فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي لُزُومِ السُّنَّةِ

رقم الحديث 4052 [4052] ( صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخَمِيصَةُ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُعَلَّمُ الطَّرَفَيْنِ وَيَكُونُ مِنْ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا فَلَيْسَ بِخَمِيصَةٍ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ هِيَ ثَوْبُ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ مُعَلَّمٍ وَقِيلَ لَا تُسَمَّى خَمِيصَةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ سوداء مُعَلَّمَةً وَكَانَتْ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ قَدِيمًا انْتَهَى ( إِلَى أَبِي جَهْمٍ) هُوَ عُبَيْدٌ وَيُقَالُ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِإِرْسَالِ الْخَمِيصَةِ لِأَنَّهُ كَانَ أَهْدَاهَا لِلنَّبِيِّ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ ( فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي) أَيْ شَغَلَتْنِي يُقَالُ لَهِيَ بِالْكَسْرِ إِذَا غَفَلَ وَلَهَى بِالْفَتْحِ إِذَا لَعِبِ ( آنِفًا) أَيْ قَرِيبًا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنِ ائْتِنَافِ الشَّيْءِ أَيِ ابْتِدَائِهِ ( فِي صَلَاتِي) أَيْ عَنْ كَمَالِ الْحُضُورِ فِيهَا ( وَأَتَوْنِي بِأَنْبِجَانِيتِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ النُّونِ يَاءُ النِّسْبَةِ كِسَاءٌ غَلِيظٌ لَا عَلَمَ لَهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَطْيِيبُ خَاطِرِهِ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ وَيَرَى أَنَّ هَدَيْتَهُ رد عليه



رقم الحديث 4051 [451] ( عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَتَفْسِيرُهُ ( وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ الْمِيثَرَةُ هِيَ وِسَادَةٌ صَغِيرَةٌ حَمْرَاءُ يَجْعَلُهَا الرَّاكِبُ تَحْتَهُ وَالنَّهْيُ إِذَا كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ نَهْيَ تَنْزِيهٍ وَلِكَوْنِهَا مِنْ مَرَاكِبِ الْعَجَمِ
وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمِيثَرَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا حَمْرَاءَ فَالتَّقْيِيدُ إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ بِنَاءٍ عَلَى التَّجْرِيدِ
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ



رقم الحديث 4053 [453] ( أخبرنا سفيان) هو بن عُيَيْنَةَ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ ( وَالْأَوَّلُ أَشْبَعُ) أَيِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَتَمُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ وَأَبُو جَهْمٍ اسْمُهُ عَامِرٌ وَقِيلَ عُبَيْدٌ


الْعَلَمُ مُحَرَّكَةٌ رَسْمُ الثَّوْبِ وَرَقْمُهُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَذَلِكَ كَالطِّرَازِ وَالسِّجَافِ



رقم الحديث 4054 [454] ( اشْتَرَى ثَوْبًا شَامِيًّا فَرَأَى فِيهِ خَيْطًا أَحْمَرَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَيْطَ كَانَ مِنَ الْحَرِيرِ ( فَرَدَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الثَّوْبَ وَفِي رواية بن مَاجَهِ اشْتَرَى عِمَامَةً لَهَا عَلَمٌ فَدَعَا بِالْقَلَمَيْنِ فَقَصَّهُ وَلَعَلَّهُمَا قِصَّتَانِ ( فَذَكَرْتُ ذَلِكَ) أَيِ اشْتِرَاءَ بن عُمَرَ الثَّوْبَ وَرَدَّهُ بَعْدَ مَا رَأَى فِيهِ الْخَيْطَ الْأَحْمَرَ ( لَهَا) أَيْ لِأَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ( نَاوِلِينِي) أَيْ أَعْطِينِي ( فَأَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةَ) بإضافة جبة إلى طيالسة كما ذكره بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ
وَالطَّيَالِسَةُ جَمْعُ طَيْلَسَانَ وَهُوَ كِسَاءٌ غَلِيظٌ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْجُبَّةَ غَلِيظَةٌ كأنها من طَيْلَسَانَ ( مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ) أَيْ مُرَقَّعٌ جَيْبُهَا وَكُمَّاهَا وَفَرْجَاهَا بِشَيْءٍ مِنَ الدِّيبَاجِ وَالْكَفُّ عَطْفُ أَطْرَافِ الثَّوْبِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ جَعَلَ لَهَا كُفَّةً بِضَمِّ الْكَافِ هُوَ مَا يُكَفُّ بِهِ جَوَانِبُهَا وَيُعْطَفُ عَلَيْهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الذَّيْلِ وَفِي الْفَرْجَيْنِ وَفِي الْكُمَّيْنِ
قَالَ.
وَأَمَّا إِخْرَاجُ أَسْمَاءَ جُبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَدَتْ بِهَا بَيَانَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُحَرَّمًا
وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الثَّوْبَ وَالْجُبَّةَ وَالْعِمَامَةَ وَنَحْوَهَا إِذَا كَانَ مَكْفُوفَ الطَّرَفِ بِالْحَرِيرِ جَازِمًا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعٍ فَإِنْ زَادَ فَهُوَ حَرَامٌ لِحَدِيثِ عُمَرَ يَعْنِي مَا مَرَّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ الْحَدِيثَ
قَالَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَثِيَابِهِمْ وَفِيهِ جواز لباس الجبة ولباس ماله فَرْجَانِ وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَكْرَهُ الْعَلَمَ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ وَيَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَحَدِيثُ الْبَابِ وَحَدِيثُ عُمَرَ الْمَذْكُورِ يَدُلَّانِ عَلَى الْجَوَازِ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَهُوَ مَذْهَبُ الجمهور
قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ نَحْوَهُ مُخْتَصَرًا



رقم الحديث 4055 [455] ( عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَهُوَ الَّذِي جَمِيعُهُ حَرِيرٌ لَا يُخَالِطُهُ قُطْنٌ وَلَا غَيْرُهُ قاله بن رَسْلَانَ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَكُونُ سَدَاهُ وَلُحْمَتُهُ مِنَ الْحَرِيرِ لَا شَيْءَ غَيْرَهُ وَمُفَادُ الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ ( وَسَدَى الثَّوْبِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالدَّالِ بِوَزْنِ الْحَصَى وَيُقَالُ سَتَى بِمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ بَدَلَ الدَّالِ لُغَتَانِ بِمَعْنَىً وَاحِدٍ وَهُوَ خِلَافُ اللَّحْمَةِ وَهِيَ الَّتِي تُنْسَجُ مِنَ الْعَرْضِ وَذَاكَ مِنَ الطُّولِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ السَّدَى مِنَ الْحَرِيرِ وَاللَّحْمَةُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ ( فَلَا بَأْسَ) لِأَنَّ تَمَامَ الثَّوْبِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِلُحْمَتِهِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ مَا خَالَطَهُ الْحَرِيرُ إِذَا كَانَ غَيْرَ الْحَرِيرِ الْأَغْلَبُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ
وَذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عُمَرَ وَالتَّابِعِينَ كَابْنِ سِيرِينَ إِلَى تَحْرِيمِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ الْحَدِيثَ لِتَفْسِيرِ الْقَسِّيِّ بِأَنَّهُ مَا خَالَطَ غَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهِ الْحَرِيرَ كَمَا مَرَّ
قَالَ الْحَافِظُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي تَفْسِيرِ الْقَسِّيِّ أَنَّهُ الَّذِي يُخَالِطهُ الْحَرِيرُ لَا أَنَّهُ الْحَرِيرُ الصِّرْفُ وَمِنْ أَدِلَّةِ الْجُمْهُورِ الرُّخْصَةُ فِي الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ قَالُوا إِذَا جَازَ الْحَرِيرُ الْخَالِصُ قدر أربع أصابع فما يَمْنَعُ مِنَ الْجَوَازِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مفرقا كما في الثوب المختلط
قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ قِيَاسٌ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ جَوَازُ كُلِّ مُخْتَلِطٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْهُ مَا كَانَ مَجْمُوعُ الْحَرِيرِ فِيهِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الثَّوْبِ فَيَكُونُ الْمَنْعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ شَامِلًا لِلْخَالِصِ وَالْمُخْتَلِطِ وَبَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ أَرْبَعُ أَصَابِعٍ إِذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً وَيَلْتَحِقُ بِهَا فِي المعنى ما إذا كانت مختلطة
واستدل بن الْعَرَبِيِّ لِلْجَوَازِ أَيْضًا بِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْحَرِيرِ حقيلة فِي الْخَالِصِ وَالْإِذْنَ فِي الْقُطْنِ وَنَحْوِهُ صَرِيحٌ فَإِذَا خُلِطَا بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى حَرِيرًا بِحَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ وَلَا تَشْمَلُهُ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ خَرَجَ عَنِ الْمَمْنُوعِ فَجَازَ
وَمِنْ أَدِلَّةِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لُبْسُ الْخَزِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَمَا مَرَّ وَالْأَصَحُّ فِي تَفْسِيرِ الْخَزِّ أَنَّهُ ثِيَابٌ سَدَاهَا مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهَا مِنْ غَيْرِهِ
وَفِيهِ أَنَّ هَذَا أَحَدُ تَفَاسِيرِ الْخَزِّ وَقَدْ سَلَفَ الِاخْتِلَافُ فِي تَفْسِيرِهِ فَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ الْخَزَّ الَّذِي لَبِسَهُ الصَّحَابَةُ كَانَ مِنَ الْمَخْلُوطِ بِالْحَرِيرِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بلبسه على جواز لبس ما يخالطه الحرير كَذَا قَرَّرَ الْحَافِظُ
قُلْتُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ ما معناه أن الخز الذي كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْلُوطٌ مِنْ صُوفٍ وَحَرِيرٍ وَلَكِنْ قَدْ ظَهَرَ لَكَ مِمَّا سَلَفَ أَنَّ الْخَزَّ حَرَامٌ وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ مِنْ لُبْسِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ إِبَاحَتُهُ فَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ لُبْسَ الْخَزِّ مُبَاحٌ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِمُجَرَّدِ لُبْسِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ إِيَّاهُ عَلَى إِبَاحَةِ لُبْسِ مَا يُخَالِطُهُ الْحَرِيرُ
فَإِنْ قُلْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُلَّةِ السِّيَرَاءِ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَقَدْ رَأَى عَلِيٌّ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَتَاهُ لَابِسًا لَهَا كَمَا سَلَفَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُخْتَلِطِ لِأَنَّ السِّيَرَاءَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هِيَ الَّتِي يُخَالِطُهَا الْحَرِيرُ
قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ الَّذِي يَتَبَيَّنُ أَنَّ السِّيَرَاءَ قَدْ تَكُونُ حَرِيرًا صِرْفًا وقد غَيْرَ مَحْضٍ فَالَّتِي فِي قِصَّةِ عُمَرَ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ مَحْضٍ وَلِهَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِهِ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ وَالَّتِي فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ لم تكن حريرا صرفا لما روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً مُسَيَّرَةً بِحَرِيرٍ إِمَّا سَدَاهَا أَوْ لَحْمَتُهَا فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ مَا أَصْنَعُ بِهَا أَلْبَسُهَا قَالَ لَا أَرْضَى لَكَ إِلَّا مَا أَرْضَى لِنَفْسِي وَلَكِنِ اجْعَلْهَا خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ قَالَ وَلَمْ يَقَعْ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ وَعِيدٌ عَلَى لُبْسِهَا كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ بَلْ لَا أَرْضَى لَكَ إِلَّا مَا أَرْضَى لِنَفْسِي
قَالَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَرْكَ لُبْسِ مَا خَالَطَهُ الْحَرِيرُ أَوْلَى مِنْ لُبْسهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ خَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ قلت وفي التقريب ما لفظه صدوق سيىء الْحِفْظِ خَلَطَ بِآخِرِهِ وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ انْتَهَى
وَفِي الخلاصة ضعفه أحمد ووثقه بن معين وأبو زرعة وقال بن عَدِيٍّ إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ