فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْوَلِيِّ

رقم الحديث 1821 [1821] (عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ) يُقَالُ فِيهِ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ وَيَعْلَى بْنُ مُنْيَةَ وَأُمَيَّةُ أَبُوهُ وَمُنْيَةُ أُمُّهُ (وَيَغْتَسِلَ أَيْ مَحَلَّ الطِّيبِ مِنَ الْبَدَنِ أَوِ الثَّوْبِ (مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ اغْسِلِ الطيب الذي بك ثلاث مرات
قال بن جُرَيْجٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَادَ الْإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ نَعَمْ
قَالَ الْحَافِظُ إِنَّ عَطَاءً فَهِمَ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أن يكون من كلام الصحابي وأنه صلى الله عليه وسلم أَعَادَ لَفْظَهُ اغْسِلْهُ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً عَلَى عَادَتِهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِتُفْهَمَ عَنْهُ
نَبَّهَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ انْتَهَى
وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِبَدَنِهِ
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَلَيْهِ قَمِيصٌ فِيهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ
وَالْخَلُوقُ فِي الْعَادَةِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الثَّوْبِ
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ بِلَفْظِ رَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ جُبَّةٌ عَلَيْهَا أَثَرُ خَلُوقٍ
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ رَبَاحٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَمَنْصُورٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَطَاءٍ عن يعلى أن رجلا قال يارسول اللَّهِ إِنِّي أَحْرَمْتُ وَعَلَيَّ جُبَّتِي هَذِهِ وَعَلَى جُبَّتِهِ رَدْغٌ مِنْ خَلُوقٍ
الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ اخْلَعْ هَذِهِ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ هَذَا الزَّعْفَرَانَ
وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا رَدٌّ عَلَى الْحَافِظِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْخَلُوقَ كَانَ عَلَى الثَّوْبِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ مُتَضَمِّخًا وَكَانَ مُصَفِّرًا لِحْيَتَهُ وَرَأَسَهُ
وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ يُوَضِّحُ أَنَّ الطِّيبَ لَمْ يَكُنْ عَلَى ثَوْبِهِ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى بَدَنِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْجُبَّةِ لَكَانَ فِي نَزْعِهَا كِفَايَةٌ مِنْ جِهَةِ الْإِحْرَامِ
انْتَهَى كَلَامُهُ
وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى مَنْعِ اسْتِدَامَةِ الطِّيبِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ أَثَرِهِ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْهُ بِأَنَّ قِصَّةَ يَعْلَى كَانَتْ بِالْجِعْرَانَةِ وَهِيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا طَيَّبَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهَا عِنْدَ إِحْرَامِهِمَا وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ سَنَةُ عَشْرٍ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْأَمْرِ الْآخِرِ فَالْآخِرِ وَبِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِغَسْلِهِ فِي قِصَّةِ يَعْلَى إِنَّمَا هُوَ الْخَلُوقُ لَا مُطْلَقُ الطِّيبِ فَلَعَلَّ عِلَّةَ الْآمِرِ فِيهِ مَا خَالَطَهُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ تَزَعْفُرِ الرَّجُلِ مُطْلَقًا مُحْرِمًا وَغَيْرَ مُحْرِمٍ وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مَنْ أَصَابَ طِيبًا فِي إِحْرَامِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ فَبَادَرَ إِلَى إِزَالَتِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ
وَعَلَى أَنَّ اللُّبْسَ جَهْلًا لَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ
وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دَمٌ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ يَجِبُ مُطْلَقًا




رقم الحديث 1823 [1823] قَالَ الْحَافِظُ الْمُرَادُ بِالْمُحْرِمِ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أو قرن
وحكى بن دقيق العيد أن بن عَبْدِ السَّلَامِ كَانَ يَسْتَشْكِلُ مَعْرِفَةَ حَقِيقَةِ الْإِحْرَامِ يَعْنِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَيَرُدُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ النِّيَّةُ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الْحَجِّ الَّذِي الْإِحْرَامُ رُكْنُهُ وَشَرْطُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ وَيَعْتَرِضُ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ التَّلْبِيَةُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ رُكْنًا وَكَأَنَّهُ يَحُومُ عَلَى تَعْيِينِ فِعْلٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ النِّيَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ انْتَهَى
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَجْمُوعُ الصِّفَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ تَجَرُّدٍ وتلبية ونحو ذلك
( وَلَا الْبُرْنُسَ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَالنُّونِ هُوَ كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنْهُ مُلْتَزِقٌ بِهِ مِنْ دُرَّاعَةٍ أَوْ جُبَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ كَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْبِرْسِ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْقُطْنِ كَذَا فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَطَّى رَأْسَهُ مِنْ مُعْتَادِ اللِّبَاسِ كَالْعَمَائِمِ وَالْقَلَانِسِ وَنَحْوِهَا وَكَالْبُرْنُسِ أَوِ الْحِمْلِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَالْمِكْتَلِ يَضَعُهُ فَوْقَهُ وَكُلُّ مَا دَخَلَ فِي مَعْنَاهُ فَإِنَّ فِيهِ الْفِدْيَةُ ( وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ) الْوَرْسُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ نَبْتٌ أَصْفَرُ طيب الرائحة يصبغ به
قال بن الْعَرَبِيِّ لَيْسَ الْوَرْسُ مِنَ الطِّيبِ وَلَكِنَّهُ نَبَّهَ بِهِ عَلَى اجْتِنَابِ الطِّيبِ وَمَا يُشْبِهُهُ فِي مُلَاءَمَةِ الشَّمِّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَحْرِيمُ أَنْوَاعِ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِيمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّطَيُّبُ
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَسَّهُ تَحْرِيمُ مَا صبغ كله أو بعضه ولكنه لابد عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلْمَصْبُوغِ رَائِحَةٌ فَإِنْ ذَهَبَتْ جَازَ لُبْسُهُ خِلَافًا لِمَالِكٍ ( إِلَّا لِمَنْ لَا يَجِدِ النَّعْلَيْنِ) فِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَاجِدَ النَّعْلَيْنِ لا يلبس الخفين المقطوعين
وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوِجْدَانِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّحْصِيلِ ( أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ) هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مِفْصَلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى مَنْ لَبِسَهُمَا إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ
وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ تَجِبُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَاجَةِ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْهُ لَا يَجُوزُ
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ شَرْطٌ لجواز لبس الخفين خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ أَجَازَ لُبْسَهُمَا من غير قطع لإطلاق حديث بن عَبَّاسٍ الْآتِي وَأَجَابَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاجِبٌ وَهُوَ مِنَ الْقَائِلِينَ بِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَأَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يُخَالِفُ سُنَّةً تَبْلُغُهُ وَقَلَّتْ سُنَّةٌ لَمْ تَبْلُغْهُ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا وَفِيهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ مَنْهِيٌّ عَنِ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ وَفِي لِبَاسِهِ وَفِي مَعْنَاهُ الطِّيبُ فِي طَعَامِهِ لِأَنَّ بُغْيَةَ النَّاسِ فِي تَطْيِيبِ الطَّعَامِ كَبُغْيَتِهِمْ فِي تَطْيِيبِ اللِّبَاسِ وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ وَوَجَدَ الْخُفَّيْنِ قَطَعَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَالِ لَكِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَكُلُّ إِتْلَافٍ مِنْ بَابِ الْمَصْلَحَةِ فَلَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَلَيْسَ فِي أَمْرِ الشَّرِيعَةِ إِلَّا الِاتِّبَاعُ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ عطاء لا يقطعهما لأن في قطعهما فساد وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَمِمَّنْ قَالَ يَقْطَعُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ



رقم الحديث 1822 [1822]