فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - أَبْوَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ

رقم الحديث 1902 [1902] ( اعْتَمَرَ) أَيْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ عَامَ الْقَضِيَّةِ ( أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ) الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ أَيْ فِي تِلْكَ الْعُمْرَةِ ( قَالَ لَا) قَالَ النَّوَوِيُّ سَبَبُ تَرْكِ دُخُولِهِ مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالصُّوَرِ وَلَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُونَ يَتْرُكُونَهُ لِيُغَيِّرَهَا فَلَمَّا كَانَ فِي الْفَتْحِ أمر بإزالة الصورة ثم دخلها يعني كما في حديث بن عَبَّاسٍ الَّذِي عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أن يكون دخول البيت لَمْ يَقَعْ فِي الشَّرْطِ فَلَوْ أَرَادَ دُخُولَهُ لَمَنَعُوهُ كَمَا مُنِعَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ فَلَمْ يَقْصِدْ دُخُولَهُ لِئَلَّا يَمْنَعُوهُ
قَالَهُ الْحَافِظُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا
قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بن أَبِي أَوْفَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ قَالَ لَا
فَقَدْ بين بن أَبِي أَوْفَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عُمْرَتِهِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْبَيْتَ فِي حَجَّتِهِ



رقم الحديث 1907 [197] ( قَدْ نَحَرْتُ ها هنا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ) يَعْنِي كُلُّ بُقْعَةٍ مِنْهَا يَصِحُّ النَّحْرُ فِيهَا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنِ الْأَفْضَلُ النَّحْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي نَحَرَ فِيهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَمَنْحَرُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ هُوَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى الَّتِي تَلِي مسجد منى كذا قال بن التين
وحد منى من وادي محس إلى العقبة ( قد وقفت ها هنا) يَعْنِي عِنْدَ الصَّخَرَاتِ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِيهَا
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ فِي أَيِّ جُزْءٍ كَانَ مِنْ عَرَفَاتٍ صَحَّ وُقُوفُهُ وَلَهَا أَرْبَعُ حُدُودٍ حَدٌّ إِلَى جَادَّةِ طَرِيقِ الْمَشْرِقِ وَالثَّانِي إِلَى حَافَّاتِ الْجَبَلِ الَّذِي وَرَاءَ أَرْضِهَا وَالثَّالِثُ إِلَى الْبَسَاتِينِ الَّتِي تَلِي قَرْنَيْهَا عَلَى يَسَارِ مُسْتَقْبِلِ الْكَعْبَةِ وَالرَّابِعُ وَادِي عُرَنَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَلَيْسَتْ هِيَ وَلَا نَمِرَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ وَلَا مِنَ الْحَرَمِ ( وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا كُلَّهَا مَوْقِفٌ كَمَا أَنَّ عَرَفَاتٍ كُلَّهَا مَوْقِفٌ قَالَهُ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ
مَوْقِفٌ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ



رقم الحديث 1909 [199] ( وَاتَّخِذُوا) بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى الْأَمْرِ وَهِيَ إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْأُخْرَى بِالْفَتْحِ عَلَى الْخَبَرِ وَالْأَمْرُ دَالٌّ عَلَى الْوُجُوبِ
قَالَ فِي الْفَتْحِ لَكِنِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ إِلَى جَمِيعِ جِهَاتِ الْكَعْبَةِ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي فِيهِ أَثَرُ قَدَمَيْهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ الْآنَ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْمُرَادُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَمُ كُلُّهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ( فقرأ) النبي ( فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ) أَيْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْقِرَاءَةِ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِلَى أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ وَاسْتَدَلُّوا بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ بِاتِّخَاذِ الْمُصَلَّى لَا بِالصَّلَاةِ
وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ قَوْلَهُ ( مُصَلًّى) أَيْ قِبْلَةً انْتَهَى
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ تَحْتَ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ لَكِنْ يَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَرَأَ فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ هُوَ قَوْلٌ مُدْرَجٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ جَابِرٌ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا إِلَى آخِرِ قِصَّةِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هُوَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مُنْقَطِعًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ جَابِرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ




رقم الحديث 1917 [1917] (عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ أَبِي عَمْرٍو) كُنْيَةِ عَبْدِ الْمَجِيدِ (خَالِدُ بْنُ الْعَدَّاءِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (بْنِ هَوْذَةَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ (يَخْطُبُ النَّاسَ أَيْ يَعِظُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْمَنَاسِكَ (يَوْمَ عَرَفَةَ) بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ (عَلَى بَعِيرٍ قَائِمٍ فِي الرِّكَابَيْنِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَائِمًا حَالَانِ مُتَرَادِفَانِ أَوْ مُتَدَاخِلَانِ
وَقَولُهُ قَائِمًا أَوْ وَاقِفًا لَا أَنَّهُ قَائِمٌ عَلَى الدَّابَّةِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ حَالَ كَوْنِ الرِّجْلَيْنِ دَاخِلَيْنِ فِي الرِّكَابَيْنِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ




رقم الحديث 1921 [1921] ( أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ) أَيْ زُهَيْرٌ وَسُفْيَانُ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ( عَشِيَّةَ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ كَيْفَ صَنَعْتُمْ حِينَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ( رَدِفْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ رَكِبْتَ وَرَاءَهُ
وَفِيهِ الرُّكُوبُ حَالَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ وَالِارْتِدَافُ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَحَلُّهُ إِذَا كَانَتْ مُطِيقَةً ( جِئْنَا الشِّعْبَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ انْصَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ لِحَاجَتِهِ انْتَهَى
وَالشِّعْبُ بِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ ( لِلْمُعَرَّسِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ هُوَ مَوْضِعُ التَّعْرِيسِ وَبِهِ سُمِّيَ مُعَرَّسُ ذِي الْحُلَيْفَةِ عَرَّسَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى فِيهِ الصُّبْحَ وَالتَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ نَزْلَةً لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرٍ جِئْنَا الشِّعْبَ الَّذِي يُنِيخُ النَّاسُ فِيهِ لِلْمَغْرِبِ انْتَهَى
أَيْ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ ( وَمَا قَالَ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَقُلْ أُسَامَةُ ( أَهَرَاقَ الْمَاءَ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَفِيهِ أَدَاءُ الرِّوَايَةِ بِحُرُوفِهَا ( ثُمَّ دَعَا بِالْوَضُوءِ) أَيْ بِمَاءِ الْوُضُوءِ ( فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ جِدًّا) أَيْ تَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا بِأَنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَخَفَّفَ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَالِبِ عَادَتِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ الْآتِيَةِ بِلَفْظِ فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا تَرَكَ إِسْبَاغَهُ حِينَ نَزَلَ الشِّعْبَ لِيَكُونَ مُسْتَصْحِبًا لِلطَّهَارَةِ فِي طَرِيقِهِ وَتَجَوَّزَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فلما نزل وأرادها أسبغه ( قلت يارسول اللَّهِ الصَّلَاةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ أَيْ تذكر الصلاة أوصل وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ ( الصَّلَاةُ) بِالرَّفْعِ ( أَمَامَكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيِ الصَّلَاةُ سَتُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْكَ أَوْ أَطْلَقَ الصَّلَاةَ عَلَى مَكَانِهَا أَيِ الْمُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْكَ أَوْ مَعْنَى أَمَامَكَ لَا تَفُوتُكُ وَسَتُدْرِكُهَا
وَفِيهِ تذكير التَّابِعِ بِمَا تَرَكَهُ مَتْبُوعُهُ لِيَفْعَلَهُ أَوْ يَعْتَذِرَ عَنْهُ أَوْ يُبَيِّنَ لَهُ صَوَابَهُ ( حَتَّى قَدِمْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ) أَيْ لَمْ يَبْدَأْ بِشَيْءٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ سَارَ حَتَّى بَلَغَ جَمْعًا فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَسَيَأْتِي مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى الْإِنَاخَةِ وَلَفْظُهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ وَلَمْ يَحُلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّوْا ثُمَّ حَلُّوا وَكَأَنَّهُمْ صَنَعُوا ذَلِكَ رِفْقًا بِالدَّوَابِّ أَوْ لِلْأَمْنِ مِنْ تَشْوِيشِهِمْ بِهَا
وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ خَفَّفَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاتَيْنِ
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ الْجَمْعَ ( وَلَمْ يَحُلُّوا) أَيِ الْمَحَامِلَ عَنْ ظُهُورِ الدَّوَابِّ ( ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ) أَيِ الْمَحَامِلَ ( قَالَ رَدِفَهُ الْفَضْلُ) أَيْ رَكِبَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ( وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ على وزن الحفاظ جمع سابق كالحافظ والقاري وَالْقُرَّاءِ يُقَالُ سَبَقَهُ إِلَيْهِ سَبْقًا أَيْ تَقَدَّمَهُ وَجَازَهُ وَخَلَفَهُ فَهُوَ سَابِقٌ
وَأَمَّا السَّبَّاقُ بِفَتْحِ السين فهو فعال للمبالغة في السبق ( على رجلي) يعني ماشيا إلى منى
واستدل بالحديث على جمع التأخير وهو إجماع بِمُزْدَلِفَةَ لَكِنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَطَائِفَةٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ النُّسُكِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْحَاجُّ الْمَغْرِبَ إِذَا أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى يَبْلُغَ الْمُزْدَلِفَةَ وَلَوْ أَجْزَأَتْهُ فِي غَيْرِهَا لَمَا أَخَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَقْتِهَا الْمُؤَقَّتِ لَهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1926 [1926] بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ هُوَ الْمُزْدَلِفَةُ
( صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا كَمَا سَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا وَمَعْنَاهُ الرُّخْصَةُ دُونَ الْعَزِيمَةِ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ مُتَابَعَةُ السُّنَّةِ وَالتَّمَسُّكُ بِهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فَصَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهِمَا صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْمُزْدَلِفَةَ فقال أكثر الفقهاء إن ذلك يجزيه مَعَ الْكَرَاهَةِ لِفِعْلِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِي جَمْعًا كَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَحَكَى نَحْوًا مِنْ هَذَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَجْزَأَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يَرَوْا عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
فِي رِوَايَةٍ بِإِقَامَةِ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا
وَفِي رِوَايَةٍ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ بِإِقَامَةٍ
وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ يُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُؤَذِّنُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا انتهى



رقم الحديث 1928 [1928] ( شبابة) هو بن سُوَارٍ فَهُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عن بن أَبِي ذِئْبٍ ( وَلَمْ يُنَادِ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ لَمْ يُؤَذِّنْ فِي الْأُولَى وَتَخْصِيصُ الْأُولَى لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَذَانٌ فِي الْأُولَى فَفِي الثانيةQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَذَهَبَ سُفْيَان الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَة إِلَى أَنَّهُ يُصَلِّيهِمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة لَهُمَا كَمَا جَاءَ فِي بعض روايات حديث بن عمر بِالْأَوْلَى ( وَلَمْ يُسَبِّحْ) أَيْ لَمْ يُصَلِّ النَّافِلَةَ



رقم الحديث 1929 [1929] ( فِي هَذَا الْمَكَانِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُؤَذِّنُ وَيُصَلِّيهِمَا بِإِقَامَتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا سُنَّ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَمْ تُصَلَّ فِي وَقْتِهَا فَلَا يُؤَذَّنُ لَهَا كَمَا لَا يُؤَذَّنُ لِلْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُؤَذَّنُ لِلْأُولَى وَيُقَامُ لَهَا ثُمَّ يُقَامُ لِلْأُخْرَى بِلَا أَذَانٍ وقد روى هذا في حديث جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ فِي قِصَّةِ الْحَجِّ أَنَّهُ فَعَلَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ
وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَذَّنُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَيُقَامُ لَهَا فَيُصَلِّي بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُجْمَعَانِ بإقامة واحدة على حديث بن عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيَّهُمَا فَعَلْتَ أَجْزَأَكَ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَقَدْ سَبَقَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُتَقَدِّمَةٌ لِأَنَّ مَعَ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَزِيَادَةُ الثقة مقبولة ولأن جابر اعْتَنَى الْحَدِيثَ وَنَقَلَ حَجَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْصَاةً فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْأَذَانُ لِلْأُولَى مِنْهُمَا وَيُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ إِقَامَةً فَيُصَلِّيهِمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَيُتَأَوَّلُ حَدِيثُ إِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَهَا إِقَامَةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِيُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ صَحِيحٌ



رقم الحديث 1947 [1947] ( إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ) أَيْ دَارَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوَضَعَهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ عَامٍ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَكُلُّ شَهْرٍ مَا بَيْنَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ غَيَّرُوا ذَلِكَ فَجَعَلُوا عَامًا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَعَامًا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُنْسِئُونَ الْحَجَّ فِي كُلِّ عامين من شَهْرٌ إِلَى شَهْرٍ آخَرَ بَعْدَهُ وَيَجْعَلُونَ الشَّهْرَ الَّذِي أَنْسَئُوهُ مُلْغًى فَتَصِيرُ تِلْكَ السَّنَةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَتَتَبَدَّلُ أَشْهُرُهَا فَيُحِلُّونَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ وَيُحَرِّمُونَ غَيْرَهَا فَأَبْطَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ عَلَى مَدَارِهِ الْأَصْلِيِّ
فَالسَّنَةُ الَّتِي حَجَّ فِيهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ هِيَ السَّنَةُ الَّتِي وَصَلَ ذُو الْحِجَّةِ إِلَى مَوْضِعِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ يَعْنِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ ذُو الْحِجَّةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَاحْفَظُوهُ وَاجْعَلُوا الْحَجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَا تُبَدِّلُوا شَهْرًا بِشَهْرٍ كَعَادَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ
كَذَا فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْعَرَبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ قَدْ بَدَّلَتْ أَشْهُرَ الْحَرَامِ وَقَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ أَوْقَاتَهَا مِنْ أَجْلِ النَّسِيءِ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما الْآيَةَ وَمَعْنَى النَّسِيءِ تَأْخِيرُ رَجَبٍ إِلَى شَعْبَانَ وَالْمُحَرَّمِ إِلَى صَفَرٍ وَأَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ نَسَأْتُ الشَّيْءَ إِذَا أَخَّرْتُهُ وَمِنْهُ النَّسِيئَةُ فِي الْبَيْعِ وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنَ الدِّينِ تَعْظِيمُ هَذِهِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ فِيهَا عَنِ الْقِتَالِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَيَأْمَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى أَنْ تَنْصَرِمَ هَذِهِ الْأَشْهُرُ وَيَخْرُجُوا إِلَى أَشْهُرِ الْحِلِّ فَكَانَ أَكْثَرُهُمْ يَتَمَسَّكُونَ بِذَلِكَ فَلَا يَسْتَحِلُّونَ الْقِتَالَ فِيهَا وَكَانَ قَبَائِلُ مِنْهُمْ يَسْتَبِيحُونَهَا فَإِذَا قَاتَلُوا فِي شَهْرِ حَرَامٍ حَرَّمُوا مَكَانَهُ شَهْرًا آخَرَ مِنْ أَشْهُرِ الْحِلِّ فَيَقُولُونَ نَسَأْنَا الشَّهْرَ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ حَتَّى اخْتَلَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَخَرَجَ حِسَابُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَكَانُوا رُبَّمَا يحجون في بعض السنن في شهر ويحجون في بعض السنن فِي شَهْرٍ وَيَحُجُّونَ مِنْ قَابِلٍ فِي شَهْرٍ غيره إلى كَانَ الْعَامُ الَّذِي حَجَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَادَفَ حَجُّهُمْ شَهْرَ الْحَجِّ الْمَشْرُوعِ وَهُوَ ذُو الْحِجَّةِ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ الْيَوْمَ التَّاسِعَ مِنْهُ ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ أشهرالحج قَدْ تَنَاسَخَتْ بِاسْتِدَارَةِ الزَّمَانِ وَعَادَ الْأَمْرُ إِلَى الْأَصْلِ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ حِسَابَ الْأَشْهُرِ عَلَيْهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَمَرَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَبَدَّلَ أَوْ يَتَغَيَّرَ فِيمَا يُسْتَأْنَفُ مِنَ الْأَيَّامِ
فَهَذَا تَفْسِيرُهُ وَمَعْنَاهُ انْتَهَى كَلَامُهُ ( السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى
قَالَهُ الطِّيبِيُّ ( مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) قَالَ تَعَالَى فلا تظلموا فيهن أنفسكم أَيْ بِهَتْكِ حُرْمَتِهَا وَارْتِكَابِ حَرَامِهَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ الْمُقَاتَلَةِ فِيهَا مَنْسُوخَةٌ وَيُؤَيِّدُ النَّسْخَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَاصَرَ الطَّائِفَ وَغَزَا هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ في شوال وذي القعدة ( ثلاث) أي ليالي ( مُتَوَالِيَاتٌ) أَيْ مُتَتَابِعَاتٌ اعْتَبَرَ ابْتِدَاءَ الشُّهُورِ مِنَ اللَّيَالِي فَحُذِفَتِ التَّاءُ قَالَهُ الطِّيبِيُّ ( وَرَجَبُ مُضَرَ) إِنَّمَا أَضَافَ الشَّهْرَ إِلَى مُضَرَ لِأَنَّهَا تُشَدِّدُ فِي تَحْرِيمِ رَجَبٍ وَتُحَافِظُ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ مِنْ مُحَافَظَةِ سَائِرِ الْعَرَبِ فَأُضِيفَ الشَّهْرُ إِلَيْهِمْ بِهَذَا الْمَعْنَى ( الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى تَوْكِيدِ الْبَيَانِ كَمَا قَالَ فِي أَسْنَانِ الصَّدَقَةِ
فَإِذَا لَمْ يَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ ومعلوم أن بن اللَّبُونِ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا نَسُوا رَجَبًا وَحَوَّلُوهُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَسَمَّوْا بِهِ بَعْضَ الشُّهُورِ الْأُخَرِ فَنَحَلُوهُ اسْمَهُ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَجَبًا هَذَا الشَّهْرُ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ لَا مَا كَانُوا يُسَمُّونَهُ رَجَبًا عَلَى حِسَابِ النَّسِيءِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْحَدِيثُ سكت عنه المنذري

رقم الحديث 1960 [196] أَيْ فِي بَيَانِ كَمِّيَّةِ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ فِي مِنًى هَلْ يُصَلِّي عَلَى حَالِهَا أَوْ يَقْصُرُ
( وَحَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَتَمُّ) هَذِهِ مَقُولَةُ أَبِي دَاوُدَ ( عَنِ الْأَعْمَشِ) أَيْ يَرْوِي أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصٌ عَنِ الْأَعْمَشِ ( زَادَ) أَيْ مُسَدَّدٌ ( عَنْ حَفْصِ) بْنِ غِيَاثٍ ( صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ) إِنَّمَا ذَكَرَ صَدْرًا وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ سِتِّ سنين ( زاد) أي مسدد ( من ها هنا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ تَفَرَّقَتْ إِلَى آخِرِهِ ( ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ) أَيِ اخْتَلَفْتُمْ فَمِنْكُمْ مَنْ يَقْصُرُ وَمِنْكُمْ مَنْ لَا يَقْصُرُ ( فَلَوَدِدْتُ) أَيْ فَلَتَمَنَّيْتُ غَرَضُهُ وَدِدْتُ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَدَلَ الْأَرْبَعِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ يَفْعَلُونَهُ
وَفِيهِ كَرَاهَةُ مُخَالَفَةِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ
كَذَا فِي عمدة القارىء
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ الدَّاوُدِيُّ خشي بن مَسْعُودٍ أَنْ لَا يُجْزِئَ الْأَرْبَعُ فَاعِلَهَا وَتَبِعَ عُثْمَانَ كَرَاهِيَةً لِخِلَافِهِ وَأَخْبَرَ بِمَا يَعْتَقِدُهُ
وَقَالَ غَيْرُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا تَكَلَّفَهَا فَلَيْتَهَا تُقْبَلُ كَمَا تُقْبَلُ الرَّكْعَتَانِ انْتَهَى
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْغَيْبِ وَهَلْ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاتَهُ أَمْ لَا فَتَمَنَّى أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ مِنَ الْأَرْبَعِ الَّتِي يُصَلِّيهَا رَكْعَتَانِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَلِ الزَّائِدُ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ عِنْدَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَالرَّكْعَتَانِ لابد مِنْهُمَا وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا أُتِمُّ مُتَابَعَةً لِعُثْمَانَ وَلَيْتَ اللَّهَ قَبِلَ مِنِّي رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِتْمَامُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لَمْ يُتَابِعُوا عُثْمَانَ إِذْ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَلَأِ مِنَ الصَّحَابَةِ مُتَابَعَتُهُ عَلَى الْبَاطِلِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْ رَأْيِهِمْ جَوَازَ الْإِتْمَامُ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمُ الْقَصْرَ أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ شَرٌّ فَلَوْ كَانَ الْإِتْمَامُ لَا يَجُوزُ لَكَانَ الْخِلَافُ لَهُ خَيْرًا مِنَ الشَّرِّ إِلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا صَلَّى عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ كَانَ اتَّخَذَهَا وَطَنًا
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اتَّخَذَ الْأَمْوَالَ بِالطَّائِفِ وَأَرَادَ أن يقيم بها وكان من مذهب بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَدِمَ عَلَى أَهْلٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ
وقال أحمد بن حنبل بمثل قول بن عَبَّاسٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمْ مَا ذكره بن قرة عن بن مَسْعُودٍ