فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ

رقم الحديث 3958 [3958]
الْعَبْدُ خِلَافُ الْحُرِّ وَاسْتُعْمِلَ لَهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ وَالْأَشْهَرُ مِنْهَا أَعْبُدٌ وَعَبِيدٌ وَعِبَادٌ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ ( لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ) فَاعِلُ يَبْلُغْ أَيْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمُ الثُّلُثُ وَلَمْ يَشْمَلْهُمْ بَلْ زَادُوا عَلَى الثُّلُثِ فَمَاذَا حُكْمُهُ
( سِتَّةَ أَعْبُدٍ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ ( فَقَالَ لَهُ) فِي شَأْنِهِ ( قَوْلًا شَدِيدًا) أَيْ كَرَاهِيَةً لِفِعْلِهِ وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَبَيَانُ هَذَا الْقَوْلِ الشَّدِيدِ سَيَأْتِي فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ ( فَجَزَّأَهُمْ) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ
قَالَ النَّوَوِيُّ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِهَا لُغَتَانِ مشهورتان ذكرهما بن السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ أَيْ فَقَسَمَهُمْ ( وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً) أَيْ أَبْقَى حُكْمَ الرِّقِّ عَلَى الْأَرْبَعَةِ قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ الْمُنْجَزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ فِي الِاعْتِبَارِ مِنَ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ التَّبَرُّعُ الْمُنْجَزُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وداود وبن جَرِيرٍ وَالْجُمْهُورِ فِي إِثْبَاتِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ الْقُرْعَةُ بَاطِلَةٌ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ بَلْ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قِسْطُهُ وَيُسْتَسْعَى فِي الْبَاقِي لِأَنَّهَا خَطَرٌ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ
وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً صَرِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَشُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَحُكِيَ أيضا عن بن الْمُسَيَّبِ انْتَهَى
قُلْتُ وَاحْتَجَّ مَنْ أَبْطَلَ الِاسْتِسْعَاءَ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ هَذَا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَنَجَّزَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِتْقَ ثُلُثِهِ وَأَمَرَهُ بِالِاسْتِسْعَاءِ فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَأَجَابَ مَنْ أَثْبَتَ الِاسْتِسْعَاءَ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِسْعَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِسْعَاءُ مَشْرُوعًا إِلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إِذَا أَعْتَقَ جَمِيعَ مَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ
قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ