فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

رقم الحديث 2106 [2106] ( الْعَجْفَاءُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ ( أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ ( لَا تُغَالُوا) بِضَمِّ التَّاءِ وَاللَّامِ ( بِصُدُقِ النِّسَاءِ) جَمْعُ صَدَاقٍ
قَالَ الْقَاضِي الْمُغَالَاةُ التَّكْثِيرُ أَيْ لَا تُكْثِرْ مُهُورَهُنَّ ( فَإِنَّهَا) أَيِ الْقِصَّةَ أَوِ الْمُغَالَاةَ ( لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَاحِدَةُ الْمَكَارِمِ أَيْ مِمَّا تُحْمَدُ ( فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى) أَيْ زِيَادَةُ تَقْوَى ( عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ مَكْرُمَةٌ فِي الْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا) أَيْ بِمُغَالَاةِ الْمُهُورِ ( النَّبِيَّ) بَالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ ( مَا أَصْدَقَ) أَيْ لَمْ يَجْعَلْ صَدَاقَ امْرَأَةٍ ( وَلَا أُصْدِقَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ( أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً) وهي أربع مائة وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا
وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنَ الْحَدِيثِ الْآتِي أَنَّ صَدَاقَ أُمِّ حَبِيبَةَ كَانَ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ عُمَرَ لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا النَّجَاشِيُّ فِي الْحَبَشَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَنَشٍّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَدَدَ الْأَوَاقِي الَّتِي ذَكَرَهَا عُمَرُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ عَدَدَ الْأُوقِيَّةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْكُسُورِ مَعَ أَنَّهُ نَفَى الزِّيَادَةَ فِي عِلْمِهِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ صَدَاقَ أُمِّ حَبِيبَةَ وَلَا الزِّيَادَةَ الَّتِي رَوَتْهُ عَائِشَةُ
فَإِنْ قُلْتَ نَهْيُهُ عَنِ الْمُغَالَاةِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فلا تأخذوا منه شيئا.

قُلْتُ النَّصُّ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ لَا عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِيهَا لَا فِيهِ لَكِنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ لَا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَمَنْ زاد ألقيت الزِّيَادَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مَا ذَلِكَ لَكَ قَالَ وَلِمَ قَالَتْ لِأَنَّ اللَّهَ يقول وآتيتم إحداهن قنطارا فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَا تُغَالُوا فِي مُهُورِ النساء فقالت امرأة ليس ذلك لك ياعمر إن الله يقول وآتيتم إحداهن قنطارا مِنْ ذَهَبٍ
قَالَ وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ بن مَسْعُودٍ فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ خَاصَمَتْ عُمَرَ فَخَصَمَتْهُ
وَأَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعٍ فَقَالَ عُمَرُ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ فَذَكَرَهُ مُتَّصِلًا مُطَوَّلًا
وَأَصْلُ قَوْلِ عُمَرَ لَا تُغَالُوا فِي صَدَقَاتِ النِّسَاءِ عند أصحاب السنن وصححه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ قِصَّةُ الْمَرْأَةِ انتهى
قال المنذري أبو الجعفاء اسْمُهُ هَرِمُ بْنُ نُسَيْبٍ
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَفِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيُّ حَدِيثُهُ لَيْسَ بَالْقَائِمِ



رقم الحديث 2107 [217] ( عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ) بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ( كَانَتْ تَحْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ ( فَمَاتَ) أَيْ زَوْجُهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ ( فَزَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَيُكْسَرُ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَالشِّينِ المعجمة والياء المخففة ويشدد لقب مالك الْحَبَشَةِ وَاسْمُ الَّذِي آمَنَ أَصْحَمَةُ وَقَدْ يُعَدُّ فِي الصَّحَابَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُعَدُّ لِأَنَّهُ لم يدرك الصحبة
قاله القارىء قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ زَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ سَاقَ إِلَيْهَا الْمَهْرَ فَأُضِيفَ عَقْدُ النِّكَاحِ إِلَيْهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ منه وهو المهر
وقد روى أصحاب السيران الَّذِي عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بن العاص وهو بن عَمِّ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبُو سُفْيَانَ إِذْ ذَاكَ مُشْرِكٌ وَقَبِلَ نِكَاحَهَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ وَكَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ انتهى
وقوله وهو بن عم أبي سفيان أي بن بن عَمِّ أَبِي سُفْيَانَ ( وَأَمْهَرَهَا عَنْهُ) أَيْ أَصْدَقَهَا النَّجَاشِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَرْبَعَةَ آلَافِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ( وَبَعَثَ بِهَا) أَيْ أَرْسَلَ أُمَّ حَبِيبَةَ ( مَعَ شُرَحْبِيلَ) بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَلَى مَا فِي الْمُغْنِي وَلَعَلَّ فِيهِ الْعُجْمَةَ مَعَ الْعَلَمِيَّةِ وهو من مهاجرة الحبشة ( بن حَسَنَةَ) بِفَتَحَاتٍ أُمُّ شُرَحْبِيلَ
وَفِي الْمَوَاهِبِ وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أُمُّ حَبِيبَةَ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ وَقِيلَ اسْمُهَا هِنْدٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأُمُّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ فَكَانَتْ تَحْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَهَاجَرَ بِهَا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ تَنَصَّرَ وَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَمَاتَ هُنَاكَ وَثَبَتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ عَلَى الْإِسْلَامِ
وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ نِكَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا وَمَوْضِعِ الْعَقْدِ فَقِيلَ إِنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ سَنَةَ سِتٍّ فَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إِلَى النَّجَاشِيِّ لِيَخْطُبَهَا عَلَيْهِ فَزَوَّجَهَا إياه وأصدقها عنه أربع مائة دينار وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حَسَنَةَ
وَرُوِيَ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا جَارِيَتَهُ أَبْرَهَةَ فَقَالَتْ إِنَّ الْمَلِكَ يَقُولُ لَكِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أُزَوِّجَكِ وَأَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَوَكَّلَتْهُ وَأَعْطَتْ أَبْرَهَةَ سِوَارَيْنِ وَخَاتَمَ فِضَّةٍ سُرُورًا بِمَا بَشَّرَتْهَا بِهِ فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ أَمَرَ النَّجَاشِيُّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ هُنَاكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَحَضَرُوا فَخَطَبَ النَّجَاشِيُّ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلَامِ الْمُؤْمِنِ الْمُهَيْمِنِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بَالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَجَبْتُ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَصْدَقْتُهَا أربع مائة دِينَارٍ ذَهَبًا ثُمَّ صَبَّ الدَّنَانِيرَ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ فَتَكَلَّمَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ فَقَالَ الْحَمْدُ الله أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بَالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَجَبْتُ إِلَى مَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوَّجْتُهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَبَارَكَ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَفَعَ الدَّنَانِيرَ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَبَضَهَا ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَقُومُوا فَقَالَ اجْلِسُوا فَإِنَّ سُنَّةَ الْأَنْبِيَاءِ إِذَا تَزَوَّجُوا أَنْ يُؤْكَلَ طَعَامٌ عَلَى التَّزْوِيجِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلُوا ثُمَّ تَفَرَّقُوا
أَخْرَجَهُ صَاحِبُ الصَّفْوَةِ كَمَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ
وَخَالِدٌ هذا هو بن بن عَمِّ أَبِيهَا وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ أَبُوهَا حَالَ نِكَاحِهَا مُشْرِكًا مُحَارِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا كَانَ بَالْمَدِينَةِ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ الْكَلَامِ فِي بَابِ الْوَلِيِّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَيْ أُمُّ شُرَحْبِيلَ هِيَ حَسَنَةُ وَأَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُطَاعِ