فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

رقم الحديث 1463 [1463] ( بَيْنَ الْجُحْفَةِ) وَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ قَدِيمًا وَأَهْلِ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وتسمى في هذا الزمان رابغ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السُّيُولَ أَجْحَفَتْهَا وَهِيَ الَّتِي دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَقْلِ حُمَّى الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا فَانْتَقَلَتْ إِلَيْهَا وَكَانَ لَا يمر بها طائر إلاحم ( وَالْأَبْوَاءَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَالْمَدِّ جَبَلٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقِيلَ قَرْيَةٌ مِنْ أَعْمَالِ الْفَرْعِ وَبِهِ تُوُفِّيَتْ أُمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُحْفَةِ عِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ مِيلًا ( فَجَعَلَ) أَيْ طَفِقَ وَشَرَعَ ( يَتَعَوَّذُ بِأَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) أَيِ الْخَلْقِ أَوْ بِئْرٍ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ ( وَأَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) أَيْ بهاتين السورتين المشتملتين على ذلك ( ياعقبة تَعَوَّذْ بِهِمَا) أَيْ بَلْ هُمَا أَفْضَلُ التَّعَاوِيذِ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا سُحِرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَكَثَ مَسْحُورًا سَنَةً حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكَيْنِ يُعَلِّمَانِهِ أَنَّهُ يَتَعَوَّذُ بِهِمَا فَفَعَلَ فَزَالَ مَا يَجِدُهُ مِنَ السِّحْرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عليه




رقم الحديث 1464 [1464] ( يُقَالُ) أَيْ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ ( لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ) أَيْ مَنْ يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَلِ لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ ( اقْرَأْ وَارْتَقِ) أَيْ إِلَى دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ أَوْ مَرَاتِبِ الْقُرَبِ ( وَرَتِّلْ) أَيْ لَا تَسْتَعْجِلْ فِي قِرَاءَتِكَ فِي الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّلَذُّذِ وَالشُّهُودِ الْأَكْبَرِ كَعِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ ( كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ) أَيْ فِي قِرَاءَتِكَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى وَفْقِ الْأَعْمَالِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً ( فِي الدُّنْيَا) مِنْ تَجْوِيدِ الْحُرُوفِ وَمَعْرِفَةِ الْوُقُوفِ ( فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتٍ الْقُرْآنِ وَجَاءَ فِي حَدِيثِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ دَرَجَةٌ فَالْقُرَّاءُ يَتَصَاعَدُونَ بِقَدْرِهَا
قَالَ الدَّانِيُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَدَدَ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ فَقِيلَ وَمِائَتَا آيَةٍ وَأَرْبَعُ آيَاتٍ وَقِيلَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَقِيلَ وَسِتٌّ وَثَلَاثُونَ انْتَهَى
وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُنَالُ هَذَا الثَّوَابُ الْأَعْظَمُ إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَأَتْقَنَ أَدَاءَهُ وَقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ جَاءَ فِي الْأَثَرِ عِدَادُ آيِ الْقُرْآنِ على قدر درج الجنة يقال للقارىء اقْرَأْ وَارْتَقِ الدَّرَجَ عَلَى قَدْرِ مَا تَقْرَأُ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ فَمَنِ اسْتَوْفَى قِرَاءَةَ جَمِيعِ الْقُرْآنِ اسْتَوْلَى عَلَى أَقْصَى دَرَجِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قرأ جزء مِنْهَا كَانَ رُقِيُّهُ مِنَ الدَّرَجِ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُنْتَهَى الثَّوَابِ عِنْدَ مُنْتَهَى الْقِرَاءَةِ انْتَهَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّ التَّرَقِّي يَكُونُ دَائِمًا فَكَمَا أَنَّ قِرَاءَتَهُ فِي حَالِ الِاخْتِتَامِ اسْتَدْعَتِ الِافْتِتَاحَ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ كَذَلِكَ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ وَالتَّرَقِّي فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَهُمْ كَالتَّسْبِيحِ لِلْمَلَائِكَةِ لَا تَشْغَلُهُمْ مِنْ مُسْتَلَذَّاتِهِمْ بَلْ هِيَ أَعْظَمُهَا انْتَهَى
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ مَنْ عَمِلَ بِالْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ يَقْرَؤُهُ دَائِمًا وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِالْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْهُ وَإِنْ قَرَأَهُ دَائِمًا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ فَمُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ وَالْحِفْظِ لَا يُعْتَبَرُ اعْتِبَارًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَرَاتِبُ الْعَلِيَّةُ فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ