فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

رقم الحديث 1694 [1694] ( أَنَا الرَّحْمَنُ) أَيِ الْمُتَّصِفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ( وَهِيَ) أَيِ الَّتِي يُؤْمَرُ بِوَصْلِهَا ( الرَّحِمُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ ( شَقَقْتُ) أَيْ أَخْرَجْتُ وَأَخَذْتُ ( لَهَا) أَيْ لِلرَّحِمِ ( اسْمًا مِنِ اسْمِي) أَيِ الرَّحْمَنِ وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَةَ الِاسْمِيَّةَ وَاجِبَةُ الرِّعَايَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى على أنها أثر من آثار رحمة الرحمان وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُؤْمِنِ التَّخَلُّقُ بِأَخْلَاقِ اللَّهِ وَالتَّعَلُّقُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ( مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ) أَيْ إِلَى رَحْمَتِي وَمَحَلِّ كَرَامَتِي
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا بَيَانُ صِحَّةِ الْقَوْلِ بِالِاشْتِقَاقِ فِي الْأَسْمَاءِ اللُّغَوِيَّةِ وَرَدٌّ عَلَى الَّذِينَ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا مَوْضُوعَةٌ وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ فَسَادَ قولهم
وفيه دليل على أن اسم الرحمان عَرَبِيٌّ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ بِرَأْيِهِ عِبْرَانِيٌّ وَهَذَا يَرُدُّهُ ( وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ) بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَيْ قَطَعْتُهُ مِنْ رحمتي الْخَاصَّةِ وَالْبَتُّ الْقَطْعُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَطْعُ الْكُلِّيُّ وَمِنْهُ طَلَاقُ الْبَتِّ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ مُ ألْبَتَّةُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَفِي تَصْحِيحِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا وَذَكَرَ غير أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ وَأَخَاهُ حُمَيْدًا لَمْ يَصِحَّ لَهُمَا سَمَاعٌ مِنْ أَبِيهِمَا انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالْحَاكِمُ عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَالْحَاكِمُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



رقم الحديث 1692 [1692] ( الْخَيْوَانِيِّ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ الْهَمَدَانِيُّ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ) قَالَ السِّنْدِيُّ مَنْ يَقُوتُ مِنْ قَاتَهُ أَيْ أَعْطَاهُ قُوتَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مِنَ التَّفْعِيلِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ مَنْ يُقِيتُ مِنْ أَقَاتَ أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَعَبِيدِهِ انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ مَنْ يَلْزَمُهُ قُوتُهُ وَالْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُتَصَدِّقِ لَا يَتَصَدَّقُ بِمَا لَا فَضْلَ فِيهِ عَنْ قُوتِ أَهْلِهِ يَطْلُبُ بِهِ الْأَجْرَ فَيَنْقَلِبُ ذَلِكَ الْأَجْرُ إِثْمًا إِذَا أَنْتَ ضَيَّعْتَهُمْ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ

رقم الحديث 1693 [1693] ( أَنْ يُبْسَطَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُوَسَّعَ ( فِي رِزْقِهِ) أَيْ فِي دُنْيَاهُ ( وَيُنْسَأَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ فَنَصْبٍ فَهَمْزَةٍ أَيْ يُؤَخَّرَ لَهُ ( فِي أَثَرِهِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ أَجَلِهِ ( فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَى صِلَةِ الرَّحِمِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ
قَالَ بن الْأَثِيرِ النَّسَاءُ التَّأْخِيرُ يُقَالُ نَسَأْتُ الشَّيْءَ أَنْسَأُ وَأَنْسَأْتُهُ إِنْسَاءً إِذَا أَخَّرْتُهُ وَالنَّسَاءُ الِاسْمُ وَيَكُونُ فِي الْعُمُرِ وَالدَّيْنِ وَالْأَثَرِ وَالْأَجَلِ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُؤَخَّرَ فِي أَجَلِهِ يُقَالُ لِرَجُلٍ نَسَأَ الله في عمرك وأنسأ عمرك والأثر ها هنا آخِرُ الْعُمُرِ
قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ لَا يَنْتَهِي الْعُمُرُ حَتَّى يَنْتَهِي الْأَثَرُ انْتَهَى
وَتَأْخِيرُ الْأَجَلِ بِالصِّلَةِ إِمَّا بِمَعْنَى حُصُولِ الْبَرَكَةِ وَالتَّوْفِيقِ فِي الْعُمْرِ وَعَدَمِ ضَيَاعِ الْعُمُرِ فَكَأَنَّهُ زَادَ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهُ سَبَبٌ لِبَقَاءِ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ بَعْدَهُ وَلَا مَانِعَ أَنَّهَا سَبَبٌ لِزِيَادَةِ الْعُمُرِ كَسَائِرِ أسباب العالم ممن أَرَادَ اللَّهُ زِيَادَةَ عُمُرِهِ وَفَّقَهُ بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ والزيادة إنما هو بِحَسَبِ الظَّاهِرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلْقِ.
وَأَمَّا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ وَهُوَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْحَافِظُ فِي فَتْحِ الباري والعيني في عمدة القارىء وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1695 [1695] ( أَنَّ الرَّدَادَ) بِالدَّالَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَثَّقَهُ بن حِبَّانَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ وَحُكِيَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَحَدِيثُ مَعْمَرٍ خَطَأٌ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ الْحَدِيثَ



رقم الحديث 1696 [1696] ( قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ) أَيْ قَاطِعُ الرَّحِمِ وَقَدْ تَعَارَفَ إِطْلَاقُ الْقَطْعِ فِي قَطْعِهَا كَالصِّلَةِ فِي وَصْلِهَا وَهَذَا تَشْدِيدٌ وَتَهْدِيدٌ أَوْ أَوَّلَ الْوَهْلَةِ أَوِ الْمُرَادُ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْقَطْعَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ



رقم الحديث 1697 [1697] ( وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُلَيْمَانُ) هُوَ الْأَعْمَشُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ سُفْيَانَ يَرْوِي عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الشُّيُوخِ الْأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ وَفِطْرٍ وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ عَنْ مُجَاهِدٍ لَكِنَّ فِطْرًا وَالْحَسَنَ رَفَعَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ( لَيْسَ الْوَاصِلُ) أَيْ وَاصِلُ الرحم ( بالمكافىء) بكسر الفاء ثم الهمزة الذي يكافىء ويجزىء إِحْسَانًا فُعِلَ بِهِ ( وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ ( رَحِمُهُ) بِالرَّفْعِ عَلَى نِيَابَةِ الْفَاعِلِ ( وَصَلَهَا) أَيْ قَرَابَتَهُ الَّتِي تُقْطَعُ عَنْهُ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَمَا وَرَدَ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ