فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا شَيْئًا

رقم الحديث 1853 [1853] (حماد) هو بن زَيْدٍ قَالَهُ الْمِزِّيُّ (عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ) بِجِيمٍ مُوَحَّدَةٍ وَنُونٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ مَيْمُونُ بْنُ جَابَانَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ (عَنْ أَبِي رَافِعٍ) اسْمُهُ نُفَيْعٌ (قَالَ الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِQ.

     وَقَالَتْ  طَائِفَة مَا صَادَهُ الْحَلَال لِلْمُحْرِمِ وَمِنْ أَجْله فَلَا يَجُوز لَهُ أَكْله فَأَمَّا مَا لَمْ يَصِدْهُ مِنْ أَجْله بَلْ صَادَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِحَلَالٍ لَمْ يَحْرُم عَلَى الْمُحْرِم أَكْله وَهَذَا قَوْل مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وأصحابهم وقول إسحاق وأبي ثور قال بن عَبْد الْبَرّ وَهُوَ الصَّحِيح عَنْ عُثْمَان فِي هَذَا الْبَاب
قَالَ وَحُجَّة مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَب أَنَّهُ عَلَيْهِ تَصِحّ الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَتَضَادّ وَلَمْ تَخْتَلِف وَلَمْ تَتَدَافَع وَعَلَى هَذَا يَجِب أَنْ تُحْمَل السُّنَن وَلَا يُعَارَض بَعْضهَا بِبَعْضٍ مَا وُجِدَ إِلَى اِسْتِعْمَالهَا سَبِيل
تَمَّ كَلَامه
وَآثَار الصَّحَابَة كُلّهَا فِي هَذَا الْبَاب إِنَّمَا تَدُلّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيل
فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَامِر بْن رَبِيعَة قَالَ رَأَيْت عُثْمَان بْن عَفَّان بِالْعَرْجِ فِي يَوْم صَائِف وَهُوَ مُحْرِم وَقَدْ غَطَّى وَجْهه بِقَطِيفَةٍ أُرْجُوَان ثُمَّ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْد فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا قَالُوا أَلَا تَأْكُل أَنْتَ قَالَ إِنِّي لَسْت كَهَيْئَتِكُمْ إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي
وَحَدِيث أَبِي قَتَادَة وَالْبَهْزِيّ وَطَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه قَضَايَا أَعْيَان لَا عُمُوم لَهَا وَهِيَ تَدُلّ عَلَى جَوَاز أَكْل الْمُحْرِم مِنْ صَيْد الْحَلَال وَحَدِيث الصَّعْب بْن جَثَّامَة يَدُلّ عَلَى مَنْعه مِنْهُ وَحَدِيث جَابِر صَرِيح فِي التَّفْرِيق
فَحَيْثُ أَكَلَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصَدْ لِأَجْلِهِ وَحَيْثُ اِمْتَنَعَ عُلِمَ أَنَّهُ صِيدَ لِأَجْلِهِ فَهَذَا فِعْله وَقَوْله فِي حَدِيث جَابِر يَدُلّ عَلَى الْأَمْرَيْنِ فَلَا تَعَارُض بَيْن أَحَادِيثه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَالٍ
وَكَذَلِكَ اِمْتِنَاع عَلِيّ مِنْ أَكْله لَعَلَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ صِيدَ لِأَجْلِهِ وَإِبَاحَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ حِمَار الْبَهْزِيّ وَمَنْعهمْ مِنْ التَّعَرُّض لِلظَّبْيِ الْحَاقِف لِأَنَّ الْحِمَار كَانَ عَقِيرًا فِي حَدّ الْمَوْت.
وَأَمَّا الظَّبْي فَكَانَ سَالِمًا وَلَمْ يَسْقُط إِلَى الْأَرْض فَلَمْ يَتَعَرَّض لَهُ لِأَنَّهُ حَيَوَان حَيّ
وَاَللَّه أعلم قال علي القارىء قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا عَدَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ صَيْدَ الْبَحْرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَحِلُّ مَيْتَتُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُ الْجَرَادِ وَلَزِمَهُ بِقَتْلِهِ قِيمَتُهُ
وَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الْجَرَادَ من صيد البر
قال بن الْهُمَامِ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ ما فيه أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةٍ أَوْ غَزْوَةٍ فَاسْتَقْبَلَنَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَجَعَلْنَا نَضْرِبُهُ بِسِيَاطِنَا وَقِسِيِّنَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم كُلُوهُ فَإِنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا لَكِنْ تَظَاهَرَ عَنْ عُمَرَ إِلْزَامُ الْجَزَاءِ فِيهَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ تَعَالَ حَتَّى تَحْكُمَ فَقَالَ كَعْبٌ دِرْهَمٌ
فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكَ لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ لِتَمْرَةٍ خير من جرادة
ورواه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِقِصَّتِهِ وَتَبِعَ عُمَرَ أَصْحَابُ المذاهب انتهى كلام بن الهمام
قال ملا على القارىء لَوْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ الْمَذْكُورُ سَابِقًا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْجَرَادَ عَلَى نَوْعَيْنِ بَحْرِيٌّ وَبَرِّيٌّ فَيُعْمَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِحُكْمِهِ



رقم الحديث 1854 [1854] ( صِرْمًا مِنْ جَرَادٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ الْكَبِيرَةِ ( فَقِيلَ لَهُ) لِلرَّجُلِ ( لَا يَصْلُحُ) لِأَنَّهُ صَيْدٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الْمُهَزِّمِ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ بَصْرِيٌّ مَتْرُوكٌ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِهَا بَعْدَهَا مِيمٌ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَعَافِرِيُّ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ



رقم الحديث 1855 [1855] ( عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ كَعْبٍ) قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ


رقم الحديث 1856 [1856] ( عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) بضم العين وإسكان الجيم ( هو أم رأسك) قال في المصباح والهامة ماله سُمٌّ يَقْتُلُ كَالْحَيَّةِ
قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابِّ وَقَدْ تُطْلَقُ الْهَوَامُّ عَلَى مالا يَقْتُلُ كَالْحَشَرَاتِ وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أيؤذيك هو أم رَأْسِكَ وَالْمُرَادُ الْقَمْلُ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ بِجَامِعِ الْأَذَى انْتَهَى ( اذْبَحْ شَاةً نُسُكًا) بِضَمِّ النُّونِ وَالسِّينِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالنَّسِيكَةُ الذَّبِيحَةُ وَجَمْعُهَا نُسُكٌ وَالنُّسُكُ أَيْضًا الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ وَكُلُّ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى
وَهَذَا دَمُ تَخْيِيرٍ اسْتُفِيدَ بِأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ( أَوْ أَطْعِمْ) أَوْ لِلتَّخْيِيرِ ( آصُعٍ) جَمْعُ صَاعٍ وَفِي الصَّاعِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَهُوَ مِكْيَالٌ يَسَعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثَ بِالْبَغْدَادِيِّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَهَذَا الَّذِي قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْآصُعَ جَمْعُ صَاعٍ صَحِيحٌ
وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الْآصُعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ هُوَ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ الرَّأْسِ لِضَرَرٍ مِنْ قَمْلٍ أَوْ مرض أو نحوهما فَلَهُ حَلْقُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أو صدقة أو نسك وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَالنُّسُكُ شَاةٌ وَهِيَ شَاةٌ تَجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ إِنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ وَالْأَحَادِيثَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّ نِصْفَ الصَّاعِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحِنْطَةِ فَأَمَّا التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ وَغَيْرُهُمَا فَيَجِبُ صَاعٌ لِكُلِّ مسكين وهذا خلاف نصه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ
وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَةً أَنَّهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ يَجِبُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا ضعيف منابذا للسنة مردود
وقوله صلى الله عليه وسلم أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ مَعْنَاهُ مَقْسُومَةٌ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ تَمَّ كَلَامُهُ مُخْتَصَرًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ