فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ

رقم الحديث 1199 [1199] ( عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ) بِمُوَحَّدَةٍ فَأَلِفٍ فَمُوَحَّدَةٍ ثَانِيَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتُ وَيُقَالُ بَابَاهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي ( عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ) مُصَغَّرًا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَتَبُوكَ ( ذَهَبَ ذَلِكَ الْيَوْمُ) أَيْ وَذَهَبَ الْخَوْفُ فَمَا وَجْهُ الْقَصْرِ ( عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَجِبْتُ مَا عَجِبْتَ مِنْهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( فَقَالَ صَدَقَةٌ إِلَخْ) أَيْ صَلَاةُ الْقَصْرِ صَدَقَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْقَائِلِ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَاللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيْنَا وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُ السَّلَفِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلِ الْقَصْرُ وَاجِبٌ أَمْ رُخْصَةٌ وَالتَّمَامُ أَفْضَلُ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْحَنَفِيَّةُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ إِلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ كَانَ مَذَاهِبُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ هُوَ الْوَاجِبُ فِي السَّفَرُ وَهُوَ قَوْلُ علي وعمر وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ.

     وَقَالَ  حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يُعِيدُ مَنْ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا.

     وَقَالَ  مَالِكٌ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ
انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَإِلَى الثَّانِي الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ عائشة وعثمان وبن عباس
قال بن الْمُنْذِرِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الصُّبْحِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ
قَالَ النَّوَوِيُّ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ مُبَاحٍ وَذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَصْرِ الْخَوْفُ فِي السَّفَرِ وَبَعْضُهُمْ كَوْنُهُ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَعَنْ بَعْضِهِمْ كَوْنُهُ سَفَرَ طَاعَةٍ ( فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ الْخَوْفُ أَمْ لَا إِنَّمَا قَالَ فِي الْآيَةِ إِنْ خِفْتُمْ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْأَغْلَبِ فَحِينَئِذٍ لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْقَصْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ خوش وَأَمْرُ فَاقْبَلُوا ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ فَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ وَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيُّ أَكْثَرُهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْقَصْرِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْإِتْمَامَ هُوَ الْأَصْلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا قَدْ تَعَجَّبَا مِنَ الْقَصْرِ مَعَ عَدَمِ شَرْطِ الْخَوْفِ فَلَوْ كَانَ أَصْلُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَتَعَجَّبَا مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَصْلٍ كَامِلٍ قَدْ تَقَدَّمَهُ فَحَذَفَ بَعْضَهُ وَأَبْقَى بَعْضَهُ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ رَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا وَالرُّخْصَةُ إِنَّمَا تَكُونُ إِبَاحَةً لَا عَزِيمَةً انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1212 [1212] ( مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ) فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ
وَمُحَمَّدٌ وَأَبُوهُ فُضَيْلٌ كِلَاهُمَا ثِقَتَانِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ الَّذِي تَأَوَّلَ به الْحَنَفِيَّةُ أَحَادِيثَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَيَجِيءُ تَحْقِيقُ الكلام فيه ( رواه بن جَابِرٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ( نَحْوَ هَذَا) أَيْ نَحْوَ حَدِيثِ فُضَيْلِ بن غزوان



رقم الحديث 1200 [12] ( رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ) وروح بن عبادة كلهم عن بن جريج ( كما رواه بن بكر) أي محمد بن بكر عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ
وَحَدِيثُ رَوْحٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَحَدِيثُ أَبِي عَاصِمٍ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ لكن بلفظ أخبرنا أبو عاصم عن بن جريج عن بن أَبِي عَمَّارٍ
وَأَمَّا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَكَذَا يَحْيَى عند مسلم فقالا عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عِنْدَ مسلم والنسائي وبن ماجه فقال عن بن جريج عن بن أَبِي عَمَّارٍ
فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إِلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ




رقم الحديث 1201 [121] وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بَابٌ فِي كَمْ يقصر الصلاة ( إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثةِ أَمْيَالٍ) اخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِ الْمِيلِ فَقَالَ فِي الْفَتْحِ الْمِيلُ هُوَ مِنَ الْأَرْضِ مُنْتَهَى مَدِّ الْبَصَرِ لِأَنَّ الْبَصَرَ يَمِيلُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى يَفْنَى إِدْرَاكُهُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ وَقِيلَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الشَّخْصِ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَلَا يَدْرِي أَرْجُلٌ هُوَ أَمِ امْرَأَةٌ أَمْ ذَاهِبٌ أَوْ آتٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمِيلُ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إِصْبَعًا مُعْتَرِضَةٌ مُعْتَدِلَةٌ وَالْإِصْبَعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَرِضَةٍ مُعْتَدِلَةٍ
قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الَّذِي قَالَ هُوَ الْأَشْهَرُ
وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ قَدَمٍ بِقَدَمِ الْإِنْسَانِ وَقِيلَ هُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ
نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَقِيلَ خمسمائة وصححه بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ أَلْفَا ذِرَاعٍ
وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَلْفِ خُطْوَةٍ لِلْجَمَلِ
قَالَ ثُمَّ إِنَّ الذَّارِعَ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ تَحْرِيرُهُ قَدْ حُرِّرَ غَيْرُهُ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمَشْهُورِ فِي مِصْرَ وَالْحِجَازِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ عَنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ بِقَدْرِ الثُّمُنِ فَعَلَى هَذَا فَالْمِيلُ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ فِي الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ خَمْسَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ( أَوْ ثَلَاثَةُ فراسخ) الفرسخ في الأصل السكون ذكره بن سِيدَهْ وَقِيلَ السَّعَةُ وَقِيلَ الشَّيْءُ الطَّوِيلُ وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ الْفَرْسَخَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ الطَّوِيلُ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ فِي مِقْدَارِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا الصَّلَاةُ
قَالَ فِي الْفَتْحِ فَحَكَى بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ فِيهَا نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ قَوْلًا أَقَلُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ مَا دَامَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِهِ وَقِيلَ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ الْمِيلِ كَمَا رواه بن شيبة بإسناد صحيح عن بن عمر وإلى ذلك ذهب بن حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِإِطْلَاقِ السَّفَرِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرض الْآيَةَ
وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا الْمُسْلِمُونَ بِأَجْمَعِهِمْ سَفَرًا مِنْ سَفَرٍ ثُمَّ احْتَجَّ عَلَى تَرْكِ الْقَصْرِ فِيمَا دُونَ الْمِيلِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ إِلَى الْبَقِيعِ لِدَفْنِ الْمَوْتَى وَخَرَجَ إِلَى الْفَضَاءِ لِلْغَائِطِ وَالنَّاسُ مَعَهُ فَلَمْ يَقْصُرْ وَلَا أَفْطَرَ
وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الظَّاهِرِيَّةُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ أَقَلَّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَأَصْرَحُهُ
وَقَدْ حَمَلَهُ مَنْ خَالَفَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسَافَةُ الَّتِي يُبْتَدَأُ مِنْهَا الْقَصْرُ لَا غَايَةَ السَّفَرِ
قَالَ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا الْحَمْلِ مَعَ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ ذَكَرَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَزِيدَ رَاوِيهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ وَكُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ يَعْنِي مِنَ الْبَصْرَةِ فَأُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَرْجِعَ فَقَالَ أَنَسٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
قَالَ فَظَهَرَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ جَوَازِ الْقَصْرِ في السفر لا عن الموضع الذي يبتدىء الْقَصْرَ مِنْهُ
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُمَا وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي مَسِيرَةِ مَرْحَلَتَيْنِ وَهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةٌ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ لَا يَقْصُرُ فِي أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ
وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اخْتِيَارَهُ أَنَّ أَقَلَّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ يَعْنِي قَوْلَهُ فِي صَحِيحِهِ وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّفَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً بَعْدَ قَوْلِهِ بَابٌ فِي كَمْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ كَانَتِ الثَّلَاثَةُ فَرَاسِخُ حَدًّا فِيمَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ إِلَّا أَنِّي لَا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ بِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فيما بينه وبين خمسة فراسخ
وعن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي لَأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْبَجِيلَةِ فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ يَوْمِهِ
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ لِي جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ
فَأَمَّا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ تَامٍّ وَبِهَذَا نَأْخُذُ
وَقَالَ مَالِكٌ الْقَصْرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسَفَانَ وَإِلَى الطَّائِفِ وَإِلَى جَدَّةَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَإِلَى نَحْوِهِ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ حِينَ قَالَ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَا يَقْصُرُ فِي مَسِيرَةِ يومين
واعتمد الشافعي في ذلك قول بن عَبَّاسٍ حِينَ سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ نَقْصُرُ إِلَى عَرَفَةَ قَالَ لَا وَلَكِنْ إِلَى عُسَفَانَ وَإِلَى جدة وإلى الطائف
وروي عن بن عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَهَذَا عن بن عُمَرَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَقْصُرُ إِلَّا فِي مَسَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ



رقم الحديث 1202 [122] ( الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ) وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ لِأَنَّ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ سِتَّةَ أَمْيَالٍ
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَا الْحُلَيْفَةِ لَمْ تَكُنْ مُنْتَهَى السَّفَرِ وَإِنَّمَا خَرَجَ إِلَيْهَا حَيْثُ كَانَ قَاصِدًا إِلَى مَكَّةَ وَاتَّفَقَ نُزُولُهُ بِهَا وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَصَرَهَا وَاسْتَمَرَّ يَقْصُرُ إِلَى أَنْ رَجَعَ قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ إِلَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ بُنْيَانَ الْبَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ إِنَّهُ يَقْصُرُ إِذَا كَانَ مِنَ الْمِصْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ.

     وَقَالَ  بَعْضُ التَّابِعِينَ إِنَّهُ يَجُوزُ أن يقصر من منزله
وروى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْبَصْرَةِ فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ إِنَّا لَوْ جَاوَزْنَا هَذَا الْخُصَّ لَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ


رقم الحديث 1203 [123] ( أَبَا عُشَّانَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ( يَعْجَبُ رَبُّكَ) أَيْ يَرْضَى
قَالَ النَّوَوِيُّ التَّعَجُّبُ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ إِذْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَسْبَابُ الْأَشْيَاءِ وَالتَّعَجُّبُ إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّا خَفِيَ سَبَبُهُ فَالْمَعْنَى عَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَكَبُرَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الرِّضَا وَالْخِطَابُ إِمَّا لِلرَّاوِي أَوْ لِوَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرِهِ
وَقِيلَ الْخِطَابُ عَامٌّ ( مِنْ رَاعِي غَنَمٍ) اخْتَارَ الْعُزْلَةَ مِنَ النَّاسِ ( فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ قِطْعَةٍ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ وَقِيلَ هِيَ الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ الْخَارِجَةُ مِنَ الْجَبَلِ كَأَنَّهَا أَنْفُ الْجَبَلِ ( يُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ وَيُصَلِّي) وَفَائِدَةُ تَأْذِينِهِ إِعْلَامُ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاةً أَيْضًا وَشَهَادَةُ الْأَشْيَاءِ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَمُتَابَعَةُ سُنَّتِهِ وَالتَّشَبُّهُ بِالْمُسْلِمِينَ فِي جَمَاعَتِهِمْ
وَقِيلَ إِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ تُصَلِّي الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( فَيَقُولُ اللَّهُ عزوجل) أَيْ لِمَلَائِكَتِهِ وَأَرْوَاحِ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَهُ ( انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا) تَعْجِيبٌ لِلْمَلَائِكَةِ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ بَعْدَ التَّعَجُّبِ لِمَزِيدِ التَّفْخِيمِ وَكَذَا تَسْمِيَتُهُ بِالْعَبْدِ وَإِضَافَتُهُ إِلَى نَفْسِهِ وَالْإِشَارَةُ بِهَذَا تَعْظِيمٌ عَلَى تَعْظِيمٍ ( يَخَافُ مِنِّي) أَيْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ عَذَابِي لَا لِيَرَاهُ أَحَدٌ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلْمُنْفَرِدِ ( قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي) فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ( وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ) فَإِنَّهَا دَارُ الْمَثُوبَاتِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رِجَالُ إسناده ثقات


( وَهُوَ) الْمُسَافِرُ الْمُصَلِّي ( يَشُكُّ فِي الْوَقْتِ) هَلْ جَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَمْ لَا فَلَا اعْتِبَارَ لِشَكِّهِ وَإِنَّمَا الِاعْتِمَادُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ على الإمام فإن تيقن الإمام على مَجِيءَ الْوَقْتِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِشَكِّ بَعْضِ الْأَتْبَاعِ
( فَقُلْنَا زَالَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَزُلْ) الشَّمْسُ أَيْ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَسٌ وَغَيْرُهُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ وَلَا بِعَدَمِهِ.
وَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَعْرَفَ النَّاسِ لِلْأَوْقَاتِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ إِلَى مُبَادَرَةِ صَلَاةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ مَعًا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ
سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 1204 [124]

رقم الحديث 1205 [125] ( إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا) أَيْ قُبَيْلَ الظُّهْرِ لَا مُطْلَقًا كَيْفَ وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَنَسٍ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ( وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا يُفْهَمُ مِنَ السِّيَاقِ مِنَ التَّعْجِيلِ أَيْ يَعْجَلُ وَلَا يُبَالِي بِهَا وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ
وَالْمُرَادُ قُرْبُ نِصْفِ النَّهَارِ إِذْ لَا بُدَّ مِنَ الزَّوَالِ
قَالَهُ السِّنْدِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
قُلْتُ وَبَوَّبَ بَابَ تَعْجِيلِ الظُّهْرِ في السفر انتهى
وبوب بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بَابَ مَنْ قَالَ إذا كنت في سفر فقل أَزَالَتِ الشَّمْسُ أَمْ لَا وَأَوْرَدَ فِيهِ رِوَايَةَ جرير عن مِسْحَاجِ بْنِ مُوسَى الضَّبِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو إِذَا كُنْتَ فِي سَفَرٍ فَقُلْتَ أَزَالَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَزُلْ أَوِ انْتَصَفَ النَّهَارُ أَوْ لَمْ يَنْتَصِفْ فَصَلِّ قَبْلَ أَنْ يَرْتحَلَ
وَمِنْ طَرِيقِ مَنْصُورِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ إِذَا كُنْتَ فِي سَفَرٍ فَقُلْتَ زَالَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَزُلْ فَصَلِّ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ




رقم الحديث 1206 [126] قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ أَيَّتِهِمَا شاء وبين الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ
وَشَرْطُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَنْ يُقَدِّمَهَا وَيَنْوِي الْجَمْعَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنَ الْأُولَى وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَرَادَ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ أَنْ يَنْوِيَهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَيَكُونُ قَبْلَ ضِيقِ وَقْتِهَا بِحَيْثُ يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَأَكْثَرُ فَإِنْ أَخَّرَهَا بِلَا نِيَّةٍ عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً وَإِذَا أَخَّرَهَا بِالنِّيَّةِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى أَوَّلًا وَأَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا قاله النووي
( فكان رسول الله يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَبِغَيْرِ الْمُزْدَلِفَةِ جَائِزٌ وَفِيهِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِمَنْ كَانَ نَازِلًا فِي السَّفَرِ غَيْرَ سَائِرٍ جَائِزٌ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ قَوْمٌ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَيُصَلِّي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا رَوَى ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيِّ وَحَكَاهُ عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ الْحَسَنُ وَمَكْحُولٌ يَكْرَهَانِ الْجَمْعَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَعَجَّلَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا
وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا إِنْ شَاءَ قَدَّمَ الْعَصْرَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هذا الباب
هذا قول بن عَبَّاسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَالِمِ بْنِ عبد الله وطاووس وَمُجَاهِدٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ حَدِيثُ بن عمر وأنس عن النبي وَقَدْ ذَكَرَهُمَا أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَى
قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1207 [127] ( اسْتَصْرَخَ عَلَى صَفِيَّةَ) يُقَالُ اسْتَصْرَخَ بِهِ إِذَا أَتَاهُ الصَّارِخُ وَهُوَ الْمُصَوِّتُ يُعْلِمُهُ بِأَمْرٍ حَادِثٍ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ يَنْعِي لَهُ مَيِّتًا
وَالِاسْتِصْرَاخُ الِاسْتِغَاثَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُرَادُ ها هنا إِعْلَامُ أَمْرِ مَوْتِهَا أَيْ أَنَّهُ أُخْبِرَ بِمَوْتِهَا ( فَنَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ ظَاهِرُ اسْمِ الْجَمْعِ عُرْفًا لَا يَقَعُ عَلَى مَنْ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى صَلَّاهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَعَجَّلَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لِأَنَّ هَذَا قَدْ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا الْخَاصِّ مِنْهَا وَإِنَّمَا الْجَمْعُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَهُمَا أَنْ تَكُونَ الصَّلَاتَانِ مَعًا فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمْعَ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ كَذَلِكَ وَمَعْقُولٌ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنَ الرُّخَصِ الْعَامَّةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ عَامِّهِمْ وَخَاصِّهِمْ وَمَعْرِفَةُ أَوَائِلِ الْأَوْقَاتِ وَأَوَاخِرِهَا مِمَّا لَا يُدْرِكُهُ أَكْثَرُ الْخَاصَّةِ فَضْلًا عَنِ الْعَامَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِي اعْتِبَارِ السَّاعَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِمَّا يُبْطِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرُّخْصَةُ عَامَّةً عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا الْمُؤَقَّتَةِ انْتَهَى
قُلْتُ وحديث بن عُمَرَ هَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ قَالَ بِاخْتِصَاصِ رُخْصَةِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ بِمَنْ كَانَ سَائِرًا لَا نَازِلًا
وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا وَقَعَ مِنَ التَّصْرِيحِ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ لَا يَكُونُ إِلَّا وَهُوَ نَازِلٌ فَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ نازلا ومسافرا
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَجْمَعُ إِلَّا مَنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَهُوَ قَاطِعٌ لِلِالْتِبَاسِ وَهَذِهِ الأحاديث تخصص أَحَادِيثَ الْأَوْقَاتِ الَّتِي بَيَّنَهَا جِبْرِيلُ وَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ لِلْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِهَا الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ بِمَعْنَاهُ أَتَمَّ مِنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُسْنَدَ مِنْهُ بِمَعْنَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ