فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِنَاءِ

رقم الحديث 4339 [4339] ( عن جرير) هو بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ ( يَعْمَلُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِرَجُلٍ أَوْ حَالٌ مِنْهُ أَيْ يَفْعَلُ ( يَقْدِرُونَ) أَيِ الْقَوْمُ ( عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّجُلِ بِالْيَدِ أَوِ اللِّسَانِ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إِنْكَارِ الْجَنَانِ قال المنذري وبن جَرِيرٍ هَذَا لَمْ يُسَمَّ وَقَدْ رَوَى الْمُنْذِرُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ أَحَادِيثَ وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ



رقم الحديث 4340 [434] ( وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى إِسْمَاعِيلَ مَعْنَاهُ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَعَنْ قَيْسٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ ( مَنْ رَأَى) أَيْ مَنْ عَلِمَ ( مُنْكَرًا) أَيْ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي مِنْكُمْ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَالْمُنْكَرُ مَا أَنْكَرَهُ الشَّرْعُ ( فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ) أَيْ بِأَنْ يَمْنَعَهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يكسر الآلات ويربق الْخَمْرَ وَيَرُدَّ الْمَغْصُوبَ إِلَى مَالِكِهِ ( وَقَطَعَ هَنَّادٌ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْهَا بَلِ اقْتَصَرَ على القدر المذكور ( وفاه بن الْعَلَاءِ) أَيْ ذَكَرَهُ وَافِيًا تَامًّا ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَيِ التَّغْيِيرَ بِالْيَدِ وَإِزَالَتَهُ بِالْفِعْلِ لِكَوْنِ فَاعِلِهِ أَقْوَى مِنْهُ ( فَبِلِسَانِهِ) أَيْ فَلْيُغَيِّرْهُ بِالْقَوْلِ وَتِلَاوَةِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ وَذِكْرِ الْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ وَالنَّصِيحَةِ ( فَبِقَلْبِهِ) بِأَنْ لَا يَرْضَى بِهِ وَيُنْكِرَ فِي بَاطِنِهِ عَلَى مُتَعَاطِيهِ فَيَكُونُ تَغْيِيرًا مَعْنَوِيًّا إِذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ إِلَّا هَذَا الْقَدْرَ مِنَ التَّغْيِيرِ
وَقِيلَ التَّقْدِيرُ فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ لِأَنَّ التَّغْيِيرَ لَا يُتَصَوَّرُ بِالْقَلْبِ فيكون التركيب من باب علفتها تبنا وماءا بَارِدًا ( وَذَلِكَ) أَيِ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ ( أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ أَقَلُّهُ ثَمَرَةً
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ أَيْ خِصَالُهُ فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِسْلَامُ أو اثاره وثمراته
وقال القارىء أَوْ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُنْكِرُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَفُ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَوِيًّا صُلْبًا فِي الدِّينِ لَمَا اكْتَفَى بِهِ يُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ انْتَهَى
قُلْتُ وَعَلَى هَذَا فَالْمُشَارُ إِلَيْهِ من رأى والحديث الذي ذكره القارىء سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ثُمَّ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِذَا تَرَكَهُ الْجَمِيعُ أَثِمَ كُلُّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَا خَوْفٍ ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ إِلَّا هُوَ أَوْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِزَالَتِهِ إِلَّا هُوَ
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَسْقُطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ لِكَوْنِهِ لَا يُفِيدُ فِي ظَنِّهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا الْقَبُولُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآمِرِ وَالنَّاهِي أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الحال ممتثلا ما يَأْمُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَالنَّهْيُ وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْئَانِ أَنْ يَأْمُرَ نَفْسَهُ وَيَنْهَاهَا وَيَأْمُرَ غَيْرَهُ وَيَنْهَاهُ فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا كَيْفَ يُبَاحُ لَهُ الْإِخْلَالُ بِالْآخَرِ وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَرْفُقَ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ قَالَ وَهَذَا الْبَابُ أَعْنِي بَابَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَرُهُ مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ بِهِ قِوَامُ الْأَمْرِ وَمِلَاكُهُ وَإِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيلِ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ مُعْظَمُهُ وَيُخْلِصُ نِيَّتَهُ وَلَا يَهَابُ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ من ينصره.

     وَقَالَ  وَلَا يُتَارِكُهُ أَيْضًا لِصَدَاقَتِهِ وَمَوَدَّتِهِ وَمُدَاهَنَتِهِ وَطَلَبِ الْوَجَاهَةِ عِنْدَهُ وَدَوَامِ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْهِ فَإِنَّ صَدَاقَتَهُ وَمَوَدَّتَهُ تُوجِبُ لَهُ حُرْمَةً وَحَقًّا وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَنْصَحَهُ وَيَهْدِيَهُ إِلَى مَصَالِحِ آخِرَتِهِ وَيُنْقِذَهُ مِنْ مَضَارِّهَا وَصَدِيقُ الْإِنْسَانِ وَمُحِبُّهُ هُوَ مَنْ يَسْعَى فِي عِمَارَةِ آخِرَتِهِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَقْصٍ فِي دُنْيَاهُ وَعَدُوُّهُ مَنْ سَعَى فِي ذَهَابِ دِينِهِ أَوْ نَقْصِ آخِرَتِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ صُورَةُ نَفْعٍ فِي دُنْيَاهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ