فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ

رقم الحديث 4396 [4396] ( عَلَى أَلْسِنَةِ أُنَاسٍ يُعْرَفُونَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( وَلَا تُعْرَفُ هِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْنَى أَنَّ امْرَأَةً اسْتَعَارَتْ عَلَى لِسَانِ أُنَاسٍ مَعْرُوفِينَ بَيْنَ النَّاسِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ ( فَقَالَ فِيهَا) أَيْ فِي شَأْنِهَا ( مَا قَالَ) مَا مَوْصُولَةٌ يَعْنِي أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ



رقم الحديث 4395 [4395] ( أَنَّ امْرَأَةً مَخْزُومِيَّةً كَانَتْ
إِلَخْ)
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ الْفَتْحِ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا
وَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ إسحاق بن راشد وإسماعيل بن أمية وبن عُيَيْنَةَ وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى كُلِّهِمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَفْظُ الْعَارِيَةِ لَيْسَتْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ
وَقَالَ فِي أَحْكَامِهِ قَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي قِصَّةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَالَّذِينَ قَالُوا سَرَقَتْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا اسْتَعَارَتْ
انْتَهَى
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ سَرَقَتْ فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَاذَتْ بِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا فَقُطِعَتِ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ الْبَيَانِ فِي بَابِ الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْمَرَ بْنَ رَاشِدٍ تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الْعَارِيَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ اللَّيْثَ رَاوِيَ السَّرِقَةِ تَابَعَهُ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ فَرَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَرِوَايَةِ اللَّيْثِ
وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ وَافَقَ مَعْمَرًا فِي رِوَايَةِ الْعَارِيَةِ لَكِنْ لَا يُقَاوِمُ مَنْ ذُكِرَ فَظَهَرَ أَنَّ ذِكْرَ الْعَارِيَةِ إِنَّمَا كَانَ تَعْرِيفًا لَهَا بِخَاصِّ صِفَتِهَا إِذْ كَانَتْ كَثِيرَةَ الِاسْتِعَارَةِ حَتَّى عُرِفَتْ بِذَلِكَ كَمَا عُرِفَتْ بِأَنَّهَا مَخْزُومِيَّةٌ وَاسْتَمَرَّ بِهَا هَذَا الصَّنِيعُ حَتَّى سَرَقَتْ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ بن مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ مَسْعُودِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ لَمَّا سَرَقَتِ الْمَرْأَةُ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمْنَا ذَلِكَ وَكَانَتِ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ فَجِئْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُكَلِّمُهُ إِلَى أَنْ قَالَ أَتَيْنَا أُسَامَةَ فَقُلْنَا كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ مَا إِكْثَارُكُمْ عَلَيَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ وَقَعَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إِمَاءِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَلَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ رواية الليث عن يونس عن بن شِهَابٍ قَالَ كَانَ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ عِنْدِي أَنَّ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْ أَصْحَابُهُ وَلِمُوَافَقَتِهِ حَدِيثَ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ فَذَكَرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( فَقُطِعَتْ يَدُهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ جَاحِدُ الْعَارِيَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ مِنْ حِرْزٍ وَهُوَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَانْتَصَرَ له بن حَزْمٍ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَطْعِ لِمَنْ جَحَدَ الْعَارِيَةَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ أَوْجَبَا الْقَطْعَ عَلَى السَّارِقِ وَالْجَاحِدُ لِلْوَدِيعَةِ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الْجَحْدَ دَاخِلٌ فِي اسْمِ السَّرِقَةِ لِأَنَّهُ هُوَ وَالسَّارِقُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ
كَذَا قال بن الْقَيِّمِ
وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَائِنَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لِأَنَّهُ آخِذُ الْمَالِ خُفْيَةً مَعَ إِظْهَارِ النُّصْحِ كَمَا سَلَفَ وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَعَنْ مِثْلِهِ مِمَّا فِيهِ ذِكْرُ الْجَحْدِ دُونَ السَّرِقَةِ بِأَنَّ الْجَحْدَ لِلْعَارِيَةِ وإن كان مرويا من طريق عائشة وبن عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِذِكْرِ السَّرِقَةِ وَقَدْ سَبَقَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ أَنَّهَا سَرَقَتْ قَطِيفَةً مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقَرَّرَ أَنَّ الْمَذْكُورَةَ قَدْ وَقَعَ مِنْهَا السَّرَقُ فَذِكْرُ جَحْدِ الْعَارِيَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ كَانَ لَهُ فَقَطْ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْجَحْدِ لِقَصْدِ التَّعْرِيفِ بِحَالِهَا وَأَنَّهَا كَانَتْ مُشْتَهِرَةً بِذَلِكَ الْوَصْفِ وَالْقَطْعُ كَانَ لِلسَّرِقَةِ
كَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا
وَيُؤَيِّدُ هَذَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ إِلَخْ فَإِنَّ ذِكْرَ هَذَا عَقِبَ ذِكْرِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ مِنْهَا السَّرَقُ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَّلَ ذَلِكَ الْجَحْدَ مَنْزِلَةَ السَّرَقِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ يَصْدُقُ اسْمُ السَّرَقِ عَلَى جَحْدِ الْوَدِيعَةِ
قَالَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ فِي حديث بن عُمَرَ بَعْدَ وَصْفِ الْقِصَّةِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُطِعَتْ يَدُهَا أَنَّ الْقَطْعَ كان لِأَجْلِ ذَلِكَ الْجَحْدِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وَصْفَ الْمَرْأَةِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهَا سَرَقَتْ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى جَاحِدِ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهُ سَارِقٌ قَالَ فَالْحَقُّ قَطْعُ جَاحِدِ الْوَدِيعَةِ
انْتَهَى مُلَخَّصًا
وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ فَتَذَكَّرْ وَعِنْدِي الرَّاجِحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ
والله تعالى أعلم بالصواب
( عن بن عُمَرَ أَوْ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدِ بن مسعود الثقفية زوج بن عُمَرَ قِيلَ لَهَا إِدْرَاكٌ وَأَنْكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

     وَقَالَ  الْعِجْلِيُّ ثِقَةٌ فَهِيَ مِنَ الثَّانِيَةِ ( هَلْ مِنَ امْرَأَةٍ تَائِبَةٍ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ جَحْدَ الْعَارِيَةِ دُونَ السَّرِقَةِ فَيُقْبَلُ فِيهَا التَّوْبَةُ ( وَتِلْكَ) أَيِ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ ( شَاهِدَةٌ) أَيْ حَاضِرَةٌ ( وَلَمْ تَكَلَّمْ) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَتَمَامُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْمَرْأَةُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مِنَ امْرَأَةٍ تَائِبَةٍ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِ اللَّهِ فَلَمْ تَقُمْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ وَلَمْ تَتَكَلَّمْ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْ يَا فُلَانُ فَاقْطَعْ يَدَهَا لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَقَطَعَهَا
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فِيمَنْ عَصَاهُ وَرَغِبَ عَنْ أَمْرِهِ انْتَهَى
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( رواه بن غَنَجٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ بَعْدَهَا جِيمٌ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنَجٍ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ مَقْبُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ نَافِعٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ كَمَا رَوَى مَعْمَرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ نَافِعٍ فَقِيلَ عنه عن بن عُمَرَ أَوْ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ وَحَدِيثُ اللَّيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِمَا ذكرنا من توابعه والله أعلم يريد بِحَدِيثِ مَعْمَرٍ هَذَا الَّذِي فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا
وَيُرِيدُ بِحَدِيثِ اللَّيْثِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَفِيهِ الَّتِي سَرَقَتْ وَيُرِيدُ بِتَوَابِعِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَاءَتْ مُصَرَّحًا فِيهَا بِالسَّرِقَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ والله أعلم

رقم الحديث 4397 [4397] ( وَقَصَّ نَحْوَ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ) وَحَدِيثُ قُتَيْبَةُ هَذَا قَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ




رقم الحديث 4398 [4398] ( عن حماد) هو بن أَبِي سُلَيْمَانَ ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ) قَالَ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنِ السُّبْكِيِّ وَقَولُهُ رُفِعَ الْقَلَمُ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ فِيهِ احْتِمَالَانِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَجَازٌ لَمْ يُرِدْ فِيهِ حَقِيقَةَ الْقَلَمِ وَلَا الرَّفْعَ وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ التَّكْلِيفِ وَوَجْهُ الْكِنَايَةِ فِيهِ أَنَّ التَّكْلِيفَ يَلْزَمُ مِنْهُ الْكِتَابَةُ كَقَوْلِهِ كتب عليكم الصيام وَغَيْرُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ مِنَ الْكِتَابَةِ الْقَلَمُ لِأَنَّهُ آلَةُ الْكِتَابَةِ فَالْقَلَمُ لَازِمٌ لِلتَّكْلِيفِ وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ مَلْزُومِهِ فَلِذَلِكَ كَنَّى بِنَفْيِ الْقَلَمِ عَنْ نَفْيِ الْكِتَابَةِ وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ الْكِنَايَاتِ وَأَتَى بِلَفْظِ الرَّفْعِ إِشْعَارًا بِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَازِمٌ لِبَنِي آدَمَ إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ وَأَنَّ صِفَةَ الْوَضْعِ ثَابِتٌ لِلْقَلَمِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ عَنْ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ مَوْضُوعًا عَلَيْهِ
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَنْ يُرَادَ حَقِيقَةُ الْقَلَمِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ فَكَتَبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
فَأَفْعَالُ الْعِبَادِ كُلُّهَا حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا يَجْرِي بِهِ ذَلِكَ الْقَلَمُ وَيَكْتُبُهُ حَقِيقَةً وَثَوَابُ الطَّاعَاتِ وَعِقَابُ السَّيِّئَاتِ يَكْتُبُهُ حَقِيقَةً وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِكَتْبِهِ وَصَارَ مَوْضُوعًا عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِيُكْتَبَ ذَلِكَ فِيهِ جَارِيًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَقَدْ كُتِبَ ذَلِكَ وَفُرِغَ مِنْهُ وَحُفِظَ
وَفِعْلُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ لَا إِثْمَ فِيهِ فَلَا يَكْتُبُ الْقَلَمُ إِثْمَهُ وَلَا التَّكْلِيفَ بِهِ فَحُكْمُ اللَّهِ بِأَنَّ الْقَلَمَ لَا يَكْتُبُ ذَلِكَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ رَفْعٌ لِلْقَلَمِ الْمَوْضُوعِ لِلْكِتَابَةِ وَالرَّفْعُ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَالرَّفْعُ نَفْسُهُ حَقِيقَةٌ وَالْمَجَازُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْقَلَمَ لَمْ يَكُنْ مَوْضُوعًا عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ إِلَّا بِالْقُوَّةِ وَالنَّهْيِ لِأَنْ يَكْتُبَ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ فَسُمِّيَ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ رَفْعًا فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُشَارِكُ هَذَا الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ وَفِيمَا قَبْلَهَ يُفَارِقُهُ ( حَتَّى يَسْتَيْقِظَ) قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ وَقَولُهُ حَتَّى يَبْرَأَ وَحَتَّى يَكْبُرَ غَايَاتٌ مُسْتَقْبَلَةٌ وَالْفِعْلُ الْمُغَيَّا بِهَا .

     قَوْلُهُ  رُفِعَ مَاضٍ وَالْمَاضِي لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَايَتُهُ مُسْتَقْبَلَةً فَلَا تَقُولُ سِرْتُ أَمْسِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ غَدًا
قَالَ وَجَوَابُهُ بِالْتِزَامِ حَذْفٍ أَوْ مَجَازٍ حَتَّى يَصِحَّ الْكَلَامُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ رَفْعُ الْقَلَمِ عَنِ الصَّبِيِّ فَلَا يَزَالُ مُرْتَفِعًا حَتَّى يَبْلُغَ أَوْ فَهُوَ مُرْتَفِعٌ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَبْقَى الْفِعْلُ الْمَاضِي عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْمُغَيَّا مَحْذُوفٌ بِهِ يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي الْغَايَةِ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَبْلُغَ أَيْ إِلَى بُلُوغِهِ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ صَبِيًّا فَبَلَغَ فِي مَاضٍ وَمَنْ هُوَ صَبِيٌّ الْآنَ وَيَبْلُغُ فِي مُسْتَقْبَلٍ وَمَنْ يَصِيرُ صَبِيًّا وَيَبْلُغُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْحَالَاتُ كُلُّهَا فِي التَّقْدِيرِ أَمَّا فِي التَّجَوُّزِ فِي الْفِعْلِ الثَّانِي أَوِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ أَوِ الْحَذْفِ رَاجِعَةٌ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْحُكْمُ بِرَفْعِ الْقَلَمِ لِلْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ
وَفِي بن مَاجَهْ يُرْفَعُ بِلَفْظِ الْآتِي فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَأَفْضَلُ مِنْ هَذَا الطَّوْلِ وَالتَّكَلُّفِ كُلِّهِ أَنَّ رُفِعَ بِمَعْنَى يُرْفَعُ مِنْ وَضْعِ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْآتِي وَهُوَ كثير كقوله تعالى أتى أمر الله ( وَعَنِ الْمُبْتَلَى) وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ عَنِ الْمَجْنُونِ فَالْمُرَادُ بِالْمُبْتَلَى الْمُبْتَلَى بِالْجُنُونِ ( حَتَّى يَبْرَأَ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ حَتَّى يُفِيقَ ( وَعَنِ الصَّبِيِّ) قَالَ السُّبْكِيُّ الصَّبِيُّ الْغُلَامُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْوَلَدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ يُسَمَّى جَنِينًا فَإِذَا وُلِدَ فَصَبِيٌّ فَإِذَا فُطِمَ فَغُلَامٌ إِلَى سَبْعٍ ثُمَّ يَصِيرُ يَافِعًا إِلَى عَشْرٍ ثُمَّ حَزْوَرًا إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ
وَالَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ يُسَمَّى صَبِيًّا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا قَالَهُ السُّيُوطِيُّ ( حَتَّى يَكْبُرَ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْبَيَانِ وَلَا فِي قَوْلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ مَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ حَتَّى يَحْتَلِمَ فَالتَّمَسُّكُ بِهَا أَوْلَى لِبَيَانِهَا وَصِحَّةِ سَنَدِهَا وَقَولُهُ حَتَّى يَبْلُغَ مُطْلَقٌ وَالِاحْتِلَامُ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ عليه فإن الاحتلام بلوغ بُلُوغٌ قَطْعًا وَعَدَمُ بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْسَ بِبُلُوغٍ قَطْعًا
قَالَ وَشَرْطُ هَذَا الْحَمْلِ ثُبُوتُ اللَّفْظَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ