فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ

رقم الحديث 3326 [3326]


الْبَيْعُ لُغَةً مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَكَذَا فِي الشَّرْعِ لَكِنْ زِيدَ فِيهِ قَيَّدُ التَّرَاضِي وَإِنَّمَا جَمَعَهُ دَلَالَةً عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ
وَالْحِكْمَةُ فِي شَرْعِيَّةِ الْبَيْعِ أَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ تَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ غَالِبًا وَصَاحِبُهُ قَدْ لَا يَبْذُلُهُ فَفِي شَرْعِيَّةِ الْبَيْعِ وَسِيلَةٌ إلى بلوغ الغرض من غير حرج

()
إلخ (عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ) بِمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ وَزَايٍ مَفْتُوحَتَيْنِ غِفَارِيٌّ صَحَابِيٌّ نَزَلَ الْكُوفَةَ (نُسَمَّى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (السَّمَاسِرَةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ جَمْعُ سِمْسَارٍ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ السِّمْسَارُ الْقَيِّمُ بِالْأَمْرِ الْحَافِظُ لَهُ وَهُوَ اسْمُ الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُتَوَسِّطًا لِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَالسَّمْسَرَةُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ انْتَهَى
(فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ) أَيْ مِنِ اسْمِنَا الْأَوَّلِ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ السِّمْسَارُ أَعْجَمِيٌّ وَكَانَ كَثِيرٌ مِمَّنْ يُعَالِجُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِيهِمْ عَجَمًا فَتَلَقَّوْا هَذَا الِاسْمَ عَنْهُمْ فَغَيَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى التِّجَارَةِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ انْتَهَى
(إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ) أَيْ غَالِبًا وَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُورَدُ لَا عَنْ رَوِيَّةٍ وَفِكْرٍ فَيَجْرِي مَجْرَى اللَّغْوِ وهو صوت العصافير
ذكره الطيبي
قال القارىء وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا لَا يَعْنِيهِ وَمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ انْتَهَى
(وَالْحَلِفُ) أَيْ إِكْثَارُهُ أَوِ الْكَاذِبُ مِنْهُ (فَشُوبُوهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيِ اخْلِطُوا مَا ذُكِرَ مِنَ اللَّغْوِ وَالْحَلِفِ قَالَهُ القارىء
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ إِلَى الْبَيْعِ (بِالصَّدَقَةِ) فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِمَّنْ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ لَوْ كَانَ يَجِبُ فِيهَا صَدَقَةً كَمَا يَجِبُ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ لَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ
وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوهُ دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ غَيْرِ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ فِي تَضَاعِيفِ الْأَيَّامِ مِنَ الْأَوْقَاتِ لِيَكُونَ كَفَّارَةً عَنِ اللَّغْوِ وَالْحَلِفِ فَأَمَّا الصَّدَقَةُ الَّتِي هِيَ رُبُعُ الْعُشْرِ الْوَاجِبُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَقَدْ وَقَعَ الْبَيَانُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَقَدْ رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا الصَّدَقَةَ عَنِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَعُدُّونَهَا لِلْبَيْعِ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ ثُمَّ هُوَ عَمَلُ الْأُمَّةِ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

     وَقَالَ  وَلَا نَعْرِفُ لِقَيْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ هَذَا
وَأَخْرَجَ لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ البغوي هذا الحديث وقال لا أعلم بن أَبِي غَرْزَةَ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ إلا من بر وصدق فمنهم من يجعلهما حَدِيثَيْنِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

(