فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ

رقم الحديث 450 [450] ( حَيْثُ كَانَ طَوَاغِيتُهُمْ) هِيَ جَمْعُ طَاغُوتَ وَهُوَ بَيْتُ الصَّنَمِ الَّذِي كَانُوا يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصْنَامِ عَلَى زَعْمِهِمْ
وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الْمَذْكُورُ هُوَ الثَّقَفِيُّ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ حِينَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الطَّائِفِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَأَمْكِنَةِ الْأَصْنَامِ مَسَاجِدُ وَكَذَلِكَ فَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ جَعَلُوا مُتَعَبَّدَاتِهِمْ مُتَعَبَّدَاتٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيَّرُوا مَحَارِيبِهَا
وَإِنَّمَا صُنِعَ هَذَا لَانْتَهَاكِ الْكُفْرِ وَإِيذَاءِ الْكُفَّارِ حَيْثُ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ هُنَا
وَقَدْ عَمِلَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ مَلِكُ الْهِنْدِ السُّلْطَانُ الْعَادِلُ عَالِمٌ كَبِيرٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ بَنَى عِدَّةَ مَسَاجِدٍ فِي مَعْبَدِ الْكُفَّارِ خَذَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى
قال المنذري والحديث أخرجه بن مَاجَهْ



رقم الحديث 451 [451] ( كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ فِي زَمَانِهِ وَأَيَّامِهِ ( مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ اللَّبِنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ مَا يُعْمَلُ مِنَ الطِّينِ يَعْنِي الطُّوبَ وَالْآجُرَّ النِّيءَ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ( الْجَرِيدِ) أَيْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَهُوَ الَّذِي يُجَرَّدُ عَنْهُ الْخُوصُ أَيِ الْوَرَقِ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ شاخ درخت خرما برك دور كرده ( وَعَمَدُهُ) بِفَتْحِ العين وَالْمِيمِ ( قَالَ مُجَاهِدٌ عُمُدُهُ) أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ وَهِيَ رِوَايَةُ مُجَاهِدٍ وَكِلَاهُمَا جَمْعُ الْكَثْرَةِ لِعَمُودِ الْبَيْتِ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَعْمِدَةٌ وَالْعَمُودُ مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ ستون ( مِنْ خَشَبِ النَّخْلِ) قَالَ الْحَافِظُ هِيَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالشِّينِ وَيَجُوزُ ضَمُّهُمَا انْتَهَى
فَ.

     قَوْلُهُ  عُمُدُهُ مُبْتَدَأٌ وَمِنْ خَشَبِ النَّخْلِ خَبَرُهُ ( فلم يزد فيه أبو بكر شيئا) يعين لَمْ يُغَيِّرْ فِيهِ شَيْئًا بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ( وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بِنَائِهِ) يَعْنِي زَادَ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَلَمْ يُغَيِّرْ فِي بِنَائِهِ بَلْ بَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي بِآلَاتِهِ الَّتِي بَنَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِمَّا صِفَةٌ لِلْبِنَاءِ أَوْ حَالٌ ( وَأَعَادَ عُمُدَهُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ وَإِنَّمَا غَيَّرَ عُمُدَهُ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ
قَالَ السُّهَيْلِيُّ نَخَرَتْ عُمُدُهُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَجَدَّدَهَا ( وَغَيَّرَهُ عُثْمَانُ) أَيْ مِنَ الْوَجْهَيْنِ التَّوْسِيعِ وَتَغْيِيرِ الْآلَاتِ ( بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ) أَيْ بَدَّلَ اللَّبِنَ ( وَالْقَصَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْجِصُّ بِلُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ تُشْبِهُ الْجِصَّ وَلَيْسَتْ بِهِ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ الْجَصُّ لُغَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعَرَّبَةٌ وَأَصْلُهَا كج وَفِيهِ لُغَتَانِ فَتْحُ الْجِيمِ وَكَسْرُهَا ( وَسَقْفُهُ بِالسَّاجِ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ بِلَفْظِ الِاسْمِ عَطْفًا عَلَى عُمُدِهِ قَالَ الْحَافِظُ وَالسَّاجُ نَوْعٌ مِنَ الْخَشَبِ مَعْرُوفٌ يُؤْتَى بِهِ مِنْ الْهِنْدِ ( وَسَقَّفَهُ السَّاجَ) هُوَ بِلَفْظِ الْمَاضِي مِنَ التَّسْقِيفِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ عَطْفًا عَلَى جُعْلَ
قَالَ الْحَافِظُ في الفتح قال بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ الْقَصْدُ وَتَرْكُ الْغُلُوِّ فِي تَحْسِينِهِ فَقَدْ كَانَ عُمَرُ مَعَ كَثْرَةِ الْفُتُوحِ فِي أَيَّامِهِ وَسَعَةِ الْمَالِ عِنْدَهُ لَمْ يُغَيِّرَ الْمَسْجِدَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى تَجْدِيدِهِ لِأَنَّ جَرِيدَ النَّخْلِ كَانَ قَدْ نَخَرَ فِي أَيَّامِهِ ثُمَّ كَانَ عُثْمَانُ وَالْمَالُ فِي زمانه أكثر فحسنه بمالا يَقْتَضِي الزَّخْرَفَةَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ
وَأَوَّلُ مَنْ زُخْرُفَ الْمَسَاجِدَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَسَكَتَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ إِنْكَارِ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ