فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ كَيْفَ الرُّقَى

رقم الحديث 3457 [3457] ( عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ الْمُخَفَّفَةِ مَهْمُوزٌ اسْمُهُ عَبَّادُ بْنُ نُسَيْبٍ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا
وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ اسْمُهُ عَبَّادُ بْنُ نُسَيْبٍ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ نُصَيْفٌ بِالْفَاءِ وَلَكِنِ الْقَوْلُ عَبَّادُ بْنُ نُسَيْبٍ ( بِغُلَامٍ) أَيْ بِعِوَضِ غُلَامٍ فَأَعْطَى صَاحِبَهُ فَرَسًا لَهُ وَأَخَذَ الْغُلَامَ عَنِ الرَّجُلِ ( ثُمَّ أَقَامَا) أَيْ صَاحِبُ الْفَرَسِ وَصَاحِبُ الْغُلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا ( حَضَرَ) وَآنَ وَقْتُ ( الرَّحِيلِ) لِلْجَيْشِ ( قَامَ) أَيْ صَاحِبُ الْفَرَسِ ( يُسَرِّجُهُ) مِنَ الْإِفْعَالِ أَيْ لِيَضَعَ السَّرْجَ عَلَى فَرَسِهِ لِلرُّكُوبِ ( فَنَدِمَ) صَاحِبُ الْفَرَسِ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ آخِذٌ الْغُلَامَ عِوَضَ الْفَرَسِ ( فَأَتَى) أَيْ صَاحِبَ الْفَرَسِ نَادِمًا ( الرَّجُلَ) مَفْعُولُ أَتَى أَيْ صَاحِبَ الْغُلَامِ ( وَأَخَذَهُ بِالْبَيْعِ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لِصَاحِبِ الْغُلَامِ أَيْ أَخْذَ صَاحِبُ الْفَرَسِ صَاحِبَ الْغُلَامِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ وَلِرَدِّ مَبِيعِهِ ( فَأَبَى الرَّجُلُ) أَيْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْغُلَامِ ( أَنْ يَدْفَعَهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ إِلَى الْفَرَسِ أَيْ يَدْفَعُ الرَّجُلُ فَرَسًا ( إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى صَاحِبِ الْفَرَسِ ( مَا أَرَاكُمَا) مَا نَافِيَةٌ ( افْتَرَقْتُمَا) مِنْ مَكَانِ الْبَيْعِ وَمَوْضِعِهِ بَلْ أَنْتُمَا تُقِيمَانِ فِيهِ فَكَيْفَ لَا تَرُدَّانِ الْمَبِيعَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ كَانَ يَرَى التَّفَرُّقَ بِالْأَبْدَانِ
وَفِيهِ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ وَسَّعَ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَتِمُّ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ عِنْدَهُ حَتَّى يَتَفَرَّقَا جَمِيعًا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيَتْرُكَاهُ لِأَنَّ أَبَا الْوَضِيءِ قَالَ ثُمَّ أَقَامَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَرْزَةَ مَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا لَا بُدَّ لَهُمَا أَنْ يَتَفَرَّقَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهِمَا مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَبَوْلٍ وَغَائِطٍ وَغَيْرِهَا نَعَمْ لَمْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَوْضِعِ قِيَامِهِمَا تَفَرُّقَ الْخُرُوجِ وَالِانْتِشَارِ إِلَّا مِنَ الْغَدِ لَكِنِ الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ أن رجلين اختصما إليه في فرس بعد ما تَبَايَعَا فَكَانُوا فِي سَفِينَةٍ فَقَالَ لَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا.

     وَقَالَ  رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَاللَّهُ أعلم
قال الحافظ بن حَجَرٍ فَأَبُو بَرْزَةَ الصَّحَابِيُّ حَمَلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَلَى التفرق بالأبدان وكذلك حمله بن عُمَرَ عَلَيْهِ وَلَا يُعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ انْتَهَى
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَبِهِ قَالَ بن عمر وشريح والشعبي وطاوس وعطاء وبن أبى مليكة انتهى
ونقل بن الْمُنْذِرِ الْقَوْلَ بِهِ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب والزهري وبن أَبِي ذِئْبٍ مِنْ أَهْلِ المدينة وعن الحسن البصري والأوزاعي وبن جريج وغيرهم وقال بن حَزْمٍ لَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا مِنَ التَّابِعِينَ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ وَحْدَهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ أَكْثَرُ شَيْءٍ سَمِعْتُ أَصْحَابَ مَالِكٍ يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي رَدِّ الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَلَيْسَ لِلتَّفَرُّقِ حَدٌّ مَحْدُودٌ يُعْلَمُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَمَّا .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فَإِنَّمَا هُوَ كَأَنَّهُ قَالَ أَنَا أَرُدُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَلَا أَعْمَلُ بِهِ فَيُقَالُ لَهُ الْحَدِيثُ حُجَّةٌ فَلِمَ رَدَدْتَهُ وَلِمَ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا لَسْتُ أَدْرِي مَنِ اتَّهَمَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ اتَّهَمَ نَفْسَهُ أَوْ نَافِعًا وَأَعْظَمُ أَنْ يقول اتهم بن عُمَرَ
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لِلتَّفَرُّقِ حَدٌّ يُعْلَمُ فَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَنَظَائِرِهِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى عَادَةِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ وَيُعْتَبَرُ حَالُ الْمَكَانِ الَّذِي هُمَا فِيهِ مُجْتَمَعَانِ فَإِذَا كَانَا فِي بَيْتٍ فَإِنَّ التَّفَرُّقَ إِنَّمَا يَقَعُ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ فَانْتَقَلَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَجْلِسِهِ إِلَى بَيْتٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ فَارَقَ صَاحِبَهُ وَإِنْ كَانَا فِي سُوقٍ أَوْ عَلَى حَانُوتٍ فَهُوَ أَنَّ يُوَلِّيَ عَنْ صَاحِبِهِ وَيَخْطُوَ خُطُوَاتٍ وَنَحْوِهَا وَهَذَا كَالْعُرْفِ الْجَارِي وَالْعَادَةِ الْمَعْلُومَةِ فِي التَّقَابُضِ انْتَهَى كَلَامُ الخطابي
قال النووي تحت حديث بن عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِأَبْدَانِهِمَا وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَطَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَشُرَيْحُ الْقَاضِي وَالْحَسَنُ البصري والشعبي والزهري والأوزاعي وبن أبى ذئب وسفيان بن عيينة والشافعي وبن المبارك وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالْبُخَارِيُّ وَسَائِرُ الْمُحَدِّثِينَ وَآخَرُونَ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بَلْ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولُ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَحُكِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ عَنْهَا جَوَابٌ صَحِيحٌ وَالصَّوَابُ ثُبُوتُهُ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ انتهى
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا



رقم الحديث 3458 [3458] ( قَالَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ( مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ أخبرنا) مروان مبتدأ وأخبرنا خَبَرُهُ ( يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) بْنِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ رَوَى عَنْ جَدِّهِ أبي زرعة وثقه أبو داود وقال بن مَعِينٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ( قَالَ كَانَ أَبُو زرعة) بن عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ رَوَى عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ ( لَا يَفْتَرِقْنَ اثْنَانِ) أَيْ مُتَبَايِعَانِ ( إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ)
قَالَ الطِّيبِيُّ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ لَا يَتَفَرَّقْنَ اثْنَانِ إِلَّا تفرقا صادرا عن تراض
قال القارىء وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّهُمَا لَا يَتَفَارَقَانِ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَقَدْ يَحْصُلُ الضَّرَرُ وَالضِّرَارُ وَهُوَ مَنْهِيٌّ فِي الشَّرْعِ أَوِ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُشَاوِرَ مُرِيدُ الْفِرَاقِ صَاحِبَهُ أَلَكَ رَغْبَةً فِي الْمَبِيعِ فَإِنْ أُرِيدَ الْإِقَالَةُ أَقَالَهُ وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حِلِّ الْمُفَارَقَةِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ وَلَا عِلْمِهِ
قَالَ الْأَشْرَفُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفَرُّقُ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ لِانْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ إِلَّا بِرِضَاهُمَا انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ إِجْمَاعًا وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الْقَوْلِ حِينَئِذٍ انْتَهَى
وَأَنْتَ عَلِمْتَ مَعْنَى الْقَوْلِ فيما سبق وتحقق انتهى كلام القارىء
قُلْتُ لَا رَيْبَ فِي أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَ الْأَشْرَفُ وَلِهَذَا كَانَ أَبُو زَرْعَةَ رَاوِي الْحَدِيثَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا خَيَّرَهُ ثُمَّ يَقُولُ خَيِّرْنِي.
وَأَمَّا ما ذكر القارىء مِنْ مُرَادِ الْحَدِيثِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعِلْمُهُ أَتَمُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا زُرْعَةَ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ