فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ

رقم الحديث 4265 [4265] ( تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَسْتَوْعِبُهُمْ هَلَاكًا مِنِ اسْتَنْظَفْتُ الشَّيْءَ أَخَذْتُهُ كُلَّهُ
كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( قَتْلَاهَا) جَمْعُ قَتِيلٍ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ ( فِي النَّارِ) لِقِتَالِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا وَاتِّبَاعِهِمُ الشَّيْطَانَ وَالْهَوَى أَيْ سَيَكُونُونَ فِي النَّارِ أَوْ هُمْ حِينَئِذٍ فِي النَّارِ لِأَنَّهُمْ يُبَاشِرُونَ مَا يُوجِبُ دُخُولَهُمْ فِيهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جحيم وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ( اللِّسَانُ إِلَخْ) أَيْ وَقْعُهُ وَطَعْنُهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقَوْلُ وَالتَّكَلُّمُ فِيهَا إِطْلَاقًا لِلْمَحَلِّ وَإِرَادَةَ الْحَالِّ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ بالكذب عند أئمة الحور وَنَقْلِ الْأَخْبَارِ إِلَيْهِمْ فَرُبَّمَا يَنْشَأُ مِنْ ذَلِكَ الْغَضَبُ وَالْقَتْلُ وَالْجَلَاءُ وَالْمَفَاسِدُ الْعَظِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْشَأُ مِنْ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ نَفْسِهَا
وَقَالَ السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِشْكَاةِ أَيِ الطَّعْنُ فِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَمَدْحُ الْأُخْرَى مِمَّا يثير الفتنة فالكف واجب انتهى
قال القارىء نَقْلًا عَنِ الْمُظْهِرِ يَحْتَمِلُ هَذَا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَنْ ذَكَرَ أَهْلَ تِلْكَ الْحَرْبِ بِسُوءٍ يَكُونُ كَمَنْ حَارَبَهُمْ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ وَغَيْبَةُ الْمُسْلِمِينَ إِثْمٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْفِتْنَةِ الْحَرْبُ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ أَحَدًا مِنْ هَذَيْنِ الصَّدْرَيْنِ وَأَصْحَابِهِمَا يَكُونُ مُبْتَدِعًا لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ كَانُوا أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ مَنْ مَدَّ لِسَانَهُ فِيهِ بِشَتْمٍ أَوْ غَيْبَةٍ يَقْصِدْنَهُ بِالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَيَفْعَلُونَ بِهِ مَا يَفْعَلُونَ بِمَنْ حَارَبَهُمْ
قال القارىء فِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَرَدَ اذْكُرُوا الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ يَحْذَرْهُ النَّاسُ وَلَا غَيْبَةَ لِفَاسِقٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ هَذَا عَلَى إِطْلَاقِهِ وَلِذَا اسْتَدْرَكَ كَلَامَهُ بِقَوْلِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ إِلَخْ
قَالَ وَحَاصِلُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَنَّ الطَّعْنَ فِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَمَدْحِ الْأُخْرَى حِينَئِذٍ مِمَّا يُثِيرُ الْفِتْنَةَ فَالْوَاجِبُ كَفُّ اللِّسَانِ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي غَايَةٍ مِنَ الظُّهُورِ انْتَهَى ( رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عن ليث عن طاؤس عَنِ الْأَعْجَمِ) أَيْ قَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْجَمِ مَكَانَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ زِيَادٌ
وَالْأَعْجَمُ لَقَبُهُ



رقم الحديث 4266 [4266] ( قَالَ زِيَادٌ سيمين كوش) أَيْ قَالَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ فِي رِوَايَتِهِ زِيَادٌ سَيَمِينُ كوش مَكَانَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ زِيَادٌ وسيمين كوش لَفْظٌ فَارِسِيٌّ مَعْنَاهُ أَبْيَضُ الْأُذُنِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَحَكَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ الْأَعْجَمُ يَعْنِي زِيَادًا وَحَكَى أَيْضًا زِيَادُ بْنُ سيمين كوش وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ غَرِيبٌ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ لَا نَعْرِفُ لِزِيَادِ بْنِ سيمين كوش غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ لَيْثٍ فَرَفَعَهُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ لَيْثٍ فَوَقَفَهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ رَوَاهُ عَنْ لَيْثٍ وَرَفَعَهُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَولُهُ قَالَ وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا قَالَ فِيهِ زِيَادُ بْنُ سيمين كوش.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ زِيَادُ سيمين كوش وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ وَلَكِنَّهُ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ حَتَّى كَانَ لَا يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ بِهِ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَفِيهِ مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ قِيلَ هُوَ مِنَ الْإِشْرَافِ يُقَالُ تَشَرَّفْتُ الشَّيْءَ وَاسْتَشْرَفْتُهُ أَيْ عَلَوْتُهُ يُرِيدُ مَنِ انْتَصَبَ لَهَا انْتَصَبَتْ لَهُ وَصَرَعَتْهُ
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ أَشْرَفْتُهُ أَيْ عَلَوْتُهُ وَاسْتَشْرَفْتُ عَلَى الشَّيْءِ اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ وَالتَّغْرِيرِ وَالْإِشْفَاءِ عَلَى الْهَلَاكِ أَيْ مَنْ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ فِيهَا أَهْلَكَتْهُ يُقَالُ أَشْرَفَ الْمَرِيضُ إِذَا أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ