فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ

رقم الحديث 3316 [3316] ( قَالَ كَانَتِ الْعَضْبَاءُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الضَّادِ اسْمُ نَاقَةٍ هُوَ عَلَمٌ لَهَا مَنْقُولٌ مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ عَضْبَاءُ أَيْ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَلَمْ تَكُنْ مَشْقُوقَةَ الْأُذُنِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهَا كَانَتْ مَشْقُوقَةَ الْأُذُنِ وَالْأُولَى أَكْثَرُ.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيُّ هُوَ مَنْقُولٌ مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ عَضْبَاءُ وَهِيَ الْقَصِيرَةُ الْيَدِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( وَكَانَتِ) الْعَضْبَاءُ ( مِنْ سَوَابِقِ الْحَاجِّ) أَيْ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَسْبِقُ الْحَاجَّ ( فَأُسِرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ الرَّجُلُ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ كَانَتْ ثَقِيفٌ حُلَفَاءَ لِبَنِي عُقَيْلٍ فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَسَرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ الْحَدِيثُ ( وَهُوَ) أَيْ الرَّجُلُ ( عَلَامَ) أَيْ عَلَى أَيِّ ذَنْبٍ وَكَانَ أَصْلُهُ عَلَى مَا ( قَالَ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( نَأْخُذُكُ بِجَرِيرَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعْنَاهُ الذَّنْبُ وَالْجِنَايَةُ ( حُلَفَائِكَ) جَمْعُ حَلِيفٍ
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُمْ عَاهَدُوا بَنِي عُقَيْلٍ عَلَى أَنْ لَا يعرضوا للمسلين وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ حُلَفَائِهِمْ فَنَقَضَ حُلَفَاؤُهُمُ الْعَهْدَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ بَنُو عُقَيْلٍ فَأُخِذُوا بِجَرِيرَتِهِمْ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هَذَا رَجُلٌ كَافِرٌ لَا عَهْدَ لَهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَخْذُهُ وَأَسْرُهُ وَقَتْلُهُ فَإِنْ جَازَ أَنْ يُؤْخَذَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ وَهِيَ كُفْرُهُ جَازَ أَنْ يُؤْخَذَ بِجَرِيرَةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ عَلَى مثل حاله من حليف وغيره
ويحكى معنى هذا عن الشافعي
وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ يُرِيدُ أَنَّكَ إِنَّمَا أُخِذْتَ لِيُدْفَعَ بِكَ جَرِيرَةُ حُلَفَائِكَ فَيَفْدِي بِكَ الْأَسِيرَيْنِ الَّذَيْنِ أَسَرَتْهُمْ ثَقِيفٌ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ فَفُودِيَ الرَّجُلُ بَعْدُ بِالرَّجُلَيْنِ انْتَهَى
كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ ( وَأَنَا مُسْلِمٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ ثُمَّ لَمْ يُخَلِّهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ رَدَّهُ إِلَى دَارِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ يُتَأَوَّلُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى كَذِبِهِ وَأُعْلِمَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى التَّقِيَّةِ دُونَ الْإِخْلَاصِ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ هَذِهِ حَاجَتُكَ حِينَ قَالَ إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي وَأَنِّي ظَمْآنُ فَاسْقِنِي وَلَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالَ الْكَافِرُ إِنَى مُسْلِمٌ قُبِلَ إِسْلَامُهُ وَوُكِلَتْ سَرِيرَتُهُ إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى وَقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ وَانْسَدَّ بَابُ عِلْمِ الْغَيْبِ انْتَهَى
( قَالَ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَوْ قُلْتَهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ ( وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمَرَكَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّكَ لَوْ تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ طَائِعًا رَاغِبًا فِيهِ قَبْلَ الْإِسَارِ أَفْلَحْتَ فِي الدُّنْيَا بِالْخَلَاصِ مِنَ الرِّقِّ وَأَفْلَحْتَ فِي الْآخِرَةِ بِالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَوْ قُلْتَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْأَسْرِ حِينَ كُنْتَ مَالِكَ أَمْرِكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَسْرُكَ لَوْ أَسْلَمْتَ قَبْلَ الْأَسْرِ فَكُنْتَ فُزْتَ بِالْإِسْلَامِ وَبِالسَّلَامَةِ مِنَ الْأَسْرِ وَمَنِ اغْتِنَامِ مَالِكَ.
وَأَمَّا إِذَا أَسْلَمْتَ بَعْدَ الْأَسْرِ فَيَسْقُطُ الْخِيَارُ فِي قَتْلِكَ وَيَبْقَى الْخِيَارُ بَيْنَ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُفَادَاةِ وَأَنَّ إِسْلَامَ الْأَسِيرِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْغَانِمِينَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَسْرِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ حِينَ أَسْلَمَ وَفَادَى بِهِ رَجَعَ إِلَى دَارِ الْكُفْرِ وَلَوْ ثَبَتَ رُجُوعُهُ إِلَى دَارِهِمْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِظْهَارِ دِينِهِ لِقُوَّةِ شَوْكَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْحَدِيثِ
وَقَدِ اسْتَشْكَلَهُ الْمَازِرِيُّ.

     وَقَالَ  كَيْفَ يُرَدُّ الْمُسْلِمُ إِلَى دَارِ الْكُفْرِ وَهَذَا الْإِشْكَالُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْتُهُ انْتَهَى
( عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمَالُ السَّائِمُ ( امْرَأَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ ( فِي أَفْنِيَتِهِمْ) جَمْعُ فِنَاءٍ ( فَنُوِّمُوا لَيْلَةً) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُلْقِيَ عَلَيْهِمُ النَّوْمُ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعْمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقَ فَأَتَتِ الْإِبِلَ فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ فَلَمْ تَرْغُ ( إِلَّا رَغَا) الرُّغَاءُ صَوْتُ الْإِبِلِ وَأَرْغَى النَّاسُ لِلرَّحِيلِ أَيْ حَمَلُوا رَوَاحِلَهُمْ عَلَى الرُّغَاءِ وَهَذَا دَأْبُ الْإِبِلِ عِنْدَ رَفْعِ الْأَحْمَالِ عَلَيْهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( مُجَرَّسَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُجَرَّسَةُ وَالذَّلُولُ كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ نَاقَةٌ مُجَرَّسَةٌ أَيْ مُجَرَّبَةٌ مُدَرَّبَةٌ فِي الرُّكُوبِ وَالسَّيْرِ وَالْمُجَرَّسُ مِنَ النَّاسِ الَّذِي قَدْ جَرَّبَ الْأُمُورَ وَخَبَرَهَا انْتَهَى
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ سَفَرِ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ وَلَا غَيْرِهِمَا إِذَا كَانَ سَفَرَ ضَرُورَةٍ كَالْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَكَالْهَرَبِ مِمَّنْ يُرِيدُ مِنْهَا فَاحِشَةً وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالنَّهْيُ عَنْ سَفَرِهَا وَحْدَهَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الضَّرُورَةِ ( عُرِفَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا الْعَضْبَاءَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَلَا فيما لا يملك بن آدَمَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا حَازَ الْكَافِرُ مَالَهُ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إِلَى صَاحِبِهِ الْمُسْلِمِ ولا يغنمه أحد ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لا يملك بن آدَمَ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا غَنِمُوا مَالًا لِلْمُسْلِمِ لَا يَمْلِكُونَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ يَمْلِكُونَ إِذَا أَجَازُوهُ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ ظَاهِرٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِطُولِهِ
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْهُ طَرَفًا
وأخرج النسائي وبن مَاجَهْ مِنْهُ طَرَفًا انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي النُّذُورِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الطَّبَّاعِ كِلَاهُمَا عن حماد بن زيد عن أيوب عن أَبِي قِلَابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
وَأَخْرَجَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن علية عن أيوب نحوه وحديث محمدبن عيسى عن إسماعيل بن عُلَيَّةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى
قُلْتُ حَدِيثُ محمد بن عيسى عن إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ لَيْسَ فِي النُّسَخِ التي بأيدينا