي شَاة فِيهِ أَنَّ مَكَّة فُتِحَتْ عَنْوَة
وَفِيهِ تَحْرِيم قَطْع شَجَر الْحَرَم وَتَحْرِيم التَّعَرُّض لِصَيْدِهِ بِالتَّنْفِيرِ فَمَا فوقه الْعِلْمِ غَيْرَ الْقُرْآنِ
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا عِنْدنَا إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ
وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْ كِتَابَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ فَمِنَ السَّلَفِ مَنْ مَنَعَ كِتَابَةَ الْعِلْمِ
وَقَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ بِجَوَازِهِ ثُمَّ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ بَعْدَهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَأَجَابُوا عَنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَكَانَ النَّهْيُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ اشْتِهَارِ الْقُرْآنِ لِكُلِّ أَحَدٍ فَنَهَى عَنْ كِتَابَةِ غَيْرِهِ خَوْفًا مِنِ اخْتِلَاطِهِ وَاشْتِبَاهِهِ فَلَمَّا اشْتَهَرَ وَأُمِنَتْ تِلْكَ الْمَفْسَدَةُ أَذِنَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ النَّهْيَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِمَنْ وُثِقَ بِحِفْظِهِ وَخِيفَ اتِّكَالُهُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَالْإِذْنُ لِمَنْ لَمْ يُوثَقْ بِحِفْظِهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ