فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي قِتَالِ اللُّصُوصِ

رقم الحديث 4204 [4204] ( أُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( بِأَبِي قُحَافَةَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ ( كَالثَّغَامَةِ) بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مُخَفَّفَةٍ هُوَ نَبْتٌ أَبْيَضُ الزَّهْرِ وَالثَّمَرِ يُشَبَّهُ بِهِ الشَّيْبُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( بَيَاضًا) تَمْيِيزٌ عَنِ النِّسْبَةِ الَّتِي هِيَ التَّشْبِيهُ ( غَيِّرُوا هَذَا) أَيِ الْبَيَاضَ ( بِشَيْءٍ) أَيْ مِنَ الْخِضَابِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِضَابَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِاللِّحْيَةِ وَعَلَى كَرَاهَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِهِ
قال المنذري وآخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 4205 [425] ( إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( به) الباء للسببية ( هذا الشيب) نائبالفاعل ( الْحِنَّاءُ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ إِنَّ ( وَالْكَتَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ نَبَاتٌ باليمين يُخْرِجُ الصِّبْغَ أَسْوَدَ يَمِيلُ إِلَى الْحُمْرَةِ وَصِبْغُ الْحِنَّاءِ أَحْمَرُ وَالصَّبْغُ بِهِمَا مَعًا يَخْرُجُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحِنَّاءَ وَالْكَتَمَ مِنْ أَحْسَنِ الصِّبَاغَاتِ الَّتِي يُغَيَّرُ بِهَا الشَّيْبُ وَإِنَّ الصِّبْغَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمَا لِدَلَالَةِ صيغة التفضيل عَلَى مُشَارَكَةِ غَيْرِهِمَا مِنَ الصِّبَاغَاتِ لَهُمَا فِي أَصْلِ الْحُسْنِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّعَاقُبِ وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعَ
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حديث أنس قال واختضب أبو بكر بالحناء والكتم اختضب عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ بَحْتًا أَيْ مُنْفَرِدًا وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا دَائِمًا
قال الإمام بن الْأَثِيرِ الْكَتَمُ هُوَ نَبْتٌ يُخْلَطُ مَعَ الْوَسِمَةِ وَيُصْبَغُ بِهِ الشَّعْرُ أَسْوَدُ وَقِيلَ هُوَ الْوَسِمَةُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ اسْتِعْمَالُ الكتمQوَفِي ثُبُوته عَنْهُمْ نَظَر وَلَوْ ثَبَتَ فَلَا قَوْل لِأَحَدٍ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّته أَحَقّ بِالِاتِّبَاعِ وَلَوْ خَالَفَهَا مَنْ خَالَفَهَا
وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ لِلْمَرْأَةِ تَتَزَيَّن بِهِ لِبَعْلِهَا دُون الرَّجُل
وَهَذَا قَوْل إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ النَّهْي إِنَّمَا فِي حَقّ الرِّجَال وَقَدْ جَوَّزَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ خِضَاب الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مَا لَمْ يُجَوَّز لِلرَّجُلِ والله أعلم مُفْرَدًا عَنِ الْحِنَّاءِ فَإِنَّ الْحِنَّاءَ إِذَا خُضِبَ بِهِ مَعَ الْكَتَمِ جَاءَ أَسْوَدَ وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنِ السَّوَادِ وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ بِالْحِنَّاءِ أَوِ الْكَتَمِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَكِنِ الرِّوَايَاتُ عَلَى اخْتِلَافِهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْكَتَّمُ مُشَدَّدَةُ التَّاءِ وَالْمَشْهُورُ التَّخْفِيفُ وَالْوَسِمَةُ بِكَسْرِ السِّينِ نَبْتٌ وَقِيلَ شَجَرٌ بِالْيَمَنِ يُخْضَبُ بِوَرَقِهِ الشَّعْرُ أَسْوَدَ انْتَهَى
وَقَالَ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ اسْتِعْمَالُ الْكَتَمِ مُفْرَدًا عَنِ الْحِنَّاءِ وَبِهِ قَطَعَ الْخَطَّابِيُّ لِأَنَّهُمَا إِذَا خُلِطَا أَوْ خُضِّبَ بِالْحِنَّاءِ ثُمَّ بِالْكَتَمِ جَاءَ أَسْوَدَ وَقَدْ نهى عن الأسود
وقال بعض العلماء بالمراد بِالْحَدِيثِ تَفْضِيلُ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ عَلَى غَيْرِهِمَا فِي تَغْيِيرِ الشَّيْبِ لَا بَيَانُ كَيْفِيَّةِ التَّغْيِيرِ فَلَا بَأْسَ بِالْوَاوِ وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ مِنْ أَفْضَلِ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ لَا بَيَانَ كَيْفِيَّةِ التَّغْيِيرِ انْتَهَى كَلَامُ الْأَرْدَبِيلِيِّ.

     وَقَالَ  الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْكَتَمُ بِالتَّحْرِيكِ نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْوَسِمَةِ وَيُخْضَبُ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ وَوَرَقُهُ كَوَرَقِ الزَّيْتُونِ وَثَمَرُهُ قَدْرُ الْفُلْفُلِ وَلَيْسَ هُوَ وَرَقُ النِّيلِ كَمَا وُهِمَ وَلَا يُشْكِلُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْخِضابِ بِالسَّوَادِ لِأَنَّ الْكَتَمَ إِنَّمَا يُسَوِّدُ مُنْفَرِدًا فَإِذَا ضُمَّ لِلْحِنَّاءِ صَيَّرَ الشَّعْرَ بَيْنَ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْأَسْوَدُ الْبَحْتُ
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ الْكَتَمُ بِفَتْحَتَيْنِ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ شَدَّدَهَا نَبْتٌ فِيهِ حُمْرَةٌ يُخْلَطُ بِالْوَسِمَةِ وَيُخْضَبُ بِهِ
وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ الْكَتَمُ مِنْ نَبَاتِ الْجِبَالِ وَرَقُهُ كَوَرَقِ الْآسِ يُخْضَبُ بِهِ مَدْقُوقًا وَلَهُ ثَمَرٌ كَقَدْرِ الْفُلْفُلِ وَيَسْوَدُّ إِذَا نَضِجَ وَيُعْتَصَرُ مِنْهُ دُهْنٌ يُسْتَصْبَحُ بِهِ فِي الْبَوَادِي ثُمَّ قَالَ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لَا بِالْكَتَمِ الصِّرْفِ الْمُوجِبِ لِلسَّوَادِ الصِّرْفِ لِأَنَّهُ مَذْمُومٌ انْتَهَى
وَفِي الْقَامُوسِ نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْحِنَّاءِ وَيُخْضَبُ بِهِ الشَّعْرُ فَيَبْقَى لَوْنُهُ وَأَصْلُهُ إِذَا طُبِخَ بِالْمَاءِ كَانَ مِنْهُ مِدَادٌ لِلْكِتَابَةِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ الْكَتَمُ الصِّرْفُ يُوجِبُ سَوَادًا مَائِلًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْحِنَّاءُ يُوجِبُ الْحُمْرَةَ فَاسْتِعْمَالُهُمَا يُوجِبُ مَا بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ انْتَهَى
وسيجىء في الباب الآتي من حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَهُوَ يُنْتَقَضُ بِهِ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ وقول بن الْأَثِيرِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح