فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ سُؤْرِ الْهِرَّةِ

رقم الحديث 71 [71] فَاخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءٍ لَيْسَ لَهُ وَضُوءٌ غَيْرَهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ
وَقَالَ سُفْيَانُ هَذَا الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمْ تَجِدُوا ماء فتيمموا وَهَذَا مَاءٌ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ هَذَا رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي مُصَنَّفِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْهُ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ فِي إِنَاءٍ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً غَيْرَهُ قَالَ يتوضأ به
وأخرجه بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ
وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيعِ لِلنَّدْبِ
وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ لَكِنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ لِكَوْنِ الْكَلْبِ طَاهِرًا عِنْدَهُمْ
انْتَهَى
لَكِنَّ الْقَوْلَ الْمُحَقَّقَ نَجَاسَةُ سُؤْرِ الْكَلْبِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ وَالطَّهَارَةُ تُسْتَعْمَلُ إِمَّا عَنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ فَتَعَيَّنَ الْخَبَثُ وَقَدْ ثَبَتَ عن بن عَبَّاسٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْغَسْلَ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ رِجْسٌ
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَصِحَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ فَلَا يَجُوزُ التَّوَضِّي ( التَّوَضُّؤُ) بِهِ
( طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ) الْأَشْهَرُ فِيهِ الضَّمُّ وَيُقَالُ بِفَتْحِهَا
قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( إِذَا وَلَغَ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ يَلَغُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا وُلُوغًا إِذَا شَرِبَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ
قَالَ أَبُو زَيْدٍ يُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ بِشَرَابِنَا وَفِي شَرَابِنَا وَمِنْ شَرَابِنَا ( أَنْ يَغْسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ نَجَاسَةِ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ يَكْفِي غَسْلُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَى الْغَسْلِ بِالتُّرَابِ أَنْ يَخْلِطَ التُّرَابَ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَتَكَدَّرَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَطْرَحَ الْمَاءَ عَلَى التُّرَابِ أَوِ التُّرَابَ عَلَى الْمَاءِ أَوْ يَأْخُذَ الْمَاءَ الْكَدِرَ مِنْ مَوْضِعٍ فَيَغْسِلَ بِهِ
وَأَمَّا مَسْحُ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ بالتراب فلا يجزئ
انْتَهَى
وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ يُنَجَّسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِأَنَّ وُلُوغَ الْكَلْبِ لَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ غَالِبًا
قَالَ الْحَافِظُ فِي فتح الباري واختلف الرواة عن بن سِيرِينَ فِي مَحَلِّ غَسْلَةِ التَّتْرِيبِ فَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْهُ أُولَاهُنَّ وهي رواية الأكثر عن بن سيرين واختلف عن قتادة عن بن سِيرِينَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْهُ أُولَاهُنَّ أَيْضًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

     وَقَالَ  أَبَانُ عَنْ قَتَادَةَ السَّابِعَةُ وَلِلشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن سِيرِينَ أُولَاهُنَّ أَوْ إِحْدَاهُنَّ وَفِي رِوَايَةِ السُّدِّيِّ عَنِ الْبَزَّارِ إِحْدَاهُنَّ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْهُ فَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنْ يُقَالَ إِحْدَاهُنَّ مُبْهَمَةٌ وَأُولَاهُنَّ وَالسَّابِعَةُ مُعَيَّنَةٌ وَأَوْ إِنْ كَانَتْ في نفس الخبر فهي التخيير فَيَقْتَضِي حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ المعينة وإن كانت أوشكا مِنَ الرَّاوِي فَرِوَايَةُ مَنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَشُكَ أولى من رواية من أبهم أوشك فَيَبْقَى النَّظَرُ فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ رِوَايَةِ أُولَاهُنَّ وَرِوَايَةِ السَّابِعَةِ وَرِوَايَةُ أُولَاهُنَّ أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الْأَكْثَرِيَّةِ وَالْأَحْفَظِيَّةِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ تَتْرِيبَ الْأَخِيرِ يَقْتَضِي الِاحْتِيَاجَ إِلَى غَسْلِهِ أُخْرَى لِتَنْظِيفِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِيهِ أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَإِذَا وَلَغَتْ فِيهِ الْهِرَّةُ غُسِلَ مَرَّةً.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
( وَكَذَلِكَ) أَيْ بِزِيَادَةِ لَفْظِ أولاهن بالتراب



رقم الحديث 72 [72]