فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

رقم الحديث 2091 [2091] ( فَوَعَظَ اللَّهُ ذَلِكَ) الْمُرَادُ بَالْوَعْظِ النَّهْيُ أَيْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ




رقم الحديث 2093 [293] ( أخبرنا حماد) هو بن سَلَمَةَ ( الْمَعْنَى) وَاحِدٌ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَيَزِيدُ يَرْوِي بِلَفْظِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَحَمَّادُ بِصِيغَةِ عَنْ وَمَعْنَى حَدِيثِهِمَا وَاحِدٌ وَإِنْ تَغَايَرَ فِي بَعْضِ اللَّفْظِ ( تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ) هِيَ صَغِيرَةٌ لَا أَبَ لَهَا وَالْمُرَادُ هُنَا الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ سَمَّاهَا بَاعْتِبَارِ مَا كانت كقوله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم وَفَائِدَةُ التَّسْمِيَةِ مُرَاعَاةُ حَقِّهَا وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهَا فِي تَحَرِّي الْكِفَايَةِ وَالصَّلَاحِ فَإِنَّ الْيَتِيمَ مَظِنَّةُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ
ثُمَّ هِيَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا مَعْنَى لإذنها ولا لإبائها فكأنه عليه الصلاة والسلام شَرَطَ بُلُوغَهَا فَمَعْنَاهُ لَا تُنْكَحُ حَتَّى تَبْلُغَ فتستأمر أي تستأذن
كذا قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ ( وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ فَلَا تعدي عَلَيْهَا وَلَا إِجْبَارَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ واليتيمة ها هنا هِيَ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ الَّتِي مَاتَ أَبُوهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَلَزِمَهَا اسْمُ الْيَتِيمِ فَدُعِيَتْ بِهِ وَهِيَ بَالِغَةٌ
وَالْعَرَبُ رُبَّمَا دَعَتِ الشَّيْءَ بَالِاسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي إِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِمَعْنًى مُتَقَدِّمٍ ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَا يَزُولُ الِاسْمُ
وَقَالَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ إِنْكَاحِ غَيْرِ الْأَبِ لِلصَّغِيرَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا يُزَوِّجُهَا الْأَخُ وَلَا الْعَمُّ وَلَا الْوَصِيُّ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُزَوِّجُهَا الْوَصِيُّ
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يُزَوِّجُهَا الْوَصِيُّ حَتَّى يَكُونَ وَلِيًّا لَهَا وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا لِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إِذَا بَلَغَتِ انْتَهَى
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَزْوِيجِ الْيَتِيمَةِ فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا زُوِّجَتْ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ حَتَّى تبلغ فإذا بلغت فلها الخيار في إجاز النِّكَاحِ أَوْ فَسْخِهِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْيَتِيمَةِ حَتَّى تَبْلُغَ وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا بَلَغَتِ الْيَتِيمَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَزُوِّجَتْ فَرَضِيَتْ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لَهَا إِذَا أَدْرَكَتْ وَاحْتَجَّا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ



رقم الحديث 2092 [292] ( لَا تُنْكَحُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ نَفْيًا لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ نَهْيًا ( الثَّيِّبُ) أَيِ الَّتِي فَارَقَتْ زَوْجَهَا بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَعَ لَفْظُ الْأَيِّمِ مَكَانَ الثَّيِّبِ قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَيِّمَ هِيَ الثَّيِّبُ لِمُقَابَلَتِهَا بَالْبِكْرِ ( حَتَّى تُسْتَأْمَرَ) أَصْلُ الِاسْتِئْمَارِ طَلَبُ الْأَمْرِ فَالْمَعْنَى لا يعقد عَلَيْهَا حَتَّى يُطْلَبَ الْأَمْرُ مِنْهَا
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تُسْتَأْمَرَ أَنَّهُ لَا يُعْقَدُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَأْمُرَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فِي حَقِّهَا بَلْ فِيهِ إِشْعَارٌ بَاشْتِرَاطِهِ
قَالَهُ الْحَافِظُ ( وَلَا الْبِكْرُ إِلَّا بإذنها) أي ولا ينكح الْبِكْرُ إِلَّا بِإِذْنِهَا
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ
قَالَ الْحَافِظُ عَبَّرَ لِلثَّيِّبِ بَالِاسْتِئْمَارِ وَلِلْبِكْرِ بَالِاسْتِئْذَانِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ الْمُشَاوَرَةِ وَجَعْلِ الْأَمْرِ إِلَى الْمُسْتَأْمَرَةِ وَلِهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى صَرِيحِ إِذْنِهَا فِي الْعِقْدِ فَإِذَا صَرَّحَتْ بِمَنْعِهِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَالْبِكْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ
وَالْإِذْنُ دَائِرٌ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالسُّكُوتِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْقَوْلِ وَإِنَّمَا جُعِلَ السُّكُوتُ إِذْنًا فِي حَقِّ الْبِكْرِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْتَحْيِي أَنْ تُفْصِحُ ( وَمَا إِذْنُهَا) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَكَيْفَ إِذْنُهَا ( قَالَ أَنْ تَسْكُتَ) أَيْ إِذْنُهَا سُكُوتُهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ إِذَا أُنْكِحَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْتَأْذَنَ فَتَصْمُتَ أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ كَمَا يَبْطُلُ إِنْكَاحَ الثَّيِّبِ قَبْلَ أَنْ تُسْتَأْمَرَ فَتَأْذَنُ بَالْقَوْلِ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أنس وبن أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِنْكَاحُ الْأَبِ الْبِكْرَ الْبَالِغَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنْ وَمَعْنَى اسْتِئْذَانِهَا إِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُمْ عَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ دُونَ الْوُجُوبِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ بَاسْتِئْمَارِ أُمَّهَاتِهِنَّ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه



رقم الحديث 2094 [294] ( وَرَوَاهُ أَبُو عُمَرَ وذكوان عن عائشة قالت يارسول الله إِلَخْ) هَكَذَا ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مُسْنَدًا بِمَعْنَاهُ ( قَالَ سُكَاتُهَا إِقْرَارُهَا) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ سُكَاتُهَا إِذْنُهَا
وَفِي أُخْرَى له رضاها صمتها
قال بن الْمُنْذِرِ يُسْتَحَبُّ إِعْلَامُ الْبِكْرِ أَنَّ سُكُوتَهَا إِذْنٌ لَكِنْ لَوْ قَالَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ صَمْتِي إِذْنٌ لَمْ يَبْطُلِ الْعَقْدُ بِذَلِكَ عند الجمهور وأبطله بعض المالكية
وقال بن شَعْبَانَ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ ثَلَاثًا إِنْ رَضِيتِ فَاسْكُتِي وَإِنْ كَرِهْتِ فَانْطِقِي
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُطَالُ الْمَقَامُ عِنْدَهَا لِئَلَّا تَخْجَلَ فَيَمْنَعُهَا ذَلِكَ مِنَ الْمُسَارَعَةِ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بَلْ ظَهَرَتْ مِنْهَا قَرِينَةُ السُّخْطِ أَوِ الرِّضَا بَالتَّبَسُّمِ مَثَلًا أَوِ الْبُكَاءِ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ نَفَرَتْ أَوْ بَكَتْ أَوْ قَامَتْ أَوْ ظَهَرَ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَمْ تُزَوَّجْ
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا أَثَرَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ إِلَّا إِنْ قَرَنَتْ مَعَ الْبُكَاءِ الصِّيَاحَ وَنَحْوَهُ
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الدَّمْعِ فَإِنْ كَانَ حَارًّا دَلَّ عَلَى الْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ بَارِدًا دَلَّ عَلَى الرِّضَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْبِكْرَ الَّتِي أُمِرَ بَاسْتِئْذَانِهَا هِيَ الْبَالِغُ إِذْ لَا مَعْنَى لِاسْتِئْذَانِ مَنْ لَا تَدْرِي مَا الْإِذْنُ وَمَنْ يَسْتَوِي سُكُوتُهَا وَسُخْطُهَا
كَذَا فِي الْفَتْحِ



رقم الحديث 2095 [295] ( آمِرُوا) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَمِيمٍ مُخَفَّفَةٍ مَكْسُورَةٍ ( النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ) أَيْ شاورهن فِي تَزْوِيجِهِنَّ
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ اسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِنَّ وَهُوَ أَدْعَى إِلَى الْأُلْفَةِ وَخَوْفًا مِنْ وُقُوعِ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِرِضَاءِ الْأُمِّ إِذِ الْبَنَاتُ إِلَى الْأُمَّهَاتِ أَمْيَلُ وَفِي سَمَاعِ قَوْلِهِنَّ أَرْغَبُ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ رُبَّمَا عَلِمَتْ مِنْ حَالِ بِنْتِهَا الْخَافِي عَنْ أَبِيهَا أَمْرًا لَا يَصْلُحُ مَعَهُ النِّكَاحُ مِنْ عِلَّةٍ تَكُونُ بِهَا أَوْ سَبَبٍ يَمْنَعُ مِنَ الْوَفَاءِ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِيهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ