فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ

رقم الحديث 2479 [2479] ( عَنْ حَرِيزٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ آخِرُهُ زَايٌ هُوَ بن عُثْمَانَ ( لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ إِلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْهِجْرَةَ غَيْرُ مُنْقَطِعَةٍ
وحديث بن عَبَّاسٍ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ كَانَتِ الْهِجْرَةُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَرْضًا ثُمَّ صَارَتْ مَنْدُوبَةً وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وسعة نَزَلَ حِينَ اشْتَدَّ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ ثُمَّ وَجَبَتِ الْهِجْرَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ انْتِقَالِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأُمِرُوا بِالِانْتِقَالِ إِلَى حَضْرَتِهِ لِيَكُونُوا معه فيتعاونوا ويتظاهروا إن أحزبهم أَمْرٌ وَلِيَتَعَلَّمُوا مِنْهُ أَمْرَ دِينِهِمْ
وَكَانَ عِظَمُ الْخَوْفِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ وَنَجَعَتْ بِالطَّاعَةِ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَارْتَفَعَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ وَعَادَ الْأَمْرُ فِيهَا إِلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ فَالْهِجْرَةُ الْمُنْقَطِعَةُ هِيَ الْفَرْضُ وَالْبَاقِيَةُ هِيَ النَّدْبُ فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْإِسْنَادَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا إسناد حديث بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ مَقَالٌ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ يَسِيرٍ
وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ يَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ أَيْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَولُهُ لَا تَنْقَطِعُ أَيْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ انْتَهَى
قال المنذري وأخرجه النسائي

رقم الحديث 2480 [248] وقال الخطابي إسناده حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ فِيهِ مَقَالٌ
( فَتْحُ مَكَّةَ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنَ الْفَتْحِ ( لَا هِجْرَةَ) أَيْ وَاجِبَةً مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ( وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ) أَيْ الْهِجْرَةُ بِسَبَبِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْهِجْرَةُ بِسَبَبِ النِّيَّةِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى كَطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْفِرَارِ مِنَ الْفِتَنِ بَاقِيَانِ مَدَى الدَّهْرِ ( وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ ( فَانْفِرُوا) بِكَسْرِ الْفَاءِ الثَّانِيَةِ أَيْ إِذَا طَلَبَ مِنْكُمُ الْإِمَامُ الْخُرُوجَ إِلَى الْغَزْوِ فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ وُجُوبًا فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ
كَذَا فِي إِرْشَادِ السَّارِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 2481 [2481] ( الْمُسْلِمُ) أَيِ الْكَامِلُ ( وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ) أَيْ تَرَكَ
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ وَالْهِجْرَةُ ضَرْبَانِ ظَاهِرَةٌ وَبَاطِنَةٌ فَالْبَاطِنَةُ تَرْكُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ وَالشَّيْطَانُ وَالظَّاهِرَةُ الْفِرَارُ بِالدِّينِ مِنَ الْفِتَنِ وَكَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا عَلَى مُجَرَّدِ التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَمْتَثِلُوا أَوَامِرَ الشَّرْعِ وَنَوَاهِيَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قِيلَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْهِجْرَةِ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْهِجْرَةِ تَحْصُلُ لِمَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ