فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْقَتَّاتِ

رقم الحديث 4291 [4291] ( بن وَهْبٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ
قَالَ الحافظ في توالي التأسيس بمعالي بن إِدْرِيسَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمَهْرِيِّ وَأَخْرَجَهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَوَّادٍ جَمِيعًا وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنِ الربيع بن سليمان المؤذن وأخرجه بن عَدِيٍّ فِي مُقَدِّمَةِ الْكَامِلِ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ سَوَّادٍ وَحَرْمَلَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن وهب بن أخي بن وَهْبٍ كُلُّهِمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ
قال بن عدي لا أعلم رواه عن بن وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ وَلَا عن بن يَزِيدَ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَرِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمَذْكُورَةُ سَابِقًا وَرِوَايَةُ الْأَصَمِّ وَأَبِي الرَّبِيعِ تَرِدُ عَلَيْهِ فَهُمْ سِتَّةُ أَنْفُسٍ رووه عن بن وَهْبٍ
انْتَهَى
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ سَوَّادٍ السَّرْحِيِّ وَحَرْمَلَةَ وأحمد بن عبد الرحمن كلهم عن بن وَهْبٍ ( فِيمَا أَعْلَمُ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَهُ أَبُو عَلْقَمَةَ يَقُولُ فِي عِلْمِي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا لَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ ( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ) أَيْ أُمَّةِ الإجابة ويحتمل أمة الدعوة قاله القارىء ( عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ) أَيِ انْتِهَائِهِ أَوِ ابْتِدَائِهِ إِذَا قَلَّ الْعِلْمُ وَالسُّنَّةُ وَكَثُرَ الجهل والبدعة
قاله القارىء
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاخْتُلِفَ فِي رَأْسِ الْمِائَةِ هَلْ يُعْتَبَرُ مِنَ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ أَوِ الْبَعْثَةِ أَوِ الْهِجْرَةِ أَوِ الْوَفَاةِ وَلَوْ قِيلَ بِأَقْرَبِيَّةِ الثَّانِي لَمْ يَبْعُدْ لَكِنْ صَنِيعُ السُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ الثَّالِثُ انْتَهَى ( مَنْ يُجَدِّدْ) مَفْعُولُ يَبْعَثُ ( لَهَا) أَيْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ ( دِينَهَا) أَيْ يُبَيِّنَ السُّنَّةَ مِنَ الْبِدْعَةِ وَيُكْثِرُ الْعِلْمَ وَيَنْصُرُ أَهْلَهُ وَيَكْسِرُ أَهْلَ الْبِدْعَةِ وَيُذِلَّهُمْ
قَالُوا وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَالِمًا بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ
قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِهِ
مَعْنَى التَّجْدِيدِ إِحْيَاءُ مَا انْدَرَسَ مِنَ الْعَمَلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَمْرُ بِمُقْتَضَاهُمَا
( تَنْبِيهٌ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ رَأْسِ الْمِائَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ آخِرُهَا
قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ وَالْمُرَادُ مَنِ انْقَضَتِ الْمِائَةُ وَهُوَ حَيٌّ عَالِمٌ مَشْهُورٌ
انْتَهَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِالْبَعْثِ مَنِ انْقَضَتِ الْمِائَةُ وَهُوَ حَيٌّ عَالِمٌ يُشَارُ إِلَيْهِ
كَذَا فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ لِلْمُنَاوِيِّ وَخُلَاصَةِ الْأَثَرِ لِلْمُحِبِّيِّ
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ فِي الْمُجَدِّدِينَ وَالشَّرْطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَمْضِيَ الْمِائَةُ وهو على حياته بين الفئة يشار بالعلم إِلَى مَقَامِهِ وَيَنْشُرُ السُّنَّةَ فِي كَلَامِهِ.

     وَقَالَ  في مرقاة الصعود نقلا عن بن الْأَثِيرِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْمَذْكُورِ مَنِ انْقَضَتِ الْمِائَةُ وَهُوَ حَيٌّ مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ مُشَارٌ إِلَيْهِ
انْتَهَى
وَالدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِرَأْسِ الْمِائَةِ هُوَ آخِرُهَا لَا أَوَّلُهَا أَنَّ الزُّهْرِيَّ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَغَيْرَهَمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنَ الْمُجَدِّدِينَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ تُوُفِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَمُدَّةُ خِلَافَتِهِ سَنَتَانِ وَنِصْفٌ وَتُوُفِّيَ الشَّافِعِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً
قَالَ الحافظ بن حجر في توالي التأسيس قال أبو يكر الْبَزَّارُ سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيَّ يَقُولُ كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَجَرَى ذِكْرُ الشَّافِعِيِّ فَرَأَيْتُ أَحْمَدَ يَرْفَعُهُ.

     وَقَالَ  روي عن النبي يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَيِّضُ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ قَالَ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الشَّافِعِيُّ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُخْرَى وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا سُئِلْتُ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إِمَامٌ عَالِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ
وَقَدْ روي عن النبي أَنَّهُ قَالَ عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا
وَذَكَرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ اللَّهَ يُقَيِّضُ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ قَالَ أَحْمَدُ فَكَانَ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ
وَمِنْ طَرِيقِ أَبَى سَعِيدٍ الْفِرْيَابِيِّ قَالَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنَّ اللَّهَ يُقَيِّضُ لِلنَّاسِ فِي كُلِّ رَأْسِ مِائَةٍ مَنْ يُعَلِّمُ الناس السنن وينفي عن النبي الْكَذِبَ فَنَظَرْنَا فَإِذَا فِي رَأْسِ الْمِائَةِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفِي رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ الشَّافِعِيُّ
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ حدثنا أبو يحيى الساجي بني جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ يُرْوَى فِي الحديث عن النبي أَنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُبَيِّنُ لَهُمْ أَمْرَ دِينِهُمْ وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي مِائَةِ سَنَةٍ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ آل رسول الله وَهُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفِي رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَإِذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشافعي
وقال بن عَدِيٍّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ كَانَ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفِي الثَّانِيَةِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ
وَقَدْ سَبَقَ أَحْمَدُ وَمَنْ تَابَعَهُ إِلَى عَدِّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى الزُّهْرِيُّ فَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ عَقِبَ رِوَايَتِهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ سَعِيدِ بن أبي أيوب للحديث المذكور قال بن أخي بن وَهْبٍ قَالَ عَمِّي عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِي رَأْسِ الْمِائَةِ مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
قَالَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ مَشْهُورًا فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ فَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلسَّنَدِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ قَوِيٌّ لِثِقَةِ رِجَالِهِ
قَالَ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ لِأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْحٍ يَقُولُ أَبْشِرْ أَيُّهَا الْقَاضِي فَإِنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ فَأَظْهَرَ كُلَّ سُنَّةٍ وَأَمَاتَ كُلَّ بِدْعَةٍ وَمَنَّ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ بِالشَّافِعِيِّ حَتَّى أَظْهَرَ السُّنَّةَ وَأَخْفَى الْبِدْعَةَ مَنَّ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ الثَّلَاثمِائَةِ بِكَ
انْتَهَى
قُلْتُ فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ مِنْ رَأْسِ الْمِائَةِ آخِرَهَا بَلْ كَانَ الْمُرَادُ أَوَّلَهَا لَمَا عَدُّوا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمُجَدِّدِينَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى وَلَا الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وِلَادَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُجَدِّدًا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وِلَادَةُ الشَّافِعِيِّ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ كَوْنُهُ مُجَدِّدًا عَلَيْهِ
فَإِنْ قُلْتَ الظَّاهِرُ مِنْ رَأْسِ الْمِائَةِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ هُوَ أَوَّلُهَا لَا آخِرُهَا فَكَيْفَ يُرَادُ آخِرُهَا.

قُلْتُ كَلَّا بَلْ جَاءَ فِي اللُّغَةِ رَأْسُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى آخِرُهُ أَيْضًا
قَالَ فِي تَاجِ الْعَرُوسِ رَأْسُ الشَّيْءِ طَرَفُهُ وَقِيلَ آخِرُهُ
انْتَهَى
قلت وعليه حديث بن عمر أريتكم لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فَإِنَّهُ لَا مِرْيَةَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ رَأْسِ الْمِائَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ آخِرُ الْمِائَةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي تَفْسِيرِ رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ أَيْ عِنْدَ انْتِهَاءِ مِائَةِ سَنَةٍ
انْتَهَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ الرَّأْسُ مَجَازٌ عَنْ آخِرِ السَّنَةِ وَتَسْمِيَتُهُ رَأْسًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَبْدَأٌ لِسَنَةٍ أُخْرَى
انْتَهَى
وَعَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةٍ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةٍ
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ
قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ تَوَفَّاهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ أَيْ آخِرِهِ
وَرَأْسُ آيَةٍ آخِرُهَا
انْتَهَى
وَفِيهِ نَقْلًا عَنِ الْكِرْمَانِيِّ وَقِيلَ إِنَّهُ ( أَيْ أَبُو الطُّفَيْلِ) مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ وَهِيَ رَأْسُ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ مَقَالَتِهِ
انْتَهَى
فَإِذَنْ ظَهَرَ حَقَّ الظُّهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ رَأْسِ كُلِّ مِائَةٍ آخِرُ كُلِّ مِائَةٍ
ثُمَّ.
اعْلَمْ أن بن الْأَثِيرِ وَالطِّيبِيَّ وَغَيْرَهُمَا زَعَمُوا أَنَّ الْمُجَدِّدَ هُوَ الَّذِي انْقَضَتِ الْمِائَةُ وَهُوَ حَيٌّ مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ مشار إليه فجعلوا حَيَاةَ الْمُجَدِّدِ وَبَقَاءَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمِائَةِ شَرْطًا لَهُ فَعَلَى هَذَا مَنْ كَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ أَيْ آخِرِهَا وَوُجِدَ فِيهِ جَمِيعُ أَوْصَافِ الْمُجَدِّدِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمِائَةِ بَلْ تُوُفِّيَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْمَوْجُودَةِ قَبْلَ الْمِائَةِ الْآتِيَةِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا لَا يَكُونُ مُجَدِّدًا لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي عَلَى هَذَا الِاشْتِرَاطِ دَلِيلٌ
وَمَا قَالَ بَعْضُ السَّادَاتِ الْأَعَاظِمِ إِنَّ قَيْدَ الرَّأْسِ اتِّفَاقِيٌّ وَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ فِي كُلِّ مِائَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ أَوْ وَسَطِهَا أو آخرها واختاره لَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَيْدَ احْتِرَازِيٌّ وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ كَثِيرٌ مِنَ الْأَكَابِرِ الَّذِينَ كَانُوا فِي وَسَطِ الْمِائَةِ مِنَ الْمُجَدِّدِينَ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُجَدِّدِ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ
فَفِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ قَدْ يَكُونُ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْمُجَدِّدِ عَلَى رَأْسِهَا
نَعَمْ لَوْ ثَبَتَ كَوْنُ قَيْدِ الرَّأْسِ اتِّفَاقِيًّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ لَكَانَ دَائِرَةُ الْمُجَدِّدِيَّةِ أَوْسَعَ وَلَدَخَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَكَابِرِ الْمَشْهُورِينَ الْمُسْتَجْمِعِينَ لِصِفَاتِ الْمُجَدِّدِيَّةِ فِي الْمُجَدِّدِينَ كَالْإِمَامِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ومسلم النيسابوري وأبي داود السجستاني وغيرهم مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ تَحْتَ قَوْلِهِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ أَيْ أَوَّلِهِ وَرَأْسُ الشَّيْءِ أَعْلَاهُ وَرَأْسُ الشَّهْرِ أَوَّلُهُ
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُنَا تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ إِنَّمَا يُقَرِّرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَبْعُوثَ عَلَى رَأْسِ الْقَرْنِ يَكُونُ مَوْتُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنَ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هو هُوَ أَنَّ الْبَعْثَ وَهُوَ الْإِرْسَالُ يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الْقَرْنِ أَيْ أَوَّلِهِ وَمَعْنَى إِرْسَالُ الْعَالِمِ تَأَهُّلُهُ لِلتَّصَدِّي لِنَفْعِ الْأَنَامِ وَانْتِصَابِهِ لِنَشْرِ الْأَحْكَامِ وَمَوْتِهِ عَلَى رَأْسِ الْقَرْنِ أَخْذٌ لَا بَعْثٌ فَتَدَبَّرْ
ثُمَّ رَأَيْتُ الطِّيبِيَّ قَالَ الْمُرَادُ بِالْبَعْثِ مَنِ انْقَضَتِ الْمِائَةُ وَهُوَ حَيٌّ عَالِمٌ مَشْهُورٌ مُشَارٌ إِلَيْهِ
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ قَدْ كَانَ قُبَيْلَ كُلِّ مِائَةٍ أَيْضًا مَنْ يُصَحِّحُ وَيَقُومُ بِأَمْرِ الدِّينِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَهُوَ حَيٌّ عَالِمٌ مُشَارٌ إِلَيْهِ
وَلَمَّا كَانَ رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ مِنْ تَخْصِيصِ الْبَعْثِ بِرَأْسِ الْقَرْنِ أَنَّ الْعَالِمَ بِالْحُجَّةِ لَا يُوجَدُ إِلَّا عِنْدَهُ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ بَلْ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الْمَبْعُوثِ عَلَى الرَّأْسِ وَأَنَّ تَخْصِيصَ الرَّأْسِ إِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةُ انْخِرَامِ عُلَمَائِهِ غَالِبًا وَظُهُورُ الْبِدَعِ وَخُرُوجِ الدَّجَّالِينَ
انْتَهَى كَلَامُهُ
( تَنْبِيهٌ آخَرُ) قَدْ عَرَفْتَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ التَّجْدِيدِ إِحْيَاءُ مَا اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما وَإِمَاتَةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ
قَالَ فِي مَجَالِسِ الْأَبْرَارِ وَالْمُرَادُ مِنْ تَجْدِيدِ الدِّينِ لِلْأُمَّةِ إِحْيَاءُ مَا انْدَرَسَ مِنَ الْعَمَلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَمْرَ بِمُقْتَضَاهُمَا.

     وَقَالَ  فِيهِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ الْمُجَدِّدُ إِلَّا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ مِمَّنْ عَاصَرَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِقَرَائِنِ أَحْوَالِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِ إِذِ الْمُجَدِّدُ لِلدِّينِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ قَاصِرًا لِلسُّنَّةِ قَامِعًا لِلْبِدْعَةِ وَأَنْ يَعُمَّ عِلْمُهُ أَهْلَ زَمَانِهِ وَإِنَّمَا كَانَ التَّجْدِيدُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ لِانْخِرَامِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ غَالِبًا وَانْدِرَاسِ السُّنَنِ وَظُهُورِ الْبِدَعِ فَيُحْتَاجُ حِينَئِذٍ إِلَى تَجْدِيدِ الدِّينِ فَيَأْتِي اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْخَلْقِ بِعِوَضٍ مِنَ السَّلَفِ إما واحدا أو متعددا انتهى
وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ يُبَيِّنُ السُّنَّةَ مِنَ الْبِدْعَةِ وَيُكْثِرُ الْعِلْمَ وَيُعِزُّ أَهْلَهُ وَيَقْمَعُ الْبِدْعَةَ وَيَكْسِرُ أَهْلَهَا
انْتَهَى
فَظَهَرَ أَنَّ الْمُجَدِّدَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ مَنْ كَانَ عَزْمُهُ وَهِمَّتُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِحْيَاءَ السُّنَنِ وَنَشْرَهَا وَنَصْرَ صَاحِبِهَا وَإِمَاتَةَ الْبِدَعَ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ وَمَحْوَهَا وَكَسْرَ أَهْلِهَا بِاللِّسَانِ أَوْ تَصْنِيفِ الْكُتُبِ وَالتَّدْرِيسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَمَنْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ مُجَدِّدًا الْبَتَّةَ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْعُلُومِ مَشْهُورًا بَيْنَ النَّاسِ مَرْجِعًا لَهُمْ
فَالْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ مِنْ صَاحِبِ جَامِعِ الْأُصُولِ أَنَّهُ عَدَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْإِمَامِيَّ الشِّيعِيَّ وَالْمُرْتَضَى أَخَا الرِّضَا الْإِمَامِيَّ الشِّيعِيَّ مِنَ الْمُجَدِّدِينَ حَيْثُ قَالَ الْحَدِيثُ إِشَارَةً إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَكَابِرِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةٍ فَفِي رَأْسِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَنْ قَالَ وَعَلَى الثَّالِثَةِ تَقْتَدِرُ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْإِمَامِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَعَلَى الرابعة القادر بالله وأبو حامد الإسفرائيني وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ الْخُوَارِزْمِيُّ الْحَنَفِيُّ وَالْمُرْتَضَى أَخُو الرِّضَا الْإِمَامِيُّ
إِلَخْ
وَقَدْ ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ طَاهِرُ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ بِذِكْرِ مسامحته ولم ينبه على خطائه
وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ عَدَّهُمَا مِنَ الْمُجَدِّدِينَ خَطَأٌ فَاحِشٌ وَغَلَطٌ بَيِّنٌ لِأَنَّ عُلَمَاءَ الشِّيعَةِ وَإِنْ وَصَلُوا إِلَى مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ وَبَلَغُوا أَقْصَى مَرَاتِبَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَاشْتَهَرُوا غَايَةَ الِاشْتِهَارِ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَأْهِلُونَ الْمُجَدِّدِيَّةَ
كَيْفَ وَهُمْ يُخَرِّبُونَ الدِّينَ فَكَيْفَ يُجَدِّدُونَ وَيُمِيتُونَ السُّنَنَ فَكَيْفَ يُحْيُونَهَا وَيُرَوِّجُونَ الْبِدَعَ فَكَيْفَ يَمْحُونَهَا وَلَيْسُوا إِلَّا مِنَ الْغَالِينَ الْمُبْطِلِينَ الْجَاهِلِينَ وَجُلُّ صِنَاعَتِهِمُ التَّحْرِيفُ وَالِانْتِحَالُ وَالتَّأْوِيلُ لَا تَجْدِيدُ الدِّينِ وَلَا إِحْيَاءُ مَا انْدَرَسَ مِنَ الْعَمَلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
هَدَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ
( تَنْبِيهٌ آخَرُ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مُجَدِّدٌ وَاحِدٌ فَقَطْ بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ
قَالَ الحافظ بن حَجَرٍ فِي تَوَالِي التَّأْسِيسِ حَمَلَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ مَنْ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِالنِّسْبَةِ لِلَفْظِ الْحَدِيثِ الَّذِي سُقْتُهُ وَكَذَا لَفْظُهُ عِنْدَ مَنْ أَشَرْتُ إِلَى أَنَّهُ أَخْرَجَهُ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ تَقَدَّمَتْ بِلَفْظِ رَجُلٌ وَهُوَ أَصْرَحُ فِي رِوَايَةِ الْوَاحِدِ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي جَاءَتْ بِلَفْظِ مَنْ لِصَلَاحِيَةِ مَنْ لِلْوَاحِدِ وَمَا فَوْقَهُ وَلَكِنِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِي مَنْ تَأَخُّرُ الْحَمْلِ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْوَاحِدِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُجَدِّدَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ تَجْدِيدُهُ عَامًّا فِي جَمِيعِ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ
وَهَذَا مُمْكِنٌ فِي حَقِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَيْزِ جِدًّا ثُمَّ الشَّافِعِيِّ أَمَّا مَنْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُعْدَمُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَهُوَ ( أَيْ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ) مُتَّجَهٌ فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الصِّفَاتِ الْمُحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِهَا لَا يَنْحَصِرُ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ جَمِيعَ خِصَالِ الْخَيْرِ كُلِّهَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ إِلَّا أَنْ يُدَّعَى ذَلِكَ فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَإِنَّهُ كَانَ الْقَائِمُ بِالْأَمْرِ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى بِاتِّصَافِهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْخَيْرِ وَتَقَدُّمِهِ فِيهَا
وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ أَحْمَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ فَالشَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الْقَائِمَ بِأَمْرِ الْجِهَادِ وَالْحُكْمِ بِالْعَدْلِ فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ رَأْسِ الْمِائَةِ هُوَ الْمُرَادُ سَوَاءٌ تَعَدَّدَ أَمْ لَا
انْتَهَى
تَنْبِيهٌ آخَرُ.
اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَدْ بَيَّنُوا أَسْمَاءَ الْمُجَدِّدِينَ الْمَاضِينَ وَقَدْ صَنَّفَ السُّيُوطِيُّ فِي ذَلِكَ أُرْجُوزَةً سَمَّاهَا ( تُحْفَةُ الْمُهْتَدِينَ بِأَخْبَارِ الْمُجَدِّدِينَ) فَنَحْنُ نذكرها ها هنا وَهَذِهِ هِيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَظِيمِ الْمِنَّةِ الْمَانِحِ الْفَضْلِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ ثُمَّ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَلْتَمِسْ عَلَى نَبِيٍّ دِينُهُ لَا يَنْدَرِسْ لَقَدْ أَتَى فِي خَبَرٍ مُشْتَهِرْ رَوَاهُ كُلُّ حَافِظٍ مُعْتَبِرْ بِأَنَّهُ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةٍ يَبْعَثُ رَبُّنَا لِهَذِي الْأُمَّةِ مَنًّا عَلَيْهَا عَالِمًا يُجَدِّدُ دِينَ الْهُدَى لِأَنَّهُ مُجْتَهِدُ فَكَانَ عِنْدَ الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرْ خَلِيفَةُ الْعَدْلِ بِإِجْمَاعٍ وَقَرْ وَالشَّافِعِيُّ كَانَ عِنْدَ الثَّانِيَةِ لِمَا لَهُ مِنَ الْعُلُومِ السَّامِيَةِ وبن سُرَيْجٍ ثَالِثُ الْأَئِمَّةْ وَالْأَشْعَرِيُّ عَدَّهُ مَنْ أَمَّهْ والباقلاني رابع أو سهل أو ع الاسفراني خَلَفٌ قَدْ حَكَوْا وَالْخَامِسُ الْحَبْرُ هُوَ الْغَزَالِي وَعَدَّهُ مَا فِيهِ مِنْ جِدَالِ وَالسَّادِسُ الْفَخْرُ الْإِمَامُ الرَّازِي وَالرَّافِعِيُّ مِثْلُهُ يُوَازِي وَالسَّابِعُ الرَّاقِي إلى المراقي بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِاتِّفَاقِ وَالثَّامِنُ الْحَبْرُ هُوَ الْبُلْقِينِي أَوْ حَافِظُ الْأَنَامِ زَيْنُ الدِّينِ وَالشَّرْطُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَمْضِيَ الْمِائَةْ وَهُوَ عَلَى حَيَاتِهِ بَيْنَ الْفِئَةْ يُشَارُ بِالْعِلْمِ إِلَى مَقَامِهِ وَيَنْصُرُ السُّنَّةَ فِي كَلَامِهِ وَأَنْ يَكُونَ جَامِعًا لِكُلِّ فَنِّ وَأَنْ يَعُمَّ عِلْمُهُ أَهْلَ الزَّمَنِ وَأَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثٍ قَدْ رُوِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمُصْطَفَى وَقَدْ قَوِي وَكَوْنُهُ فَرْدًا هُوَ الْمَشْهُورُ قَدْ نَطَقَ الْحَدِيثُ وَالْجُمْهُورُ وَهَذِهِ تَاسِعَةُ الْمِئِينَ قَدْ أَتَتْ وَلَا يُخْلَفُ مَا الْهَادِي وَعَدْ وَقَدْ رَجَوْتُ أَنَّنِي الْمُجَدِّدُ فِيهَا فَفَضْلُ اللَّهِ لَيْسَ يُجْحَدُ وَآخِرُ الْمِئِينَ فِيمَا يَأْتِي عِيسَى نَبِيُّ اللَّهِ ذُو الْآيَاتِ يُجَدِّدُ الدِّينَ لهذي الأمة وفي الصلاة بعضنا قدامه مُقَرِّرًا لِشَرْعِنَا وَيَحْكُمُ بِحُكْمِنَا إِذْ فِي السَّمَاءِ يُعْلَمُ وَبَعْدَهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُجَدِّدِ وَيُرْفَعُ الْقُرْآنُ مِثْلَ مَا بُدِي وَتَكْثُرُ الْأَشْرَارُ وَالْإِضَاعَةْ مِنْ رَفْعِهِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَهْ وَأَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا عَلَّمَا وَمَا جَلَا مِنَ الْخَفَا وَأَنْعَمَا مُصَلِّيًا عَلَى نَبِيِّ الرَّحْمَةْ وَالْآلِ مَعْ أَصْحَابِهِ الْمَكْرُمَةْ انْتَهَتِ الْأُرْجُوزَةُ
قُلْتُ وَقَدْ عُدَّ مِنَ الْمُجَدِّدِينَ عَلَى رَأْسِ المائة الأولى بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَمُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ وَعَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِمَامُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَعَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ النَّسَائِيُّ صَاحِبُ السُّنَنِ وَعَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ الْحَاكِمُ صَاحِبُ الْمُسْتَدْرَكِ وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ وَعَلَى رَأْسِ التَّاسِعَةِ السُّيُوطِيُّ كَمَا ادَّعَاهُ وَعَلَى رَأْسِ الْعَاشِرَةِ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ شِهَابِ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ
قَالَ الْمُحِبِّيُّ فِي خُلَاصَةِ الْأَثَرِ فِي أَعْيَانِ الْقَرْنِ الْحَادِي عَشَرَ فِي تَرْجَمَتِهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ مُجَدِّدُ الْقَرْنِ الْعَاشِرِ
انْتَهَى
وَمِنَ الْمُجَدِّدِينَ عَلَى رَأْسِ الْحَادِيَةِ عَشَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَنٍ الْكُرْدِيُّ الْكُورَانِيُّ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ عُمْدَةُ الْمُسْنِدِينَ نَزِيلُ الْمَدِينَةِ
وَعَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ عَشَرَ الشَّيْخُ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُوحٍ الْفُلَانِيُّ نَزِيلُ الْمَدِينَةِ وَالسَّيِّدُ الْمُرْتَضَى الْحُسَيْنِيُّ الزُّبَيْدِيُّ
وَعَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ عَشَرَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ النَّبِيلُ وَالْفَهَّامَةُ الْجَلِيلُ نِبْرَاسُ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ سَامِي الْمَجْدِ الْأَثِيلِ وَالْمَقَامِ ذُو الْقَدْرِ الْمَحْمُودِ وَالْفَخْرِ الْمَشْهُودِ حَسَنُ الِاسْمِ وَالصِّفَاتِ رَبُّ الْفَضَائِلِ وَالْمَكْرُمَاتِ الْمُحَدِّثُ الْفَقِيهُ الْمُفَسِّرُ التَّقِيُّ الْوَرِعُ النَّبِيهُ الشَّيْخُ الْأَكْمَلُ الْأَسْعَدُ السَّيِّدُ الْأَجَلُّ الْأَمْجَدُ رِحْلَةُ الْآفَاقِ شَيْخُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ بِالِاتِّفَاقِ صَاحِبُ كَمَالَاتِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ مُلْحِقُ الْأَصَاغِرِ بِالْأَكَابِرِ شَيْخُنَا وَبَرَكَتُنَا السَّيِّدُ نَذِيرٌ حُسَيْنُ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّنْ يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ وَلَا زَالَتْ أَنْوَارُ مَعَارِفِهِ مَدَى الْأَيَّامِ لَامِعَةً وَشُمُوسُ عَوَارِفِهِ فِي فَلَكِ الْمَعَالِي سَاطِعَةً وَحَمَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوَادِثِ الْأَزْمَانِ وَنَكَبَاتِهَا وَأَعَزَّ مَحَلَّهُ فِي الْجِنَانِ بِأَعْلَى دَرَجَاتِهَا
وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْبَدْرُ الْمُنِيرُ الْفَهَّامَةُ الْعُمْدَةُ النِّحْرِيرُ ذُو الْمَنَاقِبِ الْجَلِيلَةِ وَالْمَحَامِدِ الشَّرِيفَةِ الْمُدَقِّقُ الْكَامِلُ وَالْبَحْرُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي سَعَةِ النَّظَرِ مِنْ سَاحِلِ جَمَالُ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ الْمُحَدِّثُ الْمُتْقِنُ الْمُتَبَحِّرُ الْفَطِنُ الْقَاضِي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ السَّعْدِيُّ الْيَمَانِيُّ أَدَامَ اللَّهُ بَرَكَاتِهِ عَلَيْنَا
وَالْعَلَّامَةُ الْأَجَلُّ الْمُحَدِّثُ الْفَاضِلُ الْأَكْمَلُ جَامِعُ الْعُلُومِ الْغَزِيرَةِ ذُو التَّصَانِيفِ الْكَثِيرَةِ النَّوَّابُ صَدِيقُ الْحَسَنِ خَانِ الْبُوفَالِي الْقَنُّوجِيُّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِغُفْرَانِهِ وَأَدْخَلَهُ بُحْبُوحَةَ جِنَانِهِ هَذَا هُوَ ظَنِّي فِي هَؤُلَاءِ الْأَكَابِرِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُجَدِّدِينَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ عَشَرَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعِلْمُهُ أَتَمُّ
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.

     وَقَالَ  السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَصْحِيحِهِ مِنْهُمِ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ
وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ
انْتَهَى
وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ شَيْخُنَا اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنَ المتأخرين أبو الفضل العراقي وبن حَجَرٍ وَمِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ
انْتَهَى
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَلَاحِمِ وَالْحَاكِمُ فِي الْفِتَنِ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ سَنَدُهُ صَحِيحٌ
انْتَهَى
( رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ) عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيِّ ( لَمْ يَجُزْ بِهِ شَرَاحِيلَ) أَيْ لَمْ يُجَاوِزْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى شَرَاحِيلَ فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ أَعْضَلَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَسْقَطَ أَبَا عَلْقَمَةَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ
وَالْحَدِيثُ الْمُعْضَلُ هُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ بِشَرْطِ التَّوَالِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ ثِقَةٌ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ وَقَدْ عَضَّلَهُ
انْتَهَى
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ مَرْوِيٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ وَجْهٍ مُتَّصِلٌ وَمِنْ وَجْهٍ مُعْضَلٌ
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عَلْقَمَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ رسول الله فَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ الرَّاوِي لَمْ يَجْزِمْ بِرَفْعِهِ
انْتَهَى
قُلْتُ نَعَمْ لَكِنْ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْي إِنَّمَا هُوَ مِنْ شَأْنِ النبوة فتعين كونه مرفوعا إلى النبي
وَاللَّهُ أَعْلَمُ


قَالَ فِي مَرَاصِدِ الْإِطْلَاعِ الرُّومُ جِيلٌ مَعْرُوفٌ فِي بِلَادٍ وَاسِعَةٍ تُضَافُ إِلَيْهِمْ فَيُقَالُ بِلَادُ الرُّومِ وَمَشَارِقُ بِلَادِهِمْ وَشَمَالُهُمِ التُّرْكُ وَالرُّوسُ وَالْخَزَرِيُّ ( الْخَزَرِيُّ بِالتَّحْرِيكِ وَآخِرُهُ رَاءٌ بِلَادُ التُّرْكِ كَذَا فِي الْمَرَاصِدِ) وَجَنُوبُهُمُ الشَّامُ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةُ وَمَغَارِبُهُمُ الْبَحْرُ وَالْأَنْدَلُسُ وَكَانَتِ الرَّقَّةُ وَالشَّامَاتُ كُلُّهَا تُعَدُّ فِي حُدُودِهِمْ أَيَّامَ الْأَكَاسِرَةِ وَكَانَتْ أَنْطَاكِيَةُ دَارَ مُلْكِهِمْ إِلَى أَنْ نَفَاهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أقصى بلادهم انتهى