فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي أَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ

رقم الحديث 2611 [2611]
بصيغة المجهول
( وَالرُّفَقَاءُ) جَمْعُ رَفِيقٍ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الرُّفَقَاءِ وَالصَّحَابَةِ فِي السَّفَرِ ( خَيْرُ الصَّحَابَةِ) بِالْفَتْحِ جَمْعُ صَاحِبٍ وَلَمْ يُجْمَعْ فَاعِلٌ عَلَى فَعَالَةٍ غَيْرُ هَذَا
كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( أَرْبَعَةٌ) قَالَ الْغَزَالِيُّ الْمُسَافِرُ لَا يَخْلُو عَنْ رَجُلِ يَحْتَاجُ إِلَى حِفْظِهِ وَعَنْ حَاجَةٍ يَحْتَاجُ إِلَى التَّرَدُّدِ فِيهَا وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً لَكَانَ الْمُتَرَدِّدُ فِي الْحَاجَةِ وَاحِدًا فَيَتَرَدَّدُ فِي السفر بلا رفيق فلا فيخلو عَنْ ضِيقِ الْقَلْبِ لِفَقْدِ الْأَنِيسِ وَلَوْ تَرَدَّدَ اثْنَانِ كَانَ الْحَافِظُ لِلرَّحْلِ وَحْدَهُ فَلَا يَخْلُو عَنِ الْخِدْرِ وَعَنْ ضِيقِ الْقَلْبِ فَإِذًا مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ لَا يَفِي بِالْمَقْصُودِ وَالْخَامِسُ زِيَادَةٌ بَعْدَ الْحَاجَةِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ خَيْرَ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةُ أَنْفَارٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ مَوْجُودٌ فِيهَا أَصْلُ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَلَكِنَّهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمُتَقَدِّمُ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ عُصَاةً لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ شَيْطَانٌ أَيْ عَاصٍ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ هَذَا الزَّجْرُ زَجْرُ أَدَبٍ وَإِرْشَادٍ لِمَا يُخْشَى عَلَى الْوَاحِدِ مِنَ الْوَحْشَةِ وَالْوَحْدَةِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَالْحَقُّ أَنَّ النَّاسَ يَتَبَايَنُونَ فِي ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزَّجْرُ عَنْهُ لِحَسْمِ الْمَادَّةِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا إِذَا وَقَعَتِ الْحَاجَةُ لِذَلِكَ كَإِرْسَالِ الْجَاسُوسِ وَالطَّلِيعَةِ كَذَا فِي النَّيْلِ ( وَخَيْرُ السَّرَايَا) جَمْعُ سَرِيَّةٍ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْجَيْشِ تَخْرُجُ مِنْهُ تُغِيرُ وترجع إليه
قاله النووي
قال بن رَسْلَانَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ هِيَ الْخَيْلُ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَنَحْوَهَا
قَالُوا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْرِي فِي اللَّيْلِ وَتُخْفِي ذَهَابَهَا فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ سري وأسرى إذا ذهب ليلا
وضعف بن الْأَثِيرِ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ وَهِيَ الطَّائِفَةُ مِنَ الْجَيْشِ يَبْلُغُ أَقْصَاهَا أَرْبَعَمِائَةٍ تُبْعَثُ إِلَى الْعَدُوِّ وَالْجَمْعُ السرايا سموا بذلك لأنهم كانو خُلَاصَةَ الْعَسْكَرِ وَخِيَارَهُمْ مِنَ الشَّيْءِ السَرِيِّ النَّفِيسِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَنْفُذُونَ سِرًّا وَخُفْيَةً
قَالَ بن رَسْلَانَ وَلَعَلَّ السَّرِيَّةَ إِنَّمَا خُصَّتْ بِأَرْبَعِمِائَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّ خَيْرَ السَّرَايَا وَهِيَ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ فَعَلَى هَذَا خَيْرُ السَّرَايَا مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ إِلَى الْأَرْبَعِمِائَةِ وَمِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ إِلَى خَمْسِمِائَةٍ
قَالَهُ الْعَلْقَمِيُّ ( وَلَنْ يُغْلَبَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَنْ يَصِيرَ مَغْلُوبًا ( مِنْ قِلَّةٍ) مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَارُوا مَغْلُوبِينَ لَمْ يَكُنْ لِلْقِلَّةِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ كَالْعُجْبِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَالْعُدَدِ وَغَيْرِهِ
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ أَيْ إذا بلغ الجيش اثنا عَشَرَ أَلْفًا لَنْ يُغْلَبَ مِنْ جِهَةِ قِلَّةِ العدد
قال بن رسلان زادأبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ إِذَا صَبَرُوا وَاتَّقَوْا
وَكَذَا زَادَ بن عَسَاكِرَ
وَزَادَ الْعَسْكَرِيُّ وَخَيْرُ الطَّلَائِعِ أَرْبَعُونَ
بَلْ يَكُونُ الْغَلَبُ مِنْ سَبَبٍ اخر كالعجب بكثر الْعَدَدِ وَبِمَا زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مِنْ قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْحَرْبِ وَشَجَاعَتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ
أَلَا تَرَى إِلَى وَقْعَةِ حُنَيْنٍ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانَ عِدَّتُهُمْ فِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَأَعْجَبَهُمْ كَثْرَتُهُمْ وَاعْتَمَدُوا عَلَيْهَا وَقَالُوا لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ عَنْ قِلَّةٍ فَغُلِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ عَدَدَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا بَلَغَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْصِرَافُ وَإِنْ زَادَ الْكُفَّارُ عَلَى مِثْلَيْهِمْ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا مُخَصِّصًا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ
انْتَهَى كلام بن رَسْلَانَ مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا يُسْنِدُهُ كَثِيرُ أَحَدٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا




رقم الحديث 2612 [2612] أَيْ دَعْوَتِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ
( فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) أَيْ فِي حَقِّ نَفْسِهِ خُصُوصًا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَقْوَى اللَّهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَوْصَاهُ ( وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا) نُصِبَ عَلَى انْتِزَاعِ الْخَافِضِ أَيْ أَوْصَاهُ بِخَيْرٍ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( أَوْ خِلَالٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْخِصَالُ وَالْخِلَالُ بِكَسْرِهِمَا جَمْعُ الْخَصْلَةِ وَالْخَلَّةِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ( فَأَيَّتُهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيَّتُهُنَّ وَالضَّمِيرُ لِلْخِصَالِ ( أَجَابُوكَ إِلَيْهَا) أَيْ قَبِلُوهَا مِنْكَ ( وَكُفَّ عَنْهُمْ) أَيِ امْتَنِعْ عَنْ إِيذَائِهِمْ ( ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ) هَذِهِ إِحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ ( ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ) أَيِ الِانْتِقَالِ ( إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ) أَيَ الْمَدِينَةِ وَهَذَا مِنْ تَوَابِعِ الْخَصْلَةِ الْأُولَى بَلْ قِيلَ إِنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ( وَأَعْلِمْهُمْ) أَيْ أَخْبِرْهُمْ ( ذَلِكَ) أَيِ التَّحَوُّلَ ( أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ) أَيْ مِنَ الثَّوَابِ وَاسْتِحْقَاقِ مَالِ الْفَيْءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا أَقْوَامًا مِنْ قَبَائِلَ مُخْتَلِفَةٍ تَرَكُوا أَوْطَانَهُمْ وَهَجَرُوهَا فِي اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتَارُوا الْمَدِينَةَ وَطَنًا وَلَمْ يَكُنْ لِأَكْثَرِهِمْ بِهَا زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَعْرَابِ وَسُكَّانِ الْبَدْوِ فِي ذَلِكَ حَظٌّ إِلَّا مَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا شَهِدَ الْوَقْعَةَ أَخَذَ سَهْمَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ فَكَانَ فِيهِمْ ( وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ) أَيْ مِنَ الْجِهَادِ وَالنَّفِيرِ أَيَّ وَقْتٍ دُعُوا إِلَيْهِ لَا يَتَخَلَّفُونَ
وَالْأَعْرَابُ مَنْ أَجَابَ مِنْهُمْ وَقَاتَلَ أَخَذَ سَهْمَهُ وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ فِي الْبَعْثِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا عُتْبَ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي الْمُجَاهِدِينَ كِفَايَةٌ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ( فَإِنْ أَبَوْا) أَيْ عَنِ التَّحَوُّلِ ( كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ) أَيِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي الْبَوَادِي ( يُجْرَى عَلَيْهِمْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( حُكْمُ اللَّهِ) مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَنَحْوِهِمَا ( فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) الْغَنِيمَةُ مَا أُصِيبَ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَوْجَفَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ وَالْفَيْءُ هُوَ مَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ وَلَا جِهَادٍ ( فَإِنْ هُمْ أَبَوْا) أَيْ عَنْ قَبُولِ الْإِسْلَامِ ( فَادْعُهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ) هَذِهِ هِيَ الْخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ ( فَإِنْ أَجَابُوا) أَيْ قَبِلُوا بَذْلَ الْجِزْيَةِ ( فَاقْبَلْ مِنْهُمْ) أَيِ الْجِزْيَةَ ( فَإِنْ أَبَوْا) أَيْ عَنِ الْجِزْيَةِ ( فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ) هَذِهِ هِيَ الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ ( وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ) أَيْ مِنَ الْكُفَّارِ ( فَأَرَادُوكَ) أَيْ طَلَبُوا مِنْكَ ( عَلَى حُكْمِ اللَّهِ) أَيْ عَلَى مَا يَحْكُمُ اللَّهُ فِيهِمْ ( بَعْدُ) مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ أَيْ بَعْدَ إِنْزَالِهِمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن ماجه
وحديث النعمان بن مقرن أخرجه بن ماجه

رقم الحديث 2613 [2613] ( بِاسْمِ اللَّهِ) أَيْ مُسْتَعِينِينَ بِذِكْرِ اسْمِهِ ( وَلَا تَغْدِرُوا) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا تَنْقُضُوا عَهْدَكُمْ ( وَلَا تَغُلُّوا) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ لَا تَخُونُوا فِي الْغَنِيمَةِ ( وَلَا تُمَثِّلُوا) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَايَةً وَيُرْوَى لَا تَمْثُلُوا مِنْ بَابِ نَصَرَ كَذَا قِيلَ
وَفِي تَهْذِيبِ النَّوَوِيِّ مَثَلَ بِهِ يَمْثُلُ كَقَتَلَ إِذَا قَطَعَ أَطْرَافَهُ
وَفِي الْقَامُوسِ مَثَّلَ بِفُلَانٍ مُثْلَةً بِالضَّمِّ نَكَّلَ كَمَثَّلَ تَمْثِيلًا ( وَلِيدًا) أَيْ صَبِيًّا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهُوَ طَرَفٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ