فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْجَرَادِ لِلْمُحْرِمِ

رقم الحديث 1616 [1616] ( صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ) قَالَ الْحَافِظُ هَذَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وقد حكى الخطابي أن المراد بالطعام ها هنا الْحِنْطَةُ وَأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ لَهُ
قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ذِكْرُ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَاتِ وَالْحِنْطَةُ أَعْلَاهَا فَلَوْلَا أَنَّهُ أَرَادَهَا بِذَلِكَ لَكَانَ ذِكْرُهَا عِنْدَ التَّفْصِيلِ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَقْوَاتِ وَلَا سِيَّمَا حَيْثُ عُطِفَتْ عَلَيْهَا بِحَرْفٍ أَوِ الْفَاصِلَةِ.

     وَقَالَ  هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ كَانَتْ لَفْظَةُ الطَّعَامِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْحِنْطَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَتَّى إِذَا قِيلَ اذْهَبْ إِلَى سُوقِ الطَّعَامِ فَهُوَ مِنْهُ سُوقُ الْقَمْحِ وَإِذَا غَلَبَ الْعُرْفُ نَزَلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ كَانَ خُطُورُهُ عِنْدَ الإطلاق أقرب انتهى
وقد رد ذلك بن الْمُنْذِرِ.

     وَقَالَ  ظَنَّ أَصْحَابُنَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حِنْطَةً وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَجْمَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ فَسَّرَهُ ثُمَّ أَوْرَدَ طَرِيقَ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ وَالزَّبِيبَ وَالْأَقِطَ وَالتَّمْرَ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالَ
وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ نَحْوَهُ من طريق أخرى
وأخرج بن خزيمة والحاكم في صحيحهما أن أبا سعيد قال ما ذَكَرُوا عِنْدَهُ صَدَقَةَ رَمَضَانَ لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَاعَ تَمْرٍ أَوْ صَاعَ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ أَوْ صَاعَ أَقِطٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَقَالَ لَا تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أعمل بها
قال بن خُزَيْمَةَ ذِكْرُ الْحِنْطَةِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَلَا أَدْرِي مِمَّنِ الْوَهْمُ ( أَنَّ مُدَّيْنِ) الْمُدُّ رُبْعُ الصَّاعِ ( مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ هِيَ الْقَمْحُ الشَّامِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه مطولا ومختصرا ( رواه بن عُلَيَّةَ) هُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعُلَيَّةُ هِيَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ( وَعَبْدَةُ) بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ ( وَغَيْرُهُمَا) كَأَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الْوَهْبِيِّ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِمَعْنَاهُ) وَوَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ إِلَى بن عُلَيَّةَ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عن بن علية عن بن إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَذُكِرَ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَقَالَ لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ فِي عَهْدِ رسول الله صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَقَالَ لَا تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا وَصَحَّحَهُ ( وَذَكَرَ رَجُلٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ ( فِيهِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ ( أَوْ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ) وَلَفْظُ الدَّارَقُطْنِيِّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ قَالَا أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ حدثنا بن عُلَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَذَكَرُوا عِنْدهُ صَدَقَةَ رَمَضَانَ فَقَالَ لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أخرج على عهد رسول الله صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ قَالَ لَا تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا ( وَلَيْسَ بمحفوظ) قال الشيخ تقي الدين قال بن خُزَيْمَةَ وَذِكْرُ الْحِنْطَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَلَا أَدْرِي مِمَّنِ الْوَهْمِ
وَقَوْلُ الرَّجُلِ أَوْ مُدَّيْنِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْحِنْطَةِ فِي أَوَّلِ الْخَبَرِ خَطَأٌ وَوَهْمٌ إِذْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ مَعْنًى انْتَهَى



رقم الحديث 1617 [1617] ( أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ بن عُلَيَّةَ الْمَذْكُورُ ( لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحِنْطَةِ) وَاعْلَمْ أن المؤلف أورد قبل ذلك رواية بن علية معلقا ثم أورد ها هنا متصلا بذكر مسدد عن إسماعيل بن عُلَيَّةَ ( قَدْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ) الْأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ هُوَ شَيْخُ شَيْخِ أَبِي دَاوُدَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ أَبُو دَاوُدَ رَوَى مُعَاوِيَةُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ وَرَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ( أَوْ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ) عَنْ مُعَاوِيَةَ وَالْمَحْفُوظُ مِنْ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن شبية حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نُعْطِي زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ



رقم الحديث 1618 [1618] ( أَخْبَرَنَا يحيى) أي بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَكِلَاهُمَا أَيْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ويحيى القطان يروي عن بن عَجْلَانَ ( أَوْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزَّبَدِ
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ الْمَخِيضِ يُطْبَخُ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتَّصِلَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِجْزَائِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ غَيْرَ مُقْتَاتٍ وَبِهِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَّا أَنَّهُ أَجَازَ إِخْرَاجَهُ بَدَلًا عَنِ الْقِيمَةِ عَلَى قَاعِدَتِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يُجْزِئُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُجْزِئُ مَعَ عَدَمِ وِجْدَانِ غَيْرِهِ
وَزَعَمَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ دُونَ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُمْ بِلَا خِلَافٍ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ قَطَعَ الجمهور بأن الْخِلَافَ فِي الْجَمِيعِ ( هَذَا حَدِيثُ يَحْيَى) الْقَطَّانُ ( زاد سفيان) بن عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَتِهِ ( أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ) وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا بن عَجِلَانَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ مَا أَخْرَجْنَا على عهد رسول الله إِلَّا صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ سُلْتٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ المديني وهو معنا ياأبا مُحَمَّدٍ أَحَدٌ لَا يَذْكُرُ فِي هَذَا الدَّقِيقَ قَالَ بَلَى هُوَ فِيهِ انْتَهَى
وَقَدْ جَاءَ ذكر الدقيق في حديث آخر أخرج بن خزيمة من حديث بن عباس قال أمر رسول الله أَنْ تُؤَدَّى زَكَاةُ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ مِنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ مَنْ أَدَّى سُلْتًا قُبِلَ مِنْهُ وَأَحْسَبُهُ قَالَ مَنْ أَدَّى دَقِيقًا قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ أَدَّى سَوِيقًا قُبِلَ منه ورواه الدارقطني ولكن قال بن أَبِي حَاتِمٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فقال منكر لأن بن سيرين لم يسمع من بن عَبَّاسٍ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى جَوَازِ إِخْرَاجِ الدَّقِيقِ كَمَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ السَّوِيقِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ ( قَالَ حَامِدُ) بْنُ يَحْيَى ( فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ) أي على بن عُيَيْنَةَ ( الدَّقِيقَ) أَيْ زِيَادَةَ لَفْظِ الدَّقِيقِ ( فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عن بن عَجْلَانَ مِنْهُمْ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَغَيْرُهُمْ فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ الدَّقِيقَ غَيْرَ سُفْيَانَ وَقَدْ أنكر عليه فتركه وروى عن بن سيرين عن بن عَبَّاسٍ مُرْسَلًا مَوْقُوفًا عَلَى طَرِيقِ التَّوَهُّمِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ انْتَهَى
كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ