فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ

رقم الحديث 4048 [4048] ( لا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ وَاوٌ خَفِيفَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ الْأُرْجُوَانُ الْأَحْمَرُ وَأَرَاهُ أَرَادَ بِهِ الْمَيَاثِرَ الحمر وقد تتخذ مِنْ دِيبَاجٍ وَحَرِيرٍ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنِ السَّرَفِ وَلَيْسَتْ مِنْ لِبَاسِ الرِّجَالِ ( وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ) أَيِ الْمَصْبُوغَ بالعصفر قال القارىء وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ وَقَبْلَهُ
فَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ ( وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ) الْمُكَفَّفُ بِفَتْحِ الْفَاءِ الْأُولَى الْمُشَدَّدَةِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ الَّذِي عُمِلَ عَلَى ذَيْلِهِ وَأَكْمَامِهِ وَجَيْبِهِ كِفَافٌ مِنْ حَرِيرٍ وَكُفَّةُ كُلِّ شَيْءٍ بِالضَّمِّ طَرَفُهُ وَحَاشِيَتُهُ وَكُلُّ مُسْتَدِيرٍ كِفَّةٌ بِالْكَسْرِ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ وَكُلُّ مُسْتَطِيلٍ كُفَّةٌ كَكُفَّةِ الثَّوْبِ
قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا لَا يُعَارِضُ حَدِيثَ أَسْمَاءَ لَهَا لبة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج وقالت هذه جبة رسول الله رَوَاهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ تَجَمُّلٍ وَتَرَفُّهٍ وربما لبس الجبة المكففة
قال القارىء وَالْأَظْهَرُ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَدْرَ مَا كَفَّ هُنَا أَكْثَرُ مِنَ الْقَدْرِ الْمُرَخَّصِ ثَمَّةَ وَهُوَ أَرْبَعُ أَصَابِعٍ أَوْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى وَذَاكَ عَلَى الرُّخْصَةِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَالْفَتْوَى وَقَبْلَ هَذَا مُتَقَدِّمٌ عَلَى لُبْسِ الْجُبَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( وَأَوْمَأَ) أَيْ أَشَارَ ( الْحَسَنُ) هُوَ الْبَصْرِيُّ ( إِلَى جَيْبِ قَمِيصِهِ) الْجَيْبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وسكون التحتانية بعدها موحدة هو ما يُقْطَعُ مِنَ الثَّوْبِ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الرَّأْسُ أَوِ الْيَدُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ ( قَالَ) أَيْ عِمْرَانُ بن حصين ( وقال) أي رسول الله ( أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ ( وَطِيبُ الرِّجَالِ) أَيِ الْمَأْذُونُ فِيهِ ( رِيحٌ) أَيْ مَا فِيهِ رِيحٌ ( لَا لَوْنَ لَهُ) كَمِسْكٍ وَكَافُورٍ وَعُودٍ ( وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ) كَالزَّعْفَرَانِ وَالْخَلُوقِ ( قَالَ سَعِيدٌ) أي بن أَبِي عَرُوبَةَ ( أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ ( قال إنما حملوا) أي العلماء ( قوله) ( فِي طِيبِ النِّسَاءِ) يَعْنِي وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ ( إِذَا خَرَجَتْ) أَيْ مِنْ بَيْتِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّطَيُّبُ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ بُيُوتِهَا ( بِمَا شَاءَتْ) أَيْ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ أَوْ لا قال المنذري وأخرج الترمذي أن النبي قَالَ إِنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ وَخَيْرُ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ وَنَهَى عَنْ مِيثَرَةِ الْأُرْجُوَانِ.

     وَقَالَ  حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ



رقم الحديث 4049 [449] ( يَعْنِي الْهَيْثَمَ بْنَ شَفِيٍّ) بِمُعْجَمَةٍ وَفَاءٍ بِوَزْنِ عَلِيٍّ فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ الْحَافِظُ ( مِنَ الْمَعَافِرِ) فِي الْقَامُوسِ مَعَافِرَ بَلَدٌ وَأَبُو حَيٍّ مِنْ حَمْدَانَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ المراد هنا هو الأول ( لنصلي) علة لقوله خرجت ( بإيليا) عَلَى وَزْنِ كِيمْيَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ مَدِينَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ( وَكَانَ قَاصَّهُمْ) بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ وَالْقَاصُّ مَنْ يَأْتِي بِالْقِصَّةِ وَالْمُرَادُ مِنْ قَاصَّهُمْ وَأَعْظَمَهُمْ ( رَجُلٌ) اسْمُ كَانَ ( إِلَى جَنْبِهِ) أَيْ إِلَى جَنْبِ صَاحِبِي ( أَدْرَكْتُ قَصَصَ أَبِي رَيْحَانَةَ) أَيْ وَعْظَهُ وَبَيَانَهُ ( عَنْ عَشْرٍ) أَيْ عَشْرِ خِصَالٍ ( عَنِ الْوَشْرِ) بِوَاوٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ فَرَاءٍ وَهُوَ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ تَحْدِيدُ الْأَسْنَانِ وَتَرْقِيقُ أَطْرَافِهَا تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ تَتَشَبَّهُ بِالشَّوَابِّ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنِ التَّغْرِيرِ وَتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ ( وَالْوَشْمِ) وَهُوَ أَنْ يُغْرَزَ الْجِلْدُ بِإِبْرَةٍ ثُمَّ يُحْشَى بِكُحْلٍ أَوْ نِيلٍ فَيَزْرَقُّ أَثَرُهُ أَوْ يَخْضَرُّ ( وَالنَّتْفِ) أَيْ وَعَنْ نَتْفِ النِّسَاءِ الشُّعُورَ مِنْ وُجُوهِهِنَّ أَوْ نَتْفِ اللِّحْيَةِ أَوِ الْحَاجِبِ بِأَنْ يُنْتَفَ الْبَيَاضُ مِنْهُمَا أَوْ نَتْفُ الشَّعْرِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ ( وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ ثَوْبٍ يَتَّصِلُ بِشَعْرِ الْبَدَنِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يُضَاجِعَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ
فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا حَاجِزَ بَيْنهُمَا
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُكَامَعَةُ هِيَ الْمُضَاجَعَةُ
وَرَوَى أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عن بن الْأَعْرَابِيِّ قَالَ الْمُكَامَعَةُ مُضَاجَعَةُ الْعُرَاةِ الْمُحَرَّمِينَ ( وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثِيَابِهِ) أَيْ فِي ذَيْلِهَا وَأَطْرَافِهَا ( حَرِيرًا) أَيْ كَثِيرًا زَائِدًا عَلَى أربع أصابع لما مر من جوازه وبدل عَلَيْهِ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ ( مِثْلُ الْأَعَاجِمِ) أَيْ مِثْلُ ثِيَابِهِمْ فِي تَكْثِيرِ سِجَافِهَا وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهَا أَيْضًا عَلَى ظِهَارَةِ ثِيَابِهِمْ تَكَبُّرًا وَافْتِخَارًا قَالَ الْمُظْهِرُ يَعْنِي لُبْسَ الْحَرِيرِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ سَوَاءً كَانَتْ تَحْتَ الثِّيَابِ أَوْ فَوْقَهَا وَعَادَةُ جُهَّالِ الْعَجَمِ أَنْ يَلْبَسُوا تَحْتَ الثِّيَابِ ثَوْبًا قَصِيرًا مِنَ الْحَرِيرِ لِيُلَيِّنَ أَعْضَاءَهُمْ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  ( أَوْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا) أَيْ علما من حرير زائدا عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ ( وَعَنِ النُّهْبَى) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّهْبِ وَالْإِغَارَةِ وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِمَا يُنْهَبُ وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ إِغَارَةِ الْمُسْلِمِينَ ( وَرُكُوبِ النُّمُورِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ نِمْرٍ أَيْ جُلُودِهَا قِيلَ لِأَنَّهَا مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ ( وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ) بِضَمِّ اللَّامِ مَصْدَرٌ كَالدُّخُولِ وَالْخَاتِمُ بِكَسْرِ التاء ويفتح ( إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِثْمًا كُرْهُ الْخَاتَمِ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ زِينَةً مَحْضَةً لَا لِحَاجَةٍ وَلَا لِإِرْبٍ غَيْرِ الزِّينَةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ أَبِي رَيْحَانَةَ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَرَاهَةِ لُبْسِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَأَبَاحُوهُ ومن حجتهم حديث أنس أن النبي لَمَّا أَلْقَى خَاتَمَهُ أَلْقَى النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فِي العهد النبوي من ليس ذا سلطان
قان قِيلَ هُوَ مَنْسُوخٌ قُلْنَا الَّذِي نُسِخَ مِنْهُ خَاتَمُ الذَّهَبِ ثُمَّ أَوْرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَوَاتِمَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ انْتَهَى
وَلَمْ يَجِبْ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لُبْسَهُ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّزَيُّنِ وَاللَّائِقُ بِالرِّجَالِ خِلَافُهُ وَتَكُونُ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَوَازِ هِيَ الصَّارِفَةُ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّحْرِيمِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ نَهَى عَنِ الزِّينَةِ وَالْخَاتَمِ الْحَدِيثَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْخَتْمِ عَلَيْهِ لَا السُّلْطَانُ الْأَكْبَرُ خَاصَّةً وَالْمُرَادُ بِالْخَاتَمِ مَا يَخْتِمُ بِهِ فَيَكُونَ لُبْسُهُ عَبَثًا.
وَأَمَّا مَنْ لَبِسَ الْخَاتَمَ الَّذِي لَا يَخْتِمُ بِهِ وَكَانَ مِنَ الْفِضَّةِ لِلزِّينَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ حَالُ مَنْ لَبِسَهُ
وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ فَضَعَّفَهُ انْتَهَى كَلَامُ الحافظ باختصار
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَفِيهِ مَقَالٌ وَأَبُو رَيْحَانَةَ هَذَا اسْمُهُ شَمْعُونَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ شَمْغُونَ بِالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ وَقِيلَ قُرَشِيٌّ وَيُقَالُ لَهُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ قَدِمَ بُصْرَةَ وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ