فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ فَضْلِ الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ

رقم الحديث 2172 [2172] ( فَأَصَبْنَا سَبَايَا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ يجري عليهم الرق إذا كانوا الشركين لِأَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَبِيلَةٌ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقُّ لِشَرَفِهِمْ ( وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ قِلَّةُ الْجِمَاعِ ( وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ) أَيِ احْتَجْنَا إِلَى الْوَطْءِ وَخِفْنَا مِنَ الْحَبَلِ فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَأَخْذُ الْفِدَاءِ فِيهَا ( فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ) أَيْ مِنَ السَّبَايَا مَخَافَةَ الْحَبَلِ ( ثُمَّ قُلْنَا) أَيْ فِي أَنْفُسِنَا أَوْ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ ( نَعْزِلُ) بِحَذْفِ الِاسْتِفْهَامِ ( وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا) أَيْ بَيْنَنَا
وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ مُعْتَرِضَةٌ ( فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنِ الْعَزْلِ أَوْ جَوَازِهِ ( مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّQتُرْضِع فَيُصِيب مِنْهَا وَيَكْرَه أَنْ تَحْمِل مِنْهُ قَالَ فَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكُمْ فإنما هو القدر قال بن عَوْن فَحَدَّثْت بِهِ الْحَسَن فَقَالَ وَاَللَّه لَكَانَ هَذَا زَجْر
وَفِي لَفْظ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ قَوْله لَا عَلَيْكُمْ أَقْرَب إِلَى النَّهْي
وَوَجْه ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهُ إِنَّمَا نُفِيَ الْحَرَج عَنْ عَدَم الْفِعْل
فَقَالَ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا يَعْنِي فِي أَنْ لَا تَفْعَلُوا وَهِيَ يَدُلّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى ثُبُوت الْحَرَج فِي الْفِعْل فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ نَفْي الْحَرَج عَنْ الْفِعْل لَقَالَ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا
وَالْحُكْم بِزِيَادَةِ لَا خِلَاف الْأَصْل فلهذا فهم الحسن وبن سِيرِينَ مِنْ الْحَدِيث الزَّجْر
وَاَللَّه أَعْلَم

قَالَ الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز اِسْتِرْقَاق الْعَرَب وَوَطْء سَبَايَاهُمْ وَكُنَّ كِتَابِيَّات
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيث أَبِي سعيد مَعْنَاهُ مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي تَرْكِ الْعَزْلِ لأن كل نفس قدر الله خلقها لابد أَنْ يَخْلُقَهَا سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا وَمَا لَمْ يُقَدِّرْ خَلْقَهَا لَا يَقَعُ سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا فَلَا فَائِدَةَ فِي عَزْلِكُمُ انْتَهَى
قَالَ فِي النَّيْلِ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا
قَالَ بن سيرين هذا أقرب إلى النهي
وحكى بن عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ وَاللَّهِ لِكَأَنَّ هَذَا زَجْرٌ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَأَنَّ هَؤُلَاءِ فَهِمُوا مِنْ لَا النَّهْيَ عَمَّا سَأَلُوا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَعْزِلُوا وَعَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  وَعَلَيْكُمْ إِلَى آخِرِهِ تَأْكِيدًا لِلنَّهْيِ
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ هَذَا التَّقْدِيرِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَتْرُكُوا وَهُوَ الَّذِي يُسَاوِي أَنْ لَا تَفْعَلُوا
وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَى لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا أَيْ لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا فَفِيهِ نَفْيُ الْحَرَجِ عَنْ عَدَمِ الْفِعْلِ فَأَفْهَمَ ثُبُوتَ الْحَرَجِ فِي فِعْلِ الْعَزْلِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ لَقَالَ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ لَا زَائِدَةٌ فَيُقَالُ الْأَصْلُ عَدَمَ ذَلِكَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 2173 [2173] ( إِنَّ لِي جَارِيَةً) زَادَ مُسْلِمٌ هِيَ خَادِمَتُنَا وَسَانِيَتُنَا ( أَيِ الَّتِي تَسْقِي لَنَا شَبَّهَهَا بَالْبَعِيرِ فِي ذَلِكَ) ( أَطُوفُ عَلَيْهَا) أَيْ أُجَامِعُهَا ( وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمَلَ) أَيْ تَحْبَلَ مِنِّي ( فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ ( سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا) أَيْ مِنَ الْحَمْلِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ عَزَلْتَ أَمْ لَا ( ثُمَّ أَتَاهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَQفِي سَبَايَا أَوْطَاس وَإِبَاحَة وَطْئِهِنَّ وَهُنَّ مِنْ الْعَرَب
وَحَدِيثه الْآخَر لَا تُوطَأ حَامِل حَتَّى تَضَع
وَكَانَ أَكْثَر سَبَايَا الصَّحَابَة فِي عَصْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَرَب وكانوا يطأوهن بِإِذْنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَشْتَرِط فِي الْوَطْء غَيْر اِسْتِبْرَائِهِنَّ لَمْ يَشْتَرِط إِسْلَامهنَّ وَتَأْخِير الْبَيَان عَنْ وَقْت الْحَاجَة لَا يَجُوز
وَقَدْ دَفَعَ أَبُو بَكْر إِلَى سَلَمَة بْن الْأَكْوَع اِمْرَأَة مِنْ السَّبْي نَفَّلَهُ إِيَّاهَا مِنْ الْعَرَب
وَأَخَذَ عَمْرو بْن أُمَيَّة مِنْ سَبْي بَنِي حَنِيفَة
وَأَخَذَ الصَّحَابَة مِنْ سَبْي المجوس ولم ينقل أنهم اجتنبوهن
قال بن عَبْد الْبَرّ إِبَاحَة وَطْئِهِنَّ مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِنَّ} وَهَذَا فِي غَايَة الضَّعْف لِأَنَّهُ فِي النِّكَاح وَسَأَلَ مُحَمَّد بْن الْحَكَم أَحْمَد عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَدْرِي أَكَانُوا أَسْلَمُوا أَمْ لَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ إِبَاحَةُ الْعَزْلِ عَنِ الْجَوَارِي وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وكرهه بعض الصحابة وروي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ تُسْتَأْمَرُ الْحُرَّةُ فِي الْعَزْلِ وَلَا تُسْتَأْمَرُ الْجَارِيَةُ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَعْزِلُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَلَا يَعْزِلُ عَنِ الْجَارِيَةِ إِذَا كَانَتْ زَوْجَةً إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا وَيَعْزِلُ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَادَّعَى الْعَزْلَ فَإِنَّ الولد لاحق بِهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْأَمَةَ فِرَاشًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ




رقم الحديث 2174 [2174] ( حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ الطُّفَاوِيُّ شَيْخٌ لِأَبِي نَضْرَةَ لَمْ يُسَمَّ مِنَ الثَّالِثَةِ لَا يُعْرَفُ ( تَثَوَّيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ) أَيْ جِئْتُهُ ضَيْفًا وَالثَّوِيُّ الضَّيْفُ وَهَذَا كَمَا تَقُولُ تَضَيَّفْتُهُ إِذَا ضِفْتُهُ
قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ( أَشَدَّ تَشْمِيرًا) أَيْ أَكْثَرَ اجْتِهَادًا فِي الْعِبَادَةِ ( وَهُوَ) أَيْ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( يُسَبِّحُ بِهَا) أَيْ بَالْحَصَى أَوِ النَّوَى وَالْمَعْنَى يَعُدُّ التَّسْبِيحُ بِهَا ( إِذَا نَفِدَ) أَيْQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه قَوْله فِي الْحَدِيث وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاء دَلِيل عَلَى أَنَّ قَوْله فِي حَدِيث سَهْل بْن سعد المتفق عليه التصفيق لِلنِّسَاءِ أَنَّهُ إِذْن وَإِبَاحَة لَهُنَّ فِي التَّصْفِيق فِي الصَّلَاة عِنْد نَائِبَة تَنُوب لَا أَنَّهُ عَيْب وَذَمّ
قَالَ الشَّافِعِيّ حُكْم النِّسَاء التَّصْفِيق وَكَذَا قَالَهُ أَحْمَد
وَذَهَبَ مَالِك إِلَى أَنَّ الْمَرْأَة لَا تُصَفِّق وَأَنَّهَا تُسَبِّح
وَاحْتَجَّ لَهُ الْبَاجِيّ وَغَيْره بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَابَهُ شَيْء فِي صَلَاته فَلْيُسَبِّحْ قَالُوا وَهَذَا عَامّ فِي الرِّجَال فَنِيَ وَلَمْ يَبْقَ ( مَا فِي الْكِيسِ) مِنَ النَّوَى أَوِ الْحَصَى ( أَلْقَاهُ إِلَيْهَا) أَيْ أَلْقَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْكِيسَ إِلَى الْجَارِيَةِ ( بَيْنَا أَنَا أُوعَكُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْوَعْكِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحُمَّى ( مَنْ أَحَسَّ) أَيْ مَنْ أَبْصَرَ ( الْفَتَى الدَّوْسِيَّ) يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ ( فَقَالَ لِي مَعْرُوفًا) أَيْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ( أَوْ صَفَّانِ مِنْ نِسَاءٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( إِنْ نَسَّانِي) بِتَشْدِيدِ السِّينِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ أَيْ أَنْسَانِي ( فَلْيُسَبِّحْ) أَيْ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ ( الْقَوْمُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ اسْمُ الْقَوْمِ إِنَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ
قَالَ زُهَيْرٌ وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِي أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ فَقَابَلَ بِهِ النِّسَاءَ فَدَلَّ أَنَّهُنَّ لَمْ يَدْخُلْنَ فِيهِمْ وَيُصَحِّحُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَا يَسْخَرْ قوم من قوم انْتَهَى ( وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ) التَّصْفِيقُ ضَرْبُ إِحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ التَّسْبِيحِ وَالتَّصْفِيقِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ ( مَجَالِسَكُمْ مَجَالِسَكُمْ) بَالنَّصْبِ أَيِ الْزَمُوا مَجَالِسَكُمْ ( زَادَ مُوسَى) أَيْ فِي رِوَايَتِهِ ( ها هنا) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِQوَالنِّسَاء قَالُوا وَقَوْله التَّصْفِيق لِلنِّسَاءِ هُوَ عَلَى طَرِيق الذَّمّ وَالْعَيْب لَهُنَّ كَمَا يُقَال كُفْرَان الْعَشِير مِنْ فِعْل النِّسَاء
وَهَذَا بَاطِل مِنْ ثَلَاثَة أَوْجُه أَحَدهَا أَنَّ فِي نَفْس الْحَدِيث تَقْسِيم التَّنْبِيه بَيْن الرِّجَال وَالنِّسَاء وَإِنَّمَا سَاقَهُ فِي مَعْرِض التَّقْسِيم وَبَيَان اِخْتِصَاص كُلّ نَوْع بِمَا يَصْلُح لَهُ فَالْمَرْأَة لَمَّا كَانَ صَوْتهَا عَوْرَة مُنِعَتْ مِنْ التَّسْبِيح وَجَعَلَ لَهَا التَّصْفِيق وَالرَّجُل لَمَّا خَالَفَهَا فِي ذَلِكَ شُرِعَ لَهُ التسبيح مَجَالِسَكُمْ مَجَالِسَكُمْ ( ثُمَّ اتَّفَقُوا) أَيِ الرُّوَاةُ ( ثُمَّ أَقْبَلَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلْتُ كَذَا) أَيْ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ جِمَاعِهِ وَيُفْشِي مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مِنْ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ ( فَجَثَتْ) قَالَ فِي القاموس جثي كَدَعَا وَرَمَى جُثُوًّا وَجِثِيًّا جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ( فَتَاةٌ) أَيْ شَابَّةٌ ( كَعَابٌ) بَالْفَتْحِ الْمَرْأَةُ حِينَ يَبْدُو ثَدْيُهَا لِلنُّهُودِ وَهِيَ الْكَاعِبُ أَيْضًا وَجَمْعُهَا كَوَاعِبُ ( وَتَطَاوَلَتْ) أَيِ امْتَدَّتْ وَرَفَعَتْ عُنُقَهَا ( مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَوْنُهُ) كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ ( إِنَّ طِيبَ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ ريحه) كالحناء
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ حَمَلُوا قَوْلَهُ وطيب النساء على ما أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا فَلْتَطَّيَّبْ بِمَا شَاءَتِ انْتَهَى
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ انْتَهَى مُلَخَّصًا ( أَلَا لَا يُفْضِيَنَّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ لَا يَصِلَنَّ ( رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٌ إِلَى امْرَأَةٍ) أَيْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى لَا يَضْطَجِعَانِ مُتَجَرِّدَيْنِ تَحْتَ ثَوْبٍ وَاحِدٍ
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ هُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ بِأَنْ يَكُونَا مُتَجَرِّدَيْنِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فَتَنْزِيهٌ انْتَهَى ( إِلَّا إِلَى وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ) لَيْسَ هَذَا الاستثناء فيQالثَّانِي أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّسْبِيح لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيق لِلنِّسَاءِ فَهَذَا التَّقْسِيم وَالتَّنْوِيع صَرِيح فِي أَنَّ حُكْم كُلّ نَوْع مَا خَصَّهُ بِهِ
وَخَرَّجَهُ مُسْلِم بِهَذَا اللَّفْظ.

     وَقَالَ  فِي آخِره فِي الصَّلَاة حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ لَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ رَوَاهُ فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ ( وَذَكَرَ ثَالِثَةً) أَيْ كَلِمَةً ثَالِثَةً ( وَهُوَ فِي حَدِيثِ مُسَدَّدٍ) مَرْجِعٌ هُوَ .

     قَوْلُهُ  أَلَا لَا يُفْضِيَنَّ إِلَخْ ( وَقَالَ مُوسَى أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ إِلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُوسَى لَمْ يَقُلْ فِي رِوَايَتِهِ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ كَمَا قَالَ مُسَدَّدٌ وَمُؤَمَّلٌ بَلْ قَالَ عَنِ الطُّفَاوِيِّ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ إِفْشَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الْجِمَاعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَ الْفَاعِلِ لِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ نَشْرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْأَسْرَارِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا الرَّاجِعَةِ إِلَى الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ
قِيلَ وَهَذَا التَّحْرِيمُ هُوَ فِي نَشْرِ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ التَّفَاصِيلِ الرَّاجِعَةِ إِلَى الْجِمَاعِ وَإِفْشَاءِ مَا يَجْرِي مِنَ الْمَرْأَةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ حَالَةَ الْوِقَاعِ
وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ نَفْسِ الْجِمَاعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَلَا إِلَيْهِ حَاجَةٌ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُرُوءَةِ وَمِنَ التَّكَلُّمِ بِمَا لَا يَعْنِي وَمِنْ حُسْنِ إسلام المرء تركه مالا يَعْنِيهِ فَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ تُنْكِرَ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ الزَّوْجِ لَهَا وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنِ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ادَّعَتْ عليه امرأته العنة قال يارسول اللَّهِ إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا لِقِصَّةِ الطِّيبِ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّ الطُّفَاوِيَّ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يُعْرَفُ اسْمُهُ
وَقَالَ أَبُو الفضل محمد بن طاهر والطفاوي مجهولQالثَّالِث أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ فِي قَوْله وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاء وَلَوْ كَانَ قَوْله التَّصْفِيق لِلنِّسَاءِ عَلَى جِهَة الذَّمّ وَالْعَيْب لَمْ يَأْذَن فِيهِ
وَاَللَّه أعلم