فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ كَيْفَ الرُّقَى

رقم الحديث 3452 [3452] قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْغِشُّ ضِدُّ النُّصْحِ مِنَ الْغَشَشِ وَهُوَ الْمَشْرَبُ الْكَدِرُ
(فَأُوحِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّعَامِ (فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ) أَيْ أَصَابَتْهُ بِلَّةٌ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى سِيرَتِنَا وَمَذْهَبِنَا يُرِيدُ أَنَّ مَنْ غَشَّ أَخَاهُ وَتَرَكَ مُنَاصَحَتَهُ فَإِنَّهُ قَدْ تَرَكَ اتِّبَاعِي وَالتَّمَسُّكَ بِسُنَّتِي
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ هَذَا التَّأْوِيلُ بِصَحِيحٍ وَإِنَّمَا وَجْهُهُ مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ أَنَا مِنْكَ وَإِلَيْكَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمُتَابَعَةَ وَالْمُوَافَقَةَ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رحيم انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِشِّ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ



رقم الحديث 3454 [3454] أَيِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخِيَارُ هُوَ الِاسْمُ مِنَ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا إِمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ
( كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الْمُتَبَايِعَانِ ( عَلَى صَاحِبِهِ) أَيْ عَلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا وَالْجَارُ مُتَعَلِّقٌ بِالْخِيَارِ وَالْمُرَادُ بِالْخِيَارِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ( مَا لَمْ يَفْتَرِقَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَتَفَرَّقَا أَيْ بِبَدَنِهِمَا فَيَثْبُتُ لَهُمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخِيَارَ مُمْتَدٌّ زَمَنَ عَدَمِ تَفَرُّقِهِمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدُّهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْمَقْصُودِ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّفَرُّقِ الَّذِي يَصِحُّ بِوُجُودِهِ الْبَيْعُ فَقَالَتْ طائفة هو التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ الِافْتِرَاقُ بِالْكَلَامِ وَإِذَا تَعَاقَدَا صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ التَّفَرُّقَ هُوَ تفرق الأبدان وعلى هذا فسره بن عُمَرَ وَهُوَ رَاوِي الْخَبَرَ وَكَانَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الصَّفْقَةَ مَشَى خُطُوَاتٍ حَتَّى يُفَارِقَهُ وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ أَبُو بَرْزَةَ فِي شَأْنِ الْفَرَسِ الَّذِي بَاعَهُ الرَّجُلُ مِنْ صَاحِبِهِ وَهُمَا فِي الْمَنْزِلِ وَعَلَى هَذَا وَجَدْنَا أَمْرَ النَّاسِ وَعُرْفَ اللُّغَةِ
وَظَاهِرُ الْكَلَامِ إِذَا قِيلَ تَفَرَّقَ النَّاسُ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ التَّمَيُّزُ بِالْأَبْدَانِ وَإِنَّمَا يُعْقَلُ مَا عَدَاهُ مِنَ التَّفَرُّقِ فِي الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ بِقَيْدٍ وَصِلَةٍ قَالَ وَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ النَّخَعِيُّ لَخَلَا الْحَدِيثُ عَنِ الْفَائِدَةِ وَسَقَطَ مَعْنَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَبُولُ الْبَيْعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ خِيَارُهُ ثَابِتٌ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الْبَيْعَ وَهَذَا مَعَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي قَدِ اسْتَقَرَّ بَيَانُهُ انْتَهَى مُخْتَصَرًا ( إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ)
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَصَحُّهَا أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَتَقْدِيرُهُ يَثْبُتُ لَهُمَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَتَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَخْتَارَا إِمْضَاءَ الْبَيْعِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ التَّخَايُرِ وَلَا يَدُومُ إِلَى الْمُفَارَقَةِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ دُونَهَا فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَارُ فِيهِ بِالْمُفَارَقَةِ بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ
وَالثَّالِثُ مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ أَنْ لَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خِيَارٌ وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ يُصَحِّحِ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بُطْلَانُهُ بِهَذَا الشَّرْطِ انْتَهَى
وَكَذَا صَحَّحَ الْخَطَّابِيُّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 3447 [3447] بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ احْتَكَرَ الطَّعَامَ اشْتَرَاهُ وَحَبَسَهُ لِيَقِلَّ فَيَغْلُوَ وَالِاسْمُ الْحَكْرُ وَالْحُكْرَةُ انْتَهَى
( إِلَّا خَاطِئٌ) بِالْهَمْزَةِ أَيْ عَاصٍ وَآثِمٍ ( فَقُلْتُ لسعيد) أي بن الْمُسَيِّبِ ( فَإِنَّكَ تَحْتَكِرُ قَالَ وَمَعْمَرٌ كَانَ يَحْتَكِرُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحْظُورَ مِنْهُ نَوْعٌ دُونَ نَوْعٍ وَلَا يَجُوزُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي فَضْلِهِ وَعِلْمِهِ أَنْ يَرْوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا ثُمَّ يُخَالِفُهُ كِفَاحًا وَهُوَ عَلَى الصَّحَابِيِّ أَقَلُّ جَوَازًا وَأَبْعَدُ مَكَانًا
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الِاحْتِكَارِ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ السِّلَعِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ يُمْنَعُ مِنَ احْتِكَارِ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَالزَّيْتِ وَكُلِّ شَيْءٍ أَضَرَّ بِالسُّوقِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لَيْسَتِ الْفَوَاكِهَ مِنَ الْحُكْرَةِ
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ الِاحْتِكَارُ إِلَّا فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ قُوتُ النَّاسِ.

     وَقَالَ  إِنَّمَا يَكُونُ الِاحْتِكَارُ فِي مِثْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالثُّغُورِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ وَالْبَصْرَةَ
وَقَالَ إِنَّ السُّفُنَ تَخْتَرِقُهَا
قَالَ أَحْمَدُ إِذَا أَدْخَلَ الطَّعَامَ مِنْ صَنِيعِهِ فَحَبَسَهُ فَلَيْسَ بِحُكْرَةٍ
وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْأَوْزَاعِيُّ
مَنْ جَلَبَ طَعَامًا مِنْ بَلَدً فَحَبَسَهُ يَنْتَظِرُ زِيَادَةَ السِّعْرِ فَلَيْسَ بِمُحْتَكِرٍ وَإِنَّمَا الْمُحْتَكِرُ مَنِ اعْتَرَضَ سُوقَ الْمُسْلِمِينَ
قال فاحتكار معمر وبن الْمُسَيِّبِ مُتَأَوَّلٌ عَلَى مِثْلِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( مَا فِيهِ عَيْشُ النَّاسِ) أَيْ حَيَاتُهُمْ وَقُوتُهُمْ ( مَنْ يَعْتَرِضِ السُّوقَ) أَيْ يَنْصِبُ نَفْسَهُ لِلتَّرَدُّدِ إِلَى الْأَسْوَاقِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهَا الطَّعَامَ الَّذِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ليحتكره وقال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي وبن ماجه



رقم الحديث 3448 [3448] ( بن الْمُثَنَّى) هُوَ مُحَمَّدٌ ( أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَيَّاضِ) الزِّمَانِيُّ لَيِّنُ الْحَدِيثِ ( أَخْبَرَنَا هَمَّامُ) بْنُ يَحْيَى بن دينار ( قال بن الْمُثَنَّى) فِي رِوَايَتِهِ ( قَالَ) أَيْ يَحْيَى بْنُ فَيَّاضٍ ( عَنِ الْحَسَنِ) أَيْ قَالَ يَحْيَى حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي التَّمْرِ حُكْرَةٌ ( فَقُلْنَا) هَذِهِ مَقُولَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ( لَهُ) أَيْ لِيَحْيَى ( لَا تَقُلْ عَنِ الْحَسَنِ) فَإِنَّ هَذِهِ الْمَقُولَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَا قَالَهَا ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثُ) الَّذِي مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ الْفَيَّاضِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَوْلُ لِقَتَادَةَ أَوِ الْحَسَنِ ( عِنْدَنَا بَاطِلٌ) لِجِهَةِ إِسْنَادِهِ
قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ يَحْيَى بْنُ الْفَيَّاضِ الزِّمَانِيُّ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَقِبَ حَدِيثِهِ لَهُ هَذَا بَاطِلٌ انْتَهَى ( النَّوَى) بِفَتْحَتَيْنِ مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ أَيْ كُلُّ مَا كَانَ فِي جَوْفِ مَأْكُولٍ كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعِنَبِ وَمَا أشبهه ويقال بِالْفَارِسِيَّةِ خسته خرما وانكور ( وَالْخَبَطُ) بِالتَّحْرِيكِ أَيِ الْوَرَقُ السَّاقِطُ وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَفُ الدَّوَابِّ ( وَالْبِزْرُ) بِالْكَسْرِ وَاحِدَةُ بِزْرَةٍ كُلُّ حَبٍّ يُبْذَرُ لِلنَّبَاتِ
كَذَا فِي بَعْضِ اللُّغَةِ
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْبِزْرُ بِزْرُ الْبَقْلِ وَنَحْوُهُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ وَلَا تَقُولُهُ الْفُصَحَاءُ إِلَّا بِالْكَسْرِ ( عَنْ كَبْسِ الْقَتِّ) الْكَبْسُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَتُّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ الْيَابِسُ مِنَ الْقَضْبِ أَيْ عَنْ إِخْفَاءِ الْقَتِّ وَإِدْخَالِهِ فِي الْبَيْتِ أَيْ عَنْ حَبْسِهِ
قُلْتُ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغَلِّيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغَلِّيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فهو خاطئ
وعند بن مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاحْتِكَارَ مُحَرَّمٌ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ قُوتِ الْآدَمِيِّ وَالدَّوَابِّ وَبَيْنَ غَيْرِهِ
وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ إِنَّ الْمُحَرَّمَ إِنَّمَا هُوَ احْتِكَارُ الْأَقْوَاتِ خَاصَّةً لَا غَيْرِهَا ولا مقدار الكفاية منها
قال بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَا يَدَّخِرُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قُوتٍ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ زوجاته مائة وسق من خيبر
قال بن رَسْلَانَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَّخِرُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ مِنْ تمر وغيره
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرِهِ إِنَّمَا كَانَ سَعِيدٌ وَمَعْمَرٌ يَحْتَكِرَانِ الزَّيْتَ وَحَمَلَا الْحَدِيثَ عَلَى احْتِكَارِ الْقُوتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ
وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ وَقَصْدِ إِغْلَاءِ السِّعْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ مَعْقِلٍ مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغَلِّيَهُ عَلَيْهِمْ وَقَولُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُرِيدُ أَنْ يُغَلِّيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ
وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ الِاحْتِكَارُ فَقَالَ إِذَا كَانَ مِنْ قُوتِ النَّاسِ فهو الذي يكره وهذا قول بن عمر قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ إِنَّهُ إِنْ مَنَعَ غَيْرَهُ مِنَ الشِّرَاءِ وَحَصَلَ بِهِ ضِيقٌ حُرِّمَ وَإِنْ كَانَتِ الْأَسْعَارُ رَخِيصَةً وَكَانَ الْقَدْرُ الَّذِي يَشْتَرِيهِ لَا حَاجَةَ بِالنَّاسِ إِلَيْهِ فَلَيْسَ لِمَنْعِهِ مِنْ شِرَائِهِ وَادِّخَارِهِ إِلَى وَقْتِ حَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ مَعْنًى
وَأَمَّا إِمْسَاكُهُ حَالَةَ اسْتِغْنَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ عَنْهُ رَغْبَةً فِي أَنْ يَبِيعَهُ إِلَيْهِمْ وَقْتَ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ بَلْ يُسْتَحَبُّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلَّةَ إِذَا كَانَتْ هِيَ الْإِضْرَارَ بِالْمُسْلِمِينَ لَمْ يُحَرَّمِ الِاحْتِكَارُ إِلَّا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ بِهِمْ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْقُوتُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِالْجَمِيعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ




رقم الحديث 3449 [3449] ( أَنْ تُكْسَرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( سِكَّةُ الْمُسْلِمِينَ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشِدَّةِ الْكَافِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِكَّةً لِأَنَّهُ طُبِعَ بِسِكَّةِ الْحَدِيدِ انْتَهَى
وَسِكَّةُ الْحَدِيدِ هِيَ الْحَدِيدَةُ الْمَنْقُوشَةُ الَّتِي تُطْبَعُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ ( الْجَائِزَةُ) يَعْنِي النَّافِقَةُ فِي مُعَامَلَتِهِمْ ( إِلَّا مِنْ بَأْسٍ) كَأَنْ تَكُونَ زُيُوفًا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ النَّهْيِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ كُرِهَ مِنْ أَجْلِ الْوَضِيعَةِ وَفِيهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ وَبَلَغَنِي عَنْ أبى العباس بن سُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ كَانُوا يُقْرِضُونَ الدَّرَاهِمَ وَيَأْخُذُونَ أَطْرَافَهَا فَنُهُوا عَنْهُ
وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ إِنَّمَا كُرِهَ قَطْعُهَا وَكَسْرُهَا مِنْ أَجْلِ التَّدْنِيقِ
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَعَنَ اللَّهُ الدَّانَقَ وَأَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الدَّانَقَ انْتَهَى مُلَخَّصًا
وَفِي النَّيْلِ وَفِي مَعْنَى كَسْرِ الدَّرَاهِمِ كَسْرُ الدَّنَانِيرِ والفلوس التي عليها سكة الإمام لاسيما إِذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِذَلِكَ جَارِيًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَثِيرًا
وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ مَا فِي الْكَسْرِ مِنَ الضَّرَرِ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ لِمَا يَحْصُلُ مِنَ النُّقْصَانِ فِي الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا إِذَا كُسِرَتْ وَأُبْطِلَتِ المعاملة بها قال بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ لَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ الْمُعَامَلَةَ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي ضَرَبَهَا السُّلْطَانُ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَخْرَجَ غَيْرَهَا جَازَ كَسْرُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أُبْطِلَتْ وَسَبْكُهَا لِإِخْرَاجِ الْفِضَّةِ الَّتِي فِيهَا وَقَدْ يَحْصُلُ فِي سَبْكِهَا وَكَسْرِهَا رِبْحٌ كَثِيرٌ لِفَاعِلِهِ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْكَسْرِ إِلَّا إِذَا كَانَ بِهَا بَأْسٌ وَمُجَرَّدُ الْإِبْدَالِ لِنَفْعِ الْبَعْضِ رُبَّمَا أَفْضَى إِلَى الضَّرَرِ بِالْكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ فَالْجَزْمُ بِالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ لَا يَنْبَغِي
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ إِنَّهُمْ كَانُوا يَقْرِضُونَ أَطْرَافَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ بِالْمِقْرَاضِ وَيُخْرِجُونَهُمَا عَنِ السِّعْرِ الَّذِي يَأِخُذُونَهُمَا بِهِ وَيَجْمَعُونَ مِنْ تِلْكَ الْقِرَاضَةِ شَيْئًا كَثِيرًا بِالسَّبْكِ كَمَا هُوَ مَعْهُودٌ فِي الْمَمْلَكَةِ الشَّامِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَهَذِهِ الْفَعْلَةُ هِيَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا قَوْمَ شُعَيْبٍ بقولة ولا تبخسوا الناس أشياءهم فقالوا أتنهانا أن نفعل في أموالنا يعني الدراهم والدنانير ما نشاء مِنَ الْقَرْضِ وَلَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة انتهى
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ فَضَاءَ الْأَزْدِيُّ الْحِمْصِيُّ الْبَصْرِيُّ الْمُعَبِّرُ لِلرُّؤْيَا كُنْيَتُهُ أَبُو بَحْرٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ




رقم الحديث 3450 [345] هُوَ أَنْ يَأْمُرَ السُّلْطَانُ أَوْ نُوَّابُهُ أَوْ كُلُّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرًا أَهْلَ السُّوقِ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إِلَّا بِسِعْرِ كَذَا فَيَمْنَعُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوِ النُّقْصَانِ لمصلحة
قاله في النيل
( يارسول اللَّهِ سَعِّرْ) أَمْرٌ مِنَ التَّسْعِيرِ وَهُوَ وَضْعُ السِّعْرِ عَلَى الْمَتَاعِ
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ السِّعْرُ الْقِيمَةُ لِيَشِيِعَ الْبَيْعُ فِي الْأَسْوَاقِ بِهَا ذكره القارىء ( بل ادعوا) أَيِ اللَّهَ تَعَالَى لِتَوْسِعَةِ الرِّزْقِ ( ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ) أَيْ آخَرُ ( بَلِ اللَّهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ) أَيْ يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَيَقْدِرُ ( وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلِمَةٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَهِيَ مَا تَطْلُبُهُ مِنْ عِنْدِ الظَّالِمِ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْكَ
وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْعِيرَ مَظْلَمَةٌ
وَإِذَا كَانَ مَظْلَمَةً فَهُوَ مُحَرَّمٌ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 3451 [3451] ( غَلَا السِّعْرُ) أَيِ ارْتَفَعَ عَلَى مُعْتَادِهِ ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ) عَلَى وَزْنِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ التَّسْعِيرِ ( الْقَابِضُ الْبَاسِطُ) أَيْ مُضَيِّقُ الرِّزْقَ وَغَيْرَهُ عَلَى مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ وَمُوَسِّعُهُ
وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ وَأَنَّهُ مَظْلِمَةٌ
وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَالتَّسْعِيرُ حَجْرٌ عَلَيْهِمْ وَالْإِمَامُ مَأْمُورٌ بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ نَظَرُهُ فِي مَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي بِرُخْصِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ فِي مَصْلَحَةِ الْبَائِعِ بِتَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَإِذَا تَقَابَلَ الْأَمْرَانِ وَجَبَ تَمْكِينُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الِاجْتِهَادِ لِأَنْفُسِهِمْ وَإِلْزَامِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ أَنْ يَبِيعَ بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تراض وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّسْعِيرُ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَيْهِ
كَذَا فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ




رقم الحديث 3453 [3453] ( قَالَ كَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ هَذَا التَّفْسِيرَ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنِّي ( كَذَا بِالْإِفْرَادِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ) مَعْنَاهُ لَيْسَ مِمَّنِ اهْتَدَى بِهَدْيِي وَاقْتَدَى بِعِلْمِي وَعَمَلِي وَحُسْنِ طَرِيقَتِي كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ إِذَا لَمْ يَرْضَ فِعْلَهُ لَسْتَ مِنِّي قَالَ وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَكْرَهُ تَفْسِيرَ مِثْلَ هَذَا وَيَقُولُ بِئْسَ هَذَا الْقَوْلُ بَلْ يُمْسِكُ عَنْ تَأْوِيلِهِ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَأَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ انْتَهَى




رقم الحديث 3455 [3455] ( أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ) أَيْ أَمْضِ الْبَيْعَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَفَرُّقٌ إِلَّا التَّمْيِيزُ بِالْأَبْدَانِ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُخَيِّرَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَهُمَا بَعْدُ فِي الْمَجْلِسِ فَيَقُولُ لَهُ اخْتَرْ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ انْتَهَى



رقم الحديث 3456 [3456] ( إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةُ خِيَارٍ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ وصفقة فَاعِلُهَا وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ تُوجَدَ أَوْ تَحْدُثَ صَفْقَةُ خِيَارٍ وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّ كَانَ نَاقِصَةٌ واسمها مضمر وصفقة خَبَرٌ وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الصَّفْقَةَ خِيَارٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخَهُ فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا تَمَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا كَمَا تَقَدَّمَ ( خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ
وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَالُوا لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِقَالَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ وَمَعْنَاهُ لَا يَحِلِّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ خَشْيَةَ أَنْ يَخْتَارَ فَسْخَ الْبَيْعِ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقَالَةِ فَسْخُ النَّادِمِ مِنْهُمَا لِلْبَيْعِ وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَلَوْ كَانَتِ الْفُرْقَةُ بِالْكَلَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الِاسْتِقَالَةَ لَمْ تَمْنَعْهُ مِنَ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ
وَقَدْ أَثْبَتَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ الْخِيَارَ وَمَدَّهُ إِلَى غَايَةِ التَّفَرُّقِ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِقَالَةِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهَا إِلَى الْفَسْخِ وَحَمَلُوا نَفْيَ الْحِلِّ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ وَحُسْنِ مُعَاشَرَةِ الْمُسْلِمِ لَا أَنَّ اخْتِيَارَ الْفَسْخِ حَرَامٌ
كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالنَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ