فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي دِيَةِ الْمُكَاتَبِ

رقم الحديث 4030 [4030] ( قَالَ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ) أَيْ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ وَالْمُرَادُ بِهِ ثَوْبٌ يُوجِبُ ذِلَّتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا لَبِسَ فِي الدُّنْيَا ثَوْبًا يَتَعَزَّزُ بِهِ عَلَى النَّاسِ ويترفع به عليهم
والحديث أخرجه بن مَاجَهْ بِتَمَامِهِ وَلَفْظُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ ثَوْبِ الشُّهْرَةِ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِنَفِيسِ الثِّيَابِ بَلْ قَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ لِمَنْ يَلْبَسُ ثَوْبًا يُخَالِفُ مَلْبُوسَ النَّاسِ مِنَ الْفُقَرَاءِ لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَتَعَجَّبُوا مِنْ لِبَاسِهِ وَيَعْتَقِدُوهُ قَالَهُ بن رسلان
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 4031 [431] ( عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ الدِّمَشْقِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْعَلْقَمِيُّ أي تزي فِي ظَاهِرِهِ بِزِيِّهِمْ وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيِهِمْ فِي ملبسهم وبعض أفعالهم انتهى
وقال القارىء أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْكُفَّارِ مَثَلًا مِنَ اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوِ الْفُجَّارِ أَوْ بِأَهْلِ التَّصَوُّفِ وَالصُّلَحَاءِ الْأَبْرَارِ ( فَهُوَ مِنْهُمْ) أَيْ في الإثم والخير قاله القارىء
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ أَيْ مَنْ تَشَبَّهَ بِالصَّالِحِينَ يُكْرَمْ كَمَا يُكْرَمُونَ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِالْفُسَّاقِ لَمْ يُكْرَمْ وَمَنْ وُضِعَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الشُّرَفَاءِ أُكْرِمَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرَفُهُ انْتَهَىQقال الشيخ بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَأَخْرَجَهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي الْمُسْنَد أَتَمَّ مِنْهُ
وَلَفْظه بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْن يَدَيْ السَّاعَة حَتَّى يُعْبَد اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْت ظِلّ رُمْحِي
وَجُعِلَ الذِّلَّة وَالصِّغَار عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي
وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ قال شيخ الاسلام بن تَيْمِيَةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَقَدِ احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ بِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَدْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى التَّشَبُّهِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْكُفْرَ وَيَقْتَضِي تَحْرِيمَ أَبْعَاضِ ذَلِكَ وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يُشَابِهُهُمْ فِيهِ فَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ مَعْصِيَةً أَوْ شِعَارًا لَهَا كان حكمه كذلك
وقد روي عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ.

     وَقَالَ  مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى
وَبِهَذَا احْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ أَشْيَاءَ مِنْ زِيِّ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا انْتَهَى كَلَامُهُ مُخْتَصَرًا
وَقَدْ أَشْبَعَ الكلام في ذلك الإمام بن تَيْمِيَةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ شَيْخُنَا الْقَاضِي بَشِيرُ الدِّينِ الْقَنُّوجِيُّ فِي مُؤَلَّفَاتِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْمُنَاوِيُّ فِي الْفَتْحِ حَدِيثُ بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي اللِّبَاسِ
قَالَ السَّخَاوِيُّ فِيهِ ضَعْفٌ لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ.

     وَقَالَ  بن تيمية سنده جيد وقال بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ سَنَدُهُ حَسَنٌ
وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ سَنَدُهُ ضَعِيفٌ
وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَضَعَّفَهُ جَمْعٌ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ انْتَهَى
وَبِهِ عُرِفَ أَنَّ سَنَدَ الطَّبَرَانِيِّ أَمْثَلُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ انْتَهَى كَلَامُ المناوي
وقال بن تَيْمِيَّةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ بَعْدَ مَا سَاقَ رِوَايَةَ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ فإن بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبَا النَّضْرِ وَحَسَّانَ بْنَ عَطِيَّةَ ثِقَاتٌ مَشَاهِيرٌ أَجِلَّاءُ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَهُمْ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ أَنْ يُقَالُ هُمْ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ.
وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ بَأْسٌ
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ هُوَ ثِقَةٌ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ هُوَ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ
وَأَمَّا أَبُو مُنِيبٍ الْجُرَشِيُّ فَقَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ هُوَ ثِقَةٌ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا ذَكَرَهُ بِسُوءٍ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ انْتَهَى كَلَامُهُ