فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي إِفْرَادِ الْحَجِّ

رقم الحديث 1552 [1552] ( صَيْفِيٌّ) بْنُ زِيَادٍ هُوَ مَوْلَى أَفْلَحَ وَأَفْلَحُ هُوَ مُخَضْرَمٌ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ ( عَنْ أَبِي الْيَسْرِ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ ( مِنَ الْهَدْمِ) بِسُكُونِ الدَّالِ وَهُوَ سُقُوطُ الْبِنَاءِ وَوُقُوعُهُ عَلَى الشَّيْءِ
وَرُوِيَ بِالْفَتْحِ وَهُوَ اسْمُ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ ( مِنَ التَّرَدِّي) أَيِ السُّقُوطِ مِنْ مَكَانٍ عَالٍ كَالْجَبَلِ وَالسَّطْحِ أَوِ الْوُقُوعِ فِي مَكَانٍ سَافِلٍ كَالْبِئْرِ ( مِنَ الْغَرَقِ) بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ غَرِقَ فِي الْمَاءِ ( وَالْحَرَقِ) بِالتَّحْرِيكِ أَيْضًا أَيْ بِالنَّارِ وَإِنَّمَا اسْتَعَاذَ مِنَ الْهَلَاكِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ نَيْلِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا مِحَنٌ مُجْهِدَةٌ مُقْلِقَةٌ لَا يَكَادُ الْإِنْسَانُ يَصْبِرُ عَلَيْهَا وَيَثْبُتُ عِنْدَهَا ( وَالْهَرَمِ) أَيْ سُوءِ الْكِبَرِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْخَرَفِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ لَكَيْلًا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ( أَنْ يَتَخَبَّطَنِيَ الشَّيْطَانُ) أَيْ إِبْلِيسُ أَوْ أَحَدُ أَعْوَانِهِ
قِيلَ التَّخَبُّطُ الْإِفْسَادُ وَالْمُرَادُ إِفْسَادُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ وَتَخْصِيصُهُ بِقَوْلِهِ ( عِنْدَ الْمَوْتِ) لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْخَاتِمَةِ
وَقَالَ الْقَاضِي أَيْ مِنْ أَنْ يَمَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بنزعاته الَّتِي تَزِلُّ الْأَقْدَامَ وَتُصَارِعُ الْعُقُولَ وَالْأَوْهَامَ
وَأَصْلُ التَّخَبُّطِ أَنْ يَضْرِبَ الْبَعِيرُ الشَّيْءَ بِخُفِّ يَدِهِ فيسقط
قال الخطابي استعاذته عليه السلام مِنْ تَخَبُّطِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ الْمَوْتِ هُوَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ عِنْدَ مُفَارَقَتِهِ الدُّنْيَا فَيُضِلَّهُ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ أَوْ يُعَوِّقَهُ عَنْ إِصْلَاحِ شَأْنِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَظْلِمَةٍ تَكُونُ قَبْلَهُ أو يؤسه مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَيَتَأَسَّفُ عَلَى حَيَاةِ الدُّنْيَا فَلَا يَرْضَى بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ مِنَ الْفَنَاءِ وَالنَّقْلَةِ إِلَى دَارِ الْآخِرَةِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِسُوءٍ وَيَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ سَاخِطٌ عَلَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يكون في حال أشد على بن آدَمَ مِنْهُ فِي حَالِ الْمَوْتِ يَقُولُ لِأَعْوَانِهِ دُونَكُمْ هَذَا فَإِنَّهُ إِنْ فَاتَكُمُ الْيَوْمَ لَمْ تَلْحَقُوهُ بَعْدَ الْيَوْمِ
نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُبَارِكَ لَنَا فِي ذَلِكَ الْمَصْرَعِ وَأَنْ يَخْتِمَ لَنَا وَلِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يَجْعَلَ خير أيامنا لِقَائِهِ انْتَهَى
( أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا) أَيْ مُرْتَدًّا أَوْ مُدْبِرًا عَنْ ذِكْرِكَ وَمُقْبِلًا عَلَى غَيْرِكَ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ فَارًّا وَتَبِعَهُ بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ.

     وَقَالَ  إِدْبَارًا مُحَرَّمًا أَوْ مُطْلَقًا
قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَعْلِيمِ الْأُمَّةِ وإلا فرسول الله لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّخَبُّطُ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ ( أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنَ اللَّدْغِ وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ فِي ذَوَاتِ السُّمِّ مِنَ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَنَحْوِهِمَا
وَقَيَّدَ بِالْمَوْتِ مِنَ اللَّدْغِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ عَنْ عَلِيٍّ أنه لدغت النبي عَقْرَبٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ لَا تَدَعُ مُصَلِّيًا وَلَا غَيْرَهُ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ فَجَعَلَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا أي على موضع لدغها ويقرأ قل ياأيها الكافرون وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَأَبُو الْيَسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَبَعْدِهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَرَاءٌ مُهْمَلَةٌ



رقم الحديث 1556 [1556] اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ وَقْتِ فَرْضِ الزَّكَاةِ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَقِيلَ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وجزم بن الْأَثِيرِ فِي التَّارِيخِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي التَّاسِعَةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقِيسِ وَفِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ ذَكَرَ الزَّكَاةَ
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
( لَمَّا تُوُفِّيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَاتَ ( وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ جَعَلَهُ خَلِيفَةً ( بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ) أَيْ مَنَعَ الزَّكَاةَ وَعَامَلَ مُعَامَلَةَ مَنْ كَفَرَ أَوِ ارْتَدَّ لِإِنْكَارِهِ افْتِرَاضَ الزَّكَاةِ ( مِنَ الْعَرَبِ) قَالَ الطِّيبِيُّ يُرِيدُ غَطَفَانَ وَفَزَارَةَ وَبَنِي سُلَيْمٍ وَغَيْرَهُمْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ فَاعْتَرَضَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي.

     وَقَالَ  ( كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ) أَيِ الَّذِي يَمْنَعُ الزَّكَاةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْإِيمَانِ ( أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْأَوْثَانِ ( فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) يَعْنِي كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْقَدُ الْإِسْلَامُ بِتِلْكَ وَحْدَهَا ( عَصَمَ) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ حَفَظَ وَمَنَعَ ( مِنِّي) أَيْ مِنْ تَعَرُّضِي أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ( إِلَّا بِحَقِّهِ) أَيْ بِحَقِّ الْإِسْلَامِ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمَالِهِ وَنَفْسِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا بِحَقِّهِ أَيْ بِحَقِّ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ بِحَقِّ أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ ( حِسَابُهُ) أَيْ جَزَاؤُهُ وَمُحَاسَبَتُهُ ( عَلَى اللَّهِ) بِأَنَّهُ مُخْلِصٌ أَمْ لَا قَالَ الطِّيبِيُّ يَعْنِي مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ نَتْرُكُ مُقَاتَلَتَهُ وَلَا نُفَتِّشُ بَاطِنَهُ هَلْ هُوَ مُخْلِصٌ أَمْ مُنَافِقٌ فَإِنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحِسَابُهُ عَلَيْهِ ( فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) جَوَابًا وَتَأْكِيدًا ( مَنْ فَرَّقَ) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ أَيْ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ دُونَ الزَّكَاةِ ( فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ) كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ حَقُّ النَّفْسِ
قَالَهُ الطِّيبِيُّ
وَقَالَ غَيْرُهُ يَعْنِي الْحَقُّ الْمَذْكُوُرُ فِي قَوْلِهِ إِلَّا بِحَقِّهِ أَعَمَّ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّ عُمَرَ حَمَلَ قَوْلَهُ بِحَقِّهِ عَلَى غَيْرِ الزَّكَاةِ فَلِذَلِكَ صَحَّ اسْتِدْلَالُهُ بِالْحَدِيثِ فَأَجَابَ أَبُو بَكْرٍ بِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلزَّكَاةِ أَيْضًا أَوْ تَوَهَّمَ عُمَرُ أَنَّ الْقِتَالَ لِلْكُفْرِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لِمَنْعِ الزَّكَاةِ لَا لِلْكُفْرِ وَلِذَلِكَ رَجَعَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعَلِمَ أَنَّ فِعْلَهُ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ وَأَنَّهُ قَدْ وُفِّقَ بِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ( عِقَالًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْحَبْلَ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ وَلَيْسَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْقِتَالُ فَقِيلَ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ بِأَنَّهُمْ لَوْ مَنَعُوا مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يُسَاوِي هَذَا الْقَدْرَ يَحِلُّ قِتَالَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ كُلَّهَا
وَقِيلَ قَدْ يُطْلَقُ الْعِقَالُ عَلَى صدقة عام وهو المراد ها هنا كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنَاقًا مَكَانَ عِقَالًا ( فَوَاللَّهِ مَا هُوَ) أَيِ الشَّأْنُ أَوْ سَبَبُ رُجُوعِي إِلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ) أَيْ عَلِمْتُ وَأَيْقَنْتُ ( شَرَحَ) أَيْ فَتَحَ وَوَسَّعَ وَلَيَّنَ ( لِلْقِتَالِ) مَعْنَاهُ عَلِمْتُ أَنَّهُ جَازِمٌ بِالْقِتَالِ لِمَا أَلْقَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَلْبِهِ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ لِذَلِكَ وَاسْتِصْوَابُهُ ذَلِكَ ( فَعَرَفْتُ أَنَّهُ) أَيْ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ أَوِ الْقِتَالِ ( الْحَقُّ) أَيْ بِمَا أَظْهَرَ مِنَ الدَّلِيلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ فَعَرَفْتُ بِذَلِكَ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ الْحَقُّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ آخِرَ كَلَامِهِ عِنْدَ وَفَاتِهِ قَوْلَهُ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ لِيَعْقِلَ أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ قَائِمٌ كَفَرْضِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْقَائِمَ بِالصَّلَاةِ هُوَ الْقَائِمُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
اسْتِدْلَالًا بِهَذَا مَعَ سَائِرِ مَا عَقَلَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مُقَاتَلِينَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَقَدْ عُقِلَ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُسْقِطُ عَنِ الْمُرْتَدِّ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ فِي أَمْوَالِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ ( قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ) مِنْ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى قَوْلِهِ سَنَتَيْنِ وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِيهَا فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ زَكَاةُ عَامٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْكِسَائِيِّ وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَالْمُبَرِّدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْعِقَالَ يُطْلَقُ عَلَى زَكَاةِ الْعَامِ بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَدَّاءِ سَعَى عِقَالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَيِّدًا فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرٌو عِقَالَيْنِ أَرَادَ مُدَّةَ عِقَالٍ فَنَصَبَهُ عَلَى الظَّرْفِ وَعَمْرٌو هَذَا السَّاعِي هُوَ عَمْرُو بْنُ عَقَبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَّاهُ عَمُّهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَدَقَاتِ كَلْبٍ فَقَالَ فِيهِ قَائِلُهُمْ ذَلِكَ
قَالُوا وَلِأَنَّ الْعِقَالَ الَّذِي هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ
وَذَهَبَ كَثِيرُونَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ الْحَبْلُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ وَهَذَا الْقَوْلُ يُحْكَى عن مالك وبن أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ حُذَّاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَى
( قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ) الْقُرَشِيُّ ( وَعَبْدُ الرزاق عن معمر عن الزهري) بن شِهَابٍ ( بِإِسْنَادِهِ) أَيْ بِإِسْنَادِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنْ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ فَلَفْظُ النَّسَائِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ أَبُو الْعَوَّامِّ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ عِمْرَانُ الْقَطَّانُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَالَّذِي قَبْلَهُ الصَّوَابُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ ( قَالَ بَعْضُهُمْ عِقَالًا) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عِقَالًا فَالزُّهْرِيُّ رَوَى عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عِقَالًا وَرَوَى أَيْضًا بِلَفْظٍ آخَرَ فَفِي رِوَايَةِ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ كِلَاهُمَا عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ هَكَذَا.
وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي الْيَمَانِ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنَاقًا وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ عَنَاقًا وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي اسْتِتَابَةِ الِمُرْتَدِّينَ وَهَكَذَا رَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَالْوَلِيدُ وَبَقِيَّةُ كُلُّهُمْ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا الْوَلِيدَ فَإِنَّهُ رَوَيَ عَنْ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ عَنَاقًا وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي كِتَابِ الْمُحَارَبَةِ وَتَحْرِيمِ الدَّمِ وَكِتَابِ الْجِهَادِ
وَأَمَّا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ عِقَالًا وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
وَأَمَّا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الِاعْتِصَامِ فَعَنْ قُتَيْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ لَوْ مَنَعُونِي كَذَا وَكَذَا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعِقَالِ ولا العناق
قال البخاري وقال لي بن بُكَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنَاقًا وَهُوَ أَصَحُّ وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنَاقًا وَعِقَالًا ها هنا لا يجوز انتهى ( ورواه بن وَهْبٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ ( عَنْ يُونُسَ) بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ ( عَنَاقًا) كَمَا رَوَى عن الزهري جماعة كَذَا ( قَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَمَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ) بِإِسْنَادِهِ ( عَنَاقًا) فَرِوَايَةُ شُعَيْبٍ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الزَّكَاةِ وَأَيْضًا النَّسَائِيُّ كَمَا تَقَدَّمَتْ وَرِوَايَةُ الزُّبَيْدِيِّ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عبيد الله عن أبي هريرة كَذَا ( رَوَى) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ رَوَاهُ ( عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ) بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ( عَنَاقًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً فَإِمَّا هُوَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ أَرْبَعِينَ سَخْلَةً تَجِبُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَأَنَّ حَوْلَ الْأُمَّهَاتِ حَوْلُ النِّتَاجِ وَلَا يُسْتَأْنَفُ لَهَا حَوْلٌ قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَيَجِيءُ بَيَانُهُ مُفَصَّلًا مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَالنَّوَوِيِّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ رَوَى يُونُسُ وَشُعَيْبٌ وَمَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنَاقًا.
وَأَمَّا يُونُسُ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ قَالَ عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ عناقا وقال بن وهب عن يونس عقالا ومرة قال بن وَهْبٍ عَنَاقًا كَمَا قَالَ الْجَمَاعَةُ
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ ثَلَاثَةِ شُيُوخٍ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَنَسٍ فَحَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ غَيْرَ بن مَاجَهْ وَحَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَحَدِيثُ أَنَسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَيْضًا.

     وَقَالَ  هُوَ خَطَأٌ ثُمَّ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ ثَمَانِيَةُ أَنْفُسٍ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَعُقَيْلٌ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَالزُّبَيْدِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَسُفْيَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَيُونُسُ وَكُلُّهُمْ قَالُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنَاقًا غَيْرَ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ مَرَّةً عَنَاقًا وَمَرَّةً قَالَ عِقَالًا
وَأَمَّا عُقَيْلٌ فَرَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ اثْنَانِ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ عَنَاقًا كَمَا قَالَ الْجَمَاعَةُ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ مَرَّةً قَالَ عِقَالًا وَمَرَّةً قَالَ لَوْ مَنَعُونِي كَذَا وَكَذَا
فَيُعْلَمُ عِنْدَ التَّعَمُّقِ أَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ قَالُوا عَنَاقًا أَمَّا عِقَالًا فَمَا قَالَ غَيْرُ يُونُسَ فِي طَبَقَةِ رُوَاةِ الزُّهْرِيِّ.
وَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُمْ فَمَا قَالَ غَيْرُ قُتَيْبَةُ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ في صحيحه قال لي بن بُكَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنَاقًا وَهُوَ أَصَحُّ وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنَاقًا وَعِقَالًا ها هنا لَا يَجُوزُ انْتَهَى
وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عِقَالًا وَكَذَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِهَا عَنَاقًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَرَّرَ الْكَلَامَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ فِي مَرَّةٍ عِقَالًا وَفِي الْأُخْرَى عَنَاقًا فَرُوِيَ اللَّفْظَانِ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْعَنَاقِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ صِغَارًا كُلُّهَا بِأَنْ مَاتَتْ أُمَّهَاتُهَا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ فَإِذَا حَالَ حَوْلُ الْأُمَّهَاتِ زَكَّى السِّخَالَ الصِّغَارَ بِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنَ الْأُمَّهَاتِ شَيْءٌ أَمْ لَا
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الأنماطي
لا تزكى الأولاد بحول الأمهات إلى أَنْ يَبْقَى مِنَ الْأُمَّهَاتِ نِصَابٌ
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَّا أَنْ يَبْقَى مِنَ الْأُمَّهَاتِ شَيْءٌ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا إِذَا مَاتَ مُعْظَمُ الْكِبَارِ وَحَدَثَتْ صِغَارٌ فَحَالَ حَوْلُ الْكِبَارِ عَلَى بَقِيَّتِهَا وَعَلَى الصِّغَارِ انْتَهَى
وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ وَفِي قَوْلِهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِي السِّخَالِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ وَأَنَّ واحدة منها تجزىء عَنِ الْوَاجِبِ فِي الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا وَلَا يُكَلَّفُ صَاحِبُهَا مُسِنَّةً
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّتَاجَ حَوْلَ الْأُمَّهَاتِ وَلَوْ كَانَ يَسْتَأْنِفُ بِهَا الْحَوْلُ لَمْ يُوجَدِ السَّبِيلُ إِلَى أَخْذِ الْعَنَاقِ انْتَهَى كَلَامُهُ
كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ بِاخْتِصَارٍ


رقم الحديث 1559 [1559] ( سِتُّونَ مَخْتُومًا) أَيْ سِتُّونَ صَاعًا وَكَانَ الصَّاعُ مُعَلَّمًا بِعَلَامَةٍ فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ مَخْتُومًا ( أَبُو الْبَخْتَرِيِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُثَنَّاةِ بَيْنَهُمَا مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزٍ



رقم الحديث 1549 [1549] ( قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الْمُعْتَمِرِ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ وَالِدُ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ مِمَّنِ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِسَمَاعِهِ عَنْ أَنَسِ بن مالك

رقم الحديث 1550 [155] ( مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ) أَيْ فَعَلْتُ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مِنْ شَرِّ عَمَلٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ ( وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ) اسْتَعَاذَ مِنْ شَرِّ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا لَا يَرْضَاهُ بِأَنْ يَحْفَظَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ شَرِّ أَنْ يَصِيرَ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ في ترك القبائح فإنه يجب أَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ رَبِّهِ أَوْ لِئَلَّا يُصِيبَهُ شَرُّ عَمَلِ غَيْرِهِ
قَالَ تَعَالَى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خاصة وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1551 [1551] ( الْمَعْنَى) وَاحِدٌ وَأَحْمَدُ وَوَكِيعٌ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ ( عَنْ شُتَيْرٍ) تَصْغِيرُ شَتْرٍ ( بْنِ شَكَلٍ) بِفَتْحَتَيْنِ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ شَكَلٍ وَهُوَ صَحَابِيٌّ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ ( فِي حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْمَذْكُورُ ( مِنْ شَرِّ سَمْعِي) حَتَّى لَا أَسْمَعَ بِهِ مَا تَكْرَهُهُ ( وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي) حَتَّى لَا أَرَى شَيْئًا لَا تَرْضَاهُ ( وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي) حَتَّى لَا أَتَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْنِينِي ( وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي) حَتَّى لَا أَعْتَقِدَ اعْتِقَادًا فَاسِدًا وَلَا يَكُونَ فِيهِ نَحْوُ حِقْدٍ وَحَسَدٍ وَتَصْمِيمِ فِعْلٍ مَذْمُومٍ أَبَدًا ( وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي) وَهُوَ أَنْ يغلب المني عليه حتى يقع في الزنى أَوْ مُقَدَّمَاتِهِ يَعْنِي مِنْ شَرِّ فَرْجِهِ وَغَلَبَةِ المني علي حتى لا أقع في الزنى وَالنَّظَرِ إِلَى الْمَحَارِمِ
وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ الْمَنِيَّةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مِنْ شَرِّ الْمَوْتِ أَيْ قَبْضِ رُوحِهِ عَلَى عَمَلٍ قَبِيحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَشَكَلُ بْنُ حُمَيدٍ الْعَبْسِيُّ لَهُ صُحْبَةُ سَكَنَ الْكُوفَةَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ وَذَكَرَ له بن الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ
وَقَالَ وَلَا أَعْلَمُ له غيره وَشُتَيْرٌ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ التَّاءِ ثَالِثِ الحروف وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ
وَشَكَلٌ بِفَتْحِ الشِّينِ وَبَعْدَهَا كَافٌ مَفْتُوحَةٌ أَيْضًا وَلَامٌ



رقم الحديث 1553 [1553] ( مَوْلًى لِأَبِي أَيُّوبَ) هُوَ صَيْفِيٌّ مَوْلَى أَفْلَحَ وَإِسْنَادُ مَوْلًى إِلَى أَبِي أَيُّوبَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الصَّيْفِيَّ مَوْلَى أَفْلَحَ لَا مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ وَإِنَّمَا مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ هُوَ أَفْلَحُ كَمَا فِي كُتُبِ الرِّجَالِ لَكِنْ هَذَا يُخَالِفُ مَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَإِنَّهُ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظٍ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ



رقم الحديث 1554 [1554] ( مِنَ الْبَرَصِ) بِفَتْحَتَيْنِ بَيَاضٍ يَحْدُثُ فِي الْأَعْضَاءِ ( وَالْجُنُونِ) أَيْ زَوَالِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ الْخَيْرَاتِ ( وَالْجُذَامِ) بِضَمِّ الْجِيمِ عِلَّةٌ يَذْهَبُ مَعَهَا شُعُورُ الْأَعْضَاءِ
وَفِي الْقَامُوسِ الْجُذَامُ كَغُرَابٍ عِلَّةٌ تَحْدُثُ مِنَ انْتِشَارِ السَّوْدَاءِ فِي الْبَدَنِ كُلِّهِ فَيُفْسِدُ مِزَاجَ الْأَعْضَاءِ وَهَيْئَاتِهَا وَرُبَّمَا انْتَهَى إِلَى تآكل الأعضاء وسقوطها عن تقرح ( وسيىء الْأَسْقَامِ) كَالسُّلِّ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْمَرَضِ الْمُزْمِنِ الطَّوِيلِ وَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَوَّذْ مِنَ الْأَسْقَامِ مُطْلَقًا فَإِنَّ بَعْضَهَا مِمَّا يَخِفُّ مُؤْنَتُهُ وَتَكْثُرُ مَثُوبَتُهُ عِنْدَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ إِزْمَانِهِ كَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ وَالرَّمَدِ وَإِنَّمَا اسْتَعَاذَ مِنَ السَّقَمِ الْمُزْمِنِ فَيَنْتَهِي بِصَاحِبِهِ إِلَى حَالَةٍ يَفِرُّ مِنْهَا الْحَمِيمُ وَيَقِلُّ دُونَهَا الْمُؤَانِسُ وَالْمُدَاوِي مَعَ مَا يُورِثُ مِنَ الشَّيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1555 [1555] ( الْغُدَانِيُّ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَخِفَّةِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةٌ إِلَى غُدَانَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ ( قَالَ) أَيْ أَبُو أُمَامَةَ ( هُمُومٌ) جَمْعُ الْهَمِّ وَحَذَفَ الْخَبَرَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ ( لَزِمَتْنِي) عَلَيْهِ ( وَدُيُونٌ) عَطْفٌ عَلَى هُمُومٍ أَيْ وَدُيُونٌ لَزِمَتْنِي فَلَزِمَتْنِي صِفَةٌ لِلنَّكِرَةِ متخصصة لَهُ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَقُولُ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي مُبْتَدَأٌ وخبر كما في قولهم شراهر ذَا نَابٍ أَيْ هُمُومٌ عَظِيمَةٌ لَا يُقَادَرُ قَدْرَهَا وَدُيُونٌ جَمَّةٌ نَهَضَتْنِي وَأَثْقَلَتْنِي انْتَهَى ( قَالَ أَفَلَا أُعَلِّمُكَ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَلَا أُرْشِدُكَ فَلَا أُعَلِّمُكَ وَأَصْلُهُ فَأَلَّا أُعَلِّمُكَ ثُمَّ قُدِّمَتِ الْهَمْزَةُ لِأَنَّ لَهَا صَدْرَ الْكَلَامِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِبُعْدِهِ عَنِ التَّكَلُّفِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى لِلْفَاءِ فَائِدَةٌ ( كَلَامًا) أَيْ دُعَاءً ( قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا الْوَقْتَانِ وَأَنْ يُرَادَ بِهِمَا الدَّوَامُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ( من الهم والحزن) بضم الحاء وسكون الزاء وَبِفَتْحِهِمَا
قَالَ الطِّيبِيُّ الْهَمُّ فِي الْمُتَوَقَّعِ وَالْحُزْنُ فِيمَا فَاتَ ( مِنَ الْعَجْزِ) هُوَ ضِدُّ الْقُدْرَةِ وَأَصْلُهُ التَّأَخُّرُ عَنِ الشَّيْءِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَجْزِ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي مُقَابِلِهِ فِي مُقَابِلَةِ الْقُدْرَةِ وَاشْتُهِرَ فِيهَا وَالْمُرَادُ هُنَا الْعَجْزُ عَنْ أَدَاءِ الطَّاعَةِ وَعَنْ تَحَمُّلِ الْمُصِيبَةِ ( وَالْكَسَلِ) أَيِ التَّثَاقُلِ عَنِ الْأَمْرِ الْمَحْمُودِ مَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ( مِنَ الْجُبْنِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ضِدُّ الشُّجَاعَةِ وَهُوَ الْخَوْفُ عِنْدَ الْقِتَالِ وَمِنْهُ عَدَمُ الْجَرَاءَةِ عِنْدَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ( مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ) أَيْ كَثْرَتِهِ وَثِقَلِهِ ( وَقَهْرِ الرِّجَالِ) أَيْ غَلَبَتِهِمْ ( قَالَ) أَيِ الرَّجُلُ أَوْ أَبُو سَعِيدٍ ( فَفَعَلْتُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ ( فَأَذْهَبَ اللَّهُ هَمِّي) أَيْ حُزْنِي ( وَقَضَى عني ديني) قاله علي القارىء
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ غَسَّانُ بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ بَصْرِيٌّ وَقَدْ ضُعِّفَ


رقم الحديث 1557 [1557]