فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

رقم الحديث 3883 [3883] ( إِنَّ الرُّقَى) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ مَقْصُورٌ جَمْعُ رُقْيَةٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ.
وَأَمَّا الرُّقَى فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ مَا كَانَ مِنْهَا بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِ فَلَا يدرى ما هو ولعله قد يدخله سحرا أو كفرا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَفْهُومَ الْمَعْنَى وَكَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ مُتَبَرَّكٌ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( وَالتَّمَائِمَ) جَمْعُ التَّمِيمَةِ وَهِيَ التَّعْوِيذَةُ الَّتِي لَا يَكُونُ فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَآيَاتُهُ الْمَتْلُوَّةُ وَالدَّعَوَاتُ الْمَأْثُورَةُ تُعَلَّقُ عَلَى الصَّبِيِّ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ التَّمَائِمُ جَمْعُ تَمِيمَةٍ وَهِيَ خَرَزَاتٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُعَلِّقُهَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ يَتَّقُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زَعْمِهِمْ فَأَبْطَلَهَا الْإِسْلَامُ ( وَالتِّوَلَةَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُقَالُ إِنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ السِّحْرِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَهُوَ الَّذِي يُحَبِّبُ الْمَرْأَةَ إِلَى زوجها انتهى
قال القارىء وَالتِّوَلَةُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَبِضَمٍّ وَفَتْحِ الْوَاوِ نَوْعٌ مِنَ السِّحْرِ أَوْ خَيْطٌ يُقْرَأُ فِيهِ مِنَ السِّحْرِ أَوْ قِرْطَاسٌ يُكْتَبُ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ السِّحْرِ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ غَيْرِهَا ( شِرْكٌ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَدْ يُفْضِي إِلَى الشِّرْكِ إِمَّا جَلِيًّا وَإِمَّا خَفِيًّا قَالَ الْقَاضِي وَأَطْلَقَ الشِّرْكَ عَلَيْهَا إِمَّا لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِنْهَا فِي عَهْدِهِ مَا كَانَ مَعْهُودًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ مُشْتَمِلًا على مايتضمن الشِّرْكَ أَوْ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِقَادِ تَأْثِيرِهَا وَهُوَ يُفْضِي إِلَى الشِّرْكِ ( قَالَتْ) زَيْنَبُ ( لِمَ تَقُولُ هَذَا) أَيْ وَتَأْمُرُنِي بِالتَّوَكُّلِ وَعَدَمِ الِاسْتِرْقَاءِ فَإِنِّي وَجَدْتُ فِي الِاسْتِرْقَاءِ فَائِدَةً ( لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تُقْذَفُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ تُرْمَى بِمَا يُهَيِّجُ الْوَجَعَ وَبِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَيْ تَرْمِي بِالرَّمَصِ أَوِ الدَّمْعِ وَهُوَ مَاءُ الْعَيْنِ مِنَ الْوَجَعِ وَالرَّمَصُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَا جَمَدَ مِنَ الْوَسَخِ فِي مُؤَخَّرِ الْعَيْنِ قاله القارىء ( فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ) أَيْ أَتَرَدَّدُ بِالرَّوَاحِ وَالْمَجِيءِ ( سَكَنَتْ) أَيِ الْعَيْنُ يَعْنِي وَجَعَهَا ( إِنَّمَا ذَلِكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ ( عَمَلُ الشَّيْطَانِ) أَيْ مِنْ فِعْلِهِ وَتَسْوِيلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَجَعَ الَّذِي كَانَ فِي عَيْنَيْكِ لَمْ يَكُنْ وَجَعًا فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ ضَرْبٌ مِنْ ضَرَبَاتِ الشَّيْطَانِ وَنَزَعَاتِهِ ( كَانَ) أَيِ الشَّيْطَانُ ( يَنْخَسُهُا) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَطْعَنُهَا قَالَهُ القارىء
وَفِي فَتْحِ الْوَدُودِ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَنْ يُحَرِّكَهَا وَيُؤْذِيَهَا ( فَإِذَا رَقَاهَا) أَيْ إِذَا رَقَى الْيَهُودِيُّ الْعَيْنَ ( كَفَّ) الشَّيْطَانُ ( عَنْهَا) أَيْ عَنْ نَخْسِهَا وَتَرَكَ طَعْنَهَا ( أَنْ تَقُولِي) أَيْ عِنْدَ وَجَعِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهَا ( أَذْهِبْ) أَمْرٌ مِنَ الْإِذْهَابِ أَيْ أَزِلْ ( الْبَأْسَ) أَيِ الشِّدَّةَ ( رَبَّ النَّاسِ) أَيْ يَا خَالِقَهُمْ وَمُرَبِّيِهِمْ ( أَنْتَ الشَّافِي) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَا يُوهِمُ نَقْصًا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْقُرْآنِ وَهَذَا مِنْ ذَاكَ فَإِنَّ فِي الْقُرْآنِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يشفين قَالَهُ فِي الْفَتْحِ ( لَا شِفَاءَ) بِالْمَدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا شِفَاءَ حَاصِلٌ لَنَا أَوَّلُهُ إِلَّا بِشِفَائِكَ
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ ( إلا شفاؤك) بالرفع بدل من موضع لإشفاء قَالَهُ الْعَيْنِيُّ ( شِفَاءً) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِقَوْلِهِ اشْفِ ( لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) هَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ شِفَاءً وَمَعْنَى لَا يُغَادِرُ لَا يَتْرُكُ وَسَقَمًا بِفَتْحَتَيْنِ مَفْعُولُهُ وَيَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ السِّينِ وَتَسْكِينُ الْقَافِ أَيْ مَرَضًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ والحديث أخرجه بن ماجه عن بن أُخْتِ زَيْنَبَ عَنْهَا وَفِي نُسْخَةٍ عَنْ أُخْتِ زَيْنَبَ عَنْهَا وَفِيهِ قِصَّةٌ وَالرَّاوِي عَنْ زَيْنَبَ مجهول



رقم الحديث 3884 [3884] ( عن حصين) هو بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا ( مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَأَصْلُهَا حُمَوْ وَالْهَاءُ فِيهِ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْحُمَةُ سُمُّ ذَوَاتِ السُّمُومِ وَقَدْ تُسَمَّى إِبْرَةُ الْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورِ حُمَةً وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَجْرَى السُّمِّ وَلَيْسَ فِي هَذَا نَفْيُ جَوَازِ الرُّقْيَةِ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَوْجَاعِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَقَى بَعْضَ أَصْحَابِهِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ
وَقَالَ لِلشِّفَاءِ وَعَلِّمِي حَفْصَةَ رُقْيَةَ النَّمِلَةِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا رُقْيَةَ أَوْلَى وَأَنْفَعُ مِنْ رُقْيَةِ الْعَيْنِ وَالسُّمِّ وَهَذَا كَمَا قِيلَ لَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ وَلَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ والحديث أخرجه الترمذي




رقم الحديث 3885 [3885] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ رَقَيْتُهُ أَرْقِيهِ مِنْ بَابِ رَمَى رَقْيًا عَوَّذْتُهُ بِاللَّهِ وَالِاسْمُ الرُّقْيَا عَلَى وَزْنِ فُعْلَى وَالْمَرَّةُ رُقْيَةٌ وَالْجَمْعُ رُقَى مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدَى انْتَهَى
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ الرُّقَى جَمْعُ رُقْيَةٍ وَهِيَ الْعُوذَةُ وَبِالْفَارِسِيَّةِ أفسون وَقِيلَ مَا يُقْرَأُ مِنَ الدُّعَاءِ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِالْقُرْآنِ وَالْأَسْمَاءِ الْإِلَهِيَّةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا بِالِاتِّفَاقِ وَبِمَا عَدَاهَا حَرَامٌ لَا سِيَّمَا بِمَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ انتهى ( قال أحمد) بن صَالِحٍ فِي رِوَايَتِهِ ( وَهُوَ) أَيْ ثَابِتُ بْنُ قيس بن شماس ( ثم أخذ) النبي ( مِنْ بَطْحَانَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ اسْمُ وَادِي الْمَدِينَةِ والْبَطْحَانِيُّونَ مَنْسُوبُونَ إِلَيْهِ وَأَكْثَرُهُمْ يَضُمُّونَ الْبَاءَ وَلَعَلَّهُ الْأَصَحُّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( فَجَعَلَهُ) أَيِ التُّرَابَ ( فِي قَدَحٍ) بِفَتْحَتَيْنِ آنِيَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَالْجَمْعُ أَقْدَاحٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ ( ثُمَّ نَفَثَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التُّرَابِ ( بِمَاءٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ نَفَثَهُ مِنْ فِيهِ نَفْثًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ رَمَى بِهِ وَنَفَثَ إِذَا بَزَقَ وَمِنْهُ مَنْ يَقُولُ إِذَا بَزَقَ وَلَا رِيقَ مَعَهُ وَنَفَثَ فِي الْعُقْدَةِ عِنْدَ الرَّقْيِ وَهُوَ الْبُصَاقُ الْيَسِيرُ انْتَهَى
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ النَّفْثُ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ لِأَنَّ التَّفْلَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ وَالنَّفْثَ شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ وَقِيلَ هُوَ التَّفْلُ بِعَيْنِهِ نَفَثَ الرَّاقِي ( وَصَبَّهُ) أَيْ وَصَبَّ ذَلِكَ التُّرَابَ الْمَخْلُوطَ بِالْمَاءِ ( عَلَيْهِ) أَيْ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ وَالْمَعْنَى أَيْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فِيهِ ثُمَّ رَمَى بِالْمَاءِ عَلَى التُّرَابِ ثُمَّ صَبَّ ذَلِكَ التُّرَابَ الْمَخْلُوطَ بِالْمَاءِ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَإِنَّمَا جَعَلَ الْمَاءَ أَوَّلًا فِي فِيهِ لِيُخَالِطَ الْمَاءَ بريق رسول الله وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَاءَ نُفِثَ أَيْ رُمِيَ عَلَى التُّرَابِ مِنْ غَيْرِ إِدْخَالِهِ فِي فِيهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَيْ رُشَّ الْمَاءُ عَلَى التُّرَابِ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الطِّينُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ
وَيُؤَيِّدُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا وَوَضَعَ سُفْيَانُ أَيْ أَحَدُ رُوَاتِهِ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا.

     وَقَالَ  بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا لِيُشْفَى سَقِيمُنَا بإذن ربنا
قال الحافظ بن الْقَيِّمِ هَذَا مِنَ الْعِلَاجِ السَّهْلِ الْمُيَسَّرِ النَّافِعِ الْمُرَكَّبِ وَهِيَ مُعَالَجَةٌ لَطِيفَةٌ يُعَالَجُ بِهَا الْقُرُوحُ وَالْجِرَاحَاتُ الطَّرِيَّةُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهَا مِنَ الْأَدْوِيَةِ إِذْ كَانَتْ مَوْجُودَةً بِكُلِّ أَرْضٍ
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ طَبِيعَةَ التُّرَابِ الْخَالِصِ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ مُجَفِّفَةٌ لِرُطُوبَاتِ الْجُرُوحِ وَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي تَمْنَعُ الطَّبِيعَةُ مِنْ جَوْدَةِ فِعْلِهَا وَسُرْعَةِ انْدِمَالِهَا لَا سِيَّمَا فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ وَأَصْحَابِ الْأَمْزِجَةِ الْحَارَّةِ فَإِنَّ الْقُرُوحَ وَالْجِرَاحَاتِ يَتْبَعُهَا فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ سُوءُ مِزَاجٍ حَارٍّ فَيَجْتَمِعُ حَرَارَةُ الْبَلَدِ وَالْمِزَاجِ وَالْجِرَاحِ وَطَبِيعَةُ التُّرَابِ الْخَالِصِ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ أَشَدُّ مِنْ بُرُودَةِ جَمِيعِ الْأَدْوِيَةِ الْمُفْرَدَةِ الْبَارِدَةِ فَيُقَابِلُ بُرُودَةُ التُّرَابِ حَرَارَةَ الْمَرَضِ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ التُّرَابُ قَدْ غُسِلَ وَجُفِّفَ وَيَتْبَعُهَا أَيْضًا كَثْرَةُ الرُّطُوبَاتِ الرَّدِيَّةِ وَالسَّيْلَانِ
وَالتُّرَابُ مُجَفِّفٌ لَهَا مُزِيلٌ لِشِدَّةِ يُبْسِهِ وَتَجْفِيفِهِ لِلرُّطُوبَةِ الرَّدِيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ بَرْدِهَا وَيَحْصُلُ بِهِ مَعَ ذَلِكَ تَعْدِيلُ مِزَاجِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ وَمَتَى اعْتَدَلَ مِزَاجُ الْعُضْوِ قَوِيَتْ قُوَاهُ الْمُدَبِّرَةُ وَدَفَعَتْ عَنْهُ الْأَلَمَ بِإِذْنِ اللَّهِ
وَمَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ريق نفسه على أصبعه السبابة ثم يضعها عَلَى التُّرَابِ فَيَعْلَقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَيَمْسَحُ بِهِ عَلَى الْجُرْحِ وَيَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَكَةِ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ فَيَنْضَمُّ أَحَدُ الْعِلَاجَيْنِ إِلَى الْآخَرِ فَيَقْوَى التَّأْثِيرُ
وَهَلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا جَمِيعُ الْأَرْضِ أَوْ أَرْضُ الْمَدِينَةِ خَاصَّةً فِيهِ قَوْلَانِ
وَلَا رَيْبَ أَنَّ مِنَ التُّرْبَةِ مَا يَكُونُ فِيهِ خَاصِّيَّةٌ يُنْفَعُ بِهَا مِنْ أَدْوَاءٍ كَثِيرَةٍ وَيَشْفِي بِهَا أَسَقَامًا رَدِيَّةً
قَالَ جَالِينُوسُ رَأَيْتُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَطْحُولِينَ وَمُسْتَسْقِينَ كَثِيرًا يَسْتَعْمِلُونَ طِينَ مِصْرَ وَيَطْلُونَ بِهِ عَلَى سُوقِهِمْ وَأَفْخَاذِهِمْ وَسَوَاعِدِهِمْ وَظُهُورِهِمْ وَأَضْلَاعِهِمْ فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ مَنْفَعَةً بَيِّنَةً
قَالَ وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ قَدْ يَقَعُ هَذَا الطِّلَاءُ لِلْأَوْرَامِ الْعَفِنَةِ وَالْمُتَرَهِّلَةِ الرَّخْوَةِ قَالَ وَإِنِّي لَأَعْرِفُ قَوْمًا تَرَهَّلَتْ أَبْدَانُهُمْ كُلُّهَا مِنْ كَثْرَةِ اسْتِفْرَاغِ الدَّمِ مِنْ أَسْفَلَ انْتَفَعُوا بِهَذَا الطِّينِ نَفْعًا بَيِّنًا وَقَوْمًا آخَرِينَ شَفَوْا بِهِ أَوْجَاعًا مُزْمِنَةً كَانَتْ مُتَمَكِّنَةً فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ تَمَكُّنًا شَدِيدًا فَبَرَأَتْ وَذَهَبَتْ أَصْلًا
وَقَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ الْمَسِيحِيُّ قُوَّةُ الطِّينِ الْمَحْلُوبِ مِنْ كَبُوسٍ وَهِيَ حَرِيرَةُ الْمَصْطَكَى قُوَّةٌ يَجْلُو وَيَغْسِلُ وَيُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي الْقُرُوحِ انْتَهَى
وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي هَذِهِ التُّرْبَاتِ فَمَا الظَّنُّ بِأَطْيَبِ تُرْبَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وأبركها وقد خالطت ريق رسول الله وَقَارَبَتْ رُقْيَتَهُ بِاسْمِ رَبِّهِ وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا وَالصَّوَابُ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ انْتَهَى



رقم الحديث 3886 [3886] ( رُقَاكُمْ) بِضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ رُقْيَةٍ ( مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا) وَهَذَا هُوَ وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ النَّهْيِ عَنِ الرُّقْيَةِ وَالْإِذْنِ فِيهَا
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الرَّقْيِ وَالتَّطَبُّبِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا مَنْعَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ لَكِنْ إِذَا كَانَ مَفْهُومًا لِأَنَّ مَا لَا يُفْهَمُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الشِّرْكِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ