فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ

رقم الحديث 1723 [1723] بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَذُو الْمَحْرَمِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا مِنَ الْأَقَارِبِ كَالْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ
( ذُو حُرْمَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بِمَعْنَى ذِي الْمَحْرَمِ فَذُو حُرْمَةٍ وَذُو الْمَحْرَمِ كِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ
قُلْتُ وَرَدَ حَدِيثُ نَهْيِ السَّفَرِ لِلْمَرْأَةِ بِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي رِوَايَةٍ لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَفِي رِوَايَةٍ فَوْقَ ثَلَاث وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَةً وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا ومعها ذو محرم منها أَوْ زَوْجُهَا وَفِي رِوَايَةٍ نَهَى أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَحِلُّ لامرأة مسلمة تسافر مسيرة لَيْلَةً إِلَّا وَمَعَهَا ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَفِي رِوَايَةٍ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ هَذِهِ رِوَايَاتُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ لَا تُسَافِرْ بَرِيدًا وَالْبَرِيدُ مَسِيرَةُ نِصْفِ يَوْمٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ اخْتِلَافُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَاخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ وَلَيْسَ فِي النَّهْيِ عَنِ الثَّلَاثَةِ تَصْرِيحٌ بِإِبَاحَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَوِ الْبَرِيدِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنِ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ ثَلَاثًا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا فَقَالَ لَا وَكَذَلِكَ الْبَرِيدُ فَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمْ مَا سَمِعَهُ وَمَا جَاءَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا عَنْ رَاوٍ وَاحِدٍ فَسَمِعَهُ فِي مَوَاطِنَ فَرَوَى تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ تَحْدِيدٌ لِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ وَلَمْ يُرِدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْدِيدَ أَقَلِّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا
فالحاصل أن كل ما يسمى سفر انْتُهِيَ عَنْهُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ سَوَاءً كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ يَوْمًا أَوْ بَرِيدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِرِوَايَةِ بن عَبَّاسٍ الْمُطْلَقَةُ وَهِيَ آخِرُ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ السَّابِقَةِ لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَهَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى سَفَرًا
وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يَلْزَمُهَا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ إِذَا اسْتَطَاعَتْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلِلَّهِ عَلَى الناس حج البيت وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ الْحَدِيثَ وَاسْتَطَاعَتُهَا كَاسْتِطَاعَةِ الرَّجُلِ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ الْمَحْرَمِ لَهَا فَأَبُو حَنِيفَةَ يَشْتَرِطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ حُكِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ
وَقَالَ عطاء وسعيد بن جبير وبن سِيرِينَ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمَحْرَمُ بَلْ يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى نَفْسِهَا
قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ يَحْصُلُ الْأَمْنُ بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ
وَلَا يَلْزَمُهَا الْحَجُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إِلَّا بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَوْ وُجِدَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ ثِقَةٌ لَمْ يَلْزَمْهَا لَكِنْ يَجُوزُ لَهَا الْحَجُّ مَعَهَا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَسَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ مُخَالَفَةُ ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البيت من استطاع إليه سبيلا لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الِاسْتِطَاعَةُ بِالْبَدَنِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ عَلَيْهِ بِبَدَنِهِ وَمَنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا قَادِرَةً بِبَدَنِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا فَلَمَّا تَعَارَضَتْ هَذِهِ الظَّوَاهِرُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَجَمَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ بِأَنْ جَعَلَ الْحَدِيثَ مُبَيِّنًا الِاسْتِطَاعَةَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَرَأَى مَالِكٌ ومن وافقه أن للاستطاعة الْأَمْنِيَّةَ بِنَفْسِهَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْأَسْفَارِ الْوَاجِبَةِ وَقَدْ أُجِيبَ أَيْضًا بِحَمْلِ الْأَخْبَارِ عَلَى مَا إِذَا لم تَكُنِ الطَّرِيقُ آمِنًا ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ تُسَافِرُ هَكَذَا الرِّوَايَةُ بِدُونِ أَنْ نَظِيرَ قَوْلِهِمْ تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ فَتَسْمَعُ مَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَتُسَافِرُ مَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ فَيَجُوزُ رَفَعُهُ وَنَصْبُهُ بِإِضْمَارِ أَنْ
قَالَهُ الْحَافِظُ وَلِيٌّ الْعِرَاقِيُّ
وَقَولُهُ مَسِيرَةَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى السَّيْرِ كَمَعِيشَةٍ بِمَعْنَى الْعَيْشِ وَلَيْسَتِ التَّاءُ فِيهِ لِلْمَرَّةِ



رقم الحديث 1724 [1724] ( قَالَ الْحَسَنُ) بْنُ عَلِيٍّ وَحْدَهُ فِي حَدِيثِهِ دُونَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ وَالنُّفَيْلِيِّ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ أبي سعيد بن أبي هريرة وأما القعنبي والنفيلي فقال عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَذْفِ لَفْظِ عَنْ أَبِيهِ بَيْنَ سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ( ثُمَّ اتَّفَقُوا) أَيِ الْقَعْنَبِيُّ وَالنُّفَيْلِيُّ وَالْحَسَنُ كُلُّهُمْ ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَيْ جَعَلَ كُلُّهُمْ مِنْ مُسْنَدَاتِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي زِيَادَةِ لَفْظِ عَنْ أَبِيهِ ( فَذَكَرَ مَعْنَاهُ) أَيْ ذَكَرَ مَالِكٌ مَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا قَالَ المنذري وأخرجه مسلم وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُتَابَعَةً انْتَهَى
( قَالَ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ) .
وَأَمَّا الْقَعْنَبِيُّ فَقَالَ عَنْ مَالِكٍ ( وَالْقَعْنَبِيُّ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ لَفْظُ عَنْ أَبِيهِ بَيْنَ سَعِيدِ بن أبي سعيد وأبي هريرة ( رواه بن وَهْبٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ ( وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ) بْنِ فَارِسٍ كِلَاهُمَا ( عَنْ مَالِكٍ) بِحَذْفِ عَنْ أَبِيهِ ( كَمَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ) أَيْ كَمَا رَوَى الْقَعْنَبِيُّ مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ بِحَذْفِ لَفْظِ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَحْتَ حَدِيثِ مَالِكٍ هَكَذَا أَيْ بِإِثْبَاتِ عَنْ أَبِيهِ وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ الْقَاضِي وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أبيه وكذا رواه الشيخان من رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ
وَاسْتَدْرَكَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَيْهِمَا.

     وَقَالَ  الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْفَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ وَسُهَيْلٍ كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَصَلَ اخْتِلَافٌ ظَاهِرٌ بَيْنَ الْحُفَّاظِ فِي ذِكْرِ أَبِيهِ فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَفْسِهِ فَرَوَاهُ تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا وَسَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ مُلَخَّصًا
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ لَا يَقْدَحُ فَإِنَّ سَمَاعَ سَعِيدٍ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نفسه فحدث به على الوجهين وبهذا بن حِبَّانَ فَقَالَ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ انْتَهَى
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ سَعِيدًا لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى



رقم الحديث 1714 [1714] ( هُوَ رِزْقُ اللَّهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ تَعْرِيفَ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى حَسَبِهِ قَالَهُ السِّنْدِيُّ أَوْ هُوَ لِصَاحِبِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ التَّعْرِيفِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ إِذَا جَاءَ مَالِكُهُ
قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُحَدِّثُ مَوْلَانَا مُحَمَّدٌ إِسْحَاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَفِي اللُّمَعَاتِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَعْضِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فِي الْقَلِيلِ لِأَنَّ الدِّينَارَ قَلِيلٌ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقَلِيلِ فَقِيلَ هُوَ مَا دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقِيلَ الدِّينَارُ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مُفَصَّلًا مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَسَيَأْتِي قَوْلُ الْمُنْذِرِيِّ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْبَسْطِ ( تَنْشُدُ الدِّينَارَ) أَيْ تَطْلُبُ الدِّينَارَ وَتَتَفَقَّدُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ انْتَهَى



رقم الحديث 1715 [1715] ( فَعَرَفَهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( صَاحِبُ الدَّقِيقِ) وَكَانَ يَهُودِيًّا ( فَرَدَّ) الْيَهُودِيُّ ( عَلَيْهِ) عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( الدِّينَارَ) لِأَجْلِ مَعْرِفَتِهِ بِهِ وَمَنْزِلَةِ عَلِيٍّ عِنْدَهُ ( فَقَطَعَ) عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( مِنْهُ) أَيِ الدِّينَارِ ( قِيرَاطَيْنِ) الْقِيرَاطُ نِصْفُ دَانَقٍ والدرهم عندهم اثنتا عشرة قِيرَاطًا وَالدِّرْهَمُ نِصْفُ دِينَارٍ وَخَمْسَةٌ ( فَاشْتَرَى) عَلِيٌّ رضي الله عنه ( بِهِ) أَيْ بِالْمَقْطُوعِ مِنْهُ وَهُوَ الْقِيرَاطَانِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بِلَالُ بن يحيى العبسي روى عن النبي مُرْسَلٌ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْ حُذَيْفَةَ وَقِيلَ فِيهِ بَلَغَنِي عَنْ حُذَيْفَةَ وَفِي سَمَاعِهِ مِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَظَرٌ انْتَهَى كَلَامُهُ



رقم الحديث 1716 [1716] ( التِّنِّيسُ) بِكِسْرَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَيَاءٍ سَاكِنَةٍ وَالسِّينُ مُهْمَلَةٌ جَزِيرَةٌ فِي بَحْرِ مِصْرَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْبَرِّ بَيْنَ الْفَرَمَا وَدِمْيَاطَ وَالْفَرَمَا فِي شَرْقِيِّهَا كَذَا فِي الْغَايَةِ ( الزمعي) بفتح الراء والميم منسوب إِلَى زَمَعَةَ ( خَتَنُ) بِفَتْحَتَيْنِ زَوْجُ ابْنَتِهِ ( الْجَزَّارِ) الْقَصَّابِ ( فَرَهَنَ) أَيْ دَفَعَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّينَارَ إِلَى الْجَزَّارِ وَحَبَسَهُ عِنْدَهُ بِعِوَضِ دِرْهَمٍ لِأَجْلِ اشْتِرَاءِ اللَّحْمِ فَاشْتَرَى عَلِيٌّ اللَّحْمَ مِنْ ذَلِكَ الْقَصَّابِ الَّذِي رَهَنَ الدِّينَارَ إِلَيْهِ وَوَضَعَهُ عِنْدَهُ ( فَجَاءَ بِهِ) بِاللَّحْمِ ( فَعَجَنَتْ) فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الدَّقِيقَ ( وَنَصَبَتْ) الْقِدْرَ لِطَبْخِ اللَّحْمِ ( وَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا) مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَطْلُبُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهَا ( مِنْ شَأْنِهِ) مِنْ شَأْنِ الطَّعَامِ كَذَا وَكَذَا وَقَصَّتِ الْقِصَّةَ ( يَنْشُدُ اللَّهَ) بِضَمِّ الشِّينِ يُقَالُ نَشَدْتُكَ اللَّهَ وَبِاللَّهِ أَيْ سَأَلْتُكَ بِهِ مُقْسِمًا عَلَيْكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغُلَامَ يَنْشُدُ بِاللَّهِ وَبِالْإِسْلَامِ وَيَطْلُبُ الدِّينَارَ ( فأمر رسول الله) بِإِحْضَارِ ذَلِكَ الْغُلَامِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمَعِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ
قال يحيى بن معين ثقة وقال بن عَدِيٍّ وَهُوَ عِنْدِي لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بِرِوَايَاتِهِ
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
وَفِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ فَلَمْ يُعَرِّفْ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا أَنْفَقَهُ فِي الْحَالِ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ.

     وَقَالَ  وَالْأَحَادِيثُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُدَّةِ فِي التَّعْرِيفِ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ إِسْنَادًا مِنْ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا أَنْفَقَهُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ لِلضَّرُورَةِ وَفِي حَدِيثِهِمَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَالَ غَيْرُهُ فِي حديث علي أن النبي لَمْ يَأْمُرْهُ بِتَعْرِيفِهِ
قَالَ وَفِيهِ إِشْكَالٌ إِذْ مَا صَارَ أَحَدٌ إِلَى إِسْقَاطِ أَصْلِ التَّعْرِيفِ وَلَعَلَّ تَأْوِيلَهُ أَنَّ التَّعْرِيفَ لَيْسَ لَهُ صِيغَةٌ تَعْتَدُّ بِهِ فَمُرَاجَعَتُهُ لِرَسُولِ الله عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْخَلْقِ إِعْلَانٌ بِهِ فَهَذَا يُؤَيِّدُ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّعْرِيفِ مَرَّةً وَاحِدَةً انْتَهَى
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَلِيلَ فِي اللُّقَطَةِ مُقَدَّرٌ بِدِينَارٍ فَمَا دُونَهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يجب تعريف القليل لحديث علي رضي الله عنه انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ



رقم الحديث 1717 [1717] ( فِي الْعَصَا) بِالْقَصْرِ ( وَأَشْبَاهِهِ) مِمَّا يُعَدُّ قَلِيلًا ( يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ) صِفَةٌ أَوْ حَالٌ ( يَنْتَفِعُ بِهِ) أَيِ الْحُكْمُ فِيهَا أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُلْتَقِطُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفِ سَنَةٍ
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يُعَرَّفُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( عَنِ الْمُغِيرَةِ أَبِي سَلَمَةَ) هُوَ مُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ كُنْيَتُهُ أَبُو سَلَمَةَ ( بِإِسْنَادِهِ) إِلَى أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرٍ
وَحَاصِلُ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ اثْنَانِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ وَمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو سَلَمَةَ فَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ رَوَى عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بلفظ رخص رسول الله وَرَوَى النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَشَبَابَةُ كِلَاهُمَا عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ من غير ذكر النبي بِلَفْظِ كَانُوا أَيْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بَأْسًا فِي الْعَصَا وَالْحَبْلِ وَالسَّوْطِ الْحَدِيثَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ إن بعضهم رواه ولم يذكر النبي وَفِي إِسْنَادِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى



رقم الحديث 1718 [1718] ( ضَالَّةُ الْإِبِلِ) أَيْ حُكْمُهَا ( الْمَكْتُومَةِ) الَّتِي كَتَمَهَا الْوَاجِدُ وَلَمْ يُعَرِّفْهَا وَلَمْ يشهد عليها ( غرامتها) فيه إيجاب الغرامة بمثل قِيمَتِهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ سَبِيلُ هَذَا سَبِيلُ مَا تقدم من ذكره من الْوَعِيدِ الَّذِي لَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا هُوَ زَجْرٌ وَرَدْعٌ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحْكُمُ بِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
وَأَمَّا عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ فَعَلَى خِلَافِهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ لَمْ يَجْزِمْ عِكْرِمَةُ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ مُرْسَلٌ انْتَهَى



رقم الحديث 1719 [1719] ( نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ) قَالَ فِي السُّبُلِ أَيْ مِنِ الْتِقَاطِ الرَّجُلِ مَا ضَاعَ لِلْحَاجِّ وَالْمُرَادُ مَا ضَاعَ فِي مَكَّةَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَلَا تَحِلُّ ساقطتها إلا لمنشد ولحديث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا عِنْدَهُمَا أَيْضًا بِلَفْظِ وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنِ التِقَاطِهَا لِلتَّمَلُّكِ لَا لِلتَّعْرِيفِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحِلُّ قَالُوا وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ لُقَطَةُ الْحَاجِّ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ إِيصَالِهَا إِلَى أَرْبَابِهَا إِنْ كَانَتْ لِمَكِّيٍّ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ لِآفَاقِيٍّ فَلَا يَخْلُو فِي الْغَالِبِ مِنْ وَارِدٍ مِنْهُ إِلَيْهَا فَإِذْ عَرَّفَهَا وَاجِدُهَا فِي كُلِّ عَامٍّ سَهُلَ التوصل إلى معرفة صاحبها
قال بن بَطَّالٍ.

     وَقَالَ  جَمَاعَةٌ هِيَ كَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ وَإِنَّمَا تَخْتَصُّ مَكَّةُ بِالْمُبَالَغَةِ بِالتَّعْرِيفِ لِأَنَّ الْحَاجَّ يَرْجِعُ إِلَى بَلَدِهِ وَقَدْ لَا يَعُودُ فَاحْتَاجَ الْمُلْتَقِطُ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّعْرِيفِ بِهَا وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْتِقَاطُهَا إلا لمنشد فالذي اختصت به لفظة مَكَّةَ أَنَّهَا لَا تُلْتَقَطُ إِلَّا لِلتَّعْرِيفِ بِهَا أَبَدًا فَلَا يَجُوزُ لِلتَّمَلُّكِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثِ فِي لُقَطَةِ الْحَاجِّ مُطْلَقًا فِي مَكَّةَ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ هُنَا مُطْلَقٌ وَلَا دَلِيلَ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهَا فِي مَكَّةَ انْتَهَى كَلَامُ السُّبُلِ
وقال بن الْمَلِكِ أَرَادَ لُقَطَةَ حَرَمِ مَكَّةَ أَيْ لَا محل لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يَحْفَظَهَا أَبَدًا لِمَالِكِهَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُقَطَةِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى ( قَالَ أَحْمَدُ) بْنُ صَالِحٍ ( قال بن وَهْبٍ) فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ ( يَعْنِي فِي لُقَطَةِ الْحَاجِّ يَتْرُكُهَا) الْوَاجِدُ وَلَا يَأْخُذُهَا ( حَتَّى يَجِدَهَا) أَيِ اللُّقَطَةَ ( صَاحِبُهَا) صَاحِبُ اللُّقَطَةِ
وَقَدْ تعقب على هذا التفسير بن الْهُمَامِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَا عَمَلَ عَلَى هَذَا فِي هَذَا الزَّمَانِ لِفَشْوِ السَّرِقَةِ بِمَكَّةَ مِنْ حَوَالَيِ الْكَعْبَةِ فَضْلًا عَنِ الْمَتْرُوكِ انْتَهَى قَالَ في الغاية وما قاله بن الهمام حسن جدا ( قال بن مَوْهِبٍ عَنْ عَمْرٍو) بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَةِ.
وَأَمَّا أَحْمَدُ بن صالح فقال أنبأنا بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم والنسائي وليس فيه كلام بن وهب وقد قال صلى الله علي وَسَلَّمَ وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ لُقَطَةً فِي الْحَرَمِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إِلَّا لِلْحِفْظِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلْيُعَرِّفْهَا بِخِلَافِ لُقَطَةِ سَائِرِ الْبِلَادِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمْلِيكِ
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ حُكْمَ لُقَطَةِ مَكَّةَ حُكْمُ لُقَطَةِ سَائِرِ الْبِلَادِ انْتَهَى



رقم الحديث 1720 [172] ( الْبَوازِيجِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الزَّايِ بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ وَجِيمٌ بَلَدٌ قَرِيبٌ إِلَى دِجْلَةَ ( لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ) أَيْ لَا يَضُمُّهَا إِلَى مَالِهِ وَلَا يَخْلِطُهَا مَعَهُ ( إِلَّا ضَالٌّ) أَيْ غَيْرُ رَاشِدٍ طَرِيقَ الْحَقِّ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا
وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَخَذَهَا لِيَذْهَبَ بِهَا فَهُوَ ضَالٌّ.
وَأَمَّا مَنْ أَخَذَهَا لِيَرْدُدَهَا أَوْ لِيُعَرِّفَهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَذَلِكَ أَنَّ اسْمَ الضَّالَّةِ لَا يَقَعُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَتَاعِ وَنَحْوِهَا وَإِنَّمَا الضَّالُّ اسْمُ الْحَيَوَانِ الَّتِي تَضِلُّ عَنْ أَهْلِهَا كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالطَّيْرِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَإِذَا وَجَدَهَا الْمَرْءُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَعْرِضَ لَهَا مَا دَامَتْ بِحَالٍ تَمْنَعُ بِنَفْسِهَا وَتَسْتَقِلُّ بِقُوَّتِهَا حَتَّى يَأْخُذَهَا صَاحِبُهَا
قَالَ المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ الله قَالَ مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ مَنْ أَخَذَ لُقَطَةً فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا آخِرُ كتاب اللقطةQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه.

     وَقَالَ  بَعْضهمْ الْفَرْق بَيْن لُقَطَة مَكَّة وَغَيْرهَا أَنَّ النَّاس يَتَفَرَّقُونَ مِنْ مَكَّة فَلَا يُمْكِن تَعْرِيف اللُّقَطَة فِي الْعَام فَلَا يَحِلّ لِأَحَدٍ أَنْ يَلْتَقِط لُقَطَتهَا إِلَّا مُبَادِرًا إِلَى تَعْرِيفهَا قَبْل تَفَرُّق النَّاس بِخِلَافِ غَيْرهَا مِنْ الْبِلَاد
وَاَللَّه أَعْلَم



رقم الحديث 1721 [1721] النُّسُكُ بِضَمَّتَيْنِ العبادة وكل حق لله عزوجل وَالْمَنَاسِكُ جَمْعُ مَنْسَكٍ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الْمُتَعَبَّدُ وَيَقَعُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهِ أُمُورُ الْحَجِّ وَالْمَنْسَكُ الْمَذْبَحُ وَالنَّسِيكَةُ الذَّبِيحَةُ
وَأَصْلُ الْحَجِّ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ
وَقَالَ الْخَلِيلُ كَثْرَةُ الْقَصْدِ إِلَى مُعْظَّمٍ وَفِي الشَّرْعِ الْقَصْدُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ بِأَعْمَالٍ مَخْصُوصَةٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِهَا لُغَتَانِ
وَوُجُوبُ الْحَجِّ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ إِلَّا بِعَارِضٍ كَالنَّذْرِ
وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي وَفِي وَقْتِ ابْتِدَاءِ فَرْضِهِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا سَنَةَ سِتٍّ لِأَنَّهَا نَزَلَ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله وَهَذَا يُبْتَنَى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِتْمَامِ ابْتِدَاءُ الْفَرْضِ وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ عَلْقَمَةَ وَمَسْرُوقٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِلَفْظِ وَأَقِيمُوا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْهُمْ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ الْإِكْمَالُ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَهَذَا يقتضي تقدم فرصه قَبْلَ ذَلِكَ
وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّةِ ضِمَامٍ ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْحَجِّ وَكَانَ قُدُومُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَهَذَا يَدُلُّ إِنْ ثَبَتَ عَلَى تَقَدُّمِهِ عَلَى سَنَةِ خَمْسٍ لِوُقُوعِهِ فِيهَا.
وَأَمَّا فَضْلُهُ فَمَشْهُورٌ وَلَا سِيَّمَا فِي الْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِهِ
(الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ) قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالثَّانِي طَاعَةٌ مَالِيَّةٌ وَالْحَجُّ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا (قَالَ بَلْ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الْحَجَّ لَا يَتَكَرَّرُ وُجُوبُهُ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا حَصَلَ مِنْهُمْ بِدَلِيلٍ فَأَمَّا نَفْسُ اللَّفْظِ فَقَدْ كَانَ مُوهِمًا لِلتَّكْرَارِ وَمِنْ أَجْلِهِ عَرَضَ هَذَا السُّؤَالُ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قَصْدٌ فِيهِ تَكْرَارٌ وَمِنْ ذَلِكَ قول الشاعر يحجون بيت الزبرقان المزعفرا يزيد أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَهُ فِي أُمُورِهِمْ وَيَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ فِي حَاجَاتِهِمْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَكَانَ سَيِّدًا لَهُمْ وَرَئِيسًا فِيهِمْ
وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْمَعْنَى فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ وَقَالُوا إِذَا كَانَ الْحَجُّ قَصْدًا فِيهِ تَكَرُّرٌ فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي الْحَجِّ إِنَّمَا هُوَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَتَكَرَّرُ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا حَجَّ مَرَّةً ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَمْرِ الْوَارِدِ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ هَلْ يُوجِبُ التَّكْرَارَ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَفْسُ الْأَمْرِ يُوجِبُ التَّكْرَارَ وَذَهَبُوا إِلَى مَعْنَى اقْتِضَاءِ الْعُمُومِ مِنْهُ.

     وَقَالَ  الْآخَرُونَ لَا يُوجِبُهُ وَيَقَعُ الْخَلَاصُ مِنْهُ وَالْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ إِذَا قِيلَ لَهُ أَفَعَلْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ صَادِقًا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ
قَالَ المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
وَفِي إِسْنَادِهِ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ صَاحِبُ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ فَرَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا رَوَاهُ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رجل لكل عام يارسول اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.

قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا انْتَهَى (عُقَيْلٌ عَنْ سِنَانَ) أَيْ بِغَيْرِ لَفْظِ أَبِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ حُسَيْنٍ وَعَبْدَ الْجَلِيلِ بْنَ حُمَيْدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ كُلَّهُمْ قَالُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سِنَانَ.
وَأَمَّا عُقَيْلٌ وَحْدَهُ فَقَالَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سِنَانَ
قُلْتُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَبَا سِنَانَ كُنْيَتُهُ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ أُمَيَّةَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ