فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي رِضَاعَةِ الْكَبِيرِ

رقم الحديث 1799 [1799] ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قدامة) هذا الحديث في رواية بن دَاسَّةَ دُونَ اللُّؤْلُؤِيِّ ( هُدَيْمُ) بِالْهَاءِ الْمَضْمُومَةِ وَفَتْحِ الدال المهملة قاله بن الْأَثِيرِ
وَقَالَ ابْنُ مَاكُولَا بِضَمِّ الْهَاءِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ هُذَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَقَدْ جَعَلَهُ أَبُو عُمَرَ هُرَيْمُ بِالرَّاءِ ( بْنُ ثُرْمُلَةَ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ ثُمَّQقَطّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي أَفْرَدْت الْحَجّ كَمَا قَالَ قرنت وَلَا قَالَ سَمِعْته يَقُول لَبَّيْكَ حَجًّا كَمَا قَالَ لَبَّيْكَ حَجًّا وَعُمْرَة وَلَا هُوَ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسه بِذَلِكَ وَلَا أَحَد مِنْ الصَّحَابَة أَخْبَرَ عَنْ لَفْظ إِهْلَاله بِهِ
فَأَمَّا إِخْبَاره عَنْ نَفْسه بِالْقِرَانِ وَإِخْبَار أَصْحَابه عَنْهُ بِلَفْظِهِ فَصَرِيح لَا مُعَارِض لَهُ
وَاَلَّذِينَ رَوَوْا الْإِفْرَاد قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ رَوَوْا الْقِرَان وَالتَّمَتُّع وَهُمْ لَا يَتَنَاقَضُونَ فِي رِوَايَاتهمْ بَلْ رِوَايَاتهمْ يُصَدِّق بَعْضهَا بَعْضًا وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِشْكَال حَيْثُ لَمْ تَقَع الْإِحَاطَة بِمَعْرِفَةِ مُرَاد الصَّحَابَة وَلُغَتهمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْقِرَان تَمَتُّعًا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حديث بن عُمَر وَقَدْ تَقَدَّمَ وَحَدِيث عَلِيّ أَنَّ عُثْمَان لَمَّا نَهَى عَنْ الْمُتْعَة قَالَ عَلِيّ لَبَّيْكَ بِهِمَا.

     وَقَالَ  لَمْ أَكُنْ لِأَدَع سُنَّة رَسُول اللَّه لِقَوْلِ أَحَد
وَمَنْ قَالَ أَفْرَدَ الْحَجّ لَمْ يَقُلْ أَفْرَدَ إِهْلَال الْحَجّ وَإِنَّمَا مِنْ مُرَاده أَنَّهُ اِقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَال الْحَجّ وَدَخَلَتْ عُمْرَته فِي حَجّه
فَلَمْ يُفْرِد كُلّ وَاحِد مِنْ النُّسُكَيْنِ بِعَمَلٍ وَلِهَذَا أَخْبَرَ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَنَ فَعُلِمَ أَنَّ مُرَاده بِالْإِفْرَادِ مَا ذَكَرْنَا
وَمَنْ قَالَ تَمَتَّعَ أَرَادَ بِهِ التَّمَتُّع الْعَامّ الَّذِي يَدْخُل فِيهِ الْقِرَان بِنَصِّ الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْي} وَالْقَارِن دَاخِل فِي هَذَا النَّصّ فَتَمَتَّعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَرَفُّهِهِ بِسُقُوطِ أَحَد السَّفَرَيْنِ وَقَرَنَ بِجَمْعِهِ فِي إِهْلَاله بَيْن النُّسُكَيْنِ وَأَفْرَدَ فَلَمْ يَطُفْ طَوَافَيْنِ وَلَمْ يَسْعَ سَعْيَيْنِ
وَمَنْ تَأَمَّلَ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي هَذَا الْبَاب جَزَمَ بِهَذَا وَهَذَا فَصْل النِّزَاع وَاَللَّه أَعْلَم الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمِيمِ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّهُ هُدَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَكَذَا قَالَهُ بن ماكولا وبن الأثير والحافظ بن حجر وغيرهم ( ياهناه) أي ياهذا وَأَصْلُهُ هَنُ أُلْحِقَتِ الْهَاءُ لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ فَصَارَ ياهنه وأشبعت الحركة فصارت ألفا فقيل ياهناه بِسُكُونِ الْهَاءِ وَلَكَ ضَمُّ الْهَاءِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هذه اللفظة مختص بِالنِّدَاءِ كَذَا فِي زَهْرِ الرُّبَى ( مَكْتُوبَيْنِ عَلَى) لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ والعمرة لله أَنَّهُمَا مَفْرُوضَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ ( الْعُذَيْبَ) تَصْغِيرُ عَذْبٍ اسْمُ مَاءٍ لِبَنِي تَمِيمٍ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ كُوفَةَ ( مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ) أَيْ أَنَّ عُمَرَ مَنَعَ عَنِ الجَمْعِ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ الْمَنْعُ وَهُوَ لَا يَدْرِي بِهِ فَهُوَ وَالْبَعِيرُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْفَهْمِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ لَأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ جَمَلِكَ مِنْ هَذَا ( هُدِيتَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَتَاءِ الْخِطَابِ أَيْ هَدَاكَ اللَّهُ بِوَاسِطَةِ مَنْ أَفْتَاكَ أَوْ هَدَاكَ مَنْ أَفْتَاكَ
فَإِنْ قُلْتَ كَانَ عُمَرُ يَمْنَعُ عَنِ الجَمْعِ فَكَيْفَ قَرَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَحْسَنِ تَقْرِيرٍ.

قُلْتُ كَأَنَّهُ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْمَصَالِحِ ويرى أنه جوز النبي لِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ عَرَضَ لَهُ مَصْلَحَةٌ اقْتَضَتِ الْجَمْعَ فِي حَقِّهِ فَالْجَمْعُ فِي حَقِّهِ سُنَّةٌ
قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1800 [18] ( أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ) هُوَ جِبْرِيلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ ( فَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ) هُوَ وَادِي الْعَقِيقِ وَبِقُرْبِ الْعَقِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ
وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ أَنَّ تُبَّعًا لَمَّا انْحَدَرَ فِي مَكَانٍ عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ هَذَا عَقِيقُ الْأَرْضِ فَسُمِّيَ الْعَقِيقُ ( وَقَالَ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ) بِرَفْعِ عُمْرَةٍ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبِنَصَبِهَا بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ جَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أن حجه كَانَ قِرَانًا
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَعْتَمِرُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بَعْدَ فَرَاغِ حَجِّهِ
وَظَاهِرُ حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا أن حجه صلى الله عليه وَسَلَّمَ الْقِرَانَ كَانَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ فَكَيْفَ يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَيُنْظَرُ فِي هَذَا فَإِنْ أُجِيبَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تطيبا لِخَوَاطِرِ أَصْحَابِهِ فَهُوَ تَغْرِيرٌ لَا يَلِيقُ نِسْبَةُ مِثْلِهِ إِلَى الشَّارِعِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ ( رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَرَدَتْ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ فَقَالَ مِسْكِينٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ بِلَفْظِ قَالَ وَحَرْفُ فِي بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ بِلَفْظِ قُلْ صِيغَةُ أَمْرٍ وَكَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِلَفْظِ قُلْ وَحَرْفُ فِي فَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ لِلْأَوْزَاعِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ بِحَرْفِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ.

     وَقَالَ  عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ وَفِي رِوَايَةٍ وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ وأخرجه البخاري وبن مَاجَهْ
وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ قُلْ ذَلِكَ لِأَصْحَابِكَ أَيْ أَعْلِمْهُمْ أَنَّ الْقِرَانَ جَائِزٌ
وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ.

     وَقَالَ  لِأَنَّهُ هُوَ الذي أمر به النبي وَأَحَبَّ
فَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ حَجَّتِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ كَأَنَّهُ قَالَ إِذَا حَجَجْتَ فَقُلْ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَتَكُونُ فِي حَجَّتِكَ الَّتِي حَجَجْتَ فِيهَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى تَحْصِيلِهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ عُمْرَةَ التَّمَتُّعِ وَاقِعَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفِيهِ إِعْلَامٌ بِفَضِيلَةِ الْمَكَانِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَبِشْرِ بْنِ بَكْرٍ
وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ ثَلَاثَتِهِمْ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ
وَفِي الِاعْتِصَامِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ عَنِ النُّفَيْلِيِّ عَنْ مِسْكِينٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِهِ وبن مَاجَهْ فِيهِ عَنْ دُحَيْمٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِهِ انْتَهَى