فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي زَكَاةِ السَّائِمَةِ

رقم الحديث 1374 [1374] ( يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ أَوْزَاعًا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ تريد مُتَفَرِّقِينَ وَمِنْ هَذَا .

     قَوْلُهُ مْ وَزَّعْتُ الشَّيْءَ إِذَا فَرَّقْتُهُ فَفِي هَذَا إِثْبَاتُ الْجَمَاعَةِ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِيهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ ( فَضُرِبَتْ) أَيْ بُسِطَتْ ( بِحَمْدِ اللَّهِ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْحَالِ وَذِي الْحَالِ ( غَافِلًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مَا بِتُّ ( وَلَا خَفِيَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ) وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ أَخْرُجْ إِلَيْكُمْ خَشْيَةَ الِافْتِرَاضِ عَلَيْكُمْ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

رقم الحديث 1375 [1375] ( فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ) أَيْ لَمْ يُصَلِّ بِنَا غَيْرَ الْفَرِيضَةِ مِنْ لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْفَرْضَ دَخَلَ حُجْرَتَهُ ( حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ) أَيْ مِنَ الشَّهْرِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَمَضَى اثْنَانِ وَعِشْرُونَ
قَالَ الطيبي أي سبع ليال نظر إِلَى الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ أَنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَيَكُونُ الْقِيَامُ فِي قَوْلِهِ ( فَقَامَ بِنَا) لَيْلَةَ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ ( حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ) فَصَلَّى وَذَكَرَ اللَّهَ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ ( فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ) أَيْ مِمَّا بَقِيَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ ( فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ) وَهِيَ اللَّيْلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ
قَالَ صَاحِبُ الْمَفَاتِيحِ فَحَسَبَ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ وَهُوَ لَيْلَةُ الثَّلَاثِينَ إِلَى آخِرِ سَبْعِ لَيَالٍ وَهُوَ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ ( حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ) أَيْ نِصْفُهُ ( لَوْ نَفَّلْتَنَا) بِالتَّشْدِيدِ ( قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ) وَفِي رِوَايَةٍ بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا أَيْ لَوْ جَعَلْتَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ زِيَادَةً لَنَا عَلَى قِيَامِ الشَّطْرِ
وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ زِدْتَنَا مِنَ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ سُمِّيَتْ بِهَا النَّوَافِلُ لِأَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى الْفَرَائِضِ
وَقَالَ الْمُظْهِرُ تَقْدِيرُهُ لَوْ زِدْتَ قِيَامَ اللَّيْلِ عَلَى نِصْفِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَنَا وَلَوْ لِلتَّمَنِّي ( حَتَّى يَنْصَرِفَ) أَيِ الْإِمَامُ ( حُسِبَ لَهُ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيِ اعْتُبِرَ وَعُدَّ ( قِيَامُ اللَّيْلَةِ) أَيْ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ قِيَامِ لَيْلَةٍ تَامَّةٍ يَعْنِي الْأَجْرَ حَاصِلٌ بِالْفَرْضِ وَزِيَادَةُ النَّوَافِلِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَدْرِ النَّشَاطِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ ( فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ) أَيْ مِنَ الْبَاقِيَةِ وَهِيَ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ ( فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ) أَيْ مِنَ الْبَاقِيَةِ وَهِيَ لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ ( جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ) أَيِ الْخَوَاصَّ مِنْهُمْ ( حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُ الْفَلَاحِ الْبَقَاءُ وَسُمِّيَ السُّحُورُ فَلَاحًا إِذْ كَانَ سَبَبًا لِبَقَاءِ الصَّوْمِ وَمُعِينًا عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَيِ الْعَمَلِ الَّذِي يُخَلِّدُكُمْ فِي الْجَنَّةِ
وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُعِينٌ عَلَى إِتْمَامِ الصَّوْمِ الْمُفْضِي إِلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ بِالزُّلْفَى وَالْبَقَاءِ فِي الْعُقْبَى ( قُلْتُ) قَالَهُ الرَّاوِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ ( قَالَ) أَبُو ذَرٍّ ( السُّحُورُ) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ
قَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِالْفَتْحِ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَبِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ وَالْفِعْلُ نَفْسُهُ وَأَكْثَرُ مَا يُرْوَى بِالْفَتْحِ
وَقِيلَ الصَّوَابُ بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ بِالْفَتْحِ الطَّعَامُ وَالْبَرَكَةُ وَالْأَجْرُ وَالصَّوَابُ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الطَّعَامِ انْتَهَى قال علي القارىء وَبِهِ يَظْهَرُ خَشْيَتُهُمْ مِنْ فَوْتِهِ ( بَقِيَّةَ الشَّهْرِ) أَيِ الثَّامِنَةَ وَالْعِشْرِينَ وَالتَّاسِعَةَ وَالْعِشْرِينَ
وَأَمَّا عَدَدُ الرَّكَعَاتِ الَّتِي صَلَّى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي فَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ عَنْ جَابِرٍ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في شهر رمضان ثمان رَكَعَاتٍ وَأَوْتَرَ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْقَابِلَةُ اجْتَمَعْنَا فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَوْنَا أَنْ يَخْرُجَ فَيُصَلِّيَ بِنَا فأقمنا فيه حتى أصبحنا فقلنا يارسول اللَّهِ رَجَوْنَا أَنْ تَخْرُجَ فَتُصَلِّي بِنَا فَقَالَ إِنِّي كَرِهْتُ أَوْ خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمُ الْوِتْرُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ لَيْلَةً ثمان رَكَعَاتٍ وَالْوِتْرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ فَرَكَعَ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رِبِّيَّ الْعَظِيمِ مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رِبِّيَّ الْأَعْلَى مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ثُمَّ جَلَسَ يَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ سُبْحَانَ رِبِّيَّ الْأَعْلَى مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا فَمَا صَلَّى إِلَّا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى جَاءَ بِلَالٌ إِلَى الْغَدَاةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَاءَ أبي بن كعب في رمضان فقال يارسول اللَّهِ كَانَ مِنِّي اللَّيْلَةَ شَيْءٌ
قَالَ وَمَا ذاك ياأبي قَالَ نِسْوَةُ دَارِي قُلْنَ إِنَّا لَا نَقْرَأُ القرآن فنصلي خلفك بصلاتك فصليت بهن ثمان رَكَعَاتٍ وَالْوِتْرَ فَسَكَتَ عَنْهُ وَكَانَ شِبْهَ الرِّضَا وَأَخْرَجَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً.

     وَقَالَ  الْإِمَامُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ كُنَّا نَقُومُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةٍ وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ جَدِّهِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي فِي زَمَنِ عُمَرَ فِي رَمَضَانَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ.
وَأَمَّا مَا قَالَ بَعْضُ مَنِ اشْتُهِرَ فِي رِسَالَتِهِ تُحْفَةِ الْأَخْيَارِ بِإِحْيَاءِ سُنَّةِ سَيِّدِ الْأَبْرَارِ إِنَّ التَّرَاوِيحَ عِشْرُونَ رَكْعَةً سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَغَلَطٌ بَيِّنٌ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَطُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّيَا عِشْرِينَ رَكْعَةً مَرَّةً وَاحِدَةً أَيْضًا فَضْلًا عَنِ الْمُوَاظَبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا في غلبة الْمَقْصُودِ مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

رقم الحديث 1376 [1376] ( وَقَالَ دَاوُدُ) بْنُ أُمَيَّةَ فِي حَدِيثِهِ ( عَنِ بن عُبَيْدِ بْنِ نَسْطَاسٍ) .

     وَقَالَ  نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي يَعْفُورَ وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ لِأَنَّ أَبَا يعفور هو بن عُبَيْدٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ أَبُو دَاوُدَ ( إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ) أَيِ الْأُخَرُ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ التَّصْرِيحُ بِالْأَخِيرِ ( أَحْيَا اللَّيْلَ) أَيْ غَالِبَهُ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَيِ اسْتَغْرَقَ بِالسَّهَرِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا
قَالَ فِي الشَّرْحِ.
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْمُحَقِّقِينَ بِكَرَاهَةِ قِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ فَمَعْنَاهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْهَبْ بِكَرَاهَةِ لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ عَشْرٍ انْتَهَى ( وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ إِزَارَهُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَصْدِ وَالتَّوَجُّهِ إِلَى فِعْلٍ شَاقٍّ مُهِمٍّ كَتَشْمِيرِ الثَّوْبِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ شَدُّ الْمِئْزَرِ يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هِجْرَانُ النِّسَاءِ وَتَرْكُ غَشَيَانِهِنَّ وَقِيلَ الْجِدُّ وَالتَّشْمِيرُ فِي الْعَمَلِ ( وَأَيْقَظَ أهله) أي أمر بإيقاظهم للعبادة وطلب لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُعْتَكِفًا قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1377 [1377] ( لَيْسَ مَعَهُمْ قُرْآنٌ) أَيْ لَا يَحْفَظُونَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ ( مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ضَعِيفٌ) فَقِيهٌ صَدُوقٌ كَثِيرُ الْأَوْهَامِ
كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّهْذِيبِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الْمَكِّيُّ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِالزِّنْجِيِّ رَوَى عنه الشافعي وبن وهب والحميدي وطائفة
قال بن معين ثقة وضعفه أبو داود وقال بن عَدِيٍّ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ إِمَامٌ فِي الْفِقْهِ تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ يَكْتُبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ
وَقَالَ النَّسَائِيُّ ليس بالقوي


رقم الحديث 1378 [1378] ( عَنْ زِرٍّ) بِكَسْرِ الزاي وتشديد الراء بن حبيش مصغرا ( ياأبا الْمُنْذِرِ) هَذَا كُنْيَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ( فَإِنَّ صَاحِبَنَا) يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ( فَقَالَ) أي بن مَسْعُودٍ ( مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ) أَيْ تَمَامَ الْحَوْلِ لِأَنَّهَا تَدُورُ فِي تَمَامِ السَّنَةِ ( أَبَا عَبْدِ الرحمن) هذا كنية بن مَسْعُودٍ ( أَوْ أَحَبَّ) شَكٌّ مَنِ الرَّاوِي ( ثُمَّ اتَّفَقَا) أَيْ سُلَيْمَانُ وَمُسَدَّدٌ ( لَا يَسْتَثْنِي) حَالٌ أَيْ حَلَفَ حَلِفًا جَازِمًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ عُقَيْبَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْحَالِفُ لَأَفْعَلَنَّ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ جَزْمُ الْحَالِفِ ( مَا الْآيَةُ) أَيِ الْعَلَامَةُ وَالْأَمَارَةُ ( مِثْلُ الطَّسْتِ) مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ تشت وَأَصْلُهُ طَسٌّ أَبْدَلَ إِحْدَى السِّينَيْنِ تَاءً لِلِاسْتِثْقَالِ فَإِذَا جَمَعْتَ أَوْ صَغَّرْتَ رَدَدْتَ السِّينَ لِأَنَّكَ فَصَلْتَ بَيْنَهُمَا بِوَاوٍ أَوْ أَلْفٍ أَوْ يَاءٍ فَقُلْتَ طُسُوسٌ وَطِسَاسٌ وَطُسَيْسٌ وَحُكِيَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ ( لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ) قَالَ الطِّيبِيُّ وَالشُّعَاعُ هُوَ مَا يُرَى مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ عِنْدَ حُدُورِهَا مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك كما نَظَرْتَ إِلَيْهَا انْتَهَى
قِيلَ وَفَائِدَةُ كَوْنِ هَذَا عَلَامَةً مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا يُوجَدُ بَعْدَ انْقِضَاءِ اللَّيْلَةِ لِأَنَّهُ يُسَنُّ إِحْيَاءُ يَوْمِهَا كَمَا يُسَنُّ إحياء ليلها
انتهى
قال القارىء وَفِي قَوْلِهِ يُسَنُّ إِحْيَاءُ يَوْمِهَا نَظَرٌ يَحْتَاجُ إِلَى أَثَرٍ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَائِدَةَ الْعَلَامَةِ أَنْ يَشْكُرَ عَلَى حُصُولِ تِلْكَ النِّعْمَةِ إِنْ قَامَ بِخِدْمَةِ اللَّيْلَةِ وَإِلَّا فَيَتَأَسَّفُ عَلَى مَا فَاتَهُ من الكرامة وَيَتَدَارَكُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ عَلَامَةً فِي أَوَّلِ لَيْلِهَا إِبْقَاءً لَهَا عَلَى إِبْهَامِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1379 [1379] ( عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ فِيهَا الْأَرْزَاقَ وَيَقْضِي وَيَكْتُبُ الْآجَالَ وَالْأَحْكَامَ الَّتِي تَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فيها يفرق كل أمر حكيم وَقَولُهُ تَعَالَى تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ ربهم من كل أمر وَالْقَدْرُ بِهَذَا الْمَعْنَى يَجُوزُ فِيهِ تَسْكِينُ اللَّامِ وَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيكُ
وَقِيلَ سُمِّيَ بِهَا لِعِظَمِ قَدْرِهَا وَشَرَفِهَا وَالْإِضَافَةُ عَلَى هَذَا مِنْ قَبِيلِ حَاتِمِ الْجُودِ
كَذَا فِي اللُّمَعَاتِ وَالْمِرْقَاةِ ( وَذَلِكَ) أَيِ اجْتِمَاعُ النَّاسِ وَعَزْمُهُمْ عَلَى سُؤَالِ هَذَا الْأَمْرَ ( صَبِيحَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ( فَوَافَيْتُ) أَيْ لَقِيتُ مَعَهُ
وَاجْتَمَعْتُ بِهِ وَقْتَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ( فَأُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( بِعَشَائِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ طَعَامِ اللَّيْلِ ( أَكُفُّ عَنْهُ) أَيْ عَنِ الطَّعَامِ يَدَيَّ ( مِنْ قِلَّتِهِ) أَيِ الطَّعَامِ وَمَا آكُلُ إِلَّا الْقَلِيلَ ( رَهْطٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ ( مِنْ بَنِي سَلِمَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ ( فَقَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَمِ اللَّيْلَةُ) الَّتِي أَنْتَ فِيهَا مَوْجُودَةٌ تَسْأَلُنِي عَنْهَا ( فَقُلْتُ) هَذِهِ اللَّيْلَةُ الْحَاضِرَةُ ( اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ) وَقَدْ مَضَتْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ( قَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هِيَ اللَّيْلَةُ) أَيْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ هَذِهِ اللَّيْلَةُ الْحَاضِرَةُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَيْلَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ ( أَوِ الْقَابِلَةُ) أَيِ الْآتِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَعَنْهُ لَمْ يَرْوِ الزُّهْرِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ غَيْرَ هذا الحديث

رقم الحديث 1380 [138] ( إِنَّ لِي بَادِيَةً أَكُونُ) أَيْ سَاكِنًا ( فِيهَا) الْمُرَادُ بِالْبَادِيَةِ دَارُ إِقَامَةٍ بِهَا
فَ.

     قَوْلُهُ  إِنَّ لِي بَادِيَةً أَيْ إِنَّ لِي دَارًا بِبَادِيَةٍ أَوْ بَيْتًا أَوْ خَيْمَةً هُنَاكَ وَاسْمُ تِلْكَ البادية الوطاءة قاله القارىء ( وَأَنَا أُصَلِّي فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ) وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أَعْتَكِفَ وَأُرِيدُ إِدْرَاكَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ( فَمُرْنِي) أَمْرٌ مِنْ أَمَرَ مُخَفَّفًا ( بِلَيْلَةٍ) زَادَ فِي الْمَصَابِيحِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ ( أَنْزِلُهَا) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ وَقِيلَ بِالْجَزْمِ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ أَيْ أَنْزِلُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنَ النُّزُولِ بِمَعْنَى الْحُلُولِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَنْزِلُ فِيهَا قَاصِدًا أَوْ مُنْتَهِيًا ( إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ) إِشَارَةٌ إِلَى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَقَصَدَ حِيَازَةَ فَضِيلَتَيِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ( فَقَالَ انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ) فَتُدْرِكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ( فَقُلْتُ) هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّاوِي عَنْ ضَمْرَةَ ( لِابْنِهِ) أَيْ لِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَمْرَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ( فَكَيْفَ كَانَ أَبُوكَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ ( يَصْنَعُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ ( إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ) أَيْ يَوْمَ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ ( فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ لِحَاجَةٍ) أَيْ مِنَ الْحَاجَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ اغْتِنَامًا لِلْخَيْرَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ أَوْ لِحَاجَةٍ غَيْرِ ضَرُورِيَّةٍ ( حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي سَنَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَانِي صَبِيحَتَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ الْحَدِيثَ انْتَهَى



رقم الحديث 1381 [1381] ( فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَتَبْقَى صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْعَدَدِ أَيْ يُرْجَى بَقَاؤُهَا ( وَفِي سَابِعَةٍ تَبْقَى وَفِي خَامِسَةٍ تَبْقَى) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّاسِعَةَ وَالْعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةَ وَالْعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ تَاسِعَةٌ مِنَ الْأَعْدَادِ الْبَاقِيَةِ وَالرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ سَابِعَةٌ مِنْهَا وَالسَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ خامسة منها وقال الزركشي تبقى الأولى هي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَالثَّانِيَةُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَالثَّالِثَةُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ هَكَذَا قَالَهُ مَالِكٌ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ وَيُوَافِقُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وِتْرًا مِنَ اللَّيَالِي إِذَا كَانَ الشَّهْرُ نَاقِصًا فَإِنْ كَانَ كَامِلًا فَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي شَفْعٍ فَتَكُونُ التَّاسِعَةُ الْبَاقِيَةُ لَيْلَةَ اثْنَتَيْ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةُ الْبَاقِيَةُ لَيْلَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةُ الْبَاقِيَةُ لَيْلَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ البخاري بعد عن بن عَبَّاسٍ وَلَا يُصَادِفُ وَاحِدٌ مِنْهُنَّ وِتْرًا وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الْعَرَبِ فِي التَّارِيخِ إِذَا جَاوَزُوا نِصْفَ الشَّهْرِ فَإِنَّمَا يُؤَرِّخُونَ بِالْبَاقِي مِنْهُ لَا بِالْمَاضِي كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وذكر متابعته عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ الْتَمِسُوهَا فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفُوا فِي مَحِلِّهَا فَقَالَ جَمَاعَةٌ هِيَ مُتَنَقِّلَةٌ تَكُونُ فِي سَنَةٍ فِي لَيْلَةٍ وَفِي سَنَةٍ أُخْرَى فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى وَهَكَذَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَيُقَالُ كُلُّ حَدِيثٍ جَاءَ بِأَحَدِ أَوْقَاتِهَا وَلَا تَعَارُضَ فِيهَا
قَالَ وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا وَإِنَّمَا تَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ بَلْ فِي كُلِّهِ وَقِيلَ إِنَّهَا مُعَيَّنَةٌ فَلَا تَنْتَقِلُ أَبَدًا بَلْ هِيَ لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ فِي جَمِيعِ السِّنِينَ لَا تُفَارِقُهَا وَعَلَى هَذَا قِيلَ هِيَ فِي السَّنَةِ كلها وهو قول بن مَسْعُودٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَقِيلَ بَلْ فِي شهر رمضان كله وهو قول بن عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقِيلَ بَلْ فِي الْعَشْرِ الْوَسَطِ وَالْأَوَاخِرِ وَقِيلَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِأَوْتَارِ الْعَشْرِ وَقِيلَ بِأَشْفَاعِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقِيلَ بَلْ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ قَوْلُ بن عَبَّاسٍ وَقِيلَ تُطْلَبُ فِي لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَحُكِيَ عن علي وبن مَسْعُودٍ وَقِيلَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَيْلَةَ أَرْبَعٍ وعشرين وهو محكي عن بلال وبن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَقِيلَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقِيلَ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم وبن مَسْعُودٍ أَيْضًا وَقِيلَ لَيْلَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَحُكِيَ عن بن مَسْعُودٍ أَيْضًا وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا وَقِيلَ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ
انْتَهَى مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ




رقم الحديث 1382 [1382] (مِنْ رَمَضَانَ) فِيهِ مُدَاوَمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَالِاعْتِكَافُ فِيهِ سُنَّةٌ لمواظبته صلى الله عليه وسلم
قاله بن عَبْدِ الْبَرِّ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ رَمَضَانَ لَا يُقَيِّدُ وَسَطَهُ إِذْ هُوَ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ (فَاعْتَكَفَ عَامًا) أَيِ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ فِي عَامٍ (يَخْرُجُ فِيهَا) وَلَفْظُ الْمُوَطَّأِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ صُبْحِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ (مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي) الْعَشْرَ الْوَسَطَ (فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ فَخَطَبَنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ وَفِي أُخْرَى لَهُمَا فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذَا الْعَشْرَ ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذَا الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ
وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ فَأَخَذَهُ فَنَحَّاهُ فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ثُمَّ كَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ ثُمَّ أُوتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فِي الْمَرَّتَيْنِ فَقَالَ لَهُ إِنِ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ أَيْ قُدَّامَكَ (وَقَدْ رَأَيْتُ) وَفِي رِوَايَةٍ أُرِيتُ بِهَمْزَةٍ أَوَّلِهِ مَضْمُومَةٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ أُعْلِمْتُ (هَذِهِ الليلة نصب مفعول به لا طرف أَيْ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ
وَجَوَّزَ الْبَاجِيُّ أَنَّ الرُّؤْيَةَ بِمَعْنَى الْبَصَرِ أَيْ رَأَى عَلَامَتَهَا الَّتِي أُعْلِمَتْ لَهُ بِهَا وَهِيَ السُّجُودُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ (ثُمَّ أُنْسِيتُهَا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ
قَالَ الْقَفَّالُ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَأَى الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْوَارَ عِيَانًا ثم نسي في أول لَيْلَةٍ رَأَى ذَلِكَ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا قَلَّ أَنْ يُنْسَى وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ كَذَا وَكَذَا فَنَسِيَ كَيْفَ قِيلَ لَهُ (وَقَدْ رَأَيْتُنِي) بِضَمِّ التَّاءِ وَفِيهِ عَمِلَ الْفِعْلُ فِي ضَمِيرَيِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ وَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ أَيْ رَأَيْتُ نَفْسِي (أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا) بِمَعْنَى فِي كقوله تعالى من يوم الجمعة أَوْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ الزَّمَانِيَّةِ (فِي مَاءٍ وَطِينٍ) عَلَامَةٌ جُعِلَتْ لَهُ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَيْهَا ثُمَّ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَسِيَ عِلْمَ تَعْيِينِهَا تِلْكَ السَّنَةَ لَا رَفْعَ وُجُودِهَا لِأَمْرِهِ بِطَلَبِهَا بِقَوْلِهِ (فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) مِنْ رَمَضَانَ (وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ) مِنْهُ أَيْ أَوْتَارِ لَيَالِيهِ وَأَوَّلُهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ إِلَى آخِرِ لَيْلَةِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ وَهَذَا لَا يُقَالُ .

     قَوْلُهُ  الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَدِّثْ بِمَا هُنَا جَازِمًا بِهِ قَالَ الْبَاجِيُّ يُحْتَمَلُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْأَغْلَبُ فِي كُلِّ عَامٍ
قَالَهُ الزُّرْقَانِيُّ
(قال أبو سعيد فمطرت) بفتحتين (السَّمَاءُ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ) أَيِ الَّتِي أُرِيهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ (وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ) أَيْ عَلَى مِثْلِ الْعَرِيشِ وَإِلَّا فَالْعَرِيشُ هُوَ السَّقْفُ أَيْ أَنَّهُ كَانَ مُظَلَّلًا بِالْخُوصِ وَالْجَرِيدِ وَلَمْ يَكُنْ مُحْكَمَ الْبِنَاءِ بِحَيْثُ يُكَنُّ مِنَ الْمَطَرِ
وَفِي رِوَايَةٍ وَكَانَ السَّقْفُ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ (فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ) أَيْ سَالَ مَاءُ الْمَطَرِ مِنْ سَقْفِهِ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِ (فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ) تَوْكِيدٌ (مِنْ صَبِيحَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ)
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ يَعْنِي اللَّيْلَةَ الَّتِي رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ
كَذَا قِيلَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى فِي وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ فَأَبْصَرَتِ انْتَهَى
وَلَفْظُ الْمُوَطَّأِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  مِنْ صُبْحِ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ انْصَرَفَ وَفِي رِوَايَةٍ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَقَدِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ وَأَنْفُهُ فِيهِمَا الْمَاءُ وَالطِّينُ تَصْدِيقُ رُؤْيَاهُ وَفِيهِ السُّجُودُ عَلَى الطِّينِ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْخَفِيفِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1383 [1383] ( فَالَّتِي تَلِيهَا التَّاسِعَةُ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ الْتَمِسُوهَا فِي التاسعة والسابعة والخامسة
قال قلت ياأبا سَعِيدٍ إِنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا فَقَالَ أَجَلْ نَحْنُ أَحَقُّ بِذَاكَ مِنْكُمْ
قَالَ.

قُلْتُ مَا التَّاسِعَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ قَالَ إِذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وعشرون فالتي تَلِيهَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَهِيَ التَّاسِعَةُ فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ فَإِذَا مَضَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَالَّتِي تَلِيهَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُسْلِمٍ وَفِي أَكْثَرِهَا ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ بِالْيَاءِ وَهِيَ أَصْوَبُ
انْتَهَى قَالَ السِّنْدِيُّ حَاصِلُ الْحَدِيثِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْعَدَدِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا بَقِيَ لَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا مَضَى لَكِنْ بَقِيَ الْإِشْكَالُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ فَوَاتِ الْوَتْرِ وَأَيْضًا هَذَا الْعَدَدُ يُخْرِجُ اللَّيْلَةَ الَّتِي قَدْ تَحَقَّقَتْ مَرَّةً أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَهِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
إِلَّا أَنْ يُجَابَ عَنِ الْأَوَّلِ أنها أوتار بالنظر إلى مابقي وَهُوَ يَكْفِي
وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَنْ تُعْتَبَرَ الْأَوْتَارُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا مَضَى فَيَلْزَمُ أَنْ يَسْعَى كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ لِإِدْرَاكِهِ مُرَاعَاةً لِلْأَوْتَارِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا مَضَى وَإِلَى مَا بَقِيَ فَتَأَمَّلْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
وَفِي النَّيْلِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ يُرْجَى وُجُودُهَا فِي تِلْكَ الثَّلَاثِ اللَّيَالِي انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ