فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

رقم الحديث 2056 [2056] ( أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ) بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي) أَيْ هَلْ لَكَ رَغْبَةٌ فِي تَزْوِيجِ أُخْتِي وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنْكِحْ أُخْتِي عَزَّةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ
وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ هَلْ لَكَ فِي حَمْنَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ
وَعِنْدَ أَبِي مُوسَى فِي الذَّيْلِ دُرَّةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ
وَجَزَمَ الْمُنْذِرِيُّ بِأَنَّ اسْمَهَا حَمْنَةَ كَمَا فِي الطَّبَرَانِيِّ
وَقَالَ عِيَاضٌ لَا نَعْلَمُ لِعَزَّةَ ذِكْرًا فِي بَنَاتِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْهَرُ فِيهَا عَزَّةُ ( قَالَ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَأَفْعَلُ مَاذَا) فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْفِعْلِ عَلَى مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ مِنَ النحاة ( أختك) بالنصب أي أنكح أختك ( أو تحبين ذلك) هُوَ اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ مِنْ كَوْنِهَا تَطْلُبُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا مَعَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنَ الْغَيْرَةِ وَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْهَمْزَةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَعَلَى مُقَدَّرٍ عِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَيْ أَنْكِحُهَا وَتُحِبِّينَ ذَاكَ ( لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَخْلَى يُخْلِي أَيْ لَسْتُ بِمُنْفَرِدَةٍ بِكَ وَلَا خَالِيَةً مِنْ ضَرَّةٍ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بِوَزْنِ فَاعِلِ الْإِخْلَاءِ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا مِنْ أَخْلَيْتُ بِمَعْنَى خَلَوْتُ مِنَ الضَّرَّةِ أَيْ لَسْتُ بِمُتَفَرِّغَةٍ وَلَا خَالِيَةً مِنْ ضَرَّةٍ
قَالَهُ الْحَافِظُ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ لَسْتُ مَتْرُوكَةً لِدَوَامِ الْخَلْوَةِ ( وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ شَارَكَنِي بَالْأَلِفِ ( فِي خَيْرٍ أُخْتِي) أَحَبُّ مُبْتَدَأٌ وَأُخْتِي خَبَرُهُ وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مُضَافٌ إِلَى مَنْ وَمَنْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ أَيْ وَأَحَبُّ شَخْصٍ شَارَكَنِي فَجُمْلَةُ شَارَكَنِي فِي مَحَلِّ جَرٍّ صِفَتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً وَالْجُمْلَةُ صِلَتُهَا وَالتَّقْدِيرُ أَحَبُّ الْمُشَارِكِينَ لِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي
قِيلَ الْمُرَادُ بَالْخَيْرِ صُحْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ السَّاتِرَةُ لِمَا لَعَلَّهُ يعرض من الْغَيْرَةِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِيكَ أُخْتِي
قَالَ الْحَافِظُ فَعُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بَالْخَيْرِ ذَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي) لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ حَرَامٌ ( لَقَدْ أُخْبِرْتُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ
قَالَ الْحَافِظُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمٍ مَنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَلَعَلَّهُ كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْخَبَرَ لَا أَصْلَ لَهُ وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ضَعْفِ الْمَرَاسِيلِ ( أَنَّكَ تَخْطُبُ دُرَّةَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ( أَوْ ذُرَّةَ) بَالْمُعْجَمَةِ ( شَكَّ زُهَيْرٌ) الرَّاوِي عَنْ هِشَامٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَعَ اسْمُهَا دُرَّةُ بِغَيْرِ الشَّكِّ ( بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ تَعْنِينَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ اسْتِثْبَاتٍ لِرَفْعِ الْإِشْكَالِ أَوِ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَيَكُونُ تَحْرِيمُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ
وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا فَمَنْ وُجِهٍ وَاحِدٍ
وَكَأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ لَمْ تَطَّلِعْ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ
وَإِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَظَنَّتْ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ
قَالَ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوَّلُ يَدْفَعُهُ سِيَاقُ الْحَدِيثِ ( لَوْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ دُرَّةُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ ( رَبِيبَتِي) أَيْ بِنْتُ زَوْجَتِي مُشْتَقَّةٌ مِنَ الرَّبِّ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ لِأَنَّ زَوْجَ الْأُمِّ يَرُبُّهَا وَيَقُومُ بِأَمْرِهَا وَقِيلَ مِنَ التَّرْبِيَةِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ ( فِي حَجْرِي) رَاعَى فِيهِ لَفْظَ الْآيَةِ وَإِلَّا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ
كَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ ( ما حلت لي) هذا جواب لو يعي لَوْ كَانَ بِهَا مَانِعٌ وَاحِدٌ لَكَفَى فِي التَّحْرِيمِ فَكَيْفَ وَبِهَا مَانِعَانِ ( أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا) أَيْ وَالِدَ دُرَّةَ أَبَا سَلَمَةَ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَفْعُولِ أَوْ مَفْعُولٌ مَعَهُ ( ثُوَيْبَةُ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَبَعْدَ التَّحْتِيَّةِ السَّاكِنَةِ مُوَحَّدَةٌ كَانَتْ مَوْلَاةً لِأَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَلَا تَعْرِضْنَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ عَلَى الْخِطَابِ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَبِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ خِطَابٌ لِأُمِّ حَبِيبَةَ
قَالَ الْحَافِظُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ جَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا أُمُّ حَبِيبَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَ رَدْعًا وَزَجْرًا أَنْ تَعُودَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَهَذَا كَمَا لَوْ رَأَى رَجُلٌ امْرَأَةً تُكَلِّمُ رَجُلًا فَقَالَ لَهَا أَتُكَلِّمِينَ الرِّجَالَ فَإِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ شَائِعٌ
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ