فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا

رقم الحديث 280 [280] ( إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَاذِلِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ في المعالم يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ حَدَثَتْ بِهَا مِنْ تَصَدُّعِ الْعُرُوقِ فَانْفَجَرَ الدَّمُ وَلَيْسَ بِدَمِ الْحَيْضِ الَّذِي يَقْذِفُهُ الرَّحِمُ لِمِيقَاتٍ مَعْلُومٍ فَيَجْرِي مَجْرَى سَائِرِ الْأَثْقَالِ وَالْفُضُولِ الَّتِي تَسْتَغْنِي عَنْهَا الطَّبِيعَةُ فَتَقْذِفُهَا عَنِ الْبَدَنِ فَتَجِدُ النَّفْسُ رَاحَةً لِمُفَارَقَتِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ اللَّهِ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ فِي الْمُصَفَّى بَعْدَ نَقْلِ قَوْلِ الْخَطَّابِيِّ وَالْأَمْرُ الْمُحَقَّقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ وَدَمَ الْحَيْضِ هُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَكِنْ دَمُ الْحَيْضِ هُوَ مُطَابِقٌ لِعَادَةِ النِّسَاءِ الَّتِي جُبِلْنَ عَلَيْهَا وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يَجْرِي عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِنَّ لِفَسَادِ أَوْعِيَةِ الدَّمِ وَالرُّطُوبَةِ الْحَاصِلَةِ فِيهَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ هَذَا بِتَصَدُّعِ الْعُرُوقِ ( قَرْؤُكِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَيُجْمَعُ عَلَى الْقُرُوءِ وَالْأَقْرَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يريد بالقرء ها هنا الْحَيْضَ وَحَقِيقَةُ الْقَرْءِ الْوَقْتُ الَّذِي يَعُودُ فِيهِ الْحَيْضُ أَوِ الطُّهْرُ وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلطُّهْرِ كَمَا قِيلَ لِلْحَيْضِ قَرْءًا
انْتَهَى ( فَإِذَا مَرَّ قَرْؤُكِ) أَيْ مَضَى ( فَتَطَهَّرِي) أَيْ تَغْتَسِلِي ( ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ الْقَرْءِ إِلَى الْقَرْءِ) أَيْ صَلِّي مِنِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ الَّذِي فِي الشَّهْرِ الْحَاضِرِ إِلَى الْحَيْضِ الَّذِي فِي شَهْرٍ يَلِيهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ الْمُنْذِرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ
سُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ هُوَ مَجْهُولٌ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ



رقم الحديث 281 [281] ( أَوْ أَسْمَاءُ حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا أَمَرَتْهَا) أَيْ أَسْمَاءَ ( فَاطِمَةُ) فَاعِلُ أَمَرَتْهَا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى التَّرَدُّدِ هَلْ رَوَى عُرْوَةُ عن أسماء بنت عميس أو فاطمة بنب أَبِي حُبَيْشٍ
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْمُؤَلِّفِ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي عُمَيْسٍ اسْتُحِيضَتْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ بِلَفْظٍ آخَرَ ( فَأَمَرَهَا) أَيْ فَاطِمَةَ ( أَنْ تَقْعُدَ) وَتَكُفَّ نَفْسَهَا عَنْ فِعْلِ مَا تَفْعَلُهُ الطَّاهِرَةُ ( كَانَتْ تَقْعُدُ) قَبْلَ ذَلِكَ الدَّاءِ ( ثُمَّ تَغْتَسِلُ) بَعْدَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي عَدَّتْهَا لِلْحَيْضِ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْعَادَةِ لَا لِلتَّمْيِيزِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ حَسَنٌ ( وَهَذَا) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أقرائها ( وهم من بن عُيَيْنَةَ) فَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ حَافِظًا مُتْقِنًا قَدْ وَهِمَ فِي رِوَايَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ( لَيْسَ هَذَا) اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ ( فِي حَدِيثِ الْحُفَّاظِ) كَعَمْرِو بْنِ الحارث والليث ويونس وبن أَبِي ذِئْبٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَعْمَرٍ وَغَيْرِهِمْ وَسَتَعْرِفُ أَلْفَاظَهُمْ بِتَمَامِهَا بَعْدَ هَذَا الْبَابِ ( إِلَّا مَا ذَكَرَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ) عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فَأَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ سُفْيَانِ بْنِ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ مَا رَوَاهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ ( لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ) أَيْ فِي حَدِيثِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ الْوَهْمَ لَيْسَ مِنِ بن عيينة بل من رواية أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى فَهُوَ ذَكَرَ هذه الجملة في روايته عن بن عُيَيْنَةَ.
وَأَمَّا الْحُمَيْدِيُّ فَلَمْ يَذْكُرْهَا فَالْقَوْلُ مَا قال الحميدي لأنه أثبت أصحاب بن عُيَيْنَةَ لَازَمَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً
وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ جُمْلَةَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ من حفاظ أصحاب الزهري غير بن عُيَيْنَةَ وَهُوَ وَهِمَ فِيهِ وَالْمَحْفُوظُ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ إِنَّمَا .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ الْأَيَّامَ كَانَتْ تَقْعُدُ وَمَعْنَى الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدٌ لَكِنَّ الْمُحَدِّثِينَ مُعْظَمُ قَصْدِهِمْ إِلَى ضَبْطِ الْأَلْفَاظِ الْمَرْوِيَّةِ بِعَيْنِهَا فَرَوَوْهَا كَمَا سَمِعُوا وَإِنِ اخْتَلَطَتْ رِوَايَةُ بَعْضِ الْحُفَّاظِ فِي بَعْضٍ مَيَّزُوهَا وَبَيَّنُوهَا ( وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ إِلَخْ) وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ علي بن أبي طالب وعائشة وبن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءً وَمَكْحُولًا وَالنَّخَعِيَّ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمَ مِنَ التَّابِعِينَ كُلُّهُمْ قَالُوا إِنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا فَهَؤُلَاءِ مِنَ الْقَائِلِينَ بِمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَمَنْ قَالَ تَدَعُ الصَّلَاةَ فِي عِدَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فَعِنْدَ هَؤُلَاءِ تَرْجِعُ الْمُسْتَحَاضَةُ إِلَى عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ إِنْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ