فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

رقم الحديث 1796 [1796] ( بَاتَ بِهَا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمَبِيتِ بِمِيقَاتِ الْإِحْرَامِ ( حَتَّى أَصْبَحَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ إِهْلَالَهُ كَانَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَكِنْ عِنْدَ مسلم من طريق أبي حسان عن بن عباس أن النبي صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ
وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الحسن عن أنس أنه صلى الظهر بالبيداء ثم ركب ومجمع بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ صَلَّاهَا فِي آخِرِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَوَّلِ الْبَيْدَاءِ
قَالَهُ الْحَافِظُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ لَا حَالَ وَضْعِ الرِّجْلِ مَثَلًا فِي الرِّكَابِ ( ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالتَّسْبِيحِ وغيره عن التلبية ووجه ذلك أنه أَتَى بِالتَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ حَتَّى لَبَّى ( وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ أَنْ تَكُونَ تَلْبِيَةُ النَّاسِ بَعْدَ تَلْبِيَةِ كَبِيرِ الْقَوْمِ ( إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ) بِضَمِّ يَوْمٍ لِأَنَّ كَانَ تَامَّةٌ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( قِيَامًا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ نَحْرِ الْإِبِلِ قَائِمَةً ( تَفَرَّدَ بِهِ يَعْنِي أَنَسًا) وَتَفَرُّدُ الصَّحَابَةِ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ وَزِيَادَاتُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ مُعْتَبَرَةٌ
وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابُ التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ قَبْلَ الْإِهْلَالِ عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري بنحوه



رقم الحديث 1797 [1797] ( ثيابا صبيغا) فعيل ها هنا بِمَعْنَى مَفْعُولٌ أَيْ مَصْبُوغَاتٍ ( وَقَدْ نَضَحَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( بِنَضُوحٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمَّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَ الْوَاوِ حَاءٌ مهملة وهي ضرب من الطيب تفوح رائحة ( فقالت) ها هنا كَلَامٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا صَبْغَ ثِيَابِهَا وَنَضْحَ بَيْتِهَا بِالطِّيبِ فَقَالَتْ ( قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَحَلُّوا) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حلت وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَتْ أَمَرَنِي أَبِي بِهَذَا ( فَقَالَ لِي انْحَرْ مِنَ الْبُدْنِ) هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَلَا يَخْلُو مِنَ الْوَهْمِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَيِ انْحَرْ أَنْتَ عَنِّي وَعَنْ نَفْسِي مِنَ الْبُدْنِ سِتًّا وَسِتِّينَ وَانْحَرْ بَقِيَّةً مِنْ هَذَا الْعَدَدِ لِنَفْسِكَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّحْرُ لِكُلٍّ مِنَ الْبَدَنَةِ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عنه لكن قد ثبت أنه نَحَرَ غَالِبَ الْعَدَدِ لِنَفْسِهِ بِيَدِهِ كَمَا سَيَجِيءُ أو المراد هييء لِنَحْرِي وَأَحْضِرْنِي فِي الْمَنْحَرِ لِكَيْ أَنْحَرَ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ بِيَدِي وَانْحَرْ أَنْتَ هَذَا الْعَدَدَ بِيَدِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( أَوْ سِتًّا وَسِتِّينَ) وَكَانَ جُمْلَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ اليمين وَالَّذِي أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ
وَفِي لَفْظِ لِمُسْلِمٍ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ الرُّوَاةِ إِنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ( بَضْعَةً) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ وَطُبِخَتْ فَأَكَلَ هُوَ وَعَلِيٌّ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا
وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ إِنَّ حَجَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قِرَانًا وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ نَوَاهُ وَقَصَدَهُ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْإِحْرَامِ مُعَلَّقًا وَعَلَى جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ جَمَاعَةٌ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثُهُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى حَدِيثِ النَّاسِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَرَنْتُ وَلَيْسَ ذلك فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَصْفُ قُدُومِ عَلِيٍّ وَإِهْلَالِهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ سَنَدًا وَأَحْسَنُ سِيَاقًا وَمَعَ حَدِيثِ جَابِرٍ حَدِيثُ أَنَسٍ يُرِيدُ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ ذُكِرَ فِيهِ قُدُومُ عَلِيٍّ ذَكَرَ إِهْلَالَهُ وَلَيْسَ فِيهِ قَرَنْتُ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذِهِ القصة مذكورة في حديث جابر الطويلQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَمَنْ تَأَمَّلَ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب حَقّ التَّأَمُّل جَزَمَ جَزْمًا لَا رَيْب فيه إن النبي صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ فِي حَجَّته قَارِنًا وَلَا تَحْتَمِل الْأَحَادِيث غَيْر ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه أَصْلًا
قَالَ الْإِمَام أَحْمَد لَا أَشُكّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا
تَمَّ كَلَامه
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ خَمْسَة عَشَر مِنْ أَصْحَابه وَهُمْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَعَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَعِمْرَان بْن حُصَيْنٍ وَالْبَرَاء بْن عَازِب وَحَفْصَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَس بن مالك ...............................
Qوأبو قتادة وبن أَبِي أَوْفَى فَهَؤُلَاءِ صَحَّتْ عَنْهُمْ الرِّوَايَة بِغَايَةِ الْبَيَان وَالتَّصْرِيح
وَرَوَاهُ الْهِرْمَاس بْن زِيَاد وَسُرَاقَة بْن مَالِك وَأَبُو طَلْحَة وَأُمّ سَلَمَة لَكِنْ رَوَتْ أُمّ سَلَمَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَهْله بِالْقِرَانِ
وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ لَفْظه فِي إِهْلَاله بِنُسُكِهِ أَنَّهُ قَالَ لَبَّيْكَ حَجًّا وَعُمْرَة كَأَنَسٍ
وَهُوَ مُتَّفَق عَلَى صِحَّته وَكَعَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب فَإِنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِهِمَا جَمِيعًا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالنَّسَائِيِّ وَسُنَن أَبِي دَاوُدَ وَلَفْظ أَصْحَاب الصَّحِيح أَنَّ عَلِيًّا أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَة.

     وَقَالَ  مَا كُنْت لِأَدَع سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَد
فَقَدْ أَخْبَرَ عَلِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا وَأَهَلَّ هُوَ بِهِمَا جَمِيعًا وَأَخْبَرَ أَنَّهَا سُنَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَافَقَهُ عُثْمَان عَلَى ذَلِكَ
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ خَبَره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسه بِأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا وَهُمْ الْبَرَاء بْن عَازِب فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظه أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ إِنِّي سُقْت الْهَدْي وَقَرَنْت وَهُوَ حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَهْل السُّنَن
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّفْظِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ رَبّه وَهُوَ أَنْ يَقُول عُمْرَة فِي حَجَّة كَعُمَر بْن الْخُطَّاب
وَحَمْل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ بِتَعْلِيمِهِ كَلَام فِي غَايَة الْبُطْلَان
وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيَاق الْحَدِيث وَلَفْظه وَمَقْصُوده عَلِمَ بُطْلَان هَذَا التَّأْوِيل الْفَاسِد
وَقَوْلهمْ إِنَّ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة قُلْ عُمْرَة وَحَجَّة وَأَنَّهُ فُصِلَ بَيْنهمَا بِالْوَاوِ
فَهُوَ صَرِيح فِي نَفْس الْقِرَان فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنهمَا فِي إِحْرَامه وَامْتَثَلَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر رَبّه وَهُوَ أَحَقّ مَنْ اِمْتَثَلَهُ فَقَالَ لَبَّيْكَ عُمْرَة وَحَجًّا بِالْوَاوِ
وَقَوْلهمْ يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ أَنَّهُ يُحْرِم بِعُمْرَةٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ حَجَّته قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَى مَنْزِله فَعِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ تَقْلِيد يُوقِع فِي مِثْل هَذِهِ الْخَيَالَات الْبَاطِلَة فَمِنْ الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْتَمِر بَعْد حَجَّته قَطّ هَذَا مَا لَا يَشُكّ فِيهِ مَنْ لَهُ أَدْنَى إِلْمَام بِالْعِلْمِ وَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقّ الْخَلْق بِامْتِثَالِ أَمْر رَبّه فَلَوْ كَانَ أَمَرَ أَنْ يَعْتَمِر بَعْد الْحَجّ كَانَ أَوْلَى الْخَلْق بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى ذَلِكَ وَلَا رَيْب أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِعْتَمَرَ مَعَ حَجَّته فَكَانَتْ عُمْرَته مَعَ الْحَجّ لَا بَعْده قَطْعًا
وَنُصْرَة الْأَقْوَام إِذَا أَفْضَتْ بِالرَّجُلِ إِلَى هَذَا الْحَدّ ظَهَرَ قُبْحهَا وَفَسَادهَا
وَقَوْلهمْ مَحْمُول عَلَى تَحْصِيلهمَا مَعًا
قُلْنَا أَجَل وَقَدْ حَصَّلَهُمَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا بِالْقِرَانِ عَلَى الْوَجْه الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسه وَتَبِعَهُ أَصْحَابه مِنْ إِهْلَاله وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ فِعْله وَهُوَ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ جَمَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن حَجَّة وَعُمْرَة وَتَأْوِيل هَذَا بِأَنَّهُ أَمْر أَوْ إِذْن فِي غَايَة الْفَسَاد وَلِهَذَا قَالَ تَمَتَّعَ وَتَمَتَّعْنَا مَعَهُ فَأَخْبَرَ عَنْ فِعْله وَفِعْلهمْ
وَسُمِّيَ الْقِرَان تَمَتُّعًا وَهُوَ لُغَة الصَّحَابَة كَمَا سَيَأْتِي
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ إِهْلَاله بِهِمَا أَحَدهمَا بَعْد الْآخَر وَهُمْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعَائِشَة فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُمَا وَبَدَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَعَنْ عَائِشَة مِثْله
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِعْتَمَرَ أَرْبَع عُمَر الرَّابِعَة مَعَ حَجَّته وَمِنْ الْمَعْلُوم ضَرُورَة أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِر بَعْد الْحَجّ فَكَانَتْ عُمْرَته مَعَ حَجَّته قَطْعًا
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِثْله عَنْ أنس
واتفق ستة عشرة فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِQنَفْسًا مِنْ الثِّقَات عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا وَهُمْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَأَبُو قِلَابَةَ وَحُمَيْدُ بْن هِلَال وَحُمَيْدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن الطَّوِيل وَقَتَادَة وَيَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ وَثَابِت الْبُنَانِيُّ وَبَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيُّ وَعَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب وَسُلَيْمَان التَّيْمِيُّ وَيَحْيَى بْن أَبِي إِسْحَاق وَزَيْد بْن أَسْلَم وَمُصْعَب بْن سُلَيْمٍ وَأَبُو أَسْمَاء وَأَبُو قَدَامَة وَأَبُو قَزَعَة الْبَاهِلِيّ
وَرَوَى البزار من حديث بن أَبِي أَوْفَى قَالَ إِنَّمَا جَمَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحُجّ بَعْد عَامه ذَلِكَ
وَرَوَى أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيُّ مِنْ حَدِيث سفيان بن عيينة عن بن أَبِي خَالِد أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَة يَقُول إِنَّمَا جَمَعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بن الْحَجّ وَالْعُمْرَة لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحُجّ بَعْدهَا
وَرَوَى الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده مِنْ حَدِيث الْهِرْمَاس بْن زِيَاد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَة
وروى بن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا شَبَّابَة حَدَّثَنَا اللَّيْث بْن سَعْد عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ أَبِي عِمْرَان قَالَ دَخَلْت عَلَى أُمّ سَلَمَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول أَهِلُّوا يَا آل مُحَمَّد بِعُمْرَةٍ وَحَجّ
وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتَار لِآلِهِ إِلَّا أَفْضَل الْأَنْسَاك وَهُوَ الَّذِي اِخْتَارَهُ لِعَلِيٍّ وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسه أَنَّهُ فَعَلَهُ
فَهَذِهِ الْأَحَادِيث صَحِيحَة صَرِيحَة لَا تحتمل مطعنا في مسندها وَلَا تَأْوِيلًا يُخَالِف مَدْلُولهَا وَكُلّهَا دَالَّة عَلَى أنه صلى الله عليه وسلم كان قَارِنًا
وَاَلَّذِينَ عَلَيْهِمْ مَدَار الْإِفْرَاد أَرْبَعَة عَائِشَة وبن عمر وجابر وبن عباس وكلهم قد روى القران
أما بن عمر وعائشة ففي الصحيحين عن بن عُمَر أَنَّهُ قَالَ بَدَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُرْوَة أَنَّ عَائِشَة أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَتُّعه بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَة وَتَمَتَّعَ النَّاس مَعَهُ بِمِثْلِ هَذَا وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ نَافِع أن بن عُمَر قَرَنَ بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة فَطَافَ بِالْبَيْتِ لَهُمَا وَبَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة طَوَافًا وَاحِدًا.

     وَقَالَ  هَكَذَا صَنَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مُسْلِم عَنْ قُتَيْبَة عَنْ اللَّيْث عن نافع عن بن عُمَر
.

     وَقَالَتْ  عَائِشَة اِعْتَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا سِوَى الَّتِي قَرَنَ بِحَجَّةِ الْوَدَاع
ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَيَأْتِي
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ ثَلَاث حِجَج قَبْل أَنْ يُهَاجِر وَحَجَّة بَعْد مَا هَاجَرَ مَعَهَا عُمْرَة الحديث
وفي صحيح مسلم عن بن عَبَّاس أَهَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ أَصْحَابه بِحَجٍّ فَلَمْ يُحِلّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مَنْ سَاقَ الهدي من أصحابه وحل بقيتهم وَسَيَأْتِي فِي كِتَاب السُّنَن عَنْ عِكْرِمَة عَنْهُ قَالَ اِعْتَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَع عُمَر عُمْرَة الْحُدَيْبِيَة وَالثَّانِيَة حِين تواطؤوا عَلَى عُمْرَة قَابِل وَالثَّالِثَة مِنْ الْجِعِرَّانَة وَالرَّابِعَة الَّتِي قَرَنَ مَعَ حَجَّته وَهَذَا الْعُمْرَة الَّتِي قَرَنَهَا مَعَ حَجَّته هِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا أَهَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَد
وَلَمْ يَقُلْ أَحَد مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ غيرهم