فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ

رقم الحديث 2738 [2738]

رقم الحديث 2737 [2737] قَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّفْلُ مَا زَادَ مِنَ الْعَطَاءِ عَلَى قَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ بِالْقِسْمَةِ وَمِنْهُ النَّافِلَةُ وَهِيَ الزِّيَادَةُ مِنَ الطَّاعَةِ بَعْدَ الْفَرْضِ انْتَهَى
وَفِي الْقَامُوسِ النَّفَلُ مُحَرَّكَةً الْغَنِيمَةُ وَالْهِبَةُ وَالْجَمْعُ أَنْفَالٌ وَنِفَالٌ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ النَّفَلُ بِالتَّحْرِيكِ الْغَنِيمَةُ وَجَمْعُهُ أَنْفَالٌ وَالنَّفْلُ بِالسُّكُونِ وَقَدْ يُحَرَّكُ الزِّيَادَةُ وَلَا يَنْفِلُ الْأَمِيرُ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَحَدًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ بَعْدَ إِحْرَازِهَا حَتَّى تُقَسَّمَ كُلُّهَا ثُمَّ يَنْفِلُهُ إِنْ شَاءَ مِنَ الْخُمُسِ فَأَمَّا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا انْتَهَى ( فَلَهُ مِنَ النَّفَلِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ زِيَادَةٌ يُزَادُهَا الْغَازِي عَلَى نَصِيبِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ ( الْفِتْيَانُ) جَمْعُ فَتًى بِمَعْنَى الشَّابِّ ( وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ هُوَ جَمْعُ شَيْخٍ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى شُيُوخٍ وَأَشْيَاخٍ وَشِيَخَةٍ وَشِيخَانٍ وَمَشَائِخَ كَذَا فِي النَّيْلِ ( الرَّايَاتِ) جَمْعُ رَايَةٍ عَلَمُ الْجَيْشِ يُقَالُ أَصْلُهَا الْهَمْزُ لَكِنَّ الْعَرَبَ آثَرَتْ تَرْكَهُ تَخْفِيفًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ هَذَا الْقَوْلَ وَيَقُولُ لَمْ يُسْمَعِ الْهَمْزُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ ( فَلَمْ يَبْرَحُوهَا) أَيْ لَمْ يَزَالُوا عِنْدَ الرَّايَاتِ يُقَالُ مَا بَرِحَ مَكَانَهُ لَمْ يُفَارِقْهُ وَمَا بَرِحَ يَفْعَلُ كَذَا بِمَعْنَى الْمُوَاظَبَةِ وَالْمُلَازَمَةِ ( كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ مَهْمُوزٌ عَلَى وَزْنِ حِمْلٍ أَيْ عَوْنًا وَنَاصِرًا لَكُمْ ( فِئْتُمْ إِلَيْنَا) أَيْ رَجَعْتُمْ إِلَيْنَا
وَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ مِنْ رواية الحاكم والبيهقي وغيرهما من حديث بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا فَأَمَّا الْمَشْيَخَةُ فَثَبَتُوا تَحْتَ الرَّايَاتِ.
وَأَمَّا الشُّبَّانُ فَتَسَارَعُوا إِلَى الْقَتْلِ وَالْغَنَائِمِ فَقَالَتِ الْمَشْيَخَةُ لِلشُّبَّانِ أَشْرِكُونَا مَعَكُمْ فَإِنَّا كُنَّا لَكُمْ رِدْءًا وَلَوْ كَانَ مِنْكُمْ شَيْءٌ لَلَجَأْتُمْ إِلَيْنَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزلت يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فَقَسَمَ الْغَنَائِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ انْتَهَى ( فَلَا تَذْهَبُونَ) بِالْمَغْنَمِ هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْغَنِيمَةِ أَيْ فَلَا تَأْخُذُونَ بِالْغَنِيمَةِ كُلِّهَا أَيُّهَا الشُّبَّانُ ( وَنَبْقَى) نَحْنُ فَمَا نَأْخُذُهُ ( فَأَبَى الْفِتْيَانُ) وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ في المصنف من حديث بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ أَبُو الْيَسَرِ بْنُ عَمْرٍو الأنصاري بأسيرين فقال يارسول اللَّهِ إِنَّكَ قَدْ وَعَدْتَنَا فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عبادة فقال يارسول اللَّهِ إِنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْقَ لِأَصْحَابِكِ شَيْءٌ وَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنَا مِنْ هَذَا زَهَادَةٌ فِي الْأَجْرِ وَلَا جُبْنٌ عَنِ الْعَدُوِّ وَإِنَّمَا قُمْنَا هَذَا الْمَقَامَ مُحَافَظَةً عَلَيْكَ أَنْ يَأْتُوكَ مِنْ وَرَائِكِ فَتَشَاجَرُوا فَنَزَلَ الْقُرْآنُ يَسْأَلُونَكَ عن الأنفال إلى قوله وأصلحوا ذات بينكم فِيمَا تَشَاجَرْتُمْ بِهِ فَسَلِّمُوا الْغَنِيمَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا فَالْتَقَى النَّاسُ فَهَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي إِثْرِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْغَنَائِمِ يَحُوزُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ.

     وَقَالَ  الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ.

     وَقَالَ  الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً فَاشْتَغَلْنَا به فنزلت يسألونك عن الأنفال الْآيَةَ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَوَاقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي لَفْظٍ لَهُ فِينَا أَصْحَاب بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْلِ وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا فَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهُ بَيْنَنَا عَلَى سواء ( يسألونك) يامحمد ( عن الأنفال) الْغَنَائِمِ لِمَنْ هِيَ ( قُلْ) لَهُمْ الْأَنْفَالُ لله والرسول يَجْعَلَانِهَا حَيْثُ شَاءَ ( إِلَى قَوْلِهِ كَمَا أَخْرَجَكَ ربك إِلَخْ) وَتَمَامُ الْآيَةِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بينكم أَيْ حَقِيقَةَ مَا بَيْنَكُمْ بِالْمَوَدَّةِ وَتَرْكِ النِّزَاعِ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
كَمَا أَخْرَجَكَ ربك من بيتك بالحق مُتَعَلِّقٌ بِأَخْرَجَ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالْكَافُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْأَنْفَالُ ثَابِتَةٌ لِلَّهِ ثُبُوتًا كَمَا أَخْرَجَكَ أَيْ ثُبُوتًا بِالْحَقِّ كَإِخْرَاجِكِ مِنْ بَيْتِكِ بالحق يعني أنه لامرية فِي ذَلِكَ
أَوْ أَنَّهَا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى خَبَرِ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ الْحَالُ كَحَالِ إِخْرَاجِكِ بِمَعْنَى أَنَّ حَالَهُمْ فِي كَرَاهَةِ مَا رَأَيْتَ مِنْ تَنَفُّلِ الْغُزَاةِ مِثْلَ حَالِهِمْ فِي كَرَاهَةِ خُرُوجِهِمْ لِلْحَرْبِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ وَقَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ كَرَاهَتَانِ كَرَاهَةُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ عَلَى السَّوِيَّةِ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ مِنْ شُبَّانِهِمْ فَقَطْ وَهِيَ لِدَاعِي الطَّبْعِ وَلِتَأْوِيلِهِمْ بِأَنَّهُمْ بَاشَرُوا الْقِتَالَ دُونَ الشُّيُوخِ وَالْكَرَاهَةُ الثَّانِيَةُ كَرَاهَةُ قِتَالِ قُرَيْشٍ وَعُذْرُهُمْ فِيهَا أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ ابتداء لقصد الغنيمة ولم يتهيأوا لِلْقِتَالِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ كَرَاهَتِهِمْ لِلْقِتَالِ فَشَبَّهَ اللَّهُ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ بِالْأُخْرَى فِي مُطْلَقِ الْكَرَاهَةِ قَالَهُ سُلَيْمَانُ الْجَمَلُ
( وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لكارهون) الْخُرُوجَ
وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدِمَ بِعِيرٍ مِنَ الشَّامِ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِيَغْنَمُوهَا فَعَلِمَتْ قُرَيْشٌ فَخَرَجَ أَبُو جَهْلٍ وَمُقَاتِلُو مَكَّةَ لِيَذُبُّوا عَنْهَا وَهُمُ النَّفِيرُ وَأَخَذَ أَبُو سُفْيَانَ بِالْعِيرِ طَرِيقَ السَّاحِلِ فَنَجَتْ فَقِيلَ لِأَبِي جَهْلٍ ارْجِعْ فَأَبَى وَسَارَ إِلَى بَدْرٍ فَشَاوَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهَ.

     وَقَالَ  إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَوَافَقُوهُ عَلَى قِتَالِ النَّفِيرِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وقالوا لم نستعد له ( يقول) أي بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ) أَيْ كَانَ الْخُرُوجُ إِلَى بَدْرٍ خَيْرًا لَهُمْ لِمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ النَّصْرِ والظفر ( فكذلك أَيْضًا) أَيْ فَهَذِهِ الْحَالَةُ الَّتِي هِيَ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ عَلَى السَّوِيَّةِ بَيْنَ الشُّبَّانِ وَالْمَشْيَخَةِ وَعَدَمِ مُخَالَفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِعْطَاءِ النَّفَلِ لِمَنْ أَرَادَهُ مِثْلُ الْخُرُوجِ فِي أَنَّ الْكُلَّ خَيْرٌ لَهُمْ ( فَأَطِيعُونِي) فِي كُلِّ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَلَا تُخَالِفُونِي ( بِعَاقِبَةِ هَذَا) أَيْ إِعْطَاءِ النَّفْلِ ( مِنْكُمْ) وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ