فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ

رقم الحديث 2944 [2944] ( اسْتَعْمَلَنِي) أَيْ جَعَلَنِي عَامِلًا ( بِعُمَالَةٍ) يضم الْعَيْنِ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنَ الْأُجْرَةِ ( مَا أُعْطِيتَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ) أَيْ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْإِمَارَةِ ( فَعَمَّلَنِي) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي الْعُمَالَةَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ جَوَازِ أَخْذِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ بِقَدْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِنَ الْأَمْرِ
وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى لِلْعَامِلِينَ سَهْمًا فِي الصَّدَقَةِ فَقَالَ ( وَالْعَامِلِينَ عليها) فَرَأَى الْعُلَمَاءُ أَنْ يُعْطَوْا عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِمْ وَسَعْيِهِمْ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ أَتَمُّ مِنْهُ وَهُوَ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اجْتَمَعَ فِي إِسْنَادِهَا أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ



رقم الحديث 2945 [2945] ( مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا فَلْيَكْتَسِبْ إِلَخْ) أَيْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا فِي تَصَرُّفِهِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ قَدْرِ مَهْرِ زَوْجَةٍ وَنَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَكَذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَتَنَعُّمٍ فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ضَرُورَةً فهو حرام عليه
ذكره القارىء نَقْلًا عَنِ الْمُظْهِرِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا يَتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَبَاحَ اكْتِسَابَ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ مِنْ عُمَالَتِهِ الَّتِي هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَفِقَ بِشَيْءٍ سِوَاهَا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ لِلْعَامِلِ السُّكْنَى وَالْخِدْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ اسْتُؤْجِرَ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فَيَكْفِيهِ مِهْنَةَ مِثْلِهِ وَيُكْتَرَى لَهُ مَسْكَنٌ يَسْكُنُهُ مُدَّةَ مُقَامِهِ فِي عَمَلِهِ انْتَهَى ( قَالَ) أَيِ الْمُسْتَوْرِدُ ( قَالَ أَبُو بَكْرٍ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( أُخْبِرْتُ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَجْهُولِ
وَأَوْرَدَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ وَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ أَيْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُسْتَوْرِدَ بْنَ شَدَّادٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ وَلِيَ لَنَا عَمَلًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلًا أَوْ لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيَتَزَوَّجْ أَوْ لَيْسَ له خادم فلتخذ خَادِمًا أَوْ لَيْسَتْ لَهُ دَابَّةٌ فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةً وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ انْتَهَى
وَفِي رِوَايَةِ لَهُ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ انْتَهَى ( غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ مَا ذُكِرَ ( فَهُوَ غَالٌّ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ خَائِنٌ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ


رقم الحديث 2946 [2946] هَدَايَا جَمْعُ هَدِيَّةٍ
( لفظه) أي لفظ الحديث لفظ بن أبي خلف لا لفظ بن السرح ( بن اللُّتْبِيَّةِ) بِضَمِّ اللَّامِ وَإِسْكَانِ التَّاءِ نِسْبَةً إِلَى بَنِي لُتْبٍ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
وَقَالَ الحافظ اسم بن اللُّتْبِيَّةِ عَبْدُ اللَّهِ وَاللُّتْبِيَّةُ أُمُّهُ لَمْ نَقِفْ على اسمها ( قال بن السرح بن الْأُتْبِيَّةِ) أَيْ بِالْهَمْزَةِ مَكَانَ اللَّامِ ( عَلَى الصَّدَقَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَعْمَلَ ( نَبْعَثُهُ) أَيْ عَلَى الْعَمَلِ ( أَلَّا) حَرْفُ تَحْضِيضٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ هَلَّا ( بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ يَحُوزُهُ لِنَفْسِهِ ( إِنْ كَانَ) أَيِ الشَّيْءُ الَّذِي أَتَى بِهِ حَازَهُ لِنَفْسِهِ ( فَلَهُ رُغَاءٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ الْمَدِّ هُوَ صَوْتُ الْبَعِيرِ ( خُوَارٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ هُوَ صَوْتُ الْبَقَرَةِ ( تَيْعَرُ) عَلَى وَزْنِ تَسْمَعُ وَتَضْرِبُ أَيْ تَصِيحُ وَتُصَوِّتُ صَوْتًا شَدِيدًا ( عُفْرَةُ إِبْطَيْهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ بَيَاضُهُمَا الْمَشُوبُ بِالسُّمْرَةِ ( ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَالْمُرَادُ بَلَّغْتُ حُكْمَ اللَّهِ إِلَيْكُمُ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَهُ ( بَلِّغْ) وَإِشَارَةً إِلَى مَا يَقَعُ فِي الْقِيَامَةِ مِنْ سُؤَالِ الْأُمَمِ هَلْ بَلَّغَهُمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ مَا أُرْسِلُوا بِهِ إِلَيْهِمْ
قَالَهُ الْحَافِظُ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ هَدَايَا الْعُمَّالِ حَرَامٌ وَغُلُولٌ لِأَنَّهُ خَانَ فِي وِلَايَتِهِ وَأَمَانَتِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِهِ أَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ يَتَذَرَّعُ بِهِ إِلَى مَحْظُورٍ فَهُوَ مَحْظُورٌ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْقَرْضُ يَجُرُّ الْمَنْفَعَةَ وَالدَّارُ الْمَرْهُونَةُ يَسْكُنُهَا الْمُرْتَهِنُ بِلَا أُجْرَةٍ وَالدَّابَّةُ الْمَرْهُونَةُ يَرْكَبُهَا وَيَرْتَفِقُ بِهَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ