فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ

رقم الحديث 222 [222] ( تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْأَكْلِ لِلْجُنُبِ الَّذِي بَوَّبَ لَهُ لَكِنْ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْآتِي فِيهِ ذِكْرُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ اخْتِصَارٌ

رقم الحديث 221 [221] ( أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي تُصِيبُهُ لِابْنِ عُمَرَ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ رواية النسائي من طريق بن عون عن نافع قال أصاب بن عُمَرَ جَنَابَةٌ فَأَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِيَتَوَضَّأْ وَلْيَرْقُدْ ( مِنَ اللَّيْلِ) أَيْ فِي الليل كقوله تعالى من يوم الجمعة أَيْ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الزَّمَانِ
أَيِ ابْتِدَاءُ إِصَابَةِ الْجَنَابَةِ اللَّيْلُ ( توضأ) يحتمل أن يكون بن عمر كان حَاضِرًا فَوَجَّهَ الْخِطَابَ إِلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِطَابَ لِعُمَرَ فِي غَيْبَةِ ابْنِهِ جَوَابًا لِاسْتِفْتَائِهِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ إِلَى ابْنِهِ لِأَنَّ اسْتِفْتَاءَ عُمَرَ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ ابْنِهِ
ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ ( وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ) أَيِ اجْمَعْ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُوحٍ عَنْ مَالِكٍ اغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ ثُمَّ نَمْ وَلِذَا قال بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا مِنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَرَادَ اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ
وَكَذَا رُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ بِتَقْدِيمِ غَسْلِهِ عَلَى الْوُضُوءِ
قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَى غَسْلِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوُضُوءٍ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّعَبُّدِ إِذِ الْجَنَابَةُ أَشَدُّ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ
وَتَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُوحٍ أَنَّ غَسْلَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوُضُوءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمَسَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بأن مسه ينقض ( ثم نم) قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ جَاءَ الْحَدِيثُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَجَاءَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْرِيَةَ بن أسماء عن نافع عن بن عُمَرَ قَالَ اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ يَنَامُ إِذَا تَوَضَّأَ وَهُوَ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قال بوجوبه
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى إِيجَابِهِ وَفِيهِ شُذُوذٌ
وقال بن الْعَرَبِيِّ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ
وَاسْتَنْكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا النَّقْلَ.

     وَقَالَ  لَمْ يَقُلِ الشَّافِعِيُّ بِوُجُوبِهِ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ وَلَا يُعْرَفُ عَنْهُمَا وُجُوبُهُ وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ




رقم الحديث 223 [223] ( عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ) الْمَذْكُورِ قَبْلَ هَذَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ ( وَمَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا لَا بِلَفْظِهِ ( زَادَ) أَيْ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيَانُ قِصَّتَيْنِ قِصَّةُ الْأَكْلِ وَقِصَّةُ النَّوْمِ ( مقصورا) أي اقتصر بن وَهْبٍ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى ذِكْرِ أَكْلِ الْجُنُبِ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ النَّوْمِ ( صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ ضَعِيفٌ يُعْتَبَرُ به ( كما قال بن الْمُبَارَكِ) بِذِكْرِ الْقِصَّتَيْنِ ( عَنْ عُرْوَةَ أَوْ أَبِي سَلَمَةَ) بِالشَّكِّ فِي الرَّاوِي عَنْ عَائِشَةَ ( وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يُونُسَ) أَيْ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ بِذِكْرِ قِصَّةِ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ مَعًا
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ مِنْ غَيْرِ التَّوَضِّي وَالِاغْتِسَالِ وَالْبَابُ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّوَضِّي فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ




رقم الحديث 224 [224] أَوْ يَنَامُ
( تَوَضَّأَ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ( تَعْنِي) عَائِشَةُ ( وَهُوَ جُنُبٌ) أَيْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وَهُوَ جُنُبٌ وَهَذَا التَّفْسِيرُ لِأَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فَسَّرَ بِهِ لِلْإِيضَاحِ
قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن ماجه

رقم الحديث 225 [225] (عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ) بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ (أَنْ يَتَوَضَّأَ) وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْغُسْلِ لِلْجُنُبِ لِأَنَّ الْعَظِيمَةَ (الْعَزِيمَةَ) أَفْضَلُ مِنَ الرُّخْصَةِ
وَفَرَّقَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بَيْنَ الْوُضُوءِ لِإِرَادَةِ النَّوْمِ وَالْوُضُوءِ لِإِرَادَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَالْمُعَاوَدَةِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَبِحَدِيثِ عَمَّارٍ هَذَا
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهُ كَانَ تَارَةً يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ وَتَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ لَكِنَّ هَذَا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ خَاصَّةً.
وَأَمَّا فِي النَّوْمِ وَالْمُعَاوَدَةِ فَهُوَ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ لِلْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ فِيهَا بِأَنَّهُ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ
انْتَهَى (بَيْنَ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ) وَمُفَادُ كَلَامِهِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَاسِطَةٌ فَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَمَّارٍ وفيه وضوءه للصلاة

(

رقم الحديث 226 [226]
هَلْ عَلَيْهِ مِنْ الإثم
( حَدَّثَنَا بُرْدٌ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ( عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ) بِالتَّصْغِيرِ ( يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ فِي آخِرِهِ) أَيْ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنُبًا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَيَغْتَسِلُ عَلَى الْفَوْرِ أم كَانَ يُؤَخِّرُ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ ( وَرُبَّمَا اغْتَسَلَ فِي آخِرِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ لَيْلًا عَلَى الْفَوْرِ بَلْ لَهُ أَنْ يَنَامَ وَيَغْتَسِلَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ ( قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ ( فِي الْأَمْرِ) فِي أَمْرِ الشَّرْعِ أَوْ فِي هَذَا الْأَمْرِ ( سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ
وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالى جعل في الاغتسال وسعة بِأَنْ يَغْتَسِلَ مَتَى شَاءَ مِنَ اللَّيْلِ وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنْ يَغْتَسِلَ عَلَى الْفَوْرِ ( وَرُبَّمَا أَوْتَرَ فِي آخِرِهِ) وَأَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ ومسلم والترمذي وبن مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّكُمْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ ثُمَّ لِيَرْقُدْ وَمَنْ وَثِقَ بِقِيامِنْ ( بِقِيَامٍ) آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ وَيَجِيءُ بَحْثُهُ فِي كِتَابِ الْوِتْرِ إِنْ شَاءَ تَعَالَى ( أَوْ يُخْفِتُ بِهِ) كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا أَوْ يُخَافِتُ بِهِ وكذا في بن مَاجَهْ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ خَفَتَ الصَّوْتُ خُفُوتًا سَكَنَ
وَلِهَذَا قِيلَ لِلْمَيِّتِ خَفَتَ إِذَا انْقَطَعَ كَلَامُهُ
وَسَكَتَ فَهُوَ خَافِتٌ وَخَفَتَ خُفَاتًا أَيْ مَاتَ فجأة والمخافة والتخافت أسرار المنطلق وَالْخَفْتُ مِثْلُهُ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ خَافَتَ بِقِرَاءَتِهِ مُخَافَتَةً إِذَا لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِهَا ( رُبَّمَا جَهَرَ بِهِ وَرُبَّمَا خَفَتَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ مُخَيَّرٌ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ يُسِرُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي مقتصرا على الفصل الأول وبن مَاجَهْ مُقْتَصِرًا عَلَى الْفَصْلِ الْأَخِيرِ
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 227 [227] ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ) بِالتَّصْغِيرِ ( لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ) قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ يُرِيدُ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ دُونَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمُ الْحَفَظَةُ فَإِنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَ الْجُنُبَ وَغَيْرَ الْجُنُبِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْجُنُبِ ها هنا مَنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَأَخَّرَ الِاغْتِسَالَ إِلَى حُضُورِ الصَّلَاةِ وَلَكِنِ الَّذِي يُجْنِبُ فَلَا يَغْتَسِلُ وَيَتَهَاوَنُ بِهِ وَيَتَّخِذُ تَرْكَهُ عَادَةً وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ وَفِي هَذَا تَأْخِيرُ الِاغْتِسَالِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِ وُجُوبِهِ
.

     وَقَالَتْ  عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً
وَأَمَّا الْكَلْبُ فَهُوَ أَنْ يَقْتَنِيَ كَلْبًا لَيْسَ لِزَرْعٍ أَوْ لِضَرْعٍ أَوْ لِصَيْدٍ فَأَمَّا إِذْ يَرْبُطُهُ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْ لِحِرَاسَةِ دَارِهِ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا الصُّورَةُ فَهِيَ كُلُّ مُصَوَّرٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ كَانَتْ لَهُ أَشْخَاصٌ مُنْتَصِبَةٌ أَوْ كَانَتْ مَنْقُوشَةً فِي سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ مَصْنُوعَةً فِي نَمَطٍ أَوْ مَنْسُوجَةً فِي ثَوْبٍ أَوْ مَا كَانَ فَإِنَّ قَضِيَّةَ الْعُمُومِ تَأْتِي عَلَيْهِ فليجتنب
انتهى كلامه بحروفه
قال الحافظ بن حَجَرٍ يَحْتَمِلُ كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُنُبِ مَنْ يَتَهَاوَنُ بِالِاغْتِسَالِ وَيَتَّخِذُ تَرْكَهُ عَادَةً لَا مَنْ يُؤَخِّرُهُ لِيَفْعَلَهُ قَالَ وَيُقَوِّيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلْبِ غَيْرُ مَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ وَبِالصُّورَةِ مَا فِيهِ رُوحٌ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي الْكَلْبِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجُنُبِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ مَنْ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ كُلُّهُ وَلَا بَعْضُهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ ارْتَفَعَ بَعْضُ حَدَثِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ تَبْوِيبُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ حَيْثُ قَالَ بَابُ كَيْنُونَةِ الْجُنُبِ فِي الْبَيْتِ إِذَا تَوَضَّأَ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ إِذَا تَوَضَّأَ وَأَوْرَدَ النَّسَائِيُّ حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا فِي بَابِ الْجُنُبِ إِذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ فَظَهَرَ مِنْ تَبْوِيبِهِ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي
وَالَّذِي قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن ماجه وليس في حديث بن مَاجَهْ وَلَا جُنُبٌ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُجَيٍّ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ نَظَرٌ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ انْتَهَى



رقم الحديث 228 [228] ( مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً) أَيْ لَا يَغْتَسِلُ بِهِ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ إِنْ صَحَّ هذا الحديثQقَالَ الْحَافِظ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ قَالَ أبو محمد بن حزم نظرنا في حديث أَبِي إِسْحَاقَ فَوَجَدْنَاهُ ثَابِتًا صَحِيحًا تَقُوم بِهِ الْحُجَّة
ثُمَّ قَالَ وَقَدْ قَالَ قَوْم إِنَّ زُهَيْرَ بْنَ مُعَاوِيَةَ رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْخَبَر فَقَالَ فِيهِ وَإِنْ نَامَ جُنُبًا توضأ وضوء لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ بَلْ كَانَ لَهُ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا جَوَابُ الْإِمَامَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَمَسُّ مَاءً لِلْغُسْلِ وَالثَّانِي وَهُوَ عِنْدِي حَسَنٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا يَمَسُّ مَاءً أَصْلًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ إِذْ لَوْ وَاظَبَ عَلَيْهِ لَتُوُهِّمَ وُجُوبُهُ
انْتَهَى
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  زَيْدُ بْنُ هَارُونَ هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَذَكَرْتُ الْحَدِيثَ يَوْمًا
يَعْنِي حديث أبي إسحاق فقال لي إسماعيل يافتى تَشُدُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِشَيْءٍ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَحَمَلَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ شُرَيْحٍ رِوَايَةَ أَبِي إِسْحَاقَ على أنه كان لا يمس ماءا لِلْغُسْلِ ( يَقُولُ هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ) .

     وَقَالَ Qالرَّجُل لِلصَّلَاةِ قَالَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سُفْيَانَ اِخْتَصَرَهُ أَوْ وَهِمَ فِيهِ
وَمُدَّعِي هَذَا الخطأ والاختصار في هذا الحديث هو المخطىء بَلْ نَقُول إِنَّ رِوَايَة زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيحَة
وَرِوَايَة الثَّوْرِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيحَة
وَلَمْ تَكُنْ لَيْلَة وَاحِدَة فَتُحْمَل رِوَايَتهمْ عَلَى التَّضَادّ بَلْ كَانَ يَفْعَل مرة هذا ومرة هذا
قال بن مُعَوِّذٍ وَهَذَا كُلّه تَصْحِيحٌ لِلْخَطَأِ الْفَاسِد بِالْخَطَأِ الْبَيِّن
أَمَّا حَدِيث أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ رِوَايَة الثَّوْرِيِّ وَغَيْره فَأَجْمَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَمَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ أَنَّهُ خَطَأ مُنْذُ زَمَان أَبِي إِسْحَاقَ إِلَى الْيَوْم وَعَلَى ذَلِكَ تَلْقَوْهُ مِنْهُ وَحَمَلُوهُ عَنْهُ وَهُوَ أَوَّل حَدِيث أَوْ ثَانٍ مِمَّا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَاب التَّمْيِيز لَهُ مِمَّا حَمَلَ مِنْ الْحَدِيث عَلَى الْخَطَأ
وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ وَأَيْنَ يَقَع أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ أَحَدهمَا فَكَيْف بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى مُخَالَفَته رَوَيَا الْحَدِيث بِعَيْنِهِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَنَام تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ فَحُكْم الْأَئِمَّة بِرِوَايَةِ هَذَيْنَ الْفَقِيهَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ عَنْ الْأَسْوَد عَلَى رِوَايَة أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ إِنَّهُ كَانَ يَنَام وَلَا يَمَسّ مَاء ثُمَّ عَضَّدُوا ذَلِكَ بِرِوَايَةِ عُرْوَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ عَنْ عَائِشَةَ وَبِفَتْوَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بِذَلِكَ حِين اِسْتَفْتَاهُ
وَبَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفُقَهَاء الَّذِينَ لَا يَعْتَبِرُونَ الْأَسَانِيد وَلَا يَنْظُرُونَ الطُّرُق يَجْمَعُونَ بَيْنهمَا بِالتَّأْوِيلِ فَيَقُولُونَ لَا يَمَسّ مَاء لِلْغُسْلِ
وَلَا يَصِحّ هَذَا
وَفُقَهَاء الْمُحَدِّثِينَ وَحُفَّاظهمْ عَلَى مَا أَعْلَمْتُك
وَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي نَسَبَهُ إِلَى رِوَايَة زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ فِيهِ وَإِنْ نَامَ جُنُبًا تَوَضَّأَ وَحُكِيَ أَنَّ قَوْمًا اِدَّعَوْا فِيهِ الْخَطَأ وَالِاخْتِصَار ثُمَّ صَحَّحَهُ هُوَ فَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيَّ فَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ وَهُوَ الَّذِي اِدَّعَى فِيهِ الِاخْتِصَار
وَرِوَايَته خَطَأ وَدَعْوَاهُ سَهْو وَغَفْلَة
وَرِوَايَة زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ كَرِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ وَغَيْره عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَحَدِيث زُهَيْرٍ أَتَمّ سِيَاقه
وَقَدْ رَوَى مسلم الحديث بكماله في التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَيَرَوْنَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  شَارِحُهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ تَفْسِيرُ غَلَطِ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ ها هنا مُخْتَصَرًا اقْتَطَعَهُ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَأَخْطَأَ فِي اخْتِصَارِهِ إِيَّاهُ




رقم الحديث 229 [229] أَيْ هَلْ يَقْرَأُ فَثَبَتَ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَدَمُ جَوَازِهَا
( دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( أَنَا وَرَجُلَانِ رَجُلٌ مِنَّا) أَيْ مِنْ مُرَادٍ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةٍ مِنِ الْيَمَنِ ( وَرَجُلٌ مِنْ بني أسد) وأسد أبو قبيلة من مصر ( أَحْسَبُ) أَيْ أَحْسَبُ كَوْنَ رَجُلٍ مِنَّا وَالْآخَرِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَلَا أَتَيَقَّنُ بِهِ ( فَبَعَثَهُمَا عَلِيٌّ وَجْهًا) الْوَجْهُ وَالْجِهَةُ بِمَعْنًى كَذَا فِي الصِّحَاحِ
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْوَجْهُ مَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنْ عَمَلٍ وَغَيْرِهِ انْتَهَى
وَالْمَعْنَى بَعَثَهُمَا عَامِلًا أَوْ لِأَمْرٍ آخَرَ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْمُدُنِ أَوِ الْقُرَى ( وَقَالَ إِنَّكُمَا عَلْجَانِ) تَثْنِيَةُ عَلْجٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِثْلَ ثَلَاثِ لُغَاتٍ فِي كَتِفٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ الشِّدَّةَ وَالْقُوَّةَ عَلَىQكِتَاب الصَّلَاة.

     وَقَالَ  فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَأَسْقَطَ مِنْهُ وَهْم أَبِي إِسْحَاقَ
وَهُوَ قَوْله ثُمَّ يَنَام قَبْل أَنْ يَمَسّ مَاء فَأَخْطَأَ فِيهِ بَعْض النَّقَلَة فَقَالَ وإن نام جنبا توضأ للصلاة فعمد بن حَزْمٍ إِلَى هَذَا الْخَطَأ الْحَادِث عَلَى زُهَيْرٍ فَصَحَّحَهُ وَقَدْ كَانَ صَحَّحَ خَطَأ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَدِيم فَصَحَّحَ خَطَأَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ وَجَمَعَ بَيْن غَلَطَيْنِ مُتَنَافِرَيْنِ تَمَّ كَلَامه
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحُفَّاظُ طَعَنُوا فِي هَذِهِ اللَّفْظَة وَتَوَهَّمُوهَا مَأْخُوذَة عَنْ غَيْر الْأَسْوَد وَأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ رُبَّمَا دَلَّسَ فَرَوَاهَا مِنْ تَدْلِيسَاته بِدَلِيلِ رِوَايَة إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَام وَهُوَ جُنُب تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَنَام رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ وَحَدِيث أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيح مِنْ جِهَة الرِّوَايَة فَإِنَّ أَبَا إِسْحَاقَ بَيَّنَ فِيهِ سَمَاعه مِنْ الْأَسْوَدِ وَالْمُدَلِّسُ إِذَا بَيَّنَ سَمَاعه وَكَانَ ثِقَة فَلَا وَجْه لِرَدِّهِ
تَمَّ كَلَامه
وَالصَّوَاب مَا قَالَهُ أَئِمَّة الْحَدِيث الْكِبَار مِثْل يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرهمْ مِنْ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة وَهْم وَغَلَط
وَاللَّهُ أَعْلَم الْعَمَلِ يُقَالُ رَجُلٌ عِلْجٌ إِذَا كَانَ قَوِيَّ الْخِلْقَةِ
وَفِي النِّهَايَةِ الْعِلْجُ الْقَوِيُّ الضَّخْمُ ( فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْ جَاهِدَا أَوْ جالدا انتهى
وقال بن الْأَثِيرِ أَيْ مَارِسَا الْعَمَلَ الَّذِي نَدَبْتُكُمَا إِلَيْهِ وَاعْمَلَا بِهِ ( ثُمَّ قَامَ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَائِرُ النُّسَخِ خَالٍ عَنْهَا ( فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ) هُوَ مَوْضِعُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ ( فَتَمَسَّحَ بِهَا) أَيْ بِحَفْنَةٍ مِنَ الْمَاءِ أَيْ غَسَلَ بِهَا بَعْضَ أَعْضَائِهِ
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعُضْوُ الْمَغْسُولُ هُوَ الْيَدَانِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَفِيهَا فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ( ثُمَّ جَعَلَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَضَّأَ ( فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ) الْفِعْلَ عَلَيْهِ فَأَجَابَ عَنِ اسْتِعْجَالِهِمْ ( فَيُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ) مِنَ الْإِقْرَاءِ أَيْ يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ ( وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ) أَيْ لَا يَمْنَعُهُ ( أَوْ قَالَ يَحْجِزُهُ) وَهَذَا شَكٌّ مِنْ أَحَدِ الرُّوَاةِ وَمَعْنَاهُ أَيْضًا لَا يَمْنَعُ
وَلَعَلَّ ضَمَّ أَكْلِ اللَّحْمِ مَعَ الْقِرَاءَةِ لِلْإِشْعَارِ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ مَضْمَضَةٍ ( عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ) فَاعِلُ يَحْجِزُ ( لَيْسَ الْجَنَابَةَ) بِالنَّصْبِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ غَيْرَ الْجَنَابَةِ وَحَرْفُ ليس لها ثلاثة معاني أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ وَهُوَ يَرْفَعُ الِاسْمَ وَيَنْصِبُ الْخَبَرَ كَقَوْلِكَ لَيْسَ عَبْدُ اللَّهِ غَافِلًا وَيَكُونُ بِمَعْنَى لَا كَقَوْلِكَ رَأَيْتُ عَبْدَ الله ليس زيدا ينصب زَيْدٍ كَمَا يَنْصِبُ بِلَا وَيَكُونُ بِمَعْنَى غَيْرِ كَقَوْلِكَ مَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ مِنْ عَمْرٍو لَيْسَ زَيْدٍ وَهُوَ يَجُرُّ مَا بَعْدَهُ انْتَهَى
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ أَنَّهُ لَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ
وَحَكَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ كَانَ عَبْدُ الله يعني بن سَلَمَةَ يُحَدِّثُنَا فَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ وَكَانَ قَدْ كَبِرَ لَا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ
وَذَكَرَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْحَدِيثِ يُثْبِتُونَهُ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ فِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْكُوفِيِّ وَكَانَ قَدْ كَبِرَ وَأُنْكِرَ مِنْ حَدِيثِهِ وَعَقْلِهِ بعض النكرة وإنما روى هذا الحديث بعد ما كَبِرَ
قَالَهُ شُعْبَةُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُوَهِّنُ حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا وَيُضَعِّفُ أَمْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ لِلْمُحْدِثِ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَمْ نَرَ فِيهِ خِلَافًا وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لِلْجُنُبِ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي تَحْرِيمِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ وَفِي كُلِّهَا مَقَالٌ لَكِنْ تَحْصُلُ الْقُوَّةُ بِانْضِمَامِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ لِأَنَّ بَعْضَ الطُّرُقِ لَيْسَ فِيهِ شَدِيدُ الضَّعْفِ وَهُوَ يَصْلُحُ أَنْ يُتَمَسَّكَ بِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ لَا تَقْرَأُ لِأَنَّ حَدَثَهَا أَغْلَظُ مِنْ حَدَثِ الْجَنَابَةِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجُنُبِ إِنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْآيَةَ وَنَحْوَهَا وَقَدْ حُكِيَ أَنَّهُ قَالَ تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ لِأَنَّ الْحَائِضَ إِنْ لَمْ تَقْرَأْ نَسِيَتِ الْقُرْآنَ لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ تَتَطَاوَلُ وَمُدَّةُ الْجَنَابَةِ لَا تَطُولُ
وروى عن بن الْمُسَيِّبِ وَعِكْرِمَةُ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا بِقِرَاءَةِ الْجُنُبِ الْقُرْآنَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِهِ انْتَهَى
وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْمُحْدِثِ فِي الْمُصْحَفِ وَمَسُّهُ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِطَهَارَةٍ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا وَكَانَ فِيهِ لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمر بْنِ حَزْمٍ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بْنِ حَزْمٍ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَا تَمَسَ الْقُرْآنَ إِلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ وَفِي إِسْنَادِهِ سُوَيْدٌ أَبُو حَاتِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ
وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَحَسَّنَ الْحَازِمِيُّ إِسْنَادَهُ
وَقَدْ ضعف النووي وبن كثير في إرشاده وبن حَزْمٍ حَدِيثَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَحَدِيثَ عَمْرِو بن حزم جميعا
وفي الباب عن بن عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ قَالَ الْحَافِظُ إِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ فِيهِ سُلَيْمَانُ الْأَشْدَقُ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ رَوَاهُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أبيه عن بن عمر
قال صاحب المنتقي وبن حَجَرٍ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ احتج بحديث بن عُمَرَ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ العاص وفيه من لا يعرف
وأخرج بن أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ وَفِي سَنَدِهِ انْقِطَاعٌ
وَفِي الْبَابِ عَنْ ثَوْبَانَ أَوْرَدَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مُنْتَخَبِ مُسْنَدِهِ وَفِي سَنَدِهِ حُصَيْبُ بْنُ جَحْدَرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ عُمَرَ أَنَّ أُخْتَهُ قَالَتْ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ إِنَّهُ رِجْسٌ وَلَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ
وَفِيهِ عَنْ سَلْمَانَ مَوْقُوفًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَكِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ تَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ
قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّهُ أَشْبَهَ الْمُتَوَاتِرَ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ لَا أَعْلَمُ كِتَابًا أَصَحَّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَإِنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَيَدَعُونَ رَأْيَهُمْ
وَقَالَ الْحَاكِمُ قَدْ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيُّ لِهَذَا الْكِتَابِ بِالصِّحَّةِ
كَذَا فِي التَّلْخِيصِ وَالنَّيْلِ وَهَذِهِ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ طَاهِرًا وَالْمُحْدِثُ بِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَيْضًا غَيْرُ طَاهِرٍ مِنْ وَجْهٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَعَلَى الْمُحْدِثِ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا بِالْوُضُوءِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ.
وَأَمَّا الْمُحْدِثُ حَدَثًا أَصْغَرَ فَذَهَبَ بن عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مَسُّ الْمُصْحَفِ.

     وَقَالَ  أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَجُوزُ
انْتَهَى
وَاللَّهُ تعالى أعلم


رقم الحديث 230 [23] ( لَقِيَهُ) أَيْ حُذَيْفَةَ زَادَ مُسْلِمٌ وَهُوَ جُنُبٌ ( فَأَهْوَى) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَهْوَى إِلَى الشَّيْءِ بيده مدها ليأخذها إِذَا كَانَ عَنْ قُرْبٍ وَإِنْ كَانَ عَنْ بُعْدٍ قِيلَ هَوَى إِلَيْهِ بِغَيْرِ أَلِفٍ
انْتَهَى ( إِلَيْهِ) أَيْ مَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إِلَى حُذَيْفَةَ ( فَقَالَ) حُذَيْفَةُ ( إِنِّي جُنُبٌ) وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَازَحَهُ وَدَعَا لَهُ قَالَ فَرَأَيْتُهُ يوما بكرة فحدث عَنْهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَقَالَ إني رأيتك فحدث عَنِّي فَقُلْتُ إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا فَخَشِيتُ أَنْ تَمَسَّنِي ( فَقَالَ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَرَقَ الْجُنُبِ طَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ وَإِذَا كَانَ لَا يَنْجُسُ فَعَرَقُهُ لَا يَنْجُسُ
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي طَهَارَةِ الْمُسْلِمِ حَيًّا وَمَيِّتًا فَأَمَّا الْحَيُّ فَطَاهِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى الْجَنِينُ وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ أَبْدَانُهُمْ وَثِيَابُهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تُتَيَقَّنَ النَّجَاسَةُ فَيَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِهِمْ وَالْأَكْلُ مَعَهُمْ مِنَ الْمَائِعِ إِذَا غَمَسُوا أَيْدِيَهُمْ فِيهِ وَدَلَائِلُ هَذَا كُلِّهِ مِنَ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مَشْهُورَةٌ
وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَفِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عن بن عَبَّاسٍ تَعْلِيقًا الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا انْتَهَى
وَتَمَسَّكَ بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَالَ إِنَّ الْكَافِرَ نَجَسُ الْعَيْنِ وَقَوَّاهُ بقوله تعالى إنما المشركون نجس وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ طَاهِرُ الْأَعْضَاءِ لِاعْتِيَادِهِ مُجَانَبَةَ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِ لِعَدَمِ تَحَفُّظِهِ عَنِ النَّجَاسَةِ
وَعَنِ الْآيَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ نَجَسٌ فِي الِاعْتِقَادِ وَالِاسْتِقْذَارِ
وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ نِكَاحَ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَرَقَهُنَّ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ مَنْ يُضَاجِعُهُنَّ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مِنْ غُسْلِ الْكِتَابِيَّةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ غُسْلِ الْمُسْلِمَةِ
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْآدَمِيَّ الْحَيَّ لَيْسَ بِنَجَسِ الْعَيْنِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه