فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي قَتْلِ الْخَوَارِجِ

رقم الحديث 4194 [4194] ( نَهَى عَنِ الْقَزَعِ وَهُوَ أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ لَهُ ذُؤَابَةٌ) هَكَذَا جَاءَ تَفْسِيرُ الْقَزَعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ مَا فَسَّرَ بِهِ نَافِعٌ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا أَعْرِفُ الَّذِي فَسَّرَ الْقَزَعَ بِذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَتْ لِي ذُؤَابَةٌ فَقَالَتْ أُمِّي لَا أَجُزُّهَا الْحَدِيثَ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عنه المنذري

رقم الحديث 4195 [4195] ( قَدْ حُلِقَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( فَنَهَاهُمْ) أَيْ أَهْلَ الصَّبِيِّ ( عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ حَلْقِ الْبَعْضِ وَتَرْكِ الْبَعْضِ
وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ فَقِيلَ لِكَوْنِهِ يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ زِيُّ الشَّيْطَانِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ زِيُّ الْيَهُودِ وَقَدْ جَاءَ هَذَا مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ الْآتِيَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ ( احْلِقُوهُ) أَيْ رَأْسَهُ ( كُلَّهُ) أَيْ كُلَّ الرَّأْسِ أَيْ شَعْرِهُ
قال القارىء فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْحَلْقَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَائِزٌ وَأَنَّ الرَّجُلَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْحَلْقِ وَتَرْكِهِ لَكِنِ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَحْلِقَ إِلَّا فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَانْفَرَدَ مِنْهُمْ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ
وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَفَادَ الْحَدِيثُ أَنَّ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ وَتَرْكَ بَعْضِهِ عَلَى أَيِّ شَكْلٍ كَانَ مِنْ قُبُلٍ وَدُبُرٍ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَأَنَّ الْجَائِزَ فِي حَقِّ الصِّبْيَانِ أَنْ يُحْلَقَ رؤوسهم كُلُّهَا أَوْ يُتْرَكُ كُلُّهَا انْتَهَى
( وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ) فِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ كَرِهَ حَلْقَ الرَّأْسِ لِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُوضَعُ النَّوَاصِي إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلِقَوْلِ عُمَرَ لِضُبَيْعٍ لَوْ وَجَدْتُكَ مَحْلُوقًا لَضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ بِالسَّيْفِ وَلِحَدِيثِ الْخَوَارِجِ أَنَّ سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ
قَالَ أَحْمَدُ إِنَّمَا كَرِهُوا الْحَلْقَ بِالْمُوسَى أَمَّا بِالْمِقْرَاضِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْكَرَاهَةِ تَخْتَصُّ بِالْحَلْقِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ
وَلَمْ يُجِبْ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْقَائِلُونَ بِالْكَرَاهَةِ وَأَقْوَاهَا حَدِيثُ الْخَوَارِجِ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحَرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ رَأْسِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي خَرَّجَهُ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهُ
وَذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ


أَيْ فِي رُخْصَةِ الذُّؤَابَةِ للصبي

رقم الحديث 4196 [4196] ( لَا أَجُزُّهَا) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالزَّايِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ لَا أَقْطَعُهَا ( يَمُدُّهَا) أَيِ الذُّؤَابَةَ ( وَيَأْخُذُ بِهَا) أي بالذؤابة
قال القارىء أَيْ يَلْعَبُ بِهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَسِطُ مَعَهُ وَقِيلَ يَمُدُّهَا حَتَّى تَصِلَ الْأُذُنَ ثُمَّ يَأْخُذُ الزائد من الأذان فَيَقْطَعُهُ وَجُمْلَةُ كَانَ اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ
انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الذُّؤَابَةِ
وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذُؤَابَتِهِ وَسَمَّتَ عليه ودعا له
ومن حديث بن مَسْعُودٍ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ قَرَأْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةٍ وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمَعَ الْغِلْمَانِ لَهُ ذُؤَابَتَانِ
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الأحاديث وبين حديث بن عُمَرَ الْمَاضِي الْقَاضِي بِمَنْعِ اتِّخَاذِ الذُّؤَابَةِ بِأَنَّ الذُّؤَابَةَ الْجَائِزُ اتِّخَاذَهَا مَا يُفْرَدُ مِنَ الشَّعْرِ فَيُرْسَلُ وَيُجْمَعُ مَا عَدَاهَا بِالضَّفْرِ وَغَيْرِهِ وَالَّتِي تُمْنَعُ أَنْ يُحْلَقَ الرَّأْسُ كُلُّهُ وَيُتْرَكُ مَا فِي وَسَطِهِ فَيُتَّخَذُ ذُؤَابَةً وَقَدْ صَرَّحَ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْقَزَعِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 4197 [4197] ( دَخَلْنَا) أَيْ أَنَا وَأَهْلِي ( فَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي المغيرة) بدل أوعطف بَيَانٍ فَهُوَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ( قَالَتْ) بَدَلٌ مِنْ حَدَّثَتْ أَوِ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ ( وَأَنْتَ يَوْمَئِذٍ) أَيْ حِينَ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسٍ ( غُلَامٌ) أَيْ وَلَدٌ صَغِيرٌ
قَالَ الطِّيبِيُّ الْجُمْلَةُ حَالٌ عَنْ مُقَدَّرٍ يَعْنِي أَنَا أَذْكُرُ أَنَّا دَخَلْنَا عَلَى أَنَسٍ مَعَ جَمَاعَةٍ وَلَكِنْ أُنْسِيتُ كَيْفِيَّةَ الدُّخُولِ فَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي .

     وَقَالَتْ  أَنْتَ يَوْمَ دُخُولِكِ عَلَى أَنَسٍ غُلَامٌ إِلَخْ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( وَلَكَ قَرْنَانِ) أَيْ ضَفِيرَتَانِ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ ( أَوْ قُصَّتَانِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ شَعْرُ النَّاصِيَةِ وَأَوْ لِلشَّكِّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ( فَمَسَحَ) أَيْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
وَوَهِمَ الْعَلَّامَةُ القارىء فَأَرْجَعَ الضَّمِيرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَهْمٌ فَاحِشٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( بَرَّكَ عَلَيْكَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ ( احْلِقُوا هَذَيْنِ) أَيِ الْقَرْنَيْنِ ( أَوْ قُصُّوهُمَا) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لِلشَّكِّ ( فَإِنَّ هَذَا زِيُّ الْيَهُودِ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أي شعارهم وعادتهم في رؤس أولادهم فخالفوهم
قال شيخ الإسلام بن تَيْمِيَةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ عَلَّلَ النَّهْيَ عَنْهُمَا بِأَنَّ ذَلِكَ زِيُّ الْيَهُودِ وَتَعْلِيلُ النَّهْيِ بِعِلَّةٍ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مَكْرُوهَةً مَطْلُوبًا عَدَمُهَا فَعُلِمَ أَنَّ زِيَّ الْيَهُودِ حَتَّى فِي الشَّعْرِ مِمَّا يُطْلَبُ عَدَمُهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ انْتَهَى وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ بِأَنَّ الْقَرْنَيْنِ أَوِ الْقُصَّتَيْنِ هُمَا مِنْ زِيِّ الْيَهُودِ.
وَأَمَّا الْقُصَّةُ الْوَاحِدَةُ أَوِ الْقَرْنُ الْوَاحِدُ فَلَيْسَ مِنْ زِيِّهَا لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْقَائِلُ لِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ لَهُ ذُؤَابَةٌ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْقُصَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا بَأْسَ بِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ الرُّخْصَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّلْوِينَ فِي شُعُورِ الرَّأْسِ مِنْ شِيمَةِ الْيَهُودِ وَلَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الصِّبْيَانِ عَنْهُ بِحَلْقِ رُؤْسِهِمْ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ


هُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ الْعَلْيَاءِ