فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

رقم الحديث 3929 [3929]
بِفَتْحِ التَّاءِ ( إِذَا فُسِخَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( الْمُكَاتَبَةُ) وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ بَابُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ
( فِي كِتَابَتِهَا) أَيْ فِي مَالِ كِتَابَتِهَا ( إِلَى أَهْلِكَ) أَيْ سَادَاتِكَ ( وَيَكُونَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الْمَنْصُوبِ السَّابِقِ ( وَلَاؤُكَ) أَيْ وَلَاءُ الْعِتْقِ لِي وَهُوَ إِذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَرِثَهُ مُعْتِقُهُ بِكَسْرِ التَّاءِ أَوْ وَرِثَهُ مُعْتَقُهُ وَالْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ فَلَا يَزُولُ بِالْإِزَالَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ فَعُتِقَ فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ مِمَّنْ كَاتَبَهُ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ تُوُفِّيَ الْمُكَاتَبُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ انْتَهَى ( فَعَلْتُ) وَهَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ
وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَائِشَةَ طَلَبَتْ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهَا إِذَا أَدَّتْ جَمِيعَ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا وَكَيْفَ تَطْلُبُ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهَا وَقَدْ أَزَالَ هَذَا الْإِشْكَالَ مَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ حَيْثُ قَالَ أَنْ أَعُدَّهَا عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ غَرَضَهَا أَنْ تَشْتَرِيَهَا شِرَاءً صَحِيحًا ثُمَّ تُعْتِقُهَا إِذِ الْعِتْقُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ ( فَذَكَرَتْ ذَلِكَ) الَّذِي قَالَتْهُ عَائِشَةُ ( فَأَبَوْا) أَيِ امْتَنَعُوا أَيْ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِعَائِشَةَ ( إِنْ شَاءَتْ) عَائِشَةُ ( أَنْ تَحْتَسِبَ) الْأَجْرَ ( عَلَيْكِ) عِنْدَ اللَّهِ ( وَيَكُونَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى أَنْ تَحْتَسِبَ ( لَنَا وَلَاؤُكِ) لَا لَهَا ( فَذَكَرَتْ) عَائِشَةُ ( ابْتَاعِي) أَيِ ابْتَاعِيهَا ( فَأَعْتِقِي) أَيْ فَأَعْتِقِيهَا بِهَمْزَةِ قَطْعٍ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ السِّنْدِيُّ أَيْ اشْتَرِي مَعَ ذَلِكَ الشَّرْطِ قَالُوا إِنَّمَا كَانَ خُصُوصِيَّتُهُ لِيُظْهِرَ لهم إبطال الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ أَصْلًا انْتَهَى ( مَا بَالُ) أَيْ مَا حَالُ ( لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ فِي حُكْمِ اللَّهِ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَشَرَعَهُ لَهُمْ
قَالَ أَبُو خُزَيْمَةَ أَيْ لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ جَوَازُهَا أَوْ وُجُوبُهَا لَا أَنَّ كُلَّ مَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ الْكِتَابُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ الْكَفِيلُ فَلَا يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ شُرُوطٌ مِنْ أَوْصَافِهِ أَوْ نُجُومِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَبْطُلُ فَالشُّرُوطُ الْمَشْرُوعَةُ صَحِيحَةٌ وَغَيْرُهَا بَاطِلٌ ( أَحَقُّ وَأَوْثَقُ) لَيْسَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فِيهِمَا عَلَى بَابِهِ فَالْمُرَادُ أَنَّ شَرْطَ اللَّهِ هُوَ الْحَقُّ وَالْقَوِيُّ وَمَا سِوَاهُ بَاطِلٌ
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ بَيْعِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَعْجَزْ نَفْسُهُ وَاخْتَارَهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأَصَحِّ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّةِ بَرِيرَةَ بِأَنَّهَا عَجَزَتْ نَفْسُهَا لِأَنَّهَا اسْتَعَانَتْ بِعَائِشَةَ فِي ذَلِكَ
وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اسْتِعَانَتِهَا مَا يَسْتَلْزِمُ الْعَجْزَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْقَوْلِ بِجَوَازِ كِتَابَةِ مَنْ لَا مَالَ عِنْدَهُ وَلَا حِرْفَةَ له
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بَرِيرَةَ أَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ وَلَا أَخْبَرَتْ بِأَنَّهَا قَدْ حَلَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَلَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ اسْتِفْصَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى
لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا رَضِيَ أَهْلُهَا بِالْبَيْعِ وَرَضِيَتِ الْمُكَاتَبَةُ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَرْكٌ لِلْكِتَابَةِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 3928 [3928] (عَنْ نَبْهَانَ) بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ (إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ) وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ إِذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إِحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ (فَلْتَحْتَجِبْ) أَيْ إِحْدَاكُنَّ وَهِيَ سَيِّدَتُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ مِلْكَهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ وَمَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عليها قَالَ فِي السُّبُلِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا صَارَ مَعَهُ جَمِيعُ مَالِ الْمُكَاتَبَةِ فَقَدْ صَارَ لَهُ مَا لِلْأَحْرَارِ فَتَحْتَجِبُ مِنْهُ سَيِّدَتُهُ إِذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ وإن لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ ذَلِكَ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ هَذَا خَاصٌّ بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ احْتِجَابُهُنَّ عَنِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ مَالَ الْكِتَابَةِ إِذَا كَانَ وَاجِدًا لَهُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ كما منع سودة من نظر بن زَمْعَةَ إِلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ
قُلْتُ وَلَكَ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ قِنٌّ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي مُكَاتَبٍ وَاجِدٍ لِجَمِيعِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِذَا كَاتَبَتْ إِحْدَاكُنَّ عَبْدَهَا فَلْيَرَهَا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ فَإِذَا قَضَاهَا فَلَا تُكَلِّمْهُ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.

     وَقَالَ  كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَرِوَايَةُ الثِّقَاتِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِخِلَافِهِ انْتَهَى فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُقَاوِمُ حَدِيثَ الْكِتَابِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَمْلُوكِ الْمَرْأَةِ النَّظَرُ إِلَيْهَا مَا لَمْ يُكَاتِبْهَا وَيَجِدْ مَالَ الْكِتَابَةِ وَهُوَ الَّذِي دَلَّ لَهُ مَنْطُوقُ قوله تعالى أو ما ملكت أيمانهن وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا تَقَنَّعَتْ بِثَوْبٍ وَكَانَتْ إِذَا قَنَّعَتْ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا وَإِذَا غَطَّتْ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالُوا يَدُلُّ لَهُ صِحَّةُ تَزْوِيجِهَا إِيَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا وَالْحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ أَوْلَى انتهى
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ انْتَهَى
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ لَمْ أَحْفَظْ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ سَمِعَهُ مِنْ نَبْهَانَ وَلَمْ أَرَ مَنْ رَضِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُثْبِتُ هَذَا الْحَدِيثَ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي نَبْهَانُ فَذَكَرَ سَمَاعَ الزُّهْرِيِّ مِنْ نَبْهَانَ إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا لَمْ يُخَرِّجَا حَدِيثَهُ فِي الصَّحِيحِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَهُمَا أَوْ لَمْ يخرج عَنْ حَدِّ الْجَهَالَةِ بِرِوَايَةِ عَدْلٍ عَنْهُ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ قَبِيصَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ مُكَاتَبٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ يُقَالُ لَهُ نَبْهَانُ فَذَكَرَ هذا الحديث
هكذا قاله بن خُزَيْمَةَ عَنْ قَبِيصَةَ
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ مُكَاتَبٌ يُقَالُ لَهُ نَبْهَانُ

(

رقم الحديث 3930 [393] ( أُوقِيَّةٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ( فَأَعِينِينِي) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ لِلْمُؤَنَّثِ مِنَ الْإِعَانَةِ هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَنْ أَعُدَّهَا) أَيِ الْأَوَاقِي ( وَأُعْتِقَكِ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى أَعُدَّهَا ( وَسَاقَ) أَيْ هِشَامٌ ( الْحَدِيثَ نَحْوَ الزُّهْرِيِّ) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ خُذِيهَا فَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ
قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ مَا بَالُ رِجَالٍ منكم يقول أحدهم أعتق يافلان وَلِيَ الْوَلَاءُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ انْتَهَى
( إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَيُسْتَفَادُ مِنَ التَّعْبِيرِ بِإِنَّمَا إِثْبَاتُ الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ وَنَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ فَلَا وَلَاءَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ
وَفِيهِ جَوَازُ سَعْيِ الْمُكَاتَبِ وَسُؤَالِهِ وَاكْتِسَابِهِ وَتَمْكِينُ السَّيِّدِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ لَكِنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إِذَا عُرِفَتْ جِهَةُ حِلِّ كَسْبِهِ وَأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَسْأَلَ مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ عَجْزُهُ خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَهُ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَعْجِيلِ مَالِ الْكِتَابَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي خَبَرِ بَرِيرَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْمُكَاتَبِ جَائِزٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي ابْتِيَاعِهَا بَعْدَ أَنْ جَاءَتْهَا تَسْتَعِينُ بِهَا فِي ذَلِكَ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهَا قَدْ عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ نُجُومِهَا
وَتَأَوَّلَ الْخَبَرَ مَنْ مَنَعَ مِنْ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ وَأَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَاؤُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتِقٍ
وَكَلِمَةُ إِنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ جَمِيعًا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه