فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْآبَاءِ

رقم الحديث 2878 [2878] ( أَخْبَرَنَا يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُسَدَّدًا يَرْوِي عَنْ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ
كَذَا فِي الْفَتْحِ ( أَصَابَ) أَيْ صَادَفَ فِي نَصِيبِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ ( قَطُّ) أَيْ قَبْلَ هَذَا أَبَدًا ( أَنْفَسَ) أَيْ أَعَزَّ وَأَجْوَدَ ( عِنْدِي مِنْهُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ أَرْضًا وَلَعَلَّ تَذْكِيرُهُ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهَا بِالْمَالِ ( فَكَيْفَ تَأْمُرنِي بِهِ) أَيْ أَنْ أَفْعَلَ بِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْبِرِّ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ( حَبَّسْتَ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُخَفَّفُ أَيْ وَقَفْتَ ( وَتَصَدَّقْتَ بِهَا) أَيْ بِغَلَّتِهَا وَحَاصِلُهَا مِنْ حُبُوبِهَا وَثِمَارِهَا ( أَنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ ( لِلْفُقَرَاءِ) أَيِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِمْ ( وَالْقُرْبَى) أَيِ الْأَقَارِبُ وَالْمُرَادُ قُرْبَى الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ الْأَحَقُّ بِصَدَقَةِ قَرِيبِهِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدِ أَنْ يُرَادَ قُرْبَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الْغَنِيمَةِ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ ( وَالرِّقَابِ) أَيْ فِي عِتْقِهَا بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّتِهَا رِقَابًا فَيُعْتَقُونَ أَوْ فِي أَدَاءِ دُيُونِ الْمُكَاتَبِينَ ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ فِي الْجِهَادِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْغَزَاةِ وَمِنْ شِرَاءِ آلَاتِ الْحَرْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ( وبن السَّبِيلِ) أَيِ الْمُسَافِرِ ( وَزَادَ) أَيْ مُسَدَّدٌ ( وَالضَّيْفِ) وَهُوَ مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ يُرِيدُ الْقِرَى ( ثُمَّ اتَّفَقُوا) أَيْ يَزِيدٌ وَبِشْرٌ وَيَحْيَى كُلُّهُمْ عَنِ بن عَوْفٍ ( لَا جُنَاحَ) أَيْ لَا إِثْمَ ( بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ وَلَا يَنْسُبُونَ فَاعِلَهُ إِلَى إِفْرَاطٍ فِيهِ وَلَا تَفْرِيطٍ ( وَيُطْعِمَ) مِنَ الْإِطْعَامِ ( صَدِيقًا) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُخَفَّفَةِ ( غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ) أَيْ غَيْرَ مُتَّخِذٍ مِنْهَا مَالًا أَيْ مِلْكًا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ شَيْئًا مِنْ رِقَابِهَا
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
وقال القارىء أَيْ غَيْرَ مُدَّخِرٍ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ وَلِيِّهَا ( غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا) أَيْ غَيْرَ مُجْمِعٍ لِنَفْسِهِ مِنْهُ رَأْسَ مَالٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِشَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ
وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُنْتَفَعُ فِيهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَفِيهِ صِحَّةُ شُرُوطِ الْوَاقِفِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي النسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 2879 [2879] (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ (عَنْ) حَالِ (صَدَقَةِ) الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا وَوَقَفَهَا (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ) يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ (نَسَخَهَا) أَيْ نُسْخَةُ صَدَقَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالنَّسْخُ بِالْفَارِسِيَّةِ كِتَابٌ نوشتن وَنَسَخْتُ الْكِتَابَ وَانْتَسَخْتُهُ وَاسْتَنْسَخْتُهُ كُلُّهُ بِمَعْنًى
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كِتَابَيْنِ لِوَقْفِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَدُهُمَا هُوَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى قَوْلِهِ وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ وَثَانِيهُمَا هُوَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى قَوْلِهِ أَوِ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْهُ
وَفِي الْكِتَابِ الثَّانِي بَعْضُ زِيَادَاتٍ لَيْسَتْ فِي الْأَوَّلِ وَذَكَرَ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
فَنَسَخَ عَبْدُ الْحَمِيدِ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كِلَا الْكِتَابَيْنِ
(هَذَا مَا كَتَبَ) هُوَ الْأَوَّلُ مِنَ الْكِتَابَيْنِ (عُمَرُ) بَدَلٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ (فِي ثَمْغٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ فَتْحَ الْمِيمِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيِّ هِيَ أَرْضٌ تِلْقَاءَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ لِعُمَرَ رَضِيَ الله عنه ذكره الحافظ بن الحجر وَالْقَسْطَلَّانِيِّ
وَفِي مَرَاصِدِ الِاطِّلَاعِ ثَمْغٌ بِالْفَتْحِ ثُمَّ السُّكُونِ وَالْغَيْنِ مُعْجَمَةٌ مَوْضِعُ مَالٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَفَهُ
وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ بِالتَّحْرِيكِ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ ثَمْغًا وَصِرْمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ مَالَانِ مَعْرُوفَانِ بِالْمَدِينَةِ كَانَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَقَفَهُمَا انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ قَالَ أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرٍ أَرْضًا
وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ وَكَانَ نَخْلًا
وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا مِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهَا ثَمْغٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(فَقَصَّ) يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (مِنْ خَبَرِهِ) أَيْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا) مَكَانَ قَوْلِهِ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ وَزَادَ الْجُمْلَةَ التَّالِيَةَ (فَمَا عَفَا عَنْهُ) أَيْ فَمَا فَضَلَ عَنْ أَكْلِ الْمُتَوَلِّي وَإِطْعَامِ الصَّدِيقِ لَهُ
قَالَ أَصْحَابُ اللُّغَةِ الْعَفْوُ الْفَضْلُ وَمِنَ الْمَاءِ مَا فَضَلَ عَنِ الشَّارِبَةِ وَأُخِذَ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ وَلَا مُزَاحَمَةٍ وَمِنَ الْمَالِ مَا يَفْضُلُ عَنِ النَّفَقَةِ وَلَا عُسْرَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي إِعْطَائِهِ (فَهُوَ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) أَيْ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَفِي سَبِيلِ الله وبن السبيل (رقيقا) أي عبدا لعلمه أَيْ لِعَمَلِ ثَمْغٍ (وَكَتَبَ) أَيِ الْكِتَابُ (مُعَيْقِيبٌ) صَحَابِيٌّ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ وَلِيَ بَيْتَ الْمَالِ لِعُمَرَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِعُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ (وَشَهِدَ) عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ) صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ وَلَّاهُ عُمَرُ بَيْتَ الْمَالِ (هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ) هَذَا هُوَ الْكِتَابُ الثَّانِي مِنْ كِتَابَيْ صَدَقَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (إِنْ حَدَثَ بِهِ) بِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (حَدَثٌ) أَيْ مَوْتٌ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ شَرْطِيَّةٌ وَقَولُهُ أَنَّ ثَمْغًا مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ اسْمُ أَنَّ وَقَولُهُ تَلِيهِ خَبَرُهَا وَهِيَ مَعَ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا جَزَاءُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ تَرْكُ الْفَاءِ مِنَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ إِذَا كَانَتْ مُصْدَّرَةً بِأَنَّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وإن أطعتموهم إنكم لمشركون وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا لِقَوْلِهِ هَذَا (وَصِرْمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قِيلَ هُمَا مَالَانِ مَعْرُوفَانِ بِالْمَدِينَةِ كَانَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَقَفَهُمَا وَقِيلَ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بِالصِّرْمَةِ الْقِطْعَةُ الْخَفِيفَةُ مِنَ النَّخْلِ وَمِنَ الْإِبِلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الصِّرْمَةُ هُنَا الْقِطْعَةُ الْخَفِيفَةُ مِنَ النَّخْلِ وَقِيلَ مِنَ الْإِبِلِ انْتَهَى (وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ) أي لعمل ثمغ (والمائة سهم الذي بِخَيْبَرَ) وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَصَبْتُ مَالًا لَمْ أُصِبْ مَالًا مِثْلَهُ قَطُّ كَانَ لِي مِائَةُ رَأْسٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ثَمْغٌ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي خَيْبَرَ وَأَنَّ مِقْدَارَهَا كَانَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَهْمٍ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي قَسَّمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ وَهَذِهِ الْمِائَةُ سَهْمٍ غَيْرُ الْمِائَةِ سَهْمٍ الَّتِي كَانَتْ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِخَيْبَرَ الَّتِي حَصَلَهَا مِنْ جُزْئِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهِ (وَالْمِائَةَ الَّتِي أَطْعَمَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَادِي) وَعِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْمِائَةَ وَسْقٍ الَّتِي أَطْعَمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا مَعَ ثَمْغٍ عَلَى سُنَنِهِ الَّذِي أُمِرْتُ بِهِ انْتَهَى
وَالْمُرَادُ بِالْوَادِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ وَادِي القرى قَالَ فِي الْمَرَاصِدِ هُوَ وَادٍ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَدِينَةِ كَثِيرِ الْقُرَى (تَلِيهِ) مِنَ الْوِلَايَةِ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ يَرْجِعُ إِلَى ثَمْغٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ (مَا عَاشَتْ) أَيْ مُدَّةُ حَيَاتِهَا (ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا) وَعِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ عن يزيد بن هارون عن بن عَوْنٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَوْصَى بِهَا عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ إِلَى الأكابر من ال عمرو نَحْوَهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ
وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ يَلِيهِ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْ آلِ عُمَرَ فَكَأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا شَرَطَ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ عَيَّنَ عِنْدَ وَصِيَّتِهِ لِحَفْصَةَ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْمَدَنِيِّ قَالَ هَذِهِ نُسْخَةُ صَدَقَةِ عُمَرَ أَخَذْتُهَا مِنْ كِتَابِهِ الَّذِي عِنْدَ آلِ عُمَرَ فَنَسَخْتُهَا حَرْفًا حَرْفًا هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثَمْغٍ أَنَّهُ إِلَى حَفْصَةَ مَا عَاشَتْ تُنْفِقُ ثَمَرُهُ حَيْثُ أَرَاهَا اللَّهُ فَإِنْ تُوُفِّيَتْ فَإِلَى ذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَتَبَ كِتَابٌ وَقْفَهُ فِي خِلَافَتِهِ لِأَنَّ مُعَيْقِيبًا كَانَ كَاتِبُهُ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ وَقَدْ وَصَفَهُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَفَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّفْظِ وَتَوَلَّى هُوَ النَّظَرَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَصِيَّةُ فَكَتَبَ حِينَئِذٍ الْكِتَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ وَقْفِيَّتَهُ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا اسْتِشَارَتُهُ فِي كَيْفِيَّتِهِ (أَنْ لَا يُبَاعَ) بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الْبَاءِ أَيْ بِأَنْ لَا يُبَاعَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَلِيهِ وَتَقْدِيرُ حَرْفِ الْجَرِّ مَعَ أَنِ الْمَفْتُوحَةَ شَائِعٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ التَّحْذِيرِ مِنْ كُتُبِ النَّحْوِ (إِنْ أَكَلَ) هُوَ أَيْ وَلِيُّ الصَّدَقَةِ (أَوْ آكَلَ) بِالْمَدِّ أَيْ غَيْرُهُ مِنْ صَدِيقِهِ وَضَيْفِهِ (رَقِيقًا) عَبْدًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَحْصُولِ ثَمْغٍ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ لِعَمَلِهِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

(

رقم الحديث 2880 [288]
( عَنْ سليمان يعني بن بِلَالٍ عَنِ الْعَلَاءِ) هَذَا الْإِسْنَادُ هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَكَذَا فِي الْأَطْرَافِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةُ رَاوِيَيْنِ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَالْعَلَاءِ وَهُوَ غَلَطٌ ( انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ) أَيْ فَائِدَةُ عَمَلِهِ وَتَجْدِيدُ ثَوَابِهِ ( إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ) فَإِنَّ ثَوَابَهَا لَا يَنْقَطِعُ بَلْ هُوَ دَائِمٌ مُتَّصِلٌ النفع ( من صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ) كَالْأَوْقَافِ
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ قَالَ الطِّيبِيُّ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ أَيْ يَنْقَطِعُ ثَوَابُ عَمَلِهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَنْقَطِعُ ثَوَابُهُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ
قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ ( أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ) كَتَعْلِيمٍ وَتَصْنِيفٍ
قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَالتَّصْنِيفُ أَقْوَى لِطُولِ بَقَائِهِ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ ( أَوْ ولد صالح يدعو له) قال بن الْمَلَكِ قَيَّدَ بِالصَّالِحِ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَحْصُلُ من غيره انتهى
وقال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ الْمُرَادُ مِنَ الصَّالِحِ الْمُؤْمِنُ
قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَفَائِدَةُ تَقْيِيدِهِ بِالْوَلَدِ مَعَ أَنَّ دُعَاءَ غَيْرِهِ يَنْفَعُهُ تَحْرِيضُ الْوَلَدِ عَلَى الدُّعَاءِ
وَوَرَدَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتَتَبَّعَهَا السُّيُوطِيُّ فَبَلَغَتْ أَحَدَ عَشَرَ وَنَظَمَهَا فِي قَوْلِهِ إذا مات بن آدَمَ لَيْسَ يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ فِعَالٍ غَيْرِ عَشْرِ عُلُومٍ بَثَّهَا وَدُعَاءِ نَجْلٍ وَغَرْسِ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتِ تَجْرِي وِرَاثَةِ مُصْحَفِ وَرِبَاطِ ثَغْرِ وَحَفْرِ الْبِئْرِ أَوْ إِجْرَاءِ نَهَرِ وَبَيْتٍ لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي إِلَيْهِ أَوْ بَنَاهُ مَحَلِّ ذِكْرِ وَتَعْلِيمٍ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثٍ بِحَصْرٍ وَسَبَقَهُ إلى ذلك بن الْعِمَادِ فَعَدَّهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسَرَدَ أَحَادِيثَهَا وَالْكُلُّ رَاجِعٌ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ بَيَانِ أَنَّ الْإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ وَيَنْتَفِعُ بِهَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَلْحَقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَوَابٌ فَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ وَخَطَأٌ بَيِّنٌ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ فَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَلَا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ انْتَهَى
وَأَيْضًا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَفِي الْحَدِيثُ أَنَّ الدُّعَاءَ يَصِلُ ثَوَابُهُ إِلَى الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَهُمَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَمَا دَخَلَ فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ عَمَلِ الْأَبَدَانِ لَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ فَالْحَجُّ يَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْحَاجِّ دُونَ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَلْحَقُهُ الدُّعَاءُ وَيَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ فِي الْمَالِ الَّذِي أَعْطَى إِنْ كَانَ حَجَّ عَنْهُ بمال انتهى
وقال الحافظ بن الْقَيِّمِ اخْتُلِفَ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وُصُولُهَا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِلُ انْتَهَى مُخْتَصَرًا كَذَا فِي ضَالَّةِ النَّاشِدِ الْكَئِيبِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
قَالَ بَعْضُهُمْ عَمَلُ الْمَيِّتِ مُنْقَطِعٌ لِمَوْتِهِ لَكِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَمَّا كَانَ هُوَ سَبَبُهَا مِنَ اكْتِسَابِهِ الْوَلَدَ وَبَثِّهِ الْعِلْمَ عِنْدَ مَنْ حَمَلَهُ عَنْهُ أَوْ إِبْدَاعِهِ تَأْلِيفًا بَقِيَ بَعْدَهُ وَوَقْفِهُ هَذِهِ الصَّدَقَةَ بَقِيَتْ لَهُ أُجُورُهَا مَا بَقِيَتْ وَوُجِدَتْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَقْفِ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ الْبَاقِيَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْوَقْفِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ




رقم الحديث 2881 [2881] يُتَصَدَّقُ عَنْهُ ( افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا) بِالْفَاءِ السَّاكِنَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ وَاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَاتَتْ فَجْأَةً وَأُخِذَتْ نَفْسَهَا فَلْتَةً
وَيُرْوَى بِنَصْبِ النَّفْسِ بِمَعْنَى افْتَلَتَهَا اللَّهُ نَفْسَهَا يُعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ كَمَا اخْتَلَسَهُ الشَّيْءُ وَاسْتَلَبَهُ إِيَّاهُ فَبُنِيَ الْفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ فَصَارَ الْأَوَّلُ مُضْمَرًا لِلْأُمِّ وَبَقِيَ الثَّانِي مَنْصُوبًا وَبِرَفْعِهَا مُتَعَدِّيًا إِلَى وَاحِدٍ نَابَ عَنِ الْفَاعِلِ أَيْ أُخِذَتْ نَفْسُهَا فَلْتَةً كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْحَدِيثِ إِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْفَعُ الْمَيِّتَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ