فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي التَّلْقِينِ

رقم الحديث 2758 [2758] ( أُلْقِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُوقِعَ ( لَا أَخِيسُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ أَيْ لَا أَنْقُضُ الْعَهْدَ مِنْ خَاسَ الشَّيْءَ فِي الْوِعَاءِ إِذَا فَسَدَ ( وَلَا أَحْبِسُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ ( الْبُرُدَ) بِضَمَّتَيْنِ وَقِيلَ بِسُكُونِ الرَّاءِ جَمْعٌ بَرِيدٍ وَهُوَ الرَّسُولُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الرِّسَالَةَ تَقْتَضِي جَوَابًا وَالْجَوَابُ لَا يَصِلُ إِلَى الْمُرْسِلِ إِلَّا مَعَ الرَّسُولِ بَعْدَ انْصِرَافِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عَقَدَ لَهُ الْعَقْدَ مُدَّةَ مَجِيئِهِ وَرُجُوعِهِ
قَالَ وَفِي قَوْلِهِ لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ أَنَّ الْعَهْدَ يُرَاعَى مَعَ الْكَافِرِ كَمَا يُرَاعَى مَعَ الْمُسْلِمِ وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَقَدَ لَكَ عَقْدَ أَمَانٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تُؤَمِّنَهُ وَلَا تَغْتَالَهُ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ انْتَهَى ( فَإِنْ كَانَ) أَيْ ثَبَتَ ( فِي نَفْسِكِ) أَيْ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ ( الَّذِي فِي نَفْسِكِ الْآنَ) يَعْنِي الْإِسْلَامَ ( فَارْجِعْ) أَيْ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَيْنَا ( قَالَ بُكَيْرٌ) هو بن الْأَشَجِّ ( وَأَخْبَرَنِي) أَيِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ( قِبْطِيًّا) أَيْ عَبْدًا قِبْطِيًّا ( وَالْيَوْمَ لَا يَصْلُحُ) أَيْ لَا يَصْلُحُ نِسْبَتُهُ إِلَى الرِّقِّ تَعْظِيمًا لِشَأْنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
كَذَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الشيخ بن تَيْمِيَةَ فِي الْمُنْتَقَى مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَرَّةِ الَّتِي شَرَطَ لَهُمْ فِيهَا أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ مُسْلِمًا انْتَهَى
وَقَالَ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَكَانَ هَدْيُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَحْبِسَ الرَّسُولَ عِنْدَهُ إِذَا اخْتَارَ دِينَهُ وَيَمْنَعُهُ اللَّحَاقُ بِقَوْمِهِ بَلْ يَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ هَذَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي شَرَطَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا.
وَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا يَصْلُحُ هَذَا
وَفِي قَوْلِهِ لَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ إِشْعَارٌ بِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالرُّسُلِ مُطْلَقًا
وَأَمَّا رَدُّهُ لِمَنْ جَاءَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الشَّرْطِ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ
وَأَمَّا الرُّسُلُ فَلَهُمْ حُكْمٌ آخَرُ أَلَا تَرَاهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِرَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ وَقَدْ قَالَا لَهُ فِي وَجْهِهِ مَا قَالَاهُ انْتَهَى
كَذَا فِي الشَّرْحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَأَمَّا الْيَوْمَ لَا يَصْلُحُ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَأَبُو رَافِعٍ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ وَيُقَالُ أَسْلَمُ وَيُقَالُ ثَابِتٌ وَيُقَالُ هُرْمُزُ


رقم الحديث 2759 [2759] إِلَيْهِ ( عَنْ سُلَيْمٍ) بِالتَّصْغِيرِ ( وَكَانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلَادِهِمْ) أَيْ يَذْهَبُ مُعَاوِيَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعَهْدِ لِيَقْرَبَ مِنْ بِلَادِهِمْ حِينَ انْقِضَاءِ الْعَهْدِ ( عَلَى فَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِالْفَرَسِ هُنَا الْعَرَبِيُّ وَبِالْبِرْذَوْنِ التُّرْكِيُّ مِنَ الْخَيْلِ ( يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) أَيْ تَعَجُّبًا وَاسْتِبْعَادًا ( وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ لَا لِلْعَطْفِ أَيِ الْوَاجِبُ عَلَيْكَ وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ ( فَإِذَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِنَّمَا كَرِهَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا هَادَنَهُمْ إِلَى مُدَّةٍ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي وَطَنِهِ فَقَدْ صَارَتْ مُدَّةَ مَسِيرِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ كَالْمَشْرُوطِ مَعَ الْمُدَّةِ فِي أَنْ لَا يَغْزُوَهُمْ فِيهَا فَإِذَا سَارَ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْهُدْنَةِ كَانَ إيقاعه قبل الوقت الذي يتوقعونه قعد ذَلِكَ عَمْرٌو غَدْرًا
وَأَمَّا إِنْ نَقَضَ أَهْلُ الْهُدْنَةِ بِأَنْ ظَهَرَتْ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ فَلَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِمْ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُمْ ( لَا يَشُدُّ عُقْدَةً وَلَا يَحُلُّهَا) بِضَمِّ الْحَاءِ مِنَ الْحَلِّ بِمَعْنَى نَقْضِ الْعَهْدِ وَالشَّدُّ ضِدُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ كِنَايَةٌ عَنْ حِفْظِ الْعَهْدِ وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ فَلَا يَحُلَّنَّ عَهْدًا وَلَا يَشُدَّنَّهُ قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ أَرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ عَنْ عَدَمِ التَّغْيِيرِ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْعَهْدِ وَالتَّأْكِيدِ وَالْمَعْنَى لَا يُغَيِّرَنَّ عَهْدًا وَلَا يَنْقُضَنَّهُ بِوَجْهٍ
وَفِي رِوَايَةٍ فَيَشُدُّهُ وَلَا يَحُلُّهُ قَالَ الطِّيبِيُّ هَكَذَا بِجُمْلَتِهِ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ التَّغْيِيرِ فِي الْعَهْدِ فَلَا يَذْهَبُ على اعتبار معاني مفرداتها
وقال بن الْمَلَكِ أَيْ لَا يَجُوزُ نَقْضُ الْعَهْدِ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( أَمَدُهَا) بِالْأَمَدِ بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الْغَايَةِ ( أَوْ يَنْبِذُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ يَرْمِي عَهْدَهُمْ ( إِلَيْهِمْ) بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُ نَقَضَ الْعَهْدَ عَلَى تَقْدِيرِ خَوْفِ الْخِيَانَةِ مِنْهُمْ ( عَلَى سَوَاءٍ) أَيْ لِيَكُونَ خَصْمُهُ مُسَاوِيًا مَعَهُ فِي النَّقْضِ كَيْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ غَدْرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ قَالَ الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( عَلَى سَوَاءٍ) حَالٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُظْهِرُ أَيْ يُعْلِمُهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَهُمْ وَأَنَّ الصُّلْحَ قَدِ ارْتَفَعَ فَيَكُونُ الْفَرِيقَانِ فِي عِلْمِ ذَلِكَ سَوَاءً
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ