فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ لِبَاسِ الْغَلِيظِ

رقم الحديث 3573 [3573] )
يخطىء (السَّمْتِيُّ) بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ وَفَوْقِيَّةٌ كَانَ لَهُ لِحْيَةٌ وَهَيْئَةٌ وَرَأْيٌ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِسَمْتِهِ وَهَيْئَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَجَارَ فِي الْحُكْمِ) أَيْ مَالَ عَنِ الْحَقِّ وَظَلَمَ عَالِمًا بِهِ مُتَعَمِّدًا لَهُ (عَلَى جَهْلٍ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ قَضَى أَيْ قَضَى لِلنَّاسِ جَاهِلًا
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنَ النَّارِ مِنَ الْقُضَاةِ إِلَّا مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَعَمِلَ بِهِ وَالْعُمْدَةُ الْعَمَلُ فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَلَمْ يَعْمَلْ فَهُوَ وَمَنْ حَكَمَ بِجَهْلٍ سَوَاءٌ فِي النَّارِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِجَهْلٍ وَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ الْحَقَّ فَإِنَّهُ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَهُ.

     وَقَالَ  فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ وَافَقَ الْحَقَّ وَهُوَ جَاهِلٌ فِي قَضَائِهِ أَنَّهُ قَضَى عَلَى جَهْلٍ وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنَ الْحُكْمِ بِجَهْلٍ أَوْ بِخِلَافِ الْحَقِّ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِهِ قَالَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ وَالْقَاضِي الَّذِي يَنْفُذُ حُكْمُهُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ لَا اعْتِبَارَ بحكمهما انتهى
قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن ماجه وبن بُرَيْدَةَ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ

رقم الحديث 3574 [3574] ( إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ) أَيْ أَرَادَ الْحُكْمَ ( فَأَصَابَ) أَيْ وَقَعَ اجْتِهَادُهُ مُوَافِقًا لِحُكْمِ اللَّهِ ( فَلَهُ أَجْرَانِ) أَيْ أَجْرُ الِاجْتِهَادِ وَأَجْرُ الْإِصَابَةِ وَالْجُمْلَةُ جَزَاءُ الشَّرْطِ ( فَلَهُ أَجْرٌ) أَيْ وَاحِدٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا يُؤْجَرُ الْمُخْطِئُ عَلَى اجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ عِبَادَةٌ وَلَا يُؤْجَرُ عَلَى الْخَطَأِ بَلْ يُوضَعُ عَنْهُ الْإِثْمُ فَقَطْ وَهَذَا فِيمَنْ كَانَ جَامِعًا لِآلَةِ الِاجْتِهَادِ عَارِفًا بِالْأُصُولِ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْقِيَاسِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلِاجْتِهَادِ فَهُوَ مُتَكَلِّفٌ وَلَا يُعْذَرُ بِالْخَطَأِ بَلْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْوِزْرُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْفُرُوعِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلْوُجُوهِ الْمُخْتَلِفَةِ دُونَ الْأُصُولِ الَّتِي هِيَ أَرْكَانُ الشَّرِيعَةِ وَأُمَّهَاتُ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوُجُوهَ وَلَا مَدْخَلَ فِيهَا لِلتَّأْوِيلِ فَإِنَّ مَنْ أَخْطَأَ فِيهَا كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ فِي الْخَطَأِ وَكَانَ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ مَرْدُودًا
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ لِلْقَارِي
وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ شَرْحِ السُّنَّةِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْقَضَاءَ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ تَوْلِيَتُهُ
قَالَ وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ جَمَعَ خَمْسَةَ عُلُومٍ عِلْمُ كِتَابِ اللَّهِ وَعِلْمُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَاوِيلُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ مِنْ إِجْمَاعِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ وَعِلْمُ اللُّغَةِ وَعِلْمُ الْقِيَاسِ وَهُوَ طَرِيقُ اسْتِنْبَاطِ الْحُكْمِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِذَا لَمْ يَجِدْهُ صَرِيحًا فِي نَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُفَسَّرَ وَالْخَاصَّ وَالْعَامَّ وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ وَالْكَرَاهَةَ وَالتَّحْرِيمَ وَالْإِبَاحَةَ وَالنَّدْبَ وَيَعْرِفُ مِنَ السُّنَّةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَيَعْرِفُ مِنْهَا الصَّحِيحَ وَالضَّعِيفَ وَالْمُسْنَدَ وَالْمُرْسَلَ وَيَعْرِفُ تَرْتِيبَ السُّنَّةِ عَلَى الْكِتَابِ وَبِالْعَكْسِ حَتَّى إِذَا وَجَدَ حَدِيثًا لَا يُوَافِقُ ظَاهِرُهُ الْكِتَابَ اهْتَدَى إِلَى وَجْهِ مَحْمَلِهِ فَإِنَّ السُّنَّةَ بَيَانٌ لِلْكِتَابِ فَلَا يُخَالِفُهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ مَعْرِفَةُ مَا وَرَدَ مِنْهَا مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ دُونَ مَا عَدَاهَا مِنَ الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ وَالْمَوَاعِظِ وَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ مِنْ عِلْمِ اللُّغَةِ مَا أَتَى فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ أُمُورِ الْأَحْكَامِ دُونَ الْإِحَاطَةِ بِجَمِيعِ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَيَعْرِفُ أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَمُعْظَمَ فَتَاوَى فُقَهَاءِ الْأُمَّةِ حَتَّى لَا يَقَعَ حُكْمُهُ مُخَالِفًا لِأَقْوَالِهِمْ فَيَأْمَنُ فِيهِ خَرْقَ الْإِجْمَاعِ فَإِذَا عَرَفَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فَهُوَ مُجْتَهِدٌ وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْهَا فَسَبِيلُهُ التَّقْلِيدُ انْتَهَى
قُلْتُ فِي قَوْلِهِ فَسَبِيلُهُ التَّقْلِيدُ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا