فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ جُمَّاعِ أَثْوَابِ مَا يُصَلَّى فِيهِ

رقم الحديث 550 [550] ( عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) أَيْ مَعَ الْجَمَاعَةِ ( حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ) مِنَ الْمَسَاجِدِ وَيُوجَدُ لَهُنَّ إِمَامٌ مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرٌ مُعَيَّنٍ ( فَإِنَّهُنَّ) أَيِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِالْجَمَاعَةِ ( مِنْ سُنَنِ الْهُدَى) رُوِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا حَكَاهُمَا الْقَاضِي وَهُمَا بِمَعْنًى مُتَقَارِبٍ أَيْ طَرَائِقَ الْهُدَى وَالصَّوَابِ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا) أَيْ نَحْنُ مُعَاشِرُ الصَّحَابَةِ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ الطِّيبِيُّ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ اتِّحَادَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إِنَّمَا يَسُوغُ فِي أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَأَنَّهَا مَنْ دَاخَلَ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ وَالْمَفْعُولَ الثاني الذي هو بمنزلة الخبر محذوف ها هنا وَسَدَّ .

     قَوْلُهُ  ( وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ لِوَصْفِ الدَّوَامِ وَهُوَ حَالٌّ مَسَدَّهُ وَتَبِعَهُ بن حَجَرٍ لَكِنْ فِي كَوْنِ اتِّحَادِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ هُنَا بَحْثٌ إِذِ الْمُرَادُ بِالْفَاعِلِ الْمُتَكَلِّمُ وَحْدُهُ وبالمفعول هو وغيره
قاله علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ ( إِلَّا مُنَافِقٌ بَيِّنُ النِّفَاقِ) أَيْ ظَاهِرُ النِّفَاقِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ قَالَ الشُّمُنِّيُّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُنَافِقِ ها هنا مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَإِلَّا لَكَانَتِ الْجَمَاعَةُ فَرِيضَةً لِأَنَّ مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ كَافِرٌ وَلَكَانَ آخِرُ الْكَلَامِ مُنَاقِضًا لِأَوَّلِهِ
انْتَهَى
وَفِيهِ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ النِّفَاقَ سَبَبُ التَّخَلُّفِ لَا عَكْسُهُ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ لَا فَرِيضَةٌ لِلدَّلِيلِ الظَّنِّيِّ وَأَنَّ الْمُنَاقَضَةَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ بَيَانِ النِّفَاقِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ
قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِصِحَّةِ مَا سَبَقَ تَأْوِيلُهُ فِي الَّذِينَ هَمَّ بِتَحْرِيقِ بُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُنَافِقِينَ ( لَيُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ) هُوَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُمْسِكُهُ رَجُلَانِ مِنْ جَانِبَيْهِ بِعَضُدَيْهِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا
قاله النووي
وقال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ مَعْنَاهُ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا مِنْ ضَعْفِهِ وَتَمَايُلِهِ مِنْ تَهَادَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ مَشْيِهَا إِذَا تَمَايَلَتِ
انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْ يُرْفَدُ مِنْ جَانِبَيْهِ وَيُؤْخَذُ بِعَضُدَيْهِ يُتَمَشَّى بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ
انْتَهَى
وَفِي هَذَا كُلِّهِ تَأْكِيدُ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ وَتَحَمُّلُ الْمَشَقَّةَ فِي حُضُورِهَا وَأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ التَّوَصُّلَ إِلَيْهَا اسْتُحِبَّ لَهُ حُضُورِهَا ( مَسْجِدٌ فِي بَيْتِهِ) أَيْ مَوْضِعُ صَلَاةٍ فِيهِ ( وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيّكُمْ) قال الطيبي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ الْعَزِيمَةُ
قَالَ الشيخ بن الْهُمَامِ وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ إِذْ لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ سُنَنَ الْهُدَى أَعَمُّ مِنَ الْوَاجِبِ لُغَةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ
انْتَهَى
وَقَدْ يُقَالُ لِهَذَا الْوَاجِبِ سُنَّةً لِكَوْنِهِ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ أَيِ الْحَدِيثِ ( لَكَفَرْتُمْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤَدِّيكُمْ إِلَى الْكُفْرِ بِأَنْ تَتْرُكُوا عُرَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى تَخْرُجُوا مِنَ الْمِلَّةِ
انْتَهَى
وَهُوَ يُثْبِتُ الْوُجُوبَ ظَاهِرًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 551 [551] ( مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِي) أَيْ صَوْتَ الْمُنَادِي وَالْمُؤَذِّنَ وَمَنْ مُبْتَدَأٌ ( فَلَمْ يَمْنَعْهُ) أَيِ السَّامِعَ ( مِنِ اتِّبَاعِهِ) أَيِ الْمُؤَذِّنِ ( قَالُوا) أَيِ الصَّحَابَةُ ( قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَمْ تُقْبَلْ) أَيْ قَبُولًا كَامِلًا وَهُوَ خَبَرُ مَنْ وَهَذَا مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ ( مِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّامِعِ الْقَاعِدِ فِي بَيْتِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَنَابٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ الكلبي وهو ضعيف
والحديث أخرجه بن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ وَإِسْنَادُهُ أَمْثَلُ وَفِيهِ نَظَرٌ



رقم الحديث 552 [552] ( ضَرِيرُ الْبَصَرِ) أَيْ أَعْمَى ( شَاسِعُ الدَّارِ) أَيْ بَعِيدُ الدَّارِ ( وَلِي قَائِدٌ) الْقَائِدُ هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ يَدَ الْأَعْمَى وَيَأْخُذُهَا وَيَذْهَبُ بِهِ حَيْثُ شَاءَ وَيَجُرُّهُ ( لَا يُلَاوِمُنِي) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ وَالصَّوَابُ لَا يُلَائِمُنِي أَيْ لَا يُوَافِقُنِي وَلَا يُسَاعِدُنِي فَأَمَّا الْمُلَاوَمَةُ فَإِنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنَ اللَّوْمِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ وَاجِبٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ نَدْبًا لَكَانَ أَوْلَى مَنْ يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا أَهْلُ الضَّرَرِ وَالضَّعْفِ وَمَنْ كَانَ في مثل حال بن أُمِّ مَكْتُومٍ
وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْحَضَرِ وَالْقَرْيَةِ رُخْصَةٌ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ فِي أن يدع الصلاة جماعة وقال الأوزاعي لاطاعة لِلْوَالِدِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ
وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يُوجِبُ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ وَاحْتَجَّ هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ رَسُولَ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلَمْ يَعْذُرْ فِي تَرْكِهَا فَعُقِلَ أَنَّهَا فِي حَالِ الْأَمْنِ أَوْجَبُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضٌ عَلَى الكفاية لا على الأعيان وتأولوا حديث بن أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى أَنَّهُ لَا رُخْصَةَ لَكَ إِنْ طَلَبْتَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّكَ لَا تُحْرِزُ أَجْرَهَا مَعَ التَّخَلُّفِ عَنْهَا بِحَالٍ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً انْتَهَى
( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ) أَيِ الْإِعْلَامَ وَالتَّأْذِينَ بِالصَّلَاةِ ( لَا أَجِدُ لَكَ رخصة) قال علي القارىء مَعْنَاهُ لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً تُحَصِّلُ لَكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهَا لَا الْإِيجَابُ عَلَى الْأَعْمَى فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَخَّصَ لِعِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فِي تَرْكِهَا وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ والحديث أخرجه بن مَاجَهْ
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى فَذَكَرَ نَحْوَهُ



رقم الحديث 553 [553] ( كَثِيرَةُ الْهَوَامِّ) أَيِ الْمُؤْذِيَاتِ مِنَ الْعَقَارِبِ وَالْحَيَّاتِ ( وَالسِّبَاعِ) كَالذِّئَابِ أَوِ الْكِلَابِ ( حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَيْ) الْأَذَانُ وَإِنَّمَا خُصَّ اللَّفْظَانِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ مَعْنَى الطَّلَبِ ( فَحَيَّ هَلَا) قَالَ الطِّيبِيُّ كَلِمَةُ حَثٍّ وَاسْتِعْجَالٍ وُضِعَتْ مَوْضِعَ أَجِبِ انتهى
وقال بن الأثير في النهاية وفي كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً فَحَيَّ بِمَعْنَى أَقْبِلْ وَهَلَا بِمَعْنَى أَسْرِعْ وَفِيهَا لُغَاتٌ انْتَهَى
قَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ وَفِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ مُرَكَّبٌ مِنْ حَيَّ وَهَلْ وَهُمَا صَوْتَانِ مَعْنَاهُمَا الْحَثِّ وَالِاسْتِعْجَالِ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا وَسُمِّيَ بِهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ وَكَانَ الْوَجْهُ أَنَّهُ لا ينصرف كحضر موت وَبَعْلَبَكَّ إِلَّا إِنْ وَقَعَ مَوْقِعَ فِعْلِ الْأَمْرِ فبنى كصومه وَفِيهِ لُغَاتٌ وَتَارَةً يُسْتَعْمَلُ حَيَّ وَحْدَهُ نَحْوُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَتَارَةً هَلَا وَحْدَهَا وَاسْتِعْمَالُ حَيَّ وَحْدَهُ أَكْثَرُ مِنِ اسْتِعْمَالِ هَلَا وَحْدَهَا ( وَكَذَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ) يَعْنِي كَمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ سُفْيَانَ كَذَلِكَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْقَاسِمُ الْجَرْمِيُّ عَنْ سُفْيَانَ ( لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ حَيَّ هَلَا) يَعْنِي إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ الْجَرْمِيِّ لَفْظَ حَيَّ هَلَا لَيْسَ بِمَذْكُورٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
قَالَ وَقَدِ اختلف على بن أَبِي لَيْلَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ مُرْسَلًا




رقم الحديث 554 [554] ( صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِنَا أَوْ أَمَّنَا فَالْبَاءِ لِلتَّعْدِيَةِ أَوْ جَعَلَنَا مُصَلِّينَ خَلْفَهُ ( يَوْمًا) أَيْ مِنَ الْأَيَّامِ ( الصُّبْحَ) أَيْ صَلَاتَهُ ( أَشَاهِدٌ فُلَانٌ) أَيْ أَحَاضِرٌ صَلَاتَنَا هَذِهِ ( قَالَ أَشَاهِدٌ فُلَانٌ) أَيْ آخَرُ ( إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ) أَيْ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَمُقَابِلَتُهَا بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ يَعْنِي الصُّبْحَ والعشاء
وقال بن حَجَرٍ الْمَكِّيِّ وَأَشَارَ إِلَى الْعِشَاءِ لِحُضُورِهَا بِالْقُوَّةِ لِأَنَّ الصُّبْحَ مُذَكِّرَةٌ بِهَا نَظَرًا إِلَى أَنَّ هَذِهِ مُبْتَدَأُ النَّوْمِ وَتِلْكَ مُنْتَهَاهُ قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ ( أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ) لِغَلَبَةِ الْكَسَلِ فِيهِمَا وَلِقِلَّةِ تَحْصِيلِ الرِّيَاءِ لَهُمَا ( وَلَوْ تَعْلَمُونَ) أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ ( مَا فِيهِمَا) مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ ( لَأَتَيْتُمُوهُمَا) أَيِ الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ ( وَلَوْ حَبْوًا) أَيْ زَحْفًا وَمَشْيًا ( عَلَى الرُّكَبِ) قَالَ الطِّيبِيُّ حَبْوًا خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفُ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْإِتْيَانُ حَبْوًا وَهُوَ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ أَوِ اسْتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَلَوْ أَتَيْتُمُوهُمَا حَبْوًا أَيْ حَابِينَ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ مُبَالَغَةً ( وَإِنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ) أَيْ فِي الْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْبُعْدِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ( عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ) .

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ شَبَّهَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ فِي قُرْبِهِمْ مِنَ الْإِمَامِ بِصَفِّ الْمَلَائِكَةِ فِي قُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُ إِنَّ وَالْمُتَعَلِّقُ كَائِنٌ ( مَا فَضِيلَتُهُ) أَيِ الصف الأول ( لا بتدرتموه) أَيْ سَبَقْتُمْ إِلَيْهِ ( وَإِنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى) أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا ( مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ مِنَ الزَّكَاةِ بِمَعْنَى النُّمُوِّ أَوِ الشَّخْصُ آمِنٌ مِنْ رِجْسِ الشَّيْطَانِ وَتَسْوِيلِهِ مِنَ الزَّكَاةِ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ ( صَلَاتَهُ) بِالنَّصْبِ أَوْ بِالرَّفْعِ ( مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى) أَيْ أَفْضَلُ ( مَعَ الرَّجُلِ) أَيِ الْوَاحِدِ ( وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ) قال بن الْمَلَكِ مَا هَذِهِ مَوْصُولَةٌ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَيْهَا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ أَيِ الصَّلَاةِ الَّتِي كَثُرَ الْمُصَلُّونَ فِيهَا فَهُوَ أَحَبُّ وَتَذْكِيرُ هُوَ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ مَا انْتَهَى
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَكُلُّ مَوْضِعٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ كَثُرَ فِيهِ الْمُصَلُّونَ فَذَلِكَ الْمَوْضِعُ أَفْضَلُ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَقَامَ إِسْنَادَهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ فِي آخَرِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَصِيرٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي مَعَ أَبِيهِ وَسَمِعَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ قاله شعبة وعلي بن الْمَدِينِيِّ