فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِيمَنْ يُعِينُ عَلَى خُصُومَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَمْرَهَا

رقم الحديث 3176 [3176] ( أَبُو الْأَسْبَاطِ الْحَارِثِيُّ) هُوَ بِشْرُ بن رافع إمام مسجد نجران وثقه بن معين وبن عَدِيٍّ.

     وَقَالَ  الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ وَضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ ( حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتُضَمُّ وَسُكُونِ الْحَاءِ الشَّقُّ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنَ الْقَبْرِ ( فَمَرَّ بِهِ) أَيْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( حَبْرٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتُكْسَرُ أَيْ عَالِمٌ ( فَقَالَ) أَيِ الْحَبْرُ ( فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ بَعْدَ مَا كَانَ وَاقِفًا أَوْ بَعْدَ ذلك
ولفظ بن مَاجَهْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ قَالَا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اتَّبَعَ جِنَازَةً لَمْ يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ الْحَدِيثَQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَحَاهُ الشَّافِعِيّ
قَالَ وَقَدْ رَوَى حَدِيث عَامِر بْن رَبِيعَة وَهَذَا لَا يَعْدُو أَنْ يَكُون مَنْسُوخًا أَوْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَهَا لِعِلَّةٍ قَدْ رَوَاهَا بَعْض الْمُحَدِّثِينَ مِنْ أَنَّ جِنَازَة يَهُودِيّ مُرَّ بِهَا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ لَهَا كَرَاهِيَة أَنْ تَطُولهُ
وَأَيّهمَا كَانَ فَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكه بَعْد فِعْله وَالْحُجَّة فِي الْآخِر مِنْ أَمْره إِنْ كَانَ الْأَوَّل وَاجِبًا فَالْآخِر مِنْ أَمْره نَاسِخ وَإِنْ كَانَ اِسْتِحْبَابًا فَالْآخِر هُوَ الِاسْتِحْبَاب وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا فَلَا بَأْس فِي الْقِيَام وَالْقُعُود أَحَبّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ الْآخِر مِنْ فِعْله

قَالَ الشَّيْخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد اختلف أهل العلم في القيام الجنازة وَعَلَى الْقَبْر عَلَى أَرْبَعَة أَقْوَال
أَحَدهَا أَنَّ ذَلِكَ كُلّه مَنْسُوخ قِيَام تَابِعهَا وَقِيَام مَنْ مرت عليه وقيام المسيح عَلَى الْقَبْر
قَالَ هَؤُلَاءِ وَمَا جَاءَ مِنْ الْقُعُود نَسَخَ هَذَا كُلّه وَهَذَا الْمَذْهَب ضَعِيف مِنْ ثَلَاثَة أَوْجُه قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَادَةَ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَيَرُدُّهُ مَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الطَّوِيلِيِّ الَّذِي صَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسْتُ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ انْتَهَىQأَحَدهَا أَنَّ شَرْط النَّسْخ الْمُعَارَضَة وَالتَّأَخُّر وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فِي الْقِيَام عَلَى الْقَبْر بَعْد الدَّفْن وَفِي اِسْتِمْرَار قِيَام الْمُشَيِّعِينَ حَتَّى تُوضَع وَإِنَّمَا يُمْكِن دَعْوَى النَّسْخ فِي قِيَام الْقَاعِد الَّذِي تَمُرّ بِهِ الْجِنَازَة عَلَى مَا فِيهِ
الثَّانِي أَنَّ أَحَادِيث الْقِيَام كَثِيرَة صَحِيحَة صَرِيحَة فِي مَعْنَاهَا
فَمِنْهَا حَدِيث عَامِر بْن رَبِيعَة وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي بَعْض طُرُقه إِذَا رَأَى أَحَدكُمْ الْجَنَازَة فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى تُخَلِّفهُ أَوْ تُوضَع مِنْ قَبْل أَنْ تُخَلِّفهُ وَفِي لَفْظ إِذَا رَأَى أَحَدكُمْ الْجَنَازَة فَلْيَقُمْ حِين يَرَاهَا حَتَّى تُخَلِّفهُ
وَمِنْهَا حَدِيث أَبِي سَعِيد وَهُوَ مُتَّفَق عَلَيْهِ وَلَفْظهمَا إِذَا اِتَّبَعْتُمْ جَنَازَة فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَع وَفِي لَفْظ لَهُمَا إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَة فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِس حَتَّى تُوضَع وَهُوَ دَلِيل عَلَى الْقِيَام فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ
وَمِنْهَا حَدِيث جَابِر فِي قِيَامه لِجَنَازَة يَهُودِيّ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَتَعْلِيله بِأَنَّ ذَلِكَ كَرَاهِيَة أَنْ تَطُولهُ تَعْلِيل بَاطِل فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّلَ بِخِلَافِهِ
وَعَنْهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاث عِلَل
إِحْدَاهَا قَوْله إِنَّ الْمَوْت فَزَع ذَكَرَهُ مُسْلِم فِي حَدِيث جَابِر.

     وَقَالَ  إِنَّ الْمَوْت فَزَع فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَة فَقُومُوا
الثَّانِيَة أَنَّهُ قَامَ لِلْمَلَائِكَةِ كَمَا رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَس أَنَّ جَنَازَة مَرَّتْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ فَقِيلَ إِنَّهَا جَنَازَة يَهُودِيّ فَقَالَ إِنَّمَا قُمْنَا لِلْمَلَائِكَةِ
الثَّالِثَة التَّعْلِيل بِكَوْنِهَا نَفْسًا وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث قَيْس بْن سَعْد وَسَهْل بْن حُنَيْف قَالَا إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جَنَازَة فَقَامَ فَقِيلَ إِنَّهُ يَهُودِيّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا فَهَذِهِ هِيَ الْعِلَل الثَّابِتَة عَنْهُ
وَأَمَّا التَّعْلِيل بِأَنَّهُ كَرَاهِيَة أَنْ تَطُولهُ فَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْء مِنْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيحَة
وَلَوْ قُدِّرَ ثُبُوتهَا فَهِيَ ظَنّ مِنْ الرَّاوِي وَتَعْلِيل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِلَفْظِهِ أَوْلَى
فَهَذِهِ الْأَحَادِيث مَعَ كَثْرَتهَا وَصِحَّتهَا كَيْف يُقَدَّم عَلَيْهَا حَدِيث عُبَادَةَ مَعَ ضَعْفه وَحَدِيث عَلِيّ وَإِنْ قال المنذري والحديث أخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَبِشْرُ بْنُ رَافِعٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهَمْدَانِيُّ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ صَرِيحًا فِي النَّسْخِ غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ فَلَا يُقَاوِمُهُ هَذَا الْإِسْنَادُ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ الْقِيَامَ لِلْجِنَازَةِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ