فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْحَذَرِ مِنَ النَّاسِ

رقم الحديث 4282 [4282] ( كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْ عمر بن عبيد وأبو بَكْرٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَزَائِدَةَ وَفِطْرٍ رَوَوْا عَنْ عاصم وهو بن بهدلة ( عن زر) أي بن حُبَيْشٍ ( قَالَ زَائِدَةُ) أَيْ وَحْدَهُ ( مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي
وَاعْلَمْ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ بَنِي الحسن أو من بني الحسين
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا بَيْنَ النِّسْبَتَيْنِ الْحَسَنَيْنِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ حَسَنِيٌّ وَمِنْ جَانِبِ الْأُمِّ حُسَيْنِيٌّ قِيَاسًا عَلَى مَا وَقَعَ فِي وَلَدَيْ إِبْرَاهِيمَ وَهُمَا إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَيْثُ كَانَ أَنْبِيَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ وَإِنَّمَا نبئ من ذرية إسماعيل نبينا وَقَامَ مَقَامَ الْكُلِّ وَنِعْمَ الْعِوَضُ وَصَارَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ فَكَذَلِكَ لَمَّا ظَهَرَتْ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ وَأَكَابِرُ الْأُمَّةِ مِنْ أَوْلَادِ الْحُسَيْنِ فَنَاسَبَ أَنْ يَنْجَبِرَ الْحَسَنُ بِأَنْ أُعْطِيَ لَهُ وَلَدٌ يَكُونُ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ وَيَقُومُ مَقَامَ سَائِرِ الْأَصْفِيَاءِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ لَمَّا نَزَلَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الْخِلَافَةِ الصُّورِيَّةِ كَمَا وَرَدَ فِي مَنْقَبَتِهِ فِي الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ أُعْطِيَ لَهُ لِوَاءُ وِلَايَةِ الْمَرْتَبَةِ الْقُطْبِيَّةِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَتِهَا النِّسْبَةُ الْمَهْدَوِيَّةُ الْمُقَارِنَةُ لِلنُّبُوَّةِ الْعِيسَوِيَّةِ وَاتِّفَاقُهُمَا عَلَى إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْمِلَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَسَيَأْتِي فِي حديث أبي إسحاق عن علي رضي الله عَنْهُ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ وَلَفْظُهُ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ فَقَالَ إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سماه النبي وسيخرج من صلبه رجل الخ ( يواطىء اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي) فَيَكُونُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ حَيْثُ يَقُولُونَ الْمَهْدِيُّ الْمَوْعُودُ هُوَ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ
( يَمْلَأُ الْأَرْضَ) اسْتِئْنَافٌ مُبَيِّنٌ لِحَسَبِهِ كَمَا أَنَّ مَا قَبْلَهُ مُعَيِّنٌ لِنَسَبِهِ أَيْ يَمْلَأُ وَجْهَ الْأَرْضِ جَمِيعًا أَوْ أَرْضَ الْعَرَبِ وَمَا يَتْبَعُهَا وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا ( قِسْطًا) بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَفْسِيرُهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَعَدْلًا) أَتَى بِهِمَا تَأْكِيدًا ( كَمَا مُلِئَتْ) أَيِ الْأَرْضُ قَبْلَ ظُهُورِهِ ( لَا تَذْهَبُ) أَيْ لَا تَفْنَى ( أَوْ لَا تَنْقَضِي) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ خَصَّ الْعَرَبَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمُ الْأَصْلُ وَالْأَشْرَفُ انْتَهَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ لَمْ يَذْكُرِ الْعَجَمَ وَهُمْ مُرَادُونَ أَيْضًا لِأَنَّهُ إِذَا مَلَكَ الْعَرَبَ وَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ وَكَانُوا يَدًا وَاحِدَةً قَهَرُوا سَائِرَ الْأُمَمِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ انْتَهَى
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَأْتِي فِي هذا الباب
قال القارىء وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ الْعَرَبَ لِغَلَبَتِهِمْ فِي زَمَنِهِ أَوْ لِكَوْنِهِمْ أَشْرَفُ أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ وَمُرَادُهُ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى سرابيل تقيكم الحر أَيْ وَالْبَرْدَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ يُطِيعُونَهُ بِخِلَافِ الْعَجَمِ بِمَعْنَى ضِدُّ الْعَرَبِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِنْهُمْ خِلَافٌ في إطاعته والله تعالى أعلم انتهى
( يواطىء اسْمُهُ اسْمِي) أَيْ يُوَافِقُ وَيُطَابِقُ اسْمُهُ اسْمِي ( لَفْظُ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ بِمَعْنَى سُفْيَانَ) هُوَ الثَّوْرِيُّ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ أَيْ لَفْظُ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ صَحِيحٌ
قُلْتُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ والمنذري وبن الْقَيِّمِ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ وَطُرُقُ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ إِذْ عَاصِمٌ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المسلمين انتهى
وعاصم هذا هو بن أَبِي النَّجُودِ وَاسْمُ أَبِي النَّجُودِ بَهْدَلَةُ أَحَدُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَأَنَا أَخْتَارُ قِرَاءَتَهُ
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا وَأَبُو زُرْعَةَ ثِقَةٌ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ مَحَلُّهُ عِنْدِي مَحَلُّ الصِّدْقِ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ الْحَافِظُ
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا سُوءُ الْحِفْظِ
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ
قَالَ الذَّهَبِيُّ ثَبْتٌ فِي الْقِرَاءَةِ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ دُونَ الثَّبْتِ صَدُوقٌ يَهِمُ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ بَهْدَلَةَ ثِقَةٌ عَلَى رَأْيِ أَحْمَدَ وَأَبِي زُرْعَةَ وَحَسَنُ الْحَدِيثِ صَالِحُ الِاحْتِجَاجِ عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا سُوءُ الْحِفْظِ فَرَدُّ الْحَدِيثِ بِعَاصِمٍ لَيْسَ مِنْ دَأْبِ الْمُنْصِفِينَ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ جَاءَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عَاصِمٍ أَيْضًا فَارْتَفَعَتْ عَنْ عَاصِمٍ مَظِنَّةُ الْوَهْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



رقم الحديث 4283 [4283] ( حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ) بالتصغير ( أخبرنا فطر) هو بن خليفة القرشي المخزومي وثقه أحمد وبن مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ ( عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ ( لَبَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا) هو المهدي ( يملأها) أي الأرض
والحديث أخرجه بن مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنِ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلِكُ جِبَالَ الدَّيْلَمِ وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَفِي الْقَامُوسِ الدَّيْلَمُ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
قُلْتُ الْحَدِيثُ سَنَدُهُ حَسَنٌ قَوِيٌّ.
وَأَمَّا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكُوفِيُّ فَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ والنسائي والعجلي وبن سَعْدٍ وَالسَّاجِيُّ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَيَكْفِي تَوْثِيقُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ لعدالته فلا يلتفت إلى قول بن يُونُسَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَالْجُوزَجَانِيِّ فِي تَضْعِيفِهِ بَلْ هُوَ قَوْلٌ مَرْدُودٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ