فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ لَا يَقُولُ الْمَمْلُوكُ رَبِّي وَرَبَّتِي

رقم الحديث 4388 [4388] ( أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدِيًّا) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ النَّخْلِ فَيُقْطَعُ مِنْ مَحَلِّهِ وَيُغْرَسُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ ( مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ) أَيْ بُسْتَانِهِ ( يَلْتَمِسُ) أَيْ يَطْلُبُ ( فَاسْتَعْدَى عَلَى الْعَبْدِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ) يُقَالُ اسْتَعْدَى فُلَانٌ الْأَمِيرَ عَلَى فُلَانٍ أَيِ اسْتَعَانَ فَأَعْدَاهُ عَلَيْهِ أَيْ نَصَرَهُ وَالِاسْتِعْدَاءُ طَلَبُ الْمَعُونَةِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ ( وَهُوَ) أَيْ مَرْوَانُ ( أَمِيرُ الْمَدِينَةِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( فَسَجَنَ) أَيْ حَبَسَ ( إِلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ ( فَأَخْبَرَهُ) أَيْ أَخْبَرَ رَافِعٌ سيد العبد ( أنه) أي رافع ( لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا عَلِقَ بِالنَّخْلِ قَبْلَ جَذِّهِ وحرزه
قال القارىء هُوَ يُطْلَقُ عَلَى الثِّمَارِ كُلِّهَا وَيَغْلِبُ عِنْدَهُمْ عَلَى ثَمَرِ النَّخْلِ وَهُوَ الرُّطَبُ مَا دَامَ عَلَى رَأْسِ النَّخْلِ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الثَّمَرُ الرُّطَبُ مَا دَامَ عَلَى رَأْسِ النَّخْلِ فَإِذَا قُطِعَ فَهُوَ الرُّطَبُ فَإِذَا كُنِزَ فَهُوَ التَّمْرُ ( وَلَا كَثَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ الْجُمَّارُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ فِي آخِرِهِ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ شَحْمُ النَّخْلِ ( فَقَالَ الرَّجُلُ) أَيْ سَيِّدُ الْعَبْدِ ( وَهُوَ يُرِيدُ قَطْعَ يَدِهِ) أَيْ بِسَبَبِ سَرِقَتِهِ ( إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى مَرْوَانَ ( فَأُرْسِلَ) أَيْ أُطْلِقَ مِنَ السِّجْنِ ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ الْكَثَرُ الْجُمَّارُ) وَهُوَ شَحْمُهُ الَّذِي فِي وَسَطِ النَّخْلَةِ وَهُوَ يُؤْكَلُ وَقِيلَ هُوَ الطَّلْعُ أَوَّلَ مَا يَبْدُو وَهُوَ يُؤْكَلُ أَيْضًا
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يُوجِبِ الْقَطْعَ فِي سَرِقَةِ شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُحْرَزَةً أَوْ غَيْرَ مُحْرَزَةٍ وَقَاسَ عَلَيْهِ اللُّحُومَ وَالْأَلْبَانَ وَالْأَشْرِبَةَ وَأَوْجَبَ الْآخَرُونَ الْقَطْعَ فِي جَمِيعِهَا إِذَا كَانَ مُحْرَزًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ عَلَى الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ غَيْرِ الْمُحْرَزَةِ.

     وَقَالَ  نَخِيلُ الْمَدِينَةِ لَا حَوَائِطَ لِأَكْثَرِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مُحْرَزًا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ انْتَهَى
قُلْتُ وَيَجِيءُ بَعْضُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْآتِي



رقم الحديث 4387 [4387] ( وَهَذَا لَفْظُهُ) أَيْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ ( وَهُوَ أَتَمُّ) أَيْ لَفْظُ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ أَتَمُّ مِنْ لَفْظِ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ( قِيمَتُهُ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ) احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ عَلَى أَنَّ النِّصَابَ الْمُوجِبَ لِلْقَطْعِ هُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَلَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ بِلَفْظِ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَوَّمُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَهُ نَحْوَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا أَدْنَى مَا يُقْطَعُ فِيهِ ثَمَنُ الْمِجَنِّ قَالَ وَثَمَنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَالُوا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي تَقْدِيرِ ثَمَنِ الْمِجَنِّ أَرْجَحُ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ وَأَصَحَّ وَلَكِنَّ هَذِهِ أَحْوَطُ وَالْحُدُودُ تُدْفَعُ بِالشُّبُهَاتِ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كَأَنَّهَا شُبْهَةٌ فِي الْعَمَلِ بِمَا دونها وروي نحو ذلك عن بن الْعَرَبِيِّ قَالَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ مَعَ جَلَالَتِهِ ويجاب بأن الروايات المرويه عن بن عباس وبن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي إِسْنَادِهَا جَمِيعًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ عَنْعَنَ وَلَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ إِذَا جَاءَ بِالْحَدِيثِ مُعَنْعَنًا فَلَا يَصْلُحُ لِمُعَارَضَةِ ما في الصحيحين عن بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ
وَقَدْ تَعَسَّفَ الطَّحَاوِيُّ فَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ مُضْطَرِبٌ ثُمَّ بَيَّنَ الِاضْطِرَابَ بِمَا يُفِيدُ بُطْلَانَ قَوْلِهِ وَقَدِ اسْتَوْفَى صَاحِبُ الْفَتْحِ الرد عليه
وأيضا حديث بن عمر حجة مُسْتَقِلَّةٌ وَلَوْ سَلَّمْنَا صَلَاحِيَةَ رِوَايَاتِ تَقْدِيرِ ثَمَنِ الْمِجَنِّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِمُعَارَضَةِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُفِيدًا لِلْمَطْلُوبِ أَعْنِي عَدَمَ ثُبُوتِ الْقَطْعِ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْبَابِ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَطْعِ فِي رُبْعِ الدِّينَارِ وَهُوَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَيُرْجَعُ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَيَتَعَيَّنُ طَرْحُ الرِّوَايَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَبِهَذَا يَلُوحُ لَكَ عَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِرِوَايَاتِ الْعَشْرِ الدَّرَاهِمَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَلَى سُقُوطِ الْقَطْعِ فِيمَا دُونَهَا وَجَعْلِهَا شُبْهَةً وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ لِمَا سَلَفَ كَذَا فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ